اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/daeyat/mervat/99.htm?print_it=1

الشريط الأبيض و" محو " الثوابت!

مرفت عبدالجبار


العديد من المبادرات التي تنطلق في قضايا المرأة ظاهرها هو المساندة والتعاطف مع بعض القضايا الاجتماعية التي تواجه المرأة، كالعنف، والفقر، والعضل... إلخ.

وهذا الأمر لا يعد إشكالية في ذاته، بل أراه جزءاً من المساهمة في حل المشكلات التي تواجه المرأة وكيفية التغلب عليها أو دعم الطموحات التي تنشدها.

لكن الإشكالية في المرجع الذي تنبثق منه هذه المبادرات، إذ لو كانت تستند إلى أصل واضح هو الكتاب والسنّة وابتكار الحلول التي تتوافق معها أو تعززها لكان الأمر غاية في الحسن، ففي النهاية الدين أول من اعتنى بالمرأة على كافة المستويات، أما ما يحدثه البعض من سوء تصرف أو قول سواء باسم الدين أو بتصرف فردي فهو جناية ملصقة بالدين والدين منه براء، وهي سلوكيات تمثل قصورهم وتخلفهم وحدهم.

لكن هذه المبادرات -مع الأسف- تصب في مصلحة الاتفاقيات الدولية كنوع من استرضائها ولفت انتباهها.

إحداها هي ما يسمى " مبادرة الشريط الأبيض ":

ويكفيكم اسمها الذي يشير في الأصل لإحدى الحوادث الواقعة على النساء في المجتمع الغربي والتي أشار إليها الكاتب عبدالله العلمي أحد المنادين بهذه المبادرة في مقاله " الشريط الأبيض ":
( الإضافة الجديدة لهذه المناسبة الإنسانية هو يوم "الشريط الأبيض" الذي أطلقه ثلاثة رجال قبل 20 عاماً في كندا، فانتشر وميضه الآن إلى أكثر من 60 بلداً في جميع قارات العالم. باختصار، فكرة الشريط الأبيض هي مساندة الرجل لمبدأ إنهاء العنف ضد المرأة بكل أشكاله الجسدية والجنسية واللفظية والنفسية أو التهديد بهذه الأعمال عن طريق الإكراه).

أما الهدف الذي من أجله نُودي بهذه المبادرة فيقول:

( فكرة الشريط الأبيض هي مساندة الرجل لمبدأ إنهاء العنف ضد المرأة بكل أشكاله الجسدية والجنسية واللفظية والنفسية أو التهديد بهذه الأعمال عن طريق الإكراه.
يؤكد تقرير الأمم المتحدة أن العنف الموجّه ضدّ المرأة هو عنف قائم على أساس نوع الجنس، وهو العنف الموجّه ضدّ المرأة بسبب كونها امرأة، أو العنف الذي يمسُّ المرأة على نحو جائر).

كون الرجل يساند قضايا المرأة أو بالأحرى " يحسن معاملتها " بغض النظر عن كونها سجية يجب أن يتصف بها لكونه مسلماً؛ فهذا واجبه الشرعي وليس حسنة يتصدق بها عليها، إذ لا يحق له التعدي أو الاعتداء عليها وإن فعل فهناك قضاء شرعي يحاسبه.

كما أن العنف الذي تناقشه الأمم المتحدة يحوي قضايا شائكة لا تتفق مع تعاليم ديننا كالمساواة النوعية ( جندر)

وما جاء في هذه المبادرة تمرير خطير لأهم بنود الاتفاقايات الدولية وهو: ( العنف القائم على أساس نوع الجنس)، فمن تلك الإشكاليات التي يثيرها هذا الشرط:

- عدم التساوي في الإرث بين المرأة والرجل.
- منع زواج الصغيرات.
-إلغاء التحفظ على التثقيف الجنسي في المدارس للمراهقين، ولكم أن تتخيلوا ما يحدثه هذا الشرط في صفوف مراهقينا.
- إلغاء التحفظ على الإجهاض كوسيلة للتخلص من الحمل غير المرغوب فيه، وهو البوابة الصريحة للتشجيع على الرذائل.
- إلغاء التحفظ على التساوي بين الرجل والمرأة في الزواج والطلاق وهو ما يعني تبديل شريعة الله تعالى.

وإليكم أمثلة من بنود وثيقة الأمم المتحدة النهائية للقضاء على العنف ضد النساء و الفتيات:

جاء في البند الرابع عشر: اللجنة تحث الدول على أن تدين بشدة جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات والامتناع عن التذرع بأي عرف أو تقاليد أو اعتبارات دينية للتهرب من التزاماتها فيما يتعلق بالقضاء على العنف على النحو المبين في إعلان القضاء على العنف ضد المرأة.

تقول م. كامليا حلمي: ويتضح هنا الإصرار على تنحية المرجعيات الدينية والعرفية في التعامل مع قضية العنف، وأن تكون الأولوية للاتفاقيات الدولية، مثل الإعلان المذكور.

ويتكرر فى الوثيقة كما يتكرر في اتفاقية السيداو كلمة ( التمييز) وهذا المصطلح توضح م. كامليا معناه قائلة: مصطلح "التمييز" (Discrimination): والذي يتضمن وفقًا لاتفاقية (سيداو) ووثيقة بكين وغيرها: أية فوارق بين الرجل والمرأة سواء في الأدوار أو في التشريعات، ومن ذلك تحمل الرجل مسئولية قيادة الأسرة والإنفاق عليها، وقيام المرأة بمهام الأمومة. كما يشمل الفوارق التشريعية بين الرجل والمرأة، مثل: القوامة، والولاية، والوصاية، والتعدد، والعِدَّة، والحضانة والزواج والطلاق (وفقًا لاتفاقية سيداو).

وجاء في البند الثاني والعشرين: تدرك اللجنة أن العنف ضد المرأة له عواقب سلبية، قصيرة الأجل وطويلة الأجل، على صحتها، بما في ذلك صحتها الجنسية والإنجابية، والتمتع بحقوق الإنسان الخاصة بها، وأن احترام وتعزيز حقوق الصحة الجنسية والإنجابية، وحمايتها والوفاء بها وفقاً لبرنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، ومنهاج عمل بيجين والوثيقة الختامية لمؤتمرات المتابعة، هو شرط ضروري لتحقيق المساواة بين الأنواع (الجندر) واستقواء المرأة، لتمكينها من التمتع بكل ما لديهم لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، ومنع وتخفيف العنف ضد المرأة.

تعلق م. كامليا: حقوق الصحة الجنسية والإنجابية وفقاً لبرنامج عمل مؤتمر القاهرة للسكان تشمل: حق الرفقاء و الأفراد في التمتع بالعلاقة الجنسية مع التحكم في الإنجاب (نلاحظ كلمة "الأفراد" والتي تعني كل الأشخاص بغض النظر عن الحالة الزواجية)، أي أن يتم تعليم كل الأفراد كيفية الوصول للمتعة الجنسية، مع استخدام وسائل منع الحمل للتحكم في الإنجاب!!

وللاطلاع على هذه البنود ونقدها يرجع لملاحظات على وثيقة الأمم المتحدة النهائية –للقضاء على العنف ضد النساء و الفتيات- مع الترجمة م. كاميليا حلمي.

كما كان للدكتور فؤاد عبد الكريم كلام مختصر ووافٍ عن مبادرة الشريط الأبيض هذه، في مادة فلمية عرضت في قناة المجد برنامج وارفة.

والملاحظ على هذه المبادرة وغيرها:


لا نجد الاهتمام بمشاكل المرأة الحقيقية في المجتمع ومنها: (الفقر – تأخر الزواج – شيوع الطلاق – معاناة اليتيمات – شؤون المعتقلات... وغيرها الكثير).

ونحن وإن كنا لا نشكك في نية أحد ورغبته في الإصلاح، لكن هل هو جهل بخفايا الاتفاقيات الدولية وما تريد تعميمه في المجتمعات وخاصة المحافظة منها كالإسلامية؟ كيف وهذه المبادرة وغيرها مدعومة بشكل صريح من الأمم المتحدة؟ فهي مشروع تغريبي ولو غلف بعدة أغلفة.

نعم معالجة الخلل مطلوبة ومجتمعنا ليس مثالياً، لكن تكون المعالجة بالعودة للتطبيقات الشرعية والجزم فيها، لا تمييعها بالاتفاقيات التي ما تطبق في مجتمع إلا وارتفع معدل الجرائم فيها.

* لا بأس من المبادرات المنطلقة بأصول ثابتة من الكتاب والسنّة وليست بوصايا غربية توافق هوى في نفوسهم، فـ الصورة الكاملة المشرفة للتعامل مع المرأة هي تلك التي رسمها النبي صلى الله عليه وسلم الذي لم يسئْ معاملة امراة قط..
* الخلل في سوء تطبيق بعض الأفراد ومن الظلم أن يعمم هذا على أي مجتمع مسلم.


 

مرفت عبدالجبار
  • فكر وقضايا معاصرة
  • جهاد وهموم أمة
  • دعويات
  • أسرة ومجتمع
  • موقف وقصة
  • عامة
  • لقاءات
  • مع الحسبة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط