صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







وسائل النفاق الاجتماعي

 لبنى شرف / الأردن

 
يسمونها "وسائل التواصل الاجتماعي" وأنا لا أراها سوى وسيلة للنفاق الاجتماعي؛ كلام منمق وحكم ومواعظ يسطرونها وأما إذا تعاملت معهم على حقيقتهم في الواقع المعاش فتجدهم كائنات منفرة وأبعد ما يكونون عمّا ينشرون، وكما قال مصطفي السباعي ـ رحمه الله ـ: "بعض الناس تسمعهم فتتمنى صحبتهم ولو في النار، فإذا خبرتهم كرهت صحبتهم ولو في الجنة".

مواقع التواصل ـ فضلًا عن مضيعة واستنزاف الوقت ـ تخفي المشاعر الحقيقة للناس، بل وتخفي حقيقتهم في الحياة الطبيعية، فلا تدري إن كان الواقع الافتراضي الذي يتحدثون فيه يعكس حياتهم الحقيقية والواقعية أم أنه فقط من باب الرياء والمصلحة والاستعراض؟

ثم إنه لا يمكن الحكم على سلوكيات الإنسان أو تكوين صداقات من خلال هذه المواقع، خاصة وأن الكثيرين يلبسون أقنعة مزيفة لإخفاء قلوب مشوهة بمختلف الأمراض الاجتماعية؛ فمواقف الحياة هي التي تعرف منها الصادق من الكاذب، والأمين من الخائن، والكريم من النذل اللئيم، وهذا لا يكون إلا بالتعامل المباشر والرؤية الحقيقية لا من خلال هذا الواقع الافتراضي المشوه المليء بالكذب والتدليس والنفاق، وصدق من قال: "المواقف كالعواصف؛ تهبّ فيتساقط على إثرها أوراق وأقنعة وضمائر".

أحد "العاهات" يظهر للناس بلباس التدين، يُذكّرهم بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو لا يتورع عن إيذاء أخته صباح مساء، شيء يثير الاشمئزاز من هذا النفاق.

من الناس من يغشى الأباعدَ نفعُه *** ويشقى به حتى الممات أقاربُه

وآخر يحث من معه في المجموعة على قراءة القرآن عن أخته المتوفاة، مع أنه لم يكن يتفقدها في حياتها أو حتى يهاتفها، ولا يحسن إلى أولادها مع أنه خالهم، ولكنه لا يستحق هذه الكلمة، وليتهم قبل أن يقرؤوا القرآن عن الأموات يحرصون على التواصل مع الأحياء والإحسان إليهم وجبر خواطرهم؛ فهذا لا خلاف فيه أنه ينفع الأحياء ومأجور فاعله إن كان يبغي وجه الله، وأما قراءة القرآن عن الميْت فمُختلف في انتفاع الميْت منه، إن كانوا يعقلون! أعطه وردة في حياته بدل أن تضعها على قبره، أم تراها ـ كما قال أحدهم ـ خدمات ما بعد الموت؟ عقول سقيمة للفهم عديمة.

إن كانت "مواقع التواصل الاجتماعي" هذه وجدت ليتواصل الناس ويتقاربون ـ كما يزعمون ـ فالتواصل لا يكون من خلف الستار وأما على أرض الواقع يتصرفون وكأنهم لا يعرف بعضهم البعض، ولا يعين بعضهم بعضًا، يتواصلون فقط مع من معهم في المجموعة (أخص ذوي الرحم) وأما إن لم يكن فلا تواصل ولا سؤال، ومن كان على هذه الشاكلة فعقله رديء، وليس ذو عطف أو إحساس أو يعرف معنى الإحسان، وهذا مَدعاة للنفور والشقاق لا التواصل والانسجام.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط