صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







اتحاد الأديان حول المشترك الإنساني هو ما يحتاجه عالمنا

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
كنت على يقين من أن تبني الأمم المتحدة للكثير من بنود الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان، لهو دليل واضح على يقينها بفشل الفكر الديني في حل المعضلات الإنسانية، إذ وصل الأمر ببعض تلك الاتفاقيات إلى اتهام الدين على أنه السبب الكامن خلف وقوع الظلم والقهر العالمي، مؤكدة أن معاناة الإنسان بشكل عام والمرأة والطفل بشكل خاص لن تنتهي إلا بالقضاء على سلطة التشريعات الدينية وكافة الأعراف القائمة عليها، مطالبة بالتدخل السياسي لإنهاء سلطة التشريعات الدينية على كافة مجريات الحياة الإنسانية، واستبدالها بالاتفاقيات الدولية.
والحقيقة أن دعوة المملكة العربية السعودية على لسان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حفظه الله لحوار أتباع الديانات والحضارات، والذي انعقد خلال الأيام الماضية في اجتماعه الثالث، على أرض الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، سعى لتحقيق معادلة اعتقدت أنها صعبة، إن لم تكن من المحال، فإن تقبل الأمم المتحدة والعالم دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله للتمسك بالمشترك الإنساني والبعد الأخلاقي وما يحمله ذلك من إجلال للأسرة ككينونة اجتماعية أساسية، والى قبول الدعوة لرفع الظلم المنتشر في أرجاء المعمورة، وإنهاء معاناة الفقراء والضعفاء، وإلى أن الرد المسلح يجب أن يوجه في وجه المعتدين لا أن يستخدم كوسيلة للاستيلاء على مقدرات البشر واستعبادهم، حوار كهذا يستحق أن يتدبره العالم أجمع أفرادا وجماعات.
أن نتابع حوارا كهذا في زمن وجد فيه من عمد تصوير البعد الأخلاقي بكل زواياه تخلفا وسفها، أمر يدعونا كمسلمين للثبات والمضي في سبيل بيان سمو تعاليم دين حفظ حق الإنسان على اختلاف مراحله طفلا كان أم شابا، رجلا كان أم امرأة، غنيا كان أم فقيرا، حاكما كان أم محكوما، دين مهد الطريق لبناء الإنسان جاعلا للجنين الحق في نقاء نطفته من أي خلل أخلاقي أو صحي قبل أن يخلق، دين جعل لكبار السن الحق في رعاية أسرهم لهم، كما جعل الحق كل الحق للمرأة في تقدير أفراد أسرتها لها سواء كان والدا أو زوجا أو أبناء.. دين أسس حقوق الحيوان والنبات!، دين كهذا جدير باهتمامنا، وبتمسكنا بتعاليمه، فهو كفيل برفع معاناة الإنسان، وهو جدير بإنصات العالم لمعطياته الإنسانية، وبدراسته دراسة موضوعيه، دين يستحق ثقة أصحابه به، وثق المحايدون بعظمة تشريعاته، دين كهذا ضمن حق الأسير قبل أن يلتفت العالم لمعاناته، ضمن حق المرأة والطفل قبل أن يفكر العالم بهما، دين ضمن حق الحيوان قبل أن ينطق المنادون بالرأفة به، دين سبق الفكر الإنساني الوضعي الذي حاول ويحاول الوصول بالإنسان لمرفأ الأمان دون جدوى.
ولأني ملزمة تجاه ديني ثم وطني أطالب بعقد اتفاقية أممية تحت مظلة الأمم المتحدة، تدعو لاحترام المشترك الإنساني في الديانات، كخطوة أولى لعقد مؤتمرات تجرى برعاية الأمم المتحدة وتهدف لبيان موقف الأديان من بعض بنود اتفاقيات أممية حقوقية سعت من خلالها لهدم الأديان من أساسها، بنود عمدت منذ عقود للوصول إلى تعميم الفكر المخالف للمشترك الديني الإنساني، ولإلغاء دور الزوجين الرجل والمرأة كدعامتين من دعائم استقرار الأسرة والمجتمع، والساعية لقبول التعامل مع العلاقات غير الشرعية من منطلق الإيمان بالحريات الشخصية، وإلى تسفيه أولويات المرأة الطبيعية في رعاية أسرتها، وللتقليص من سلطة الأب ورعايته المعنوية والمادية لأفراد أسرته، لعلنا بعد ذلك -إن حسنت النوايا- نستطيع كمؤمنين مناقشة معطيات الدين الإسلامي لهذا المشترك الإنساني مع غيرنا من أصحاب الديانات الأخرى، والذي على الأغلب سيجلب المؤيدين من غير المؤمنين بتعاليمه . فهل سيتحقق المراد؟ لا أعلم! إلا أني على يقين أن اتحاد الأديان حول المشترك الإنساني هو ما يحتاج إليه عالمنا المتهالك، وهو البداية لتحقيق استقرار المجتمعات، والله المستعان.


الأحد 18 ذو القعدة 1429هـ الموافق 16 نوفمبر 2008م العدد (2970) السنة التاسعة

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط