اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/daeyat/nohakatergi/28.htm?print_it=1

تشويه الإسلام في المسلسلات والأفلام

د. نهى قاطرجي

 
يمثل التلفزيون الوسيلة الاعلامية الأكثر انتشاراً بين الناس حيث بات من النادر ألا يتواجد هذا الجهاز في كل بيت تقريباً، وقد كان لتنوع الدور المنوط بهذا الجهاز الاعلامي، خاصة مع تطور التكنولوجيا واستخدام الأقمار الصناعية، أثره في تشجيع أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار في هذا القطاع، فبرزت نتيجة ذلك محطات متخصصة، منها ما هو دعوي كمحطة اقرأ ، ومنها ما هو فني كمحطتي الأوربت والأي أر تي، ومنها ما هو سياسي إخباري، كمحطة الجزيرة التي كان لها دور فعال في النقل الحي لحرب أفغانستان والعراق، وفي بيان حقيقة سير المعارك على ألارض، مما أثر على نفسية الأعداء، ورفع من معنوية المجاهدين بشكل خاص والمسلمين بشكل عام .

هذا وتتعدد الجوانب التي تجعل للتلفزيون دوراً مهماً في التأثير على الناس والوصول إلى عقولهم وقلوبهم، فإضافة إلى النقل المباشر للأخبار، يمكن لهذا الجهاز أن يقوم بدور مزدوج في إصلاح أو افساد المجتمع، وقد تجلت مهمته الإصلاحية في البرامج الدعوية والحوارية الجادة التي أفسحت لبعض القنوات وبعض الدعاة مجالاً واسعاً في هداية الناس وعودتهم إلى دينهم، حتى وصلت هذه الهداية إلى عقر ديار الدول الغربية الكافرة ... وما حادثة اسلام الفتاة سارة الفنرولية بعد استماعها إلى الداعية عمرو خالد عنّا ببعيد .

أما المهمة الإفسادية فهي ذات الطابع الغالب على معظم المحطات الرسمية والخاصة، اللواتي يقمن ببث بعض المنكرات الدينية والأخلاقية، إن كان عن طريق ظهور المذيعات الكاسيات العاريات المتسكعات في تصرفاتهن وكلماتهن، واللواتي تتعدد مهامهن بين تقديم فن حضاري يحترم الرقص والخلاعة، وبين اجراء الحوارات مع أهل هذا الفن من مطربين وممثلين وكتّاب، وابراز دورهم كأبطال قوميين ووطنيين يعملون على نهضة الأمة وتحريرها من التخلف ورفع اسمها في المحافل الدولية، أو كان عن طريق بث البرامج والمسلسلات والأفلام المحلية والمستوردة والتي لا تخلو من الإباحية والفساد، والتي يعود إليهما الفضل في الافتراء على الدين وهدم القيم وتخريب كثير من البيوت والمجتمعات .

هذا ولا يقتصر التخريب في القيم والاعتداء على الدين على قلب الموازين بحيث يصبح المنكر معروفاً والمعروف منكراً، بل إن بعض الأعمال الدرامية والكوميدية تجاوزت الحدود الشرعية عندما أنكرت ما هو معلوم وثابت في الدين ، مثل انكار عذاب القبر الذي ورد على لسان أحد أبطال مسلسل العائلة الذي عرض منذ سنوات، والذي أثار احتجاجاً كبيراً لدى العلماء مما دفع بالكاتب إلى التراجع عن هذا الانكار في حلقات لاحقة ، فكان مما قاله البطل بانفعال:
" عذاب إيه!!
هو فيه كام بعث وكام حساب!!
اللي اعرفه كمسلم أنه في بعث واحد وحساب واحد ".

هذا ويدافع كثير من كتاب الدراما الفنية عن أعمالهم بحجة أن الكاتب ابن بيئته، وبأن مهمته ليس الإصلاح والارشاد وإنما نقل الواقع بحرفيته حتى ولو كان مؤلماً، بينما الحقيقة هي أن ما ينقل ليس دائماً تعبير عن الواقع وإنما هو تعبير عن أفكار وعقائد الكاتب التي غالباً ما تكون مشوشة أو موجهة بسياسات معينة تخدم مصلحة أصحاب المحطة المنتجة لهذه الأعمال، وهذا الأمر ملاحظ في غالبية الأعمال التي عرضت في السنوات الماضية والتي تسعى دوماً إلى التعرض لقضايا الإسلام والجماعات الإسلامية .

فإضافة إلى تلك الأعمال التي جاهر أصحابها بالهجوم على الإسلام بشكل مباشر، تقوم أعمال أخرى باقحام بعض المشاهد أو المواقف التي تتطاول على الدين او تستهزئ ببعض رموزه وصوره في ثنايا الأحداث، كل هذا بهدف تشويه صورة المسلم ليصبح " لدى أهل الفن صورة بشعة للتزمت والتعقيد والتخلف والازدواجية الفكرية بين ما يؤمن به وما يعلنه، وبين ما يعلنه ويخفيه، أما غيره فهو المكافح المناضل الذي يحرص على المبادئ ولا يخون ولا يتنتاقض مع نفسه ".

وهكذا تصبح العباءة وإطالة اللحية ستاراً يتستر وراءه بعض الدجّالين من أجل سرقة أموال الناس والهروب بها إلى الخارج عبر شركات الاستثمار التي تحرّم الربا، كل هذا من أجل دفع الناس إلى عدم الوثوق بصاحب اللحية من جهة، ومن أجل استمرار عمل البنوك الربوية من جهة أخرى .

أما الحجاب فهو يمثل في كثير من وسائل الاعلام عودة إلى التخلف والرجعية، وكل من تلتزم به إما فتاة قبيحة، معقدة وإما صاحبة مصلحة مادية، وهي لا تتخطى عند البعض منهم إحدى هؤلاء النسوة :
1- المرأة العانس، التي ترتدي الحجاب لظروف العمل في بنك اسلامي يشترط الحجاب للعمل.
2- المرأة التي تريد أن تزوج بناتها.
3- الفتاة الساقطة الزانية .
4- الفتاة التي يستغل ظروفها الاجتماعية شيوخ التطرف فيقنعوها بالحجاب والاعتزال .
5- من تتكسب من وراء الحجاب ".

أما الفتاة المؤمنة التي تبتغي بحجابها مرضاة ربها فلا وجود لها في رأي كتّاب تلك الأعمال، وهذا أمر غير مستغرب مع تلك الحملات العالمية والمحلية ضد الحجاب، والتي أجبرت بعض مذيعات التلفزيون اللواتي التزمن بالحجاب، على تقديم استقالتهن من العمل، والتي وصفت الفنانات التائبات بتقاضيهن الأجر على حجابهن، كل هذا في محاولة للتغاضي عن كل مظاهر التدين المنتشرة في مختلف الطبقات والسمتويات والأعمار ... وما المشاهد التي تبث عبر الفضائيات لحلقات الدروس الدينية إلا أكبر دليل على كذب وافتراء مثل هؤلاء الأشخاص الذي لم تعد تخفى نواياهم على أحد .

ومن النماذج التي يمكن أن نوردها عن هذه الأعمال الفنية نموذجين:
الأول فيلم " الارهابي" الذي قام ببطولته الممثل "عادل إمام" ذلك البطل القومي والوطني الذي حمل على عاتقه مهمة مهاجمة الإسلام بشكل علني وصريح، ويتحدث الفيلم عن أسرة مصرية احتوت ارهابي وحولته إلى شخص سوي بمنظورهم !! وقد تعين على ذلك الارهابي بمعاشرته لهذه الأسرة أن يقوم بتصحيح معاييره ومثله وفقاً لمعاييرها ومثلها؟
"عائلة متحررة من كل قيد فكانت موديلاً غربياً في عريها ورقصها وسلوكها عامة، عائلة تحمل في نفس الوقت المضمون اليساري الماركسي فلا نجد معلقاً بجدران منزل هذه العائلة إلا صور جيفارا والماركسي الأول لينين !! وكأن المؤلف يريد أن يقول لنا أن البديل عن التطرف ليس هي أصالتنا وثقافتنا النابعة من الإسلام ولكنه النموذج الماركسي أو النموذج التغريبي بصفة أساسية ".

أما النموذج الثاني فهو المسلسل التلفزيوني " الليل وآخره " الذي عالج مشكلة اجتماعية هامة ألا وهي حرمان الأخ اخوته من الميراث، إلا ان المؤلف، كالعادة ، قام باقحام الجماعات الإسلامية أصحاب اللحى في المسلسل، وصوّرهم على أنهم جهلة بالدين، يرفضون ويكفرون كل من ينادي بتعليم البنات، إضافة إلى ابراز أميرهم على شكل جني شيطاني لا يستطيع تحمل قراءة القرآن من ذلك المسلم المعاصر استاذ الجامعة .

إن أفضل تعليق على هذه الهجمة الشرسة التي نواجهها من ابناء جلدتنا اليوم نوردها على لسان الشيخ محمد الغزالي، الذي قال : " نحن نحارب في جبهتين : جبهة الجاحدين للإسلام، وجبهة الجاهلين به ، وكلتاهما شر من الأخرى " .
وهؤلاء الجهلة الذين تحدث عنهم الشيخ الغزالي هم شرذمة من أقوام تستروا بمحاربتهم للتطرف بينما هم في الحقيقة عرفوا بالعلمانية، وظيفتهم الأولى محاربة التشريع الإسلامي عبر التشكيك بصدق نوايا الجماعات الإسلامية، والتشويش بالتالي"على العامة وجمهور الناس، وإثارة الشك والارتياب في صدقهن وأحقية ما يدعون إليه، فيمنع ذلك من رؤية الحق والاستجابة له، فتؤثر هذه الشبهات في الناس فتتعلق بها وتحسبها حجة وبرهاناً تدفع به الحق فيتحقق ما يريدون من صرف الناس عنهن وعدم الاستماع إليهن " .

وهم لو كانوا صادقين فيما جاءوا به لقاموا على الأقل بدراسة علمية موضوعية لأفكارهم ولاستعانوا بعلماء الدين لمناقشة أفكارهم من منظور اسلامي صحيح يتعلق بتحريم ما حرم الله واباحة ما أحل الله .
ولكنهم على العكس من ذلك وجدوا في " إهانة الإسلام " هدفاً " يختزل كل أفكارهم وقيمهم وعقائدهم ، وهو هدف رخيص، لأنه يعبر عن جبنهم الواضح، أمام عقائد أخرى، وشرائع أخرى ، حيث لايستطيعون مجرد المساس بها من قريب أو بعيد" .
واخيراً ، إن مما يخطر على بال المسلم وهو يتابع هذه الحرب الشعواء على الإسلام من كل جانب، المثل القائل: " وظلم ذوي القربى أشد مضاضة" ، فإن كانت الحرب التي استعرت ضد الإسلام في الإعلام الغربي منذ 11 ايلول ، قد أوضحت صورة العدو الأصلي للمسلمين ، فالسؤال اليوم ، هو لماذا تصر فئة من الناس على المثابرة على السياسة الانهزامية التي تكتفي بالقاء اللوم وتحميل المسؤولية للغير؟ وتصر على مساعدة العدو في إعطائه ذريعة لمهاجمة هذا الدين ووصفه بالارهاب .
يقول أحد الصحافيين الغربيين الذي أسلم منذ فترة غير بعيدة " أن البروباغاندا المسلمة والعربية عاجزة عن وضع صورة إيجابية والمطلوب أن نصنع صورة صحيحة وسليمة عن أنفسنا" .

المراجع:
أشرف عبد المقصود عبد الرحيم، مسلسل العائلة .
د. حلمي محمد القاعود، اهل الفن وتجارة الغرائز .

 

د.نهى قاطرجي
  • مـقـالات عامة
  • مـقـالات نسائية
  • مـقـالات موسمية
  • مـقـالات الأمة
  • المكتبة
  • القصة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط