اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/daeyat/mervat/53.htm?print_it=1

في حوار مع الدكتور سعد الدين الرفاعي: نخشى أن تكون هذه الهبّة وقتية عاطفية.

مرفت عبدالجبار

 
في حوار مع الدكتور سعد الدين الرفاعي: نخشى أن تكون هذه الهبّة وقتية عاطفية.

لو كان السب أو التلميح بالإساءة لحاكم أو زعيم سحبت السفراء، وكان الأولى نصرة النبي صلى الله عليه وسلم!

مرفت عبدالجبار _ جدة

في تصريح خاص لجريدة المدينة تحدث الشيخ الدكتور سعد الدين الرفاعي، المشرف العام على موقع وغرفة نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، عن الهجمات المسيئة لشخص رسولنا صلى الله عليه وسلم، في ظل استمرارية للإنكار من قبل مشايخنا ومفكرينا وكل غيور من أفراد أمتنا، ولسان الواحد منهم قائل:
وفداه كل صغيرنا وكبيرنا ***وفداه مانظرت له العينانِ
وقال عن دور أصحاب التأثير في الأمة: إذا لم يكن لهم الآن دور فمتى يكون لهم دور؟! هي دعوة لكل من لهم دور في الأمة أن يحثوا الحكام والمفكرين، وأن يحثوا كل أحد، نريد أن نتحرك جميعاً ولا نقول: لم يتحرك أحد أو لم يتحرك العلماء، ونبدأ بإلقاء التهم، فماذا فعلنا نحن؟! والذي جعل المقاطعة تخمد في المرة الأولى: أن كثيراً من الناس لم تكن المقاطعة عندهم بمنطلق شرعي! وإنما من منطلق عاطفي، فوجدنا المتبرجة والذي لا يصلي قاطع، لأننا قلنا لهم: نبيكم صلى الله عليه وسلم يساء إليه، فكان التحرك من منطلق عاطفي، كما تحدث عن دور الفرد والأمة في التعامل مع هذه الهجمات، ووجه عدة رسائل بدءاً من أسباب إعادة نشر الرسوم من قبل الدنمرك وغيرها من الدول، فقال متحدثاً بهذا الشأن:

" الخوف والاضطراب، والمنحة مع المحنة "

هذا التكرار يدعونا للرجوع للوراء قليلاً لنرى هل هذه الهجمة جديدة، أم أنها مستمرة متكررة؟!، فالحقيقة أن هذه الهجمة على نبينا والأنبياء - عليهم أفضل الصلاة والسلام- ليست جديدة، بل هي منذ بدء الدعوة إلى توحيد الخالق، وقد كُذب النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته، وقالوا عنه الشائعات واتهموه باتهامات، وأوذي وقيل عنه: شاعر وكاهن وساحر ومجنون، صلى الله عليه وسلم، فالمسألة ليست حديثة، ولو نظرنا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لوجدنا أن الشائعات مستمرة!
ولعلي وضعت تحليلاً لهذه المسألة منذ الهجمة الأولى وكررت الحديث عنه في الإساءة الثانية، فقلت: هذا التكرار دلالة على مسيرتهم المتكررة مع كل دعوة إصلاح ولكل دين وعقيدة من عند الله تعالى، هم كرروا الإساءة لنبينا صلى الله عليه وسلم وهم يوقنون أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله الله تبارك وتعالى للعالمين بشيراً ونذيراً وهادياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، ويعرفون جيداً أن الله أرسله رحمة للعالمين؛ ولذلك يحرصون على الإساءة لنبينا إيذاءً لمشاعر المسلمين، وهذا إنما هو كائن لأنهم اغتاظوا من انتشار الإسلام بفضل الله تبارك وتعالى في العالمين، ولعلنا في كل محنة تمر بها الأمة نرى في طياتها منحة من الله تبارك وتعالى، فالإسلام ينتشر وهذا أغاظهم، ولو نظرنا الآن إلى تكرار الإساءة التي حصلت من قبل الدنمرك وأخواتها في الكفر الذين يحرصون على فعلها، لا يظن الظان أن هذا الفعل عبارة عن استعلاء الكافر لأنه يرى في نفسه شيئاً عظيماً، بل هو الخوف والاضطراب؛ لأنهم لم يعودوا يعرفون ماذا يفعلون!
الآن الدنمرك وملكتها التي تعتبر راعية الكنيسة، شعروا بخطر أن الإسلام قادم، وأن انتشار الإسلام في الدنمرك والدول المحيطة به انتشار عجيب، وحسب الدراسات والإحصاءات عندهم أن الإسلام لو استمر بالانتشار هناك على هذا المستوى خلال سنوات معدودة ستصبح هذه الدول دولاً إسلامية! وهذا أشاع الخوف عندهم، فأراود أن يثوروا فما وجدوا وسيلة إلا الإساءة وحرب الدين! فهذه الإساءة هي إحدى وسائلهم في حرب هذا الدين، والآن تجرأوا على نبينا صلى الله عليه وسلم، فهذه الإساءات المتكررة ليست بدعة جديدة وإنما هي متكررة طيلة الزمن مع كل نبي قبل محمد صلى الله عليه وسلم، ومع النبي صلى الله عليه وسلم، ومع دعاة الإسلام، ومع العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، الإساءات تتكرر، وهذه السنة ماضية في المواجهة بين الحق والباطل على مر الأزمنة.
وأذكر في هذا الباب بما قاله شيخ الإسلام - رحمه الله- في كتابه الصارم المسلول: إنا كنا لنتباشر بتجميل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه صلى الله عليه وسلم، يعني كانوا يشعرون بأن الفتح قريب حين يقع الناس في النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذه تكون آخر الأسلحة التي يملكون، ولا شيء بعدها، وهذه الحقيقة دائماً: كلما وقعوا في النبي صلى الله عليه وسلم زاد إقبال الناس على الله تبارك وتعالى، والرجوع إلى الإسلام، وأنا لا أقول الدخول في الإسلام وإنما أقول الرجوع للإسلام؛ لأن الإنسان عندما خلقة الله تعالى خلقه على الفطرة وهي الإسلام، وأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي صح عنه، ولكن هي العودة للإسلام، فلنستبشر بالفرج القادم، والفجر قريب، وعسى أن يكون ذلك قريبا.

" مخطط مدروس، وتخبط عشوائي "


وتابع القول متحدثاً عن أسباب جرأة الدنمرك وأخواتها، وعن المقاطعة ودورها في النصرة قائلاً:
أتحدث الآن عن جرأة الدنمرك ودور المقاطعة من أكثر من زاوية!
فالزاوية الأولى: ضعفنا هو أحد الأسباب! فالأمة تمر بحالة من الضعف والهوان، والسبب واضح لأننا ابتعدنا عن دين ربنا، والله تبارك وتعالى قال في آية تقرر حقيقة عظيمة: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا...}(طه:126)، ونحن الآن نعيش بضنك، ولهذا أقول إن من أسباب جرأة أعداء الله على ديننا ضعفنا، وهذا الضعف ناتج عن بعدنا عن أسباب عزتنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وهناك سبب آخر وهو فرقة صفنا، وهذا أيضاً ناتج عن بعدنا عن ربنا لأن الله تعالى قال: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}(الأنبياء:92)، الآن نحن أصبحنا شيعاً وطوائف وفرقا، بل أصبحنا نتغنى بقوميات ووطنية زائفة مكذوبة، وتركنا ديننا وأصبح شعار الواحد منا:

بلاد العرب أوطاني ***من الشام لبغدانِ
ومن نجدٍ إلى يمن ***إلى مصر فتطوانِ
فلا أحد يباعدنا *** ولا دين يفرقنا

فالدين أصبح لا مكان له في قضية الأمة، ومن أول عناصر وحدة الأمة (الدين)؛ لأننا نتجه إلى رب واحد، نحمل عقيدة واحدة، تركنا هذا الأمر.
ومن الأسباب كذلك: أنهم نظروا في واقع أمتنا فرأوا شباب أمتنا، الذين هم أمل هذه الأمة، كما كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضع عليهم الأعباء وهم أكثر أنصار النبي صلى الله عليه وسلم وهم الذين استطاعوا أن يفتحوا البلاد وينشروا الدين، شباب الأمة في هذا الزمان كيف حالهم اليوم؟! منشغلون بشيء من برامج تلفزيون الواقع كما يسمونه، وبرامج المسابقات والغناء والرقص، هذا الشباب الذي انشغل عن دينه ونصرة نبيه، نظرت أمة الكفر إلى حال هذه الأمة، فرأوا هذا التشتت والتشرذم، رأوا هذا الانشغال، فماذا فعلوا؟! تسلطوا على ديننا، وتجرأوا على نبينا صلى الله عليه وسلم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، كذلك وإن كنت أقول هو مخطط مدروس، لم يأتِ لحظياً؛ لأن من مخططات أعداء الإسلام: إشغال شباب الأمة بملذات الحياة وشهواتها، من خلال الطعام والشهوات، وأشغلوهم بكرة القدم التي يراها الشاب أهم من نصرة نبيه ونصرة فلسطين، كل هذه من الشواغل التي شغلت الأمة عن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك من القضايا أنهم اغتصبوا الأرض ولم نتحرك، بل كنا صامتين، وهتكوا الأعراض ودنسوا القرآن وأرادوا به سوءاً فكنا صامتين ولم نفعل شيئاً، وبعد كل هذا رأوا هواننا على أنفسنا، فهنا عليهم، فهذه الأسباب مجتمعة جعلتهم يتجرأون علينا.
أما الأسباب التي أنظر إليها من زاوية أخرى: هي تخبط عشوائي من أعداء الإسلام لأنهم ما عادوا يعرفون كيف يفعلون، والتي أستبشر من خلالها خيراً، هم نظروا الآن إلى كل وسيلة خططوا لها في سابق العهد قديماً فقالوا نريد أن نشغل أمة المسلمين بشهواتها ليمكن لنا أن ندخل إليها ونستعمرهم بكل وسائل الاستعمار، فعلوا ما فعلوا وانجرف وراءهم الكثير من الناس.
نظروا في واقع الأمة، وأرادوا أن يدخلوا من خلال المرأة المسلمة، وقالوا: ندعوها لتطلب التحرر والانحلال، فلم يفلحوا وأصبح إقبال المرأة المسلمة على حجابها يزداد، قالوا: نريد أن نشغل الشباب عن دينهم وفعلوا ما فعلوا، والآن رأينا أن هناك كثيرا من الناس فعلوا هذا وانساقوا خلفهم وانجرفوا، ومازالوا منشغلين بشهواتهم، لكننا أيضا وجدنا إقبالا مباركاً من شباب الأمة الآن، بحمد الله تبارك وتعالى، إلى هذا الدين؛ ولذلك لو نظرنا في الشارع المسلم لوجدنا أن الشباب المستقيم - بحمد الله- أصبح عددهم يزداد، ولو ذهبنا إلى بيوت الله تبارك وتعالى التي ما كنا نرى فيها إلا كبار السن لوجدناها ممتلئة بالشباب، فهذا الخير الذي أرعبهم، كذلك نظروا إلى بلاد الغرب فوجدوا إقبالاً مباركاً على الإسلام، فالمحنة التي أرادوها بالهجمة الأولى على نبينا صلى الله عليه وسلم قلبت إلى منحة بحمد الله ودخل الناس في دين الله أفواجا، فأغاظهم هذا زيادة، فماذا يفعلون أمام هذا الخير؟! قالوا: نكرر الإساءة، نريد أن نثقل على المسلمين، ونريد أن نهز مشاعرهم، لكن الأمر سيكون وبالاً عليهم، ونحن الآن عندما نرى ما نرى نقول: إذاً هم تجرأوا من جانب واحد فقط.
أما الجانب الآخر الذي أراه من زاوية أخرى: أن هذا كان خبط عشواء؛ لأنهم ما عادوا يعرفون وسيلة يفعلونها لأنهم فعلوا كل ما يستطيعون، فسنوات طويلة وهم يخططون لكن الأمة عادت من جديد فعرفت ربها بعد أن سقطت كل الرايات التي رفعت، ولم يجد الناس غير الإسلام واتباع النبي صلى الله عليه وسلم سبيلاً، سقطت الرايات والشعارات الزائفة المكذوبة، وظهر للناس الآن كذب وبطلان ادعاءات الغرب الذي كان يدعي الحرية ويدعي ما يسمونه الديمقراطية غير الشرعية واللامشروعة، التي أرادوا أن ينشروها في بلادنا فماذا حصل؟! الآن بدأوا يتخبطون، والصراخ على قدر الألم! فهم يتألمون، ولهذا لم يعرفوا ماذا يفعلون، لذلك أساءوا للنبي صلى الله عليه وسلم، لكن نقول لهم: يا دنمرك وغيرها، " قبحكم الله "، ألم تعلموا أن الله تبارك وتعالى تكفل بنصر النبي صلى الله عليه وسلم، وتكفل بمعاقبة من يسيء للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال الله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَْبْتَرُ}(الكوثر:3)، وقال تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}(الحجر:95)، فاستبشري يا أمة الإسلام، لكن مع ذلك علينا العمل.

" أمتنا تحكمها العواطف "


ثم قال: وبالنسبة لعدم جديتنا في المقاطعة أتمنى أن نكون جادين، ودائماً نذكر بهذا من خلال الدعوة الأولى التي دعونا فيها إلى مقاطعة الدنمرك وغيرها ممن يسيؤون لديننا، وكان لتلك الدعوات أثرها المبارك في الأمة، لكن حصل ما نخشاه، كنا نخشى أن تكون هذه الهبّة وقتية عاطفية؛ لأننا أمة تحملنا العواطف ودائما نقوم بردات أفعال، ولم نتعلم المبادرة بعد، نحن نقوم بردات أفعال، وبالتالي نحن بحاجة إلى أن نخرج من هذا الطور ونصبح أمة مبادرة، لا أمة تحكمها العواطف، فها هم الناس هبوا وعادوا لما انتهوا عنه وكأن الناس سيموتون إن لم يأكلوا جبنتهم أو زبدتهم، فعجباً لهذه الأمة! بل إننا عندما دعونا للمقاطعة أردنا أن تعود الأمة أمة منتجة، أن تحكم طعامها بيدها، لا أن تُحكم فيما تأكل، فحتى الأكل والله المستعان يأتي لنا من الخارج، كلوا هذا ولا تأكلوا هذا! أردناها بالمقاطعة أن تكون أمة منتجة وتخرج من طور الاستهلاك، لأننا مع الأسف نسمى عند الغرب أمة مستهلكة، ويقولون أرسلوا لهم ما ترسلون فهم أمة مستهلكة، لذلك نريد أن نريهم أننا نصبر على كل شيء، لكن سنعاملكم بلغتكم، فأنتم عبدة الدرهم والدينار والدولار وسنعاملكم بما يوجعكم، فكان للمقاطعة الاقتصادية أثر عظيم على هؤلاء، ولذلك نحن نحتاج إلى أن نضربهم بما يوجعهم، فما فل في زرد الحديد سوى الحديد! فالذي يوجعهم ليس أن تحرق لهم سيارة، ولا أن تكسر لهم نافذة محل، الذي يوجعهم الدولار واليورو، هذا يوجعهم إن لم يحصلوا عليه، عندما يرون أننا وقفنا وتركنا شهوة بطوننا سيقولون: الأمة استيقظت! وأنا سعيد اليوم عندما قرأت أن السودان كدولة منعت استيراد البضائع الدنمركية، فهذا أمر مبارك؛ ولذلك نحتاج إلى أن نشدد على مسألة المقاطعة، وهذه دعوة إلى الحكومات وأصحاب القرار، إلى التجار، إلى غرف التجارة، أن نمنع استيراد البضائع الدنمركية، وهذه الدعوة كنا قد أرسلناها في المرة الأولى، ونؤكد عليها الآن، إننا نحتاج إلى أن نؤكد على المقاطعة، وأن نمنع استيراد البضائع الدنمركية، وليس الدنمركية فقط، بل كل دولة تتجرأ وتقبل بهذا، إن لم تقاطع حكوماتنا فلنقاطع نحن، وأنا أتعجب إن كان السب أو التلميح لإساءة على حاكم أو زعيم سحبت السفراء، والأولى أن نتوجه لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم!
إذاً نحتاج إلى أن نعمق مفهوم المقاطعة، حتى عند الصغار من أبنائنا، بأن يقوم كل واحد منا بالعمل، لا أن نلقي دائماً باللوم على الحكومات، ولا نلقي اللوم على جهات أخرى، ابدأ بنفسك هل بدأت أنت تقاطع، حتى تطلب من الآخرين؟! فنحتاج إلى أن نفعل هذا الأمر في حياتنا نحن، ثم ندعو غيرنا إلى هذه المقاطعة.
وأقول أيضاً: إن المقاطعة الاقتصادية مهمة وأمرها عظيم وهي شيء كبير، لكن لا تكفي وحدها لتوقف هذا العدوان الغاشم، نحن نريد أن نقاطع ولكن المقاطعة عبارة عن وسيلة من الوسائل، نحن نحتاج إلى أن نعود في الجوهر إلى الأصول التي تجعل الناس تحسب لنا ألف حساب، نعم قاطعناهم لكن هناك من قاطع عاطفة، وهناك من قاطع نصرة للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية شرعية، وكل واحد قاطع في اتجاه، نحن نريد أن تعود الأمة إلى ربها لتوقف هذه الهجمات المتكررة، الآن كيف نستطيع أن نوقف هذه الهجمات؟! الجواب بأن تعود الأمة إلى ربها، إن عادت الأمة إلى كتاب ربها وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، مصادر العزة والكرامة، والقوة للأمة ويعني ذلك توحيد الصف وأن يكون عملنا مشروعاً لوجه الله تبارك وتعالى، لن نقبل الدنية في ديننا، لن نجد في أمتنا أولئك المداهنين على حساب العقيدة، أمة سيكون عندها ميزان واضح، ميزان رباني، لابد من أن نحقق سنن الله تبارك وتعالى {... إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}(محمد:7)، فهذه سنة من سنن الله تعالى، أذكر بسنة ربانية أخرى، قال الله تعالى:
{... إنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَابِأَنْفُسِهِمْ...}(الرعد:11)،
إذاً: لابد من العودة الصادقة إلى الله تعالى، وأن نجعل المقاطعة ذات منطلق شرعي؛ لأننا لو كان منطلقنا في المقاطعة منطلقاً شرعياً يعني ذلك أنها لن تخبو، ولن تهدأ وستستمر المقاطعة بإذن الله، فالذي جعل المقاطعة تخمد في المرة الأولى أن كثيراً من الناس لم تكن المقاطعة عندهم بمنطلق شرعي! وإنما من منطلق عاطفي، ووجدنا المتبرجة والذي لا يصلي قاطع، لأننا قلنا لهم نبيكم صلى الله عليه وسلم يساء إليه، فما رضي الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم، فقاطع لكن لم تكن مقاطعة من منطلق شرعي، ولذلك نحن بحاجة إلى أن نؤصل هذه المفاهيم في أنفسنا لتكون منطلقة من منظور شرعي.
ونحن نعلم أن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم من الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه والده وولده، والناس أجمعين).
فعلى الفرد أن ينظر ويتفكر ما الذي حصل لأمتنا؟! لماذا تتكرر هذه الهجمات؟ فبعدنا عن ديننا سبب، نريد أن نعرف من هو النبي صلى الله عليه وسلم حتى نعرف الناس فلا يسيؤوا له؛ وبالتالي نتعلم نحن عن نبينا، وهذا دور الفرد أن يتعلم من هو نبيه بعد أن يعود إلى ربه، ويتمسك بكتاب ربه وسنة نبيه، نحتاج الآن أن نتابع النبي صلى الله عليه وسلم ونسير على هديه، ونستن بسنته؛ لأننا إن فعلنا هذا سنظهر للعالم أجمع أننا أمة عمل، وبالتالي هذا دورنا.
كذلك على الفرد أن يربي أبناءه وأسرته على حب النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يكون حديثنا في كل مجالسنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهل هناك أجمل من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في مجالسنا؟! ونحتاج أن نُعد كأفراد دراسات عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، أو نضع كتابات معينة، أو نوزع الرسائل على الناس، ونشارك في الصحافة، وأن نكتب عن النبي صلى الله عليه وسلم، أيضاً الأمة الإسلامية عليها أن تتكاتف وتتوحد، ونحن قلنا قديماً في شعار أطلقناه: (طهر نفسك، ووحد صفك، حرر أرضك)، ولهذا نقول: إذا طهرنا أنفسنا باتباع شرع ربنا من خلال الكتاب والسنة وحدنا صفنا، وهذا نتيجة حتمية لاتباع الكتاب والسنة، النتيجة تكون بأن نحرر الأرض، وأن تكون النتيجة مباشرة، أن نستطيع أن نذب عن عرض نبينا صلى الله عليه وسلم.

" بين التمثيل للإسلام والتشويه "


كما خص الشيخ المسلمين في الغرب بكلمة في كيفية تعاملهم مع هذه الهجمات وغيرها فقال:
عندما نتحدث ونريد أن تكون النصيحة لإخواننا الذين يعيشون في بلاد الغرب، وإن كانت هذه النصيحة دائماً أوجهها لكل إخواني، ولكن أخص إخواني في بلاد الغرب هنا وأقول: أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينهم، هم الآن في جهاد، والحقيقة أن الأمر عندهم شديد، وليس في الدنمرك فقط بل في أي بلد غربي، يعيشون الآن في ظروف صعبة، وهذه حقيقة يجب ألا نغفلها، بل ندعو الله تبارك وتعالى لهم، وأقول لهم: أيها المسلم في بلاد الغرب أنت تمثل الإسلام في بلاد الغرب الذين يأخذون تصورهم عن الإسلام من خلال الإعلام الذي يحركه بنو صهيون ويدعمونه، فيحاولون عرض الإسلام في الغرب على أنه دين الإرهاب، دين القتل، دين الدماء، دين التخلف، وأن كل فعل قبيح مرتبط بالإسلام، الآن أنت تمثل الإسلام في تلك البلاد، فالأصل أن تكون أنت خير ممثل للإسلام هناك، أن تتمثل الإسلام في سلوكك وحياتك، وأن تُري الناس كيف هو تعامل الإسلام، أن تصدق في تعاملك، أن تكون مرتباً في أمرك، وهذه قضايا كثيرة، وفي الظروف الحالية لا نرى العنف حلاً؛ لأن المفاسد المترتبة عليه كبيرة وبالتالي لن يكون حلاً، نعم نريد غضبة لله تعالى، لا نريد أن تكون النفوس ميتة بحيث إن الواحد منا - سواء في بلاد الغرب أو في غيرها- يرى المسألة عادية وأنها مرت بسلام، أو أننا نعيش في بلاد الغرب وليس لنا علاقة، ونخشى على أنفسنا، لا فهذا نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي علمنا ألا يغضب لنفسه قط، وإنما كان يغضب إذا انتهكت حرمة من حرمات الله تعالى، فيجب أن نغضب للنبي صلى الله عليه وسلم، لكن دون أن يخرجنا غضبنا عن المشروع من الوسائل، يجب أن تكون الوسيلة مشروعة، انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم عندما أُسيء إليه وعندما آذوه هاجر النبي صلى الله عليه وسلم الهجرة الأولى والثانية، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تعرضت وتعرض النبي صلى الله عليه وسلم معها لابتلاء كبير، لكن جاءت براءتها من فوق سبع سماوات، النبي صلى الله عليه وسلم حتى عندما كُذب وأوذي كان يتابعهم بغير العنف الذي نتحدث عنه، نعم جاءت الأوامر للنبي صلى الله عليه وسلم بعد مدة من الزمن بالجهاد وبنشر الإسلام، لكن الآن هل المطلوب من إخواننا في بلاد الغرب أن يقوموا بالحرب والتكسير والبطش؟! هذه وسائل غير مشروعة، ومفاسدها ستكون متعدية؛ لأنها ستلحق كل إخواننا هناك، وستكون سبباً للبطش بإخواننا وأخواتنا في تلك البلاد، فلا تكن أنت سبباً في ذلك، وأنا أزعم أن كثيراً من الأحداث التي تحصل ويلصقونها بالمسلمين في بلاد الغرب هي ليست من فعل أبناء الإسلام، وإنما إن فعلها فعلاً أحد من أبناء الإسلام فهو فعل يمثله، لكنهم ينسبونها إلى الإسلام، ويقولون: انظروا إلى الإسلام الذي محمد نبيه، فهم يحرقون ويكسرون ويبطشون، ولذلك علينا أن ننظر إلى المسألة من المبدأ الأول، إننا يجب أن نغضب، وأن تكون نفوسنا كالبركان، لكن هذا يدعونا للعمل، وأن تكون الوسيلة مشروعة، فمن شروط العمل بعد الإخلاص الموافقة، فهل الموافقة أن تحرق وأن تكسر وتدمر وأنت تعيش في تلك البلاد! لا ليس هذا منهج الإسلام، ولذلك نصيحتنا لهم أن يتكاتفوا أولاً، وأن يبتعدوا عن الفرقة والخلاف، وأن يُري المسلم أخاه المسلم هناك أنهما سيان، فالكل ينظر إليكم على أنكم مسلمون، هم لا يعترفون بأنك من هذه الجماعة ولا هذه الجماعة، فأنتم طالما أنكم من أهل السنة والجماعة فالأصل جميعاً أن تتكاتفوا، وأن تكونوا صفاً واحداً، توحدوا صفكم، توحدوا جهدكم، وعندنا من إخواننا في تلك البلاد أصحاب استثمارات ولهم قوة اقتصادية، ودائماً الاقتصاد له دور، فأنتم أصحاب قوة اقتصادية، وأصحاب قوة جماهيرية، فيجب أن يكون لكم دور في هذا الموضوع، أن توحدوا الصفوف، وأن توحدوا الجهود، وأن تعملوا لبيان حقيقة الإسلام في بلادكم، حتى تُشعروا الناس في تلك البلاد ما هو الإسلام، ولعلنا رأينا في المرة الأولى كم دخل في الإسلام من أناس كثيرين عندما عرفوا الإسلام، اغتنموا الفرصة، وقولوا للناس: أترون من يسيؤون لمحمد صلى الله عليه وسلم؟ هذه الغضبة من أمة الإسلام لنبيها صلى الله عليه وسلم، تعالوا واعرفوا من هو محمد، ومن ذلك ما حصل قبل أيام، من ذلك المنصر في الدنمرك الذي أسلم عندما أراد أن يدرس سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ليجعلها مدخلاً لضرب الإسلام، ما كان منه إلا أن أسلم وأعلن إسلامه أمام مسمع ومرأى الدنمركيين؛ لذلك نحتاج الآن من الأمة ومن إخواننا في تلك البلاد أن يكونوا عوامل لعودة الناس إلى دين الله، من خلال بيان الإسلام من خلال سلوكهم وتطبيقهم، وحسن عرضهم وبيانهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهج الإسلام العظيم.

" الوسائل تأخذ أحكام المقاصد "


وعن الآثار الاجتماعية الحاصلة جراء هذا الاعتداء على مشاعر المسلمين ومقدساتهم والتي قد يعود خطرها على الجانبين قال:
نريد ألا نغفل أن الغرب بعد أحداث 11سبتمر بات ينظر للمسلمين على أنهم قتلة ومجرمون، لكن لو نظرنا لواقعهم فهم الذين يقتلون، ولذلك أصبحت الدعوات بالانسحاب والخروج، فأصبح هناك أناس في الغرب أنفسهم يشعرون بحاجة إلى أن ينظروا للأمور بنظرة أخرى، فهذه الفوضى التي تحدث يجب أن نذكر أولاً أن ليس كل الناس الذين يعيشون في تلك البلاد موافقين على ما يحدث! نعم هم كفار وهم في الفكر واحد، لكن منهم من لا يقبل بهذا الاعتداء على المسلمين، إما خوفاً على مصالح اقتصادية، أو خوفاً على مصالحهم الخاصة في بلادنا، فأحياناً يحتاج الفرد منهم أن يسافر إلى بلادنا سياحة، أو من تصدير مصالحه لبلادنا، فكثير منهم قد لا يوافق على مثل هذا، الآن هذا الأمر يجب أن نعرفه، أما الآثار المترتبة على الغرب، فأنا أقول: هذه الآثار ستجعل الناس هناك يعيشون في خوف، الآن هم في إعلامهم أيضا يرون نتائج ما يفعله أبناء الإسلام، من الغضبة العارمة، التي أصابت الشارع المسلم، هم يرونها واقعاً ويشعرون بها، وعندما يرون المقاطعة الاقتصادية التي تحصل الآن، سواء على مستوى الدول كما حصل من السودان التي منعت استيرادها للبضائع الدنمركية، وكثير من التجار الآن أوقف شحنات كان قد طلبها من الدنمرك، إذاً هنالك ما سيلمسونه أيضاً على الواقع، وبالتالي سيوجد هذا نوعا من الاضطراب؛ لذا أنا أتوقع أن يكون هذا سبباً لاختلال وضع الحكومة الموجودة في الدنمرك إذا لم تتخذ إجراءً، حتى في غيرها من الدول التي تفكر في هذا سيقف الناس في وجه من يحاول الإساءة، وسيكون هناك معارضون بكثرة، وهذا سيوجد نوعا من عدم الاستقرار بين الأوروبيين أنفسهم، في حال ألا يكونوا كلهم موافقين على الإساءة وألا يكونوا جميعاً معارضين، فسيكون هنالك فجوة فيما بينهم، وبالتالي هذا يخلق نوعا من الفرص التي يمكن أن يستثمرها المسلمون هناك؛ لذلك أقول الآن: قد يكون هنالك نوع من الضغط سيصبح على المسلمين خاصة بعد أحداث التكسير والهدم تعبيراً عن الغضب من الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم من قبل بعض أبناء المسلمين، والتي لم تكن وسيلة مدروسة، وهذا قد يؤثر على بعض المسلمين، كما بدأنا نسمع الآن من بعضهم عن الإيذاء الذي يحصل للمسلمين، حتى أخونا رائد خليل - حفظه الله- الآن ترك الدنمرك ورجع إلى لبنان، نتيجة الضغوط التي يتعرضون لها، فهذه الوسائل مغلوطة من ناحية شرعية، لأنها وسيلة غير مدروسة ولا مشروعة، أنا لا أتحدث عن بقائه في بلاد الغرب أو عدم بقائه، لكن هذه وسيلة غير مشروعة، فالإسلام لم يأمرنا يوماً بأن نقوم بالتكسير ونقوم بالإساءة ونقوم بالحرق ونقوم بالإيذاء، هذا لم يأمرنا به الإسلام، ونحن متفقون على أن الوسائل تأخذ أحكام المقاصد، فلابد للمقاصد الحسنة من وسائل حسنة، هذه قضية شرعية؛ لذا متوقع أن يكون هناك تأثير، لكن آمل من الله تعالى أن يكون التأثير إيجابيا، بحيث يكون هذا التأثير سببا في دخول كثير من الناس في الإسلام، كما حصل في المرة الأولى، وأن يكون هذا أيضاً نتيجة عدم استقرار فيما بين الغرب أنفسهم، نتيجة هذه الإشكاليات، لكن أيضاً لا يجب أن نغفل أنه قد يتعرض إخواننا هناك إلى بعض السوء.

" النصرة بين التخذيل والجدية "


_ ثم بين الوسائل الفعالة التي تساهم في كف أذاهم عن المسلمين، وكيفية إظهارنا لإسلامنا الصحيح فقال:
لقد رأيت بادرة طيبة من خلال الصحافة الأردنية: التوحد تحت منطلق وشعار واحد (النبي صلى الله عليه وسلم يوحدنا)، أيضاً في وسائل إعلام أخرى، كما أن وسائل الإعلام تلك أرادت المساس بالنبي صلى الله عليه وسلم أيضاً نحتاج إلى أن تكون وسائل الإعلام المسلمة يكون لها دور، سواء عبر الصحافة أو غيرها، وهي مناشدة لكل الصحافة الإسلامية والفضائيات الإسلامية، ولكل قلم حر أبي، أن يغار على عرض نبيه صلى الله عليه وسلم، أن يكون دائماً سباقاً لكل خير، وحديثنا عن هذا الموضوع (نصرة النبي صلى الله عليه وسلم)، نقول: ينبغي أن تكون هناك برامج عملية لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم حتى نخرج عن قضية العاطفة، العاطفة التي فتكت بأمتنا، نحتاج الآن حقيقة إلى أن نخرج من طور العاطفة إلى دور البرنامج العملي، نحتاج برامج عملية للأمة تقوم عليها حتى تحقق نصرة حقيقية لنبينا صلى الله عليه وسلم ولهذا الدين العظيم، كذلك أقول: على كل واحد منا أن يلتزم بالإسلام في نفسه، وأن يتحلى بخلق النبي صلى الله عليه وسلم، وأقول: لتعلموا أيها الأحبة أن العلم قبل القول والعمل، وإن تعلمنا أحكام ربنا وأصلنا ما تعلمناه تأصيلاً شرعياً لن نقع في الزلل، أو الإفراط والتفريط، فلابد من أن نأخذ الأمور من شرع ربنا وأحكامه التي بينها لنا النبي صلى الله عليه وسلم، فلن نقبل بقول أي أحد يقول: انتهى الأمر وقد اعتذر القوم، فنترك موضوع المقاطعة، ونحن قلنا ذلك عندما دعونا في المرة الأولى للمقاطعة من خلال الحملة العالمية لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم.
ولعل المقاطعة أول ما تم النداء بها قلنا: نريدها تكون تربية، وتكون رادعة لمن تسول له نفسه أن يتجرأ على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن مع الأسف خرج علينا بعض القوم فقالوا: اعتذروا، فمن يملك منا أن يقبل الاعتذار وهم أساءوا للنبي صلى الله عليه وسلم! فهل نحن نملك أن نقبل الاعتذار؟ إن الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم تساوي الإساءة لعقيدتنا، فلا يملك واحد من الأمة أن يقول: (خلاص قبلنا الاعتذار)، إذاً يجب أن نستمر، وأن يكون منظورنا شرعيا حتى لا نسمح للمغرضين أو المغررين أو المثبطين والمخذلين أن يؤثروا فينا.

" وحدة الصف وتفعيل دور النصرة الحقيقي "

_ وتابع حديثه عن دور المفكرين والدعاة تجاه هذه الهجمات وعن النصرة الحقيقية للنبي صلى الله عليه وسلم كيف تكون فقال:
قال تعالى: {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ...}(التوبة:40)، النبي صلى الله عليه وسلم أولاً تكفل الله تعالى بالدفاع عنه، لكن الواجب عليك أيها المسلم -كما تعلمت من النبي صلى الله عليه وسلم الذي ما كان يغضب لنفسه قط بل يغضب إذا انتهكت حرمة من حرمات الله- أن تتأسى به، فنحن نغضب للإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم، كيف لا، والنبي صلى الله عليه وسلم هو الشق الثاني من كلمة التوحيد التي ندخل بها الإسلام، ونكون بها مسلمين؟ إذاً لابد من أن ننصره، ولابد من أن نعمل لهذا الدين، قال تعالى: {... وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}(محمد:38)؛ ولهذا نحن ندعو الله دائما ونقول: اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا، فهذه مسألة مهمة على كل مسلم أن يدعو الله تبارك وتعالى بها؛ ولذلك نقول: ما المطلوب منا نحن الآن؟ وما المطلوب من الدعاة والمفكرين في هذا الوقت وفي كل وقت نصرة للنبي صلى الله عليه وسلم؟ ولعلي أتحدث في عجالة عن بعض الأمور لكل واحد منا.
أولاً: نحتاج إلى أن نصوب النيات ونجدد النية، والعهد مع الله تبارك وتعالى على نصرة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن نجعل عملنا خالصاً لوجه الله تعالى.
ثانياً: علينا أن نتعرف ونعرف سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وندرسها دراسة تخرج عن الدراسة التقليدية، نريد دراسة تحليلية لنتعلم من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فنعيش على نهجه، كيف غير النبي صلى الله عليه وسلم فنغير على نهجه، ونحتاج بعد أن نعرف هذه السيرة المباركة إلى أن نزرع محبة النبي صلى الله عليه وسلم في قلوبنا وأبنائنا وأهلينا وواقعنا وأمتنا، ونتحدث عن محبة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن محبة النبي في اتباعه، وأن نطبق سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فلابد من أن نعلن صدق دعوانا بالاتباع، الآن نحتاج إلى العمل، الأمة الإسلامية أمة عمل، وما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الأمر وفي بداية الدعوة العمل، فيجب أن نعمل بكل وسيلة متاحة، لا ننتظر العمل من غيرنا، الأمم الأخرى تريد تدمير الإسلام فلا ننتظر منها نصرة، لا تضع عندك مبررات وتقول: قصر الحاكم وقصرت الأمة، انظر إلى واجبك أنت، واعمل وابدأ بالعمل، وجدد العهد الآن على أن تعمل؛ نصرة للنبي صلى الله عليه وسلم في كل وسيلة متاحة: وسائل الإعلام، الإنترنت، المقالات، المدونات، المجالس، بأن يكون لسانك وسيلة إعلامية متحركة لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم، عزمنا على أن ننصر النبي صلى الله عليه وسلم نصرة حقيقية دائمة وليست وقتية، لا نريد أن نكون عاطفيين ونفكر في يومنا فقط، نحتاج إلى وحدة الصف الآن، الأمة يجب أن تتوحد، تتوحد الصفوف وتتوحد الكلمة، كلمة التوحيد عظيمة وحدت الأمة من قبل ونريدها أن توحدنا الآن، كذلك نحتاج الآن إلى أن نؤكد على المقاطعة، لنضربهم بما يخافون منه، فالمال يوجعهم، فلابد من أن نربي أهلنا على المقاطعة، نحتاج إلى أن نفعل حتى في المراكز التجارية، فنقف على المنتج ونقول: هذا منتج دنمركي لا نشتريه، لأنهم سبوا النبي صلى الله عليه وسلم، حتى في البنرات والتوقيعات، في الصحف في المجلات، في المواقع، والقنوات الفضائية، حتى sms الذي ترسل للفضائيات، أرسل بها دعوة للمقاطعة لعل أحداً أن يستجيب لدعوتك، لأنه من دل على هدى كان له مثل أجر فاعله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
أما عن دور المفكرين والدعاة فأقول: إذا لم يكن لهم الآن دور فمتى يكون لهم دور؟! هي دعوة لكل من لهم دور في الأمة أن يحثوا الحكام والمفكرين، وأن يحثوا كل أحد، نريد أن نتحرك جميعاً، ولا نقل: لم يتحرك أحد، أو لم يتحرك العلماء، ونبدأ بإلقاء التهم، فماذا فعلنا نحن؟! لكن نقول: على العلماء والدعاة والمفكرين وكل صاحب همة في الأمة أن ينهض الآن بهذه الأمانة، وأن يحرض الأمة على نصرة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يشرعوا الآن في برامج عملية وخطط مستقبلية، كما أن العدو يحاربنا ويعمل من خلال عمل مؤسسي منظم وعمل مدعوم، علينا أن نعمل في هذا الإطار، ونحن أولى به منهم، نحن أمة مسلمة، نحمل هذه العقيدة العظيمة، شرفنا بالانتساب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، علينا أيضاً أن نعمل وفق خطط وبرامج واضحة وخطط مستقبلية، وأن يكون لنا دور في صناعة الأمة.

نشر بملحق الرسالة الجمعة 12/4/1429

 

مرفت عبدالجبار
  • فكر وقضايا معاصرة
  • جهاد وهموم أمة
  • دعويات
  • أسرة ومجتمع
  • موقف وقصة
  • عامة
  • لقاءات
  • مع الحسبة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط