صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الاستثناء للأطباء المبدعين فقط

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
توقفت خلال الأيام الماضية عند خبر نقل عن مصدر مسؤول بوزارة الصحة، بين السبب الكامن وراء إلغاء عشرات العمليات في مستشفى " الملك فيصل التخصصي بالرياض" والخاصة بزراعة القوقعة لأطفالنا، وبرر هذا الإجراء بأنه نتيجة طبيعية لتطبيق نظام صدر بمرسوم ملكي برقم 123وتاريخ 12/9/1412هـ، والذي يمنع بمقتضاه الطبيب من العمل في القطاع العام والخاص في آن واحد، وبالتالي منع المستشفى من تجديد التعاقد مع أحد أطبائنا السعوديين المتميزين في مجاله، والذي استقال منذ عام من المستشفى نفسه، من ثم قام بتأسيس عمله الخاص، إلا أنه استجابة لرغبة وحاجة المستشفى التخصصي تعاون معه بنظام الساعات. وهكذا مارس هذا الطبيب السعودي عمله الخاص، وفي الوقت نفسه قام طوال العام الماضي برعاية وعلاج مرضى القطاع العام، بدوام جزئي.
إن هذا الإجراء الإداري لمسؤول في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض هو قرار بعيد النظر سعى لتحقيق المصلحة العامة، إذ من خلاله تمكن الأطفال المرضى من إجراء عملية زراعة القوقعة في المستشفى الذي يتميز وبجدارة عن غيره من المستشفيات الحكومية والأهلية، فهو يمتلك ومنذ قرابة العشرين عاماً البرنامج الوحيد المتكامل بالمملكة العربية السعودية لزراعة القوقعة، كما أنه مدعوم بالكامل من قبل الدولة، ومن خلال هذا الدعم لا يتكفل أهل المريض بأي تكاليف، ولا حتى بثمن الجهاز الخاص بالمرضى، علما أن هذه العملية من العمليات المكلفة للغاية، إذ تكلف الواحدة منها ما يزيد عن 100ألف ريال سعودي.
لن أثني على الطبيب السعودي المعني بهذا القرار، والذي كان المشرف الأساسي على تأسيس هذا البرنامج منذ عقود في هذا المستشفى،ولن أثني على أبحاثه العلمية، ولا على مشاركاته العالمية في المنتديات البحثية، ولن أثني على خبرته التي تجاوزت إجراءه لأكثر من 300 عملية وهو رقم يعد قياسيا بشهادة المتخصصين، ولن أتوقف عند ندرة التخصص في مجال زرع القوقعة في المملكة بل وفي الشرق الأوسط، إذ لا يتجاوز عدد المتخصصين الخبراء في مجال زراعة القوقعة التسعة استشاريين، في حين عددهم في الوطن لا يتعدى حوالي ثلاثة أطباء، هذه المعلومة هي بحسب تصريحات رمز من رموزنا الطبية في جامعة الملك سعود، ولن ألوم إدارة مستشفى التخصصي التي لم تجاهد للإبقاء على قرارها الصائب الذي رأى أن هناك مصلحة وطنية في التعاون مع طبيبنا الاستشاري بنظام الساعات، بل لن ألومها على تعاقدها مع طبيبين بديلين من الخارج،وهي المدركة بوجود نظير لهما من كوادر سعودية أكاديمية بارعة في هذا المجال، وهي العالمة أن النظام يساندها إذا ما توجهت للتعاقد معها بنظام الساعات، فالنظام يفسح المجال للطبيب الأكاديمي العمل بنظام جزئي خارج المستشفى التعليمي.
ولكن ألا يحق لي أن أعاتب مستشفى متميزا كمستشفى الملك فيصل التخصصي! ألا يحق لي عتاب وزير الصحة الدكتور حمد المانع الذي اعتدنا جميعا حرصه على متابعة أحوال المرضى ورعايتهم ! وأنا ممن تابع محاولاته الساعية لثني مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة حائل سعادة الدكتور سليمان المزيني عن استقالته حرصا منه على المصلحة العامة.! ثم ألا يملك معاليه من الصلاحية ما يستطيع من خلالها تقديم طلب استثناء للمقام السامي إذا ما استلزم الأمر هذا الاستثناء؟!
إن الواجب الوطني يحتم علينا احتضان تميز أبنائنا واستثمار قدراتهم ولو بشكل جزئي على أقل تقدير، كما أني أتساءل لماذا لم يوجه معاليه الإدارات الصحية التابعة للقطاع العام للاستعانة بالكوادر الوطنية الطبية المتميزة والمتواجدة في جامعاتنا العريقة كخيار أولي بدل التعاقد مع من يوازيهم من خارج الحدود؟
إن قرار المقام السامي المشار إليه صحيح ولا شك أن له مبرراته القوية الكامنة خلف إصداره، إلا أن لكل قرار استثناء، وأمثال هذه الاستثناءات نتعايش معها وبشكل يومي، وهي أيضا لها مبرراتها القوية، ويكفي النظر لمجلس القائمين على لجان أعضاء هيئة التدريس في (جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية )، لندرك على الفور أن الكفاءة هي المحك الأساسي في جامعة ولدت عملاقة، ففي هذه الجامعة لم يطبق معيار العمر القانوني لعضو هيئة التدريس فقد استقطبت أساتذة أفذاذا ممن تجاوزت أعمارهم الستين. كما أن التوجه للتعاون مع أطباء متخصصين متقاعدين من قبل المستشفيات العامة والخاصة معمول به عالميا ومن قبل مستشفيات وجامعات عريقة. لتكن هذه الاستثناءات يا وزارة الصحة للأطباء المتميزين فقط.
يجب على الوزارات مراعاة واحتضان الكفاءات السعودية النادرة عند تطبيقها لأي أنظمة حكومية، ولو تطلب هذا التطبيق بعض الاستثناءات الخاصة بالمبدعين من أبناء الوطن، تحقيقاً منا للمصلحة الوطنية العامة، وهنا أجد نفسي كمواطنة متطلعة للمقام السامي، لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله ورعاه، الغيور على كفاءات هذا الوطن المعطاء، فهو القادر- بحول الله - على استثارة الهمم في هذا الاتجاه.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط