صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







إنها بلاد العدالة

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
أسأل معدي التقرير المضحك،عن موقفهم من حالة مماثلة تحدث على مدار الساعة في الولايات المتحدة الأمريكية، فبسبب الفقر أيضا تدخل الحدود الأمريكية ألوف من الجوعى من نساء وأطفال ورجال، ليتحولوا ما إن تطأ أقدامهم أرض الولايات المتحدة الأمريكية إلى رقيق

أضحكتني صحيفة الوطن في وقت كنت بحاجة إلى من يسري عني ،فخلال الأيام الماضية أتحفتنا صفحاتها ولعدة أيام، بقصة طريفة للغاية، قصة كتب أحداثها مبتدئ حديث العهد بالكتابة، هذا ما أدركته ما إن انتهيت من قراءة الحلقات التي ترجمت لـ( تقرير أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية حول الاتجار بالبشر).
هذا التقرير زاد يقيني من ضعف حنكة الموجهين له، والقائمين عليه في وزارة الخارجية الأمريكية، فمن خلال بنوده نجد أن التسييس المسبق واضح المعالم،كما أن نتائجه حيكت دون براعة..
تقرير كهذا جعلني أتوجه بالدعاء لأستاذي "رفقي علي زاهر" رحمه الله، الذي كثيرا ما كان يذكرنا من:(أن الأساسيات الواجب توفرها في البحث الفاعل، تكمن في عدم تحديد نتائجه مسبقا، بمعنى ألا يكون موجها لنتائج معينة، إذ على الباحث السعي الحثيث للوصول إلى الحقيقة، ومن ثم عليه الإقرار بها سواء ناسبت ميوله وتوجهاته أم لا..)

تقرير كهذا الذي ظهر من أروقة وزارة الخارجية الأمريكية لن تجد فيه حلقة مفرغة واحدة.. بل عدة حلقات، فلا رابط بين ما عرض من معلومات جلها مغلوط، وبين النتائج التي وضعت المملكة العربية السعودية في خانة سيئة، تتناسب في واقعها واقع أمريكا اليومي.. فعلى سبيل المثال لا الحصر أشارت:(إلى أن المملكة العربية السعودية تعاونت مع اليمن لإعادة الأطفال اليمنيين إلى بلادهم بعد أن وقعوا ضحية الاتجار بغرض التسول في المملكة)،كما أشار إلى أن المملكة:( قدمت بعض التعويضات المالية لبعض الضحايا قبل الترحيل) إلا أن التقرير يقول:(على السعودية أن تحدد بشكل جيد ضحايا الاتجار لحمايتهم من العقوبة، وإن الجهود السعودية لمنع الاتجار بالأشخاص لم تكن كافية).
هذه هي الصورة الناصعة لبلادي التي لا ذنب لها في هذه التجارة، ولا فائدة مباشرة أو غير مباشرة تعود على المواطن السعودي من جراء قيامها على أرضه، فهؤلاء الأطفال يأتون إلينا ضمن عصابات غير سعودية طمعا في المال فنقدم لهم أموالنا دون مقابل، إذ لا نستغل ضعفهم وحاجتهم، ولا نطلب منهم العمل براتب زهيد، لا في منازلنا ولا في خارجها،هؤلاء يمتهنون التسول طمعا في تحسين أحوالهم المادية الصعبة، فماذا تفعل بهم المملكة العربية السعودية هل تحاكمهم لكونهم متسللين إلى البلاد بشكل غير قانوني؟
لا، هي لا تفعل، بل تقدم وبطيبة خاطر تعويضات لكل منهم قبل ترحيله ، وأنا إن كنت لا أفهم على ماذا تكون هذه التعويضات، ولا مبرراتها، إلا أني لا أملك إلا الفخر بالإنسان السعودي الذي لا يكتفي بالعفو عن المسيء بل يعمد إلى إكرامه.

هذا هو حالنا مع تلك العصابات، وهذا ما صرح به وكيل وزارة الخارجية المساعد للشؤون السياسية ورئيس الإدارة العامة للمنظمات الدولية، الأمير تركي بن محمد بن سعود، فقد ذكر أن ليس للمملكة صلة بمسألة تسول الأطفال الذين يتم تهريبهم من اليمن إليها على يد عصابات منظمة تعمل وتنشط خارج أراضيها، فالمملكة كدولة مستقبلة تعاني كثيرا من هذه الظاهرة المحظورة قانونيا..والمملكة تتحمل الكثير من الأعباء لمعالجتها والحد منها، ومن آثارها الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية السلبية. أعباء عالجتها المملكة بإنسانية ولله الحمد.. فرحمت الضحايا وعفت عنهم وأكرمتهم.
وأنا هنا أود الاستفسار من معدي هذا التقرير عن سبب بذل هذه المبالغ التي أطلقوا عليها تعويضات؟لا شك أنهم يدركون أكثر منا كسعوديين، أن المملكة لم تدفع هذه المبالغ المالية كتعويضات، بل كمساعدات لأطفال فقراء، دفعتهم الحاجة للوقوع في أيدي عصابات منظمة.. استغلت حاجتهم أبشع استغلال.

كما أسأل معدي هذا التقرير المضحك،عن موقفهم من حالة مماثلة تحدث على مدار الساعة في الولايات المتحدة الأمريكية، فبسبب الفقر أيضا تدخل الحدود الأمريكية ألوف من الجوعى من نساء وأطفال ورجال، ليتحولوا ما إن تطأ أقدامهم أرض الولايات المتحدة الأمريكية إلى رقيق أبيض أو أحمر أو أسود، هؤلاء أيضا فروا من بلادهم بسبب الفقر وسعيا وراء الحلم الأمريكي"الحرية، العدالة، المساواة" ألوف يتم جلبهم سنويا إلى الولايات المتحدة الأمريكية لغرض الاستعباد، ألوف غالبا ما يصدمون بكابوس الاستغلال الذي يمارس عليهم بوحشية من قبل عصابات منظمة تمارس نشاطها على الأرض الأمريكية، عصابات هي كانت السبب في هذا النزوح ابتداء، ليجدوا أنفسهم مجبرين على القيام بأعمال إما تقدح في أعراضهم، أو تنتهك إنسانيتهم وكرامتهم، أعمال لا ينالون المقابل المناسب الذي يستحقونه مقابلها، أعمال قد تستقطع كل طاقاتهم وصحتهم وكرامتهم، وهم مع معاناتهم لا يستطيعون الفرار منها كما فعلوا عند فرارهم أول مرة من بلادهم! فخلف هذه الأعمال تتربص بهم عصابات منظمة أمريكية، تقف لهم بالمرصاد وتجبرهم على تسخير أنفسهم كعبيد ،وإلا فسينتظرهم اضطهاد وتنكيل وتعذيب لا يحتمله بشر، ولم لا وحكومتهم أمريكا تمارس ذلك في سجونها المدنية والسياسية، وما سجن"جوانتانامو" و"أبو غريب" إلا مثال لتلك السياسة، هذه هي حقيقة لا يمكن لنا أن نفهم ونحن نستعرض صورتين لعصابات تدفع الفقراء للتسلل لحدود دولة غنية، تزين لهم الحياة فيها حيث المال الوفير المديد، إحداها تنتهج التسول بالأطفال، فيتم ترحيلهم بعد إمدادهم بما سماها التقرير الأمريكي تعويضات مالية، وأخرى تستعبد الأطفال والنساء والشباب وعلى أبشع صورة يمكن أن يتخيلها ذهن فاسق، أو وذهن جشع.

هاتان الصورتان تذكرانني بكلام صرح به وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، إذ قال:(هذا مضحك.. هل هناك أحد يتاجر بالأطفال؟) وأنا أجيبه بقولي:(نعم يا سمو الأمير.. هناك من يفعل وبوحشية، إنها الولايات المتحدة الأمريكية ومن ورائها حلفاؤها.. إنها بلاد العدالة والحرية والمساواة)
على أية حال لمن أراد أن يطلع على المزيد من الحقائق الإنسانية عن تلك الدولة التي رصدت نفسها شرطي العالم، أنصح بالاطلاع على تقرير رائع ومتميز، ليته يصل لوزارة الخارجية الأمريكية،أعدته(ندى الفائز) ونشر على صفحات هذه الصحيفة يوم الأربعاء المنصرم.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط