صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مفاتيح سرية في حاسوبك

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
هذه الحالة من عدم الأمان لا تتوقف خطورتها على سرية النشاط التجاري العالمي، بل تتعداه لأبعد من ذلك بكثير، إذ إن اعتماد أو تطلع دول العالم في أيامنا على اختلاف مؤسساتها الحكومية لتطبيق ما يعرف بـ(الحكومة الإلكترونية)، يعرضها لاختراق شبكات بياناتها الحكومية

قد يثيرك العنوان فتتوقف لتسمع مني عن دخيل دخل حياتك دون استئذان، ولكني لا أكتب - هنا - لأشبع فضول أحدهم بل لأحذرك مما أنت قادم عليه.. أو لنقل إنه تحذير عام مما نحن قادمون عليه، هذا إذا لم نكن قد انتقلنا إلى مراحل متقدمة من الغفلة والسهو..!!
أن تحافظ على خصوصياتك أمر لم يعد من السهولة بمكان في زمن أصبحنا دون وعي ضمن قرية كبيرة، ولِمَ لا أكون أكثر وضوحا، فالقفص الذي فتح لنا بابه ولجنا إليه.. أنا.. وأنت.. وهم دون إرغام، ولكننا اعتدنا التذمر.. فعلى الأقل الكلام قد يريح ضمائر كادت تتوقف عن الحراك..

حان الوقت لترك المقدمات وهو ما يدفعني لسؤالك: هل سمعت عن (نوريينا هرتز) وكتابها (الاستيلاء الصامت)؟ فقد تطرقت من خلاله لنوعية جديدة نسبيا من الأعمال التجسسية الأمريكية، إذا قالت: (في شهر فبراير من عام 2000، برزت مزاعم مروعة.. فالتقدم الهائل الذي حدث في مجال التقنيات في فترة التسعينات، يعني أن النظام التجسسي أصبح من القوة بحيث يستطيع التقاط كل كلمة تقال على الهاتف أو ترسل عبر الفاكس أو البريد الإلكتروني، وذلك عبر لاقطات تعتمد على الأقمار الصناعية في أي مكان من العالم، والمرعب في الأمر أنه ينطبق علينا جميعا)!!

(هرتز) في كتابها تؤكد أن هذا الاعتداء التجسسي الشنيع يقوم به مسؤولون أمريكيون بارزون عبر التجسس على الأفراد ونقل الأسرار التجارية إلى قطاع الأعمال الأمريكي، كما بينت (هرتز) إن هذا ما ظهر من خلال تقارير البرلمان الأوروبي التي وصلت إلى مزاعم جادة تتعلق بسرقات لمعلومات أوروبية وآسيوية قامت بها شركات أمريكية عبر وكالة الأمن القومي التي عملت على اعتراض بيانات تم تمريرها إلى وزارة التجارة، ومن الضحايا الذين ذكرهم التقرير(إلايرباص) السعودية وشركة (تومسون سي أس أف) الفرنسية، كما أشار كتابها ذاك إلى حديث (هورست تيليشك) وهو مستشار أمني لدى الحكومة الألمانية إذ قال: (اكتشفنا أن الأسرار الصناعية تسحب بدرجة لم تحدث من قبل أبدا) في حين أشار أحد الأعضاء البلجيكيين في البرلمان الأوروبي إلى العديد من تلك الأعمال وسماها: (هجوما مفرطا لا يطاق على حقوق الإنسان).

أما الكاتب الأمريكي (كينيون جيبسون) فقد ذهب إلى أنه: (لا يستبعد مطلقا أن تكون وكالة المخابرات المركزية مهتمة بجمع المعلومات الداخلية بحيث تستطيع التحكم بالفرص التجارية في السوق العالمي، إذ لا شيء يمنعهم من وضع القوانين التي تساعد أحد مجالات العمل وإعاقة آخر.. إشعال الحروب وخلق أجواء التوتر وعدم الاستقرار يعتبر من الأدوات التي يستخدمها هؤلاء لتحقيق مصالحهم، وكلما كان نفوذهم كبيرا ضمن وكالات الاستخبارات- الأمريكية -استطاعوا التحكم بمبيعات وأسعار النفط والسلاح)..!!

هذه الحالة من عدم الأمان لا تتوقف خطورتها على سرية النشاط التجاري العالمي، بل تتعداه لأبعد من ذلك بكثير، إذ إن اعتماد أو تطلع دول العالم في أيامنا على اختلاف مؤسساتها الحكومية لتطبيق ما يعرف بـ(الحكومة الإلكترونية)، يعرضها لاختراق شبكات بياناتها الحكومية.
وهذه العمليات التجسسية لا يمكن تجاهلها لو كان القائم عليها دول منتجة للتقنيات المعلوماتية وخاصة الأمنية منها، كالولايات المتحدة الأمريكية الأولى في هذه الصناعة، والكيان الصهيوني الذي يصنف في المرتبة الثانية فيها!! وبالتالي فاختراقها للتشفيرات المعتمدة عادة في شبكات البيانات الحكومية والهادفة لحفظ سرية ما تحتويه من معلومات هامة قد تتعلق بالأمن القومي أمر وارد..وممكن.. ومحتمل..

وجدير بالملاحظة هنا ما كشفه المراسل المتخصص في التحقيقات الأوروبية (دنكال كاميل) 1999، من أن وكالة الأمن القومي الأمريكية، قد تدبرت مع شركة(مايكروسوفت) إدغام "مفاتيح" سرية في برنامج ويندوز الذي تنتجه الشركة، وداخل كل إصداراته، بدءا من إصدار "osr 2-95" وتوابعه، وهذا ما يؤكد تقرير أذيع عام 2000م وأعد من قبل "وكالة الشؤون الاستراتيجية " الذراع الاستخباراتية لوزارة الدفاع الفرنسية، جاء فيه (ثمة ارتياب شديد في الافتقار إلى الأمان، غذته الشائعات المتداولة عن وجود برامج تجسسية داخل المايكروسوفت، وعن تواجد عملاء وكالة الأمن القومي - الأمريكي - ضمن فرق البحث والتطوير لدى "بيل جايتس" رئيس مجلس إدارة المايكروسوفت).
ولحسن حظنا كعاشقين متيمين لمايكروسوفت اكتشف عالم الحاسوب الأمريكي الجنسية (آندرو فرنانديز) واقعية هذه الإشاعات إذ تمكن من فض كافة أجزاء رمز التعليمات في برنامج ويندوز، وتمكن من الوقوف على تلك الرموز السرية التي أخفق خبراء مايكروسوفت في إخفائها في مرحلة تجربتهم للبرنامج قبل إطلاقه عالميا..

وعندما قدم (فرنانديز) اكتشافه هذا، في مؤتمر صحفي، سجل حضور خبراء من المايكروسوفت، هؤلاء الخبراء لم يحاولوا إنكار دمج مفتاح سري في برنامج الويندوز، ولكنهم بالمقابل، رفضوا الإفصاح عن مهمته، أو سبب إدماجه من دون علم المستخدمين، إلا أن (فرنانديز) أجاب بالنيابة عن أولئك الخبراء بقوله إنه: (يهدف إلى تيسير مهمة الحكومة الأمريكية - وكالة الأمن القومي - في الولوج إلى حاسوبك الشخصي).
طبيعي أنني لا أتطلع لنبذ هذه التقنية، كما أني ولو أردت سأعجز لا محال، ولكني أتطلع للحذر في التعامل معها، كما أتطلع كالكثيرين غيري لتنمية مواهب أبنائنا وبناتنا في مجال تقنية المعلومات وفي غيرها من التخصصات.

وياليتنا نعترف أن البراعة في مجال معين لا تستلزم البراعة في غيره.. بمعنى آخر ليتنا نلمس المواهب ونرعاها بغض النظر عن إخفاق صاحبها في مجالات علمية أخرى، لعلنا نجد من أبنائنا وبناتنا من يعيننا على فك ومن ثم إبطال أمثال تلك المفاتيح، لعلنا يوما ما نتهافت على شراء أجهزة حاسوب صنع بعقولنا وأيدينا..

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط