اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/daeyat/mervat/68.htm?print_it=1

هيا نختلط !

مرفت عبدالجبار


لقد اطلعت على المقابلة الصحفية التي أجريت مع الدكتور/أحمد بن قاسم الغامدي في صحيفة عكاظ العدد 3097، والتي ذكر فيها جملة من الأدلة التي تؤيد أو تبيح الاختلاط، كما اطلعت على بعض الردود العلمية المنهجية، وغيرها، من الإسلاميين أنفسهم، وغيرهم من الليبراليين ونحوهم، والحقيقة وقبل الإدلاء برأيي حول كلمة الدكتورالغامدي، أود أن أنوه إلى أن الدكتور -كما يظهر للجميع من خلال الأدلة التي أوردها- إنما هو منطلق من وجهة نظره الشرعية، اتفقنا معه فيها أو اختلفنا، صحيحة كانت أو خاطئة، لكنه يراها وجهة نظر شرعية، مستشهداً فيها بالأدلة التي ظهرت له من خلال بحثه في مسألة الاختلاط، وهي على كل حال هي وجهة نظر تمثل صاحبها وفهمه للنصوص التي ظهرت له، وأنوه إلى إنه مع الاختلاف لا يسوغ لطالب الحق التعدي على شخص المختلف معه كالخوض في نيته، أو الاعتداء عليه باللفظ والانتقاص....إلخ من الأساليب التي اتبعها البعض - هداهم الله- لأنه في نهاية المطاف باحث مسلم له حق الإخوة الإسلامية، مهما بلغت خطورة أقواله ما دام يحسب صاحبها على أهل الخير، فينبغي لطالب الحق، ردها عليه بطرق علمية أيضاً؛ تحقيقاً للمصلحة العامة التي منها رده للصواب، وكي لا يساء إلى أهل الخير بوصفهم أهل انتقاص لإخوتهم في العقيدة والمنهج، مهما كان الاختلاف، وهذا مع الأسف ما وقفت عليه بنفسي في مقالات البعض واحتجاجهم على أهل الخير، من التيارات الأخرى، كوجبة شهية لشهوات نفوسهم، ولتنفيس حقدهم من خلال أقلامهم.

وغيرة الإخوة الكتّاب من أهل العلم وغيرهم غيرة يشكرون عليها، وحرص في مكانه، لكن نذكرهم بقوله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8].

بداية ومن حسن ظننا في نية الدكتور أحمد، عطفاً على قوله في مقابلة أجراها معه موقع العربية حيث يقول عن حديثه لصحيفة عكاظ عن الاختلاط إنه مباح للأدلة التي أوردها: (أوردته رداً على من يريد تشويه مشاريع الخير والنماء في وطننا، وعلى من اعتدى على حقوق الشريعة والحوار مع الآخرين حين طالت الإساءة من قال بجواز الاختلاط تشكيكاً في النوايا وتسفيهاً لرأيهم وتجهيلاً لهم، فرأيت أن واجب النصيحة يحتم عليّ البيان، بل قد يكون الوجوب عليّ آكد منه على غيري لما اجتمع في قلبي من أسباب، ولما ثبت لي من إمعان النظر في المسألة طويلاً).

كما قال في مبتدأ ذلك الحديث: (وبدا لي حقاً أن ذلك الحديث كان له أثر كبير في نفوس الناس، كونه ابتعد عن افتراض تخوينهم..) إلى قوله: (كما أنه جلى لهم مظهراً من مظاهر سماحة الدين ويسره).

فمن هنا يتأكد لنا جميعاً أنه منطلق من غاية طيبة ودليل، يريد به الإصلاح من وجهة نظره ما استطاع، ومن هنا كان لزاماً على أهل العلم تفنيد أدلته شرعاً، وبيان الخطأ من الصواب، علّ ذلك يكون فاتحة خير عليه وعلى غيره، وبخاصة من عرفوا بالدين والعمل به ورئاسته، لكي يصل الحق والحق فقط لهم وللجماهير، والشكر بعد الله تعالى ثم لأولئك الأخيار الذين انبروا لأدلته مفندين مظهرين الحق الذي تجلى لهم، بالدليل الشرعي القاطع بإذن الله تعالى، والذي يتوافق مع الفطرة، ومن ذلك بعض ما ذكره الشيخ خالد سنان - وفقه الله تعالى- في جريدة الوطن الكويتية 13/12/2009 ص20 من تفسير للأدلة والرد عليها بأدلة أخرى توضح الأمر، ومنها رأيه في مسألة تواجد الخدم في البيوت التي استشهد بها الشيخ الغامدي على جواز الاختلاط فقال: (أما احتجاج من يقول بجواز ذلك، بواقع الحال وما عمَّت به البلوى وطمَّت من وجود الاختلاط في البيوت، فذلك لا يصير الخطأ أو الحاجة والضرورة إلى أوسع من ذلك؛ فالقاعدة الأصولية تقول: الضرورة أو الحاجة تقدر بقدرها، فلا يتوسع فيها، وخصوصاً مع وجود البدائل الكثيرة في ذلك، كما هو الحال في مسألة الاختلاط في المدارس أو الكليات أو مواقع العمل، ونحوها، فليتأمل الغامدي والجديع ذلك، فلا أظنه يفوت الحصيف الفقيه الحاذق! خصوصاً مع تغيِّر وتبدل أحوال الناس، والبون الشاسع بين زمن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وبين زمن من بعده، ولهذا قالت أم المؤمنين - رضي الله عنها: «لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَهُ نِسَاءُ بَنِي اِسْرَائِيلَ»، قَالَ يَحْيَى: فَقُلْتُ لِعَمْرَةَ: أَمُنِعَهُ نِسَاءُ بَنِي اِسْرَائِيلَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. (رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وأهل السنن في سننهم).

فانظر يا رعاك الله رأي أم المؤمنين، وما تقوله في زمن ما بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف لو جاءت أمنا الطاهرة المطهرة لترى ما حدث في زماننا؟!

وانظر إلى كلامها في مسألة خروج النساء إلى أشرف بقعة ألا وهي المساجد، وبمقربة من مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف فيما عداه من الأماكن التي لا تكاد يلتزم فيها باللباس الشرعي، وحصول التبرج والسفور والتعطر على قدم وساق، بما يندى له الجبين، لا بل يسيل الجبين من العرق من هول ما يراه الرائي).

كما احتج "الغامدي" بالدليل الذي يرويه البخاري ومسلم الذي ترويه أم المؤمنين (رضي الله عنها): عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا، وَكَانَتْ امْرَأَةً جَسِيمَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا سَوْدَةُ، أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا... إلى تمام الحديث: «إنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ».

فأوضح الشيخ سنان: (أن ذلك بعد نزول آية المنع من الخروج والأمر بالوقر في البيوت، فقد سمح الشارع الحكيم خروجهن لحاجتهن، وهذا يسمى «الإباحة المقيدة ـ للحاجة ـ بعد الحظر»، وليس يكون حالها (خرّاجة ولاجة تخرج بحاجة وغير حاجة)؛ فالحديث ليس فيه إلا جواز خروج النساء لحاجتهن، فأين ذلك مما يريد الغامدي أن يحتج به من جواز الاختلاط، فخروج المرأة للسوق وغيرها ـ مع كونها أبغض الأماكن عند الله لما يحدث فيها ـ لا يمنعه من يمنع الاختلاط عامة، فالحاجة والضرورة تقدر بقدرها، والحاجة تنزل منزلة الضرورة، كما قرره أهل العلم، فمن يزعم الإباحة المطلقة عليه الدليل، وخصوصاً ما ورد في النص السابق «أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ»، فهذا في حق أمهات المؤمنين التقيات العفيفات، فكيف بمن هن دونهن؟! فتأمل!.)
وعن حديث سهل الساعدي الذي يرويه البخاري من قيام أم أسيد (العروس) بضيافة زواره (النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه).

قال الشيخ سنان للصحيفة موجهاً نقده للغامدي: (هذا الدليل عليك لا لك، فهنا المحرم موجود (وهو الزوج)، والمرأة ولا نشك أنها كانت محتشمة متغطية، وهذا ما يجيزه بعض أهل العلم في تلك المواطن مثل الضيافة، أو التطبيب في الحرب... ونحوه (وهذا يعلم من تبويب العلماء في كتبهم التي تروي الحديث فتراجمهم فيها فقههم؛ فأين ذلك الدليل مما تريد أن تحتج به يا غامدي، وأين الاختلاط الحاصل بطوال ودوام الاحتكاك في مواطن الدراسة والعمل... ونحوه ودون محرم؟!.

وأيضاً فقد وجه ابن حجر (رحمه الله) ذلك الحديث بقوله: قال ابن حجر في الفتح: والذي يظهر أن القصة كانت قبل نزول آيات الحجاب ومشروعيته).

وتابع الشيخ سنان: (كل تلك الأحاديث التي أوردها الشيخ الغامدي ـ هداه الله ـ وغيرها من جواز التسليم، أو عيادة البنت لأبيها والتسليم على الحضور وغيرها من الأدلة التي ليست بحق موطن الاحتجاج، ولها توجيهاتها الخاصة والتي يطول المقام لتبيينها، مثل حديث: «الجاريتان اللتان تغنيان» (جاريتان يا غامدي) وليستا بنساء بالغات متبرجات، حيث كان عمر الواحدة منهن لا يتجاوز سن البلوغ «السابعة أو الثامنة»، فأين هذا الدليل من جواز الاختلاط بالنساء في العمل، وجواز سماع الرجال لغناء النساء، يا شيخ غامدي (هداك الله)، أتريد أن تشق الصف وتخرج بأقوال لم يسبقك بها الأوائل، وتحملها ما لا تحتمل، لتسويغ ما لا يجوز تسويغه وإباحته (عفا الله عنك)؟!.)

وغيرها الكثير من الردود والمقالات، وبعضها مفصل تفند أدلة الدكتور الغامدي وتعارضه بغية للحق والحق فقط.

وأنا هنا سأتحدث من منطلق فطرتي وعقيدتي والواقع المعاصر الذي نعيشه فأقول:
يادكتور أحمد الغامدي - وفقنا الله تعالى وإياك-:
أولاً: تعليقاً على قولك الذي ذكرته لموقع العربية من وصف إخوانك بالمشوهين للخير، والمشككين بالنوايا... إلخ من الأوصاف، ما هي مصلحتهم من تشويه الخير؟ وإذا كنت ترى الدخول في نواياك غرض من الأغراض المفتعلة كما ذكرت، فما غرضك - وفقك الله- من اتهام إخوانك جزافاً وأنت تعلم علم اليقين أنهم ما انطلقوا إلا من أدلة شرعية، حفاظاً على سفينة المجتمع وغيرة تحمد لهم، لا غيرة يدعونها كما وصفتهم، وهذا ظننا فيكم جميعاً، وإن اختلفت وجهات النظر.

ثانيًا: أسألك بالله، وأنت ابن المجتمع الذي عشت على أرضه ونهلت من علومه، ما الفائدة التي ستتحقق لنا من جراء هذا الاختلاط؟ تحاور؟ مشاركة المرأة وعدم سلبيتها في المجتمع؟ التوسعة على الناس؟ عمل المرأة والرجل؟، أليس هذا موجوداً في صورته الحالية؟ فعلام التوسع في الأمر وأنت تعلم أننا لسنا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعين ولا تابعي التابعين، حتى إن كان منطلقنا هو حسن الظن بالناس جميعاً وعدم اتهام نياتهم والتشكيك فيها، فأين نحن من قول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53]، أطهر لقلوب من ياحضرة الدكتور؟ فما بالك بعصرنا الحالي؟ أليس الواقع يحتم قطع كل أسباب الشر؟ وأين نحن من قوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32].

نحن نحسن الظن بالجميع، لكن ألم يصف الله تعالى بعض عباده أن في قلوبهم مرض، وهو العليم الخبير؟! أم يجب علينا - تبعاً لحسن الظن- أن نترك الحبل على الغارب بهذه الحجة؟.

وهب مثلاً أن المجتمع بأسره سليم النية، أين نحن من وسوسة الشياطين والله تعالى يقول: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6].

يعني نقرب الزيت من النار ولا نريده أن يسخن؟ ولا نريده أن يشتعل؟

إنه الواقع يا دكتور أحمد - بارك الله فيك ونور بصائرنا جميعاً- ونحن المجتمع المسلم المحافظ، اسأل الهيئة التي كنت رئيس أحد فروعها عن المصائب التي تأتيكم ولا أظنها تخفى عليكم، وإن كنت ترى أن حسن الظن وحده قادر على حماية المجتمع فأنت بذلك تخالف قاعدة: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، والنساء في المجتمع – يا رعاك الله- لسن فئران تجارب حتى نقول للجميع: انطلقوا يحفكم حفظ الرحمن، كلا إنه منهج: (اعقلها وتوكل)، (حسبكم هذه صفية)، وأؤكد: لا أحد يسمح لنفسه بسوء الظن بالمسلمين صغيرهم وكبيرهم، لكن لا أظن أن العاقل أيضاً يجعل من حسن الظن بوابة للتساهل في أمور تجرّ عواقب وخيمة، لا تقل لي: مستقيمون، محافظون، هادون مهتدون، فالبلاء عندما يحل يأكل الأخضر واليابس، وكون صورة الاختلاط متاحة في مجتمعات أخرى ويظهر للجميع خلوها من المفاسد، فذاك وهم ظاهري، واسألهم بصدق وتقصٍّ للحقائق عن عدد الجرائم التي تحدث سنوياً في مجتمعاتهم، وإن سلم منها أناس فسيقع فيها آخرون، فلم نقتفي أثرهم بحجة (الكل مسؤول عن نفسه)؟؟

يقول د. خليل الحدري في كتابه منهجية التفكير العلمي[1]:
(نشرت بعض وسائل الإعلام: "أن عدد اللواتي يلدن سفاحاً في سن المراهقة في الولايات المتحدة (600.000) فتاة سنوياً، بينهن أكثر من (10.000) فتاة دون سن الرابعة عشرة، وأن إجمالي عدد اللائي يلدن سفاحاً في سن المراهقة أكثر من (1000.000) امرأة سنوياً، وذلك في الولايات المتحدة فقط)[2].

وإن كانت هذه صورة موجودة في بعض بلدان المسلمين، فهذا أيضاً ليس مبرراً لأن تفتح الأبواب لدينا لتقليد هذا البلد أو ذاك!، مادامت لا توجد لها ضرورة.

ثم إن هذه الآراء - بارك الله فيك- لا تحقق لدى البعض الرؤية التي تقصدها أنت من سماحة الدين في حوارك للعربية نت، بل قد تكون باباً ومسوغاً لهم للجرأة على الدين وأهله، وإليك مثلاً ما ذكره يحيى الأمير في مقالته التي يعرف جوابها من عنوانها: (تحرير الاختلاط.. من أجل الفقه ومن أجل المجتمع)، والتي نشرت في جريدة الوطن العدد (3364).

يقول: (كثيرا من الأسر السعودية تخلت وبشكل واضح ومتزن عن هذه الأفكار، والملايين من الأسر السعودية التي تسافر إلى مختلف أنحاء العالم كل صيف، لا تحمل معها شيئا من تلك المحاذير، وأصبح لبس العباءة والحجاب لدى السعوديات خارج المملكة تماماً مثل لبس الشماغ والثوب لدى الرجال حين يسافرون، لأنه أزياء اجتماعية أكثر من كونها تدل على التزام أو تدين، وهم في ذات الوقت يحافظون على قيمهم وشعائرهم وتدينهم إنما وفق الرؤية الواعية والمريحة والإيجابية للتدين، بل حتى في قضية الاختلاط تحديداً فالكثير من الأسر السعودية الآن وخاصة فيما يتعلق بالجيل الجديد من الأقارب لم تعد هذه القضايا تشغل بالهم كثيراً، بل باتوا أقرب إلى أن يكونوا أفراداً طبيعيين.).

فانظركيف يصف الدين والعقيدة بقوله "أفكار"، وكأنها أشياء أتى بها الناس من تلقاء أنفسهم، يحق لهم أخذها والتخلي عنها وقتما يشاءون!، ويصور الحجاب بالزي الاجتماعي، ويحافظون على تدينهم برؤية واعية مريحة وإيجابية للتدين!!، بالله ما هذا الكلام التافه الذي يتحدث به هذا الأمير ومن شاكله، وما أكثرهم!!، وأنا أعلم يا شيخ أحمد أنك لم تقصد أن يفهم من حديثك هذا، لكن انظر كيف يتبع أهل الشهوات أقوال العلماء وفق أهوائهم دون دليل يرجعون إليه، بل مصدرهم هو قول فلان ورأي الآخر، وهذا جيد وهذا قبيح!.

ولو سلمنا وقلنا (هيا نختلط)! وقلدنا الغرب في كل أفعالنا، وباسم الايجابية أيضًا! فأين الأصالة والاستقلالية والهوية الإسلامية التي تميزنا عن غيرنا إذ أصبحنا أمة هملاً تعيش على مبتكرات الآخرينوكما أننا متميزون بعقيدتنا فيجب أن نكون متميزين أيضًا بشريعتنا وحماية مجتمعنا من براثن هذا الاختلاط، التي يظهر وجهه الحسن حيناً، ويخفى آلافاً من الوجوه القبيحة.

فالدليل والحجة واضحة بينة، وهي مقدمة على كل شيء، وجزى الله تعالى علماء الأمة الذين بينوا ونصحوا وأخلصوا، وهدى الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم لما اختلف فيه من الحق بإذنه، ثم إن العقل والواقع يحتم علينا ورود سبل النجاة.

وختاماً أقول:

من الجميل جداً، أن يتكلم المرء في تخصصه، ليفيد ويستفيد، ومن المضر بالنفس والأمة الكلام بغير الفن والتخصص، وقد قيل: (من تكلّم بغير فنّه أتى بالعجائب)، ولا أدري كيف نتكلم وعلماءنا الكبار الجهابذة يتحرجون من بعض الفتاوى تورعاً!، فقولوا كلمة ترجى أن تكون ثمارها خيراً محض، فالأمة بحاجة للحفظ من الفتن الآن أكثر من أي وقت مضى، كما أنها ليست رهناً للتجارب قلت أو كثرت.

والله تعالى أعلم وأحكم وهو الهادي إلى سواء السبيل.
 

---------------------------------------
[1] ص314.
[2] نقلها د. الحدري من: وثيقة مؤتمر السكان والتنمية- رؤية شرعية، ص 12.
 
 
المقال منشور بموقع الألوكة بتاريخ 9/2/1431هــ

 

مرفت عبدالجبار
  • فكر وقضايا معاصرة
  • جهاد وهموم أمة
  • دعويات
  • أسرة ومجتمع
  • موقف وقصة
  • عامة
  • لقاءات
  • مع الحسبة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط