صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







اتفاق أغاظ الأعداء

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
هكذا هي بلادي عظيمة في قدرها عظيمة في فعلها وتوجهها هذه هي المملكة العربية السعودية،بلاد لا تتحدث إلا لتفعل ولا تفعل - بإذن الله- إلا ما فيه خير للبلاد من جهة والعرب والمسلمين من جهة أخرى، وبالتالي لم يكن مستغربا ما قامت به حكومة المملكة العربية السعودية برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله في الأيام الماضية من الدعوة لحوار مكة، ولم يكن مستغربا أن تهب لدعوة الأطراف الفلسطينية المتنازعة للإقبال عليه بالروح والجسد معا، لعله ينهي أياما سوداء في التاريخ الفلسطيني المعاصر، أياما بدأت بالتراشق بالكلمات وانتهت بالتراشق بالرصاص، أياما تحول فيها الأخ لعدو والعدو لمتفرج، أياما خدمت العدو وثبتت في أذهان العالم ما سعى لتثبيته لعقود، فالفلسطيني بزعمه دموي بطبعه ..أما هو فليس إلا مدافعا مغلوبا على أمره، يسعى بتحركه العسكري ضد المدنيين الفلسطينيين لحفظ دماء أبنائه من وحشية ذلك الإنسان الفلسطيني..

(فرق تسد) مثل امتهنه هؤلاء وعمدوا لتثبيته، فتأجيج الخلاف الفلسطيني وتجنيد الغرب والشرق لتوسيع هوته، من أول أولويات السياسة الصهيونية،فليشتغل الفلسطينيون بأنفسهم، وليوفروا عليه رصاصا كان يفترض من وجهة نظره أن يصوب باتجاه الشعب الفلسطيني، وليجند بدوره كل طاقاته وفي هذا الوقت بالذات لهدم أولى القبلتين..

لا شك أن الجميع عذرني في إحجامي ولفترة ليست بالقصيرة عن الكتابة عن القضية الفلسطينية، نعم فعلت.. ولكني ما فعلته زهدا بها - معاذ الله أن أكون - فقد أحجمت عن التغني كعادتي بالصمود الفلسطيني خجلا مما فعل أبناؤه، من المثل الذي سقط وأسقط، مثل كنا نتباهى بصموده وكبرياء رجاله وشيوخه، نسائه وأبنائه، فما كنت لأملك وأنا أرى ما رأيتم جميعا من ظلم أولى القربى إلا البكاء على الأطلال، على بطولات كنت أخشى أن تتحول لأساطير تروى في المناسبات، ما كنت لأكتب إلا رثاء لذلك الرجل الذي عمد البعض لغمره عنوة بالتراب فأبى إلا الوقوف أمام العالم شامخ الرأس، لقد أحجمت عن الكتابة عنها.. وكيف لا أفعل وقد تحول خلافهم بين ليلة وضحاها إلى عداء ظهر للمتابع ثابت الجذور.؟!

لقد كان الرثاء هو الخيار الوحيد أمامي وأنا أطالع عشرات الجثث تسفك دماؤها بأيدي أبنائها، وبدعم من بعض رموز السياسة الفلسطينية، إلا أني أحجمت أيضا هنا..!! فقد كنت مؤمنة أن حالة التشنج التي فرضت على الجسد الفلسطيني كانت بسبب تجني المجتمع الدولي، حالة مرضية مستعصية يتطلب علاجها مبادرة من هو أهل لمثلها، وهكذا عمدت إلى تأجيل التأبين والرثاء..لعل المولى يكرمنا بما يسر من توحد صفوف شعب كان دوما كالجسد الواحد.

وهنا انطلق من بلادي صوت يدعو للاتفاق، مبادرة كهذه لم تكن في لحظاتها الأولى قادرة على إحياء الأمل في نفس غيمت أمامها الأجواء، ولذا بقيت صامتة أراقب الفرقاء.. ماذا سيفعلون هل سيلبون دعوة خادم الحرمين الشريفين لحوار مكة، حوار قد ينفض عن تاريخهم النضالي ظلم أولي القربى؟ أم أنهم لا يعترفون بسطوة التاريخ ولا يأبهون له، ولو فعلوا فهل سيعمدون لخذلان الأمة بأسرها، أم أنهم سيعترفون بما أجرموا ويعلنون الأسف والندم والتوبة، هل سيرجعون عن غيهم، ويلفظون عن أنفسهم ثوب الخذلان، أم أنهم سيرجعون إلى غيهم وظلمهم..

استمر القلق مع إعلان قبول القادة الفلسطينيين للدعوة وللمشاركة في حوار مكة، ولأكون صريحة استمر يأسي - غفر الله لي ولكم - إلى أن سمعت كلمات جاءت على لسان ابن الملك عبد العزيز فارس القرن العشرين، من أخ للملك سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله، كلمات جاءت من خادم الحرمين شريفين الملك عبد الله وجهها للقادة الفلسطينيين فور وصولهم للبلاد استجابة لدعوته الكريمة كلمات كان منها: (هذا اللقاء لا يحتمل الفشل..الاقتتال سوف يقضي على كل المنجزات النضالية الفلسطينية..إلى أين تذهبون؟! لتضيعوا فلسطين؟! فلسطين وقضيتها ليست لكم وحدكم، بل هي ملك للعرب وللمسلمين.. ومهما كان السبب ليس من حقكم أن تتقاتلوا لأنكم بذلك تضيعون فلسطين والقضية الفلسطينية، الآن يجب أن تجلسوا معا، بكل صدق، وتتحاوروا وتصلوا إلى اتفاق من دون تدخل من أحد، ولا تغادروا قبل أن تتوصلوا إلى اتفاق ملزم للجميع، يكون الله شاهدا عليكم فيه قبل أي أحد ..ما يحدث في فلسطين لا يخدم غير أعداء الأمة الإسلامية والعربية، وإذا استمر سيحرم الشعب الفلسطيني من ثمرة نضاله البطولي لتحقيق وحدته الوطنية..إن الوفاق بين القادة الفلسطينيين طريقه ميسر بإذن الله متى ما خلصت النوايا وصدقت الكلمة ..) عندها حمدت المولى أن رأسي الذي يعشق القمم سيبقى صامدا عليها، وكيف لا أكون وأنا ابنة أرض أنجبت رجالاً مخلصين أوفياء حكماء ..دافعوا عن الحق في زمن كان الحق فيه يتيما مهانا.

ومن هنا يطيب لي أن اشكر الرئيس الفلسطيني أبو مازن لإعلانه لنا وللتاريخ أنه يرجو توقف كل الأعمال التي يخجلون منها، وأشكره لإعلانه التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية، كما أشكر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس قوله أنهم سيرفعون الغطاء عن كل من يطلق الرصاص من الآن، أشكره لدعوته للفلسطينيين لعدم العودة للاقتتال الداخلي، والشكر موصول لدولة رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية لقوله سنكون بعون الله عند قدر المسؤولية سنحمل الأمانة وسنصون العهد والأرض والمقدسات ..ونحن إذا نظرنا لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز نظرنا إليها على أن فلسطين ليست -نعم - فقط للفلسطينيين وحدهم، إنها لكل أبناء هذه الأمة فضلا عن قادتها الكرام، أشكرهم جميعا لأنهم ساهموا في إنجاح اتفاق أغاظ الأعداء بلا أدنى شك .. حفظهم الله وسخرهم لخدمة بلادهم ولشعبهم وللقدس الشريف.

أما الوالد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، فله مني ومن رجال وشباب ونساء هذه الأرض الطيبة الولاء والحب والطاعة، رفع الله قدركم وقدر حكومتكم، ومن كان منهم حولكم ومعكم في هذا الفعل الطيب، وسدد خطاكم وإخوتكم لتزيدوا هذه البلاد عزا بحول الله وقوته.

ومن هنا آمل من المسؤولين، الإذن بفتح حملة لجمع التبرعات توجه لدعم اتفاق القادة الفلسطينيين والشعب الفلسطيني، مع يقيني أن خير حكومة المملكة سيصل لهم، إلا أن دعم الشعب السعودي للاتفاق الفلسطيني سيكون إعلانا للفلسطينيين وللعالم أن المملكة العربية والسعودية حكومة وشعبا تشارك الفلسطينيين أتراحهم وأفراحهم، فما يحزنهم يحزننا وما يفرحهم يفرحنا.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط