صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الايمو تقتل شبابنا

د. نهى عدنان قاطرجي

 
بسم الله الرحمن الرحيم


يسعى الكثير من الشباب والشابات في مرحلة المراهقة إلى تمييز عن الآخرين واثبات شخصيتهم المستقلة والمختلفة عن غيرهم من الناس، ويحاولون اثبات هذا التمايز باللباس والتصرفات والانتماء إلى جمعيات وجماعات معينة تحول هذا التمايز من مجرد اتباع للموضة إلى اعتناق للمبادئ والقيم والمعتقدات المخالفة للعقائد والشرائع السماوية .
ومن هذه الجماعات التي ينتمي إليها بعض شباب اليوم ما يعرف بجماعة "الايمو"، وهي مختصر كلمة emotion بالانكليزية، ومعناها العاطفة والانفعال. وهذه الجماعة ليست حديثة العهد، بل إنها ترجع في جذورها إلى أوائل التسعينيات من القرن الماضي، حيث ارتبط اسمها بفرقة موسيقية ظهرت في تلك الفترة اسمها weeser اشتهرت بأغانيها وموسيقاها الصاخبة التي تدعو إلى الحزن والكآبة . وقد كان لهذه الموسيقى دور في دفع بعض الشبان والشابات إلى الانتحار، من بينهم احدى اعضاء الفرقة نفسها .
إن انتقال ظاهرة "الايمو" من العالم الغربي إلى العالم العربي، وظهور بعض حالات الانتحار المرتبطة بهذه المجموعة، دفع ببعض الأهل والمسؤولين إلى دق ناقوس الخطر لمواجهة هذه الظاهرة التي يتهمها البعض بالإلحاد والشذوذ والجنسي، وبارتباطها بجماعة عبدة الشيطان .

لا يختلف الشاب الايمو عن الفتاة الايمو ، اللهم إلا في طريقة وضع الكحل الأسود المكثف لدى الفتيات، وهم يتميزون بلباسهم الأسود وبتسريحة شعرهم المنسدلة على الوجه، إضافة إلى التحلي بالاكسسوارات من كالأساور والحلق التي يثقبون بها آذانهم وانوفهم وأماكن اخرى من جسمهم . اضافة إلى ذلك يربط هؤلاء ايديهم بقماش اسود يضعها البعض اخفاء للجروح التي يكونوا قد تسببوا بها نتيجة تشطيب معاصمهم بالآلات الحادة، بينما يضعها البعض الآخر تقليدا لجماعة الايمو، ومن دون ان يكونوا اقد انتسبوا إليهم بشكل منظم .

إن الأسباب التي تدفع هؤلاء الشباب الذي لا يتجاوز اعمار معظمهم السابعة عشرة من العمر إلى الانضمام إلى هذه الجماعات عديدة منها :

1- ضعف الإيمان، والبعد عن الله عز وجل، والجهل بالدين الإسلامي، احكاما وعقيدة، مما يجعل هؤلاء عاجزين عن فهم الغاية من وجود الانسان في هذه الحياة، كما يفقدهم الاحساس بالطمأنينة والسكينة والأمن، الذي لا يستمده الانسان إلا من قربه من الله عز وجل، والالتجاء إليه بالصلاة والدعاء.
2- التقليد الأعمى للغرب، والذي يصدق فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتتبعنّ سنن من قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضبٍّ لسلكتموه. قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟" رواه البخاري..... وهذا التقليد، الذي يبدأ بالشكل واللباس، يتطور مع الوقت ليصل إلى العقائد والعبادات .
3- المشكلات الأسرية والاجتماعية التي قد تكثر في مثل هذه السن، نتيجة الانتقال من مرحلة عمرية إلى اخرى، مما يجعل البعض يهرب من مواجهتها بالحزن والبكاء والتشاؤم والصمت والإحباط والاستسلام والسلبية وكتابة الأشعار الحزينة والعيش مع الذكريات الأليمة.
4- الفراغ الذي يجعل من بعض الشباب فريسة سهلة لرفاق السؤ، الذين يزينون لهم الانضمام لمثل هذه المجموعات، بهدف قتل الوقت، ومحاكاة الآخرين وعدم التميز عنهم . علما ان الفراغ نفسه، وخاصة الفكري والروحي هو الذي يجعل المرء أكثر عرضة لقبول الفكر المنحرف الذي تبثه الوسائل الاعلامية العديدة .

إن استعراض واقع هؤلاء الجماعات التي خرجت من السر إلى العلن، إنما هو بهدف تضافر الجهود الفردية والجماعية من اجل مواجهتها والحد من مخاطرها، ومن هذه الخطوات المقترحة لمواجهتها :

1- دعوة الآباء إلى تحمل مسؤوليتهم تجاه ابنائهم ، وتربيتهم منذ الصغر، ومتابعتهم عند الكبر . إذ إن انشغال الآباء عن ابنائهم واهمالهم لتربيتهم التربية الإسلامية، تحت حجة اتباع الوسائل التربوية الحديثة، وعدم قيامهم بواجبانهم نحوهم من تقديم النصح والتوجيه والارشاد ، ومحسابتهم ومراقبتهم في ذهابهم وايابهم ، واختيارهم لرفاقهم ولباسهم ، واعطائهم الحرية بدون مساءلة ولا محاسبة، كل هذا يمهد الطريق امام هذه الجماعات من اجل الايقاع بالشباب وجذبهم إليهم، تحت حجة تعويضهم عما خسروه في منازلهم من امن وسلام .

2- تحمل المؤسسات الخاصة والعامة مسؤولياتها في توعية هؤلاء الشباب، واشراكهم في نشاطات اجتماعية ودعوية مفيدة تساعدهم على افراغ طاقتهم الشبابية، وتهديهم إلى فهم ماهية هذه الحياة والتعرف على دورهم فيها، وتعرفهم بالعقل والعاطفة على ما يواجههم من مخاطر، وتعمل على انتشالهم من الضياع الذي هم واقعون فيه، وتعينهم على تنمية قدراتهم الذاتية وتحديد الأهداف النبيلة لحياتهم.

اخيرا، لا يجب ان ننسى الدور الذي يجب ان يقوم به الشاب نفسه الذي ينظر إلى هذه الحياة نظرة تشاؤمية، تنعكس على نفسيته وتمنعه من التمتع بنعم الحياة التي تحيط به من كل جهة . فصحيح ان الانسان قد يمر في هذه الحياة بأوقات صعبة ، إلا أن هذا لا يعني بأن الحال لن يتبدل ولن يتحول، وان الحزن سيكون شعارا يتخذه الانسان إلى الأبد. بل إن تغير الأحوال وتبدلها هو سمة من سمات هذه الحياة، والحياة كر وفر، وكما يقول المثل : " يوم لك ويوم عليك" ، والايمان وحده هو الذي يساعد المرء على التعامل مع هذه الأيام بحلوها ومرها، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول : "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" ، رواه مسلم .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.نهى قاطرجي
  • مـقـالات عامة
  • مـقـالات نسائية
  • مـقـالات موسمية
  • مـقـالات الأمة
  • المكتبة
  • القصة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط