اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/daeyat/kearieh/24.htm?print_it=1

لو خضع الكون لهم ! لاختلت الموازين

خيرية الحارثي

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
لو خضع الكون لهم ! لاختلت الموازين
نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات والنور من أن يحل بنا غضبك أو ينزل علينا سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك . اللهم لا تسلبنا ستر إحسانك وقنا مصارع السوء .. والطف بنا في سائر تصرفاتنا اللهم ارزقنا من اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، فوالله إنها مصيبة .. مصيبة الدين فلقد كان حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه ، يقول : كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير شر ؟ قال : { نعم } ، قلت وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال { نعم }، وفيه دخن قلت ومادخنه ؟ قال : ( قوم يهدون بغير هديي أبواب على نار جهنم ، من أجابهم عليه قذفوه فيها ) . قلت يارسول الله صفهم لنا :
قال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا .... رواه البخاري . هذه هي أوصافهم ، ولقد صدق الله إذ يقول فيهم :
( وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لاينصرون ) القصص41

لقد أتعبتمونا ياأبناء جلدتنا .. كلما حاولنا جمع الشتات ، وإحياء الموات ، انبعثت علينا شياطين الإنس التي لن تكف بأسها.. والله لقد أحزنتمونا ، ومزقتم أكبادنا ، كقطيع من الوحوش لاتتحرك إلا بغرائز السوء .. ، ماذا تريدون ، وبأي بصيرة تنظرون إن كان عندكم بصيرة ..، من أي الناس أنتم ؟ ماذا تنطوي عليه صدوركم .. إنه سر نعجز عن تعليله !

ولكن لاضير فهذه سنة الله في خلقه ، ومن شاء فليطالع دفتر الخليقة فهم في كل عصر يعيشون ويتوالدون ، همهم إطفاء نور الله ( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا...... إن آلام الأمة الإسلامية قديماَ وحديثاَ متشابهة الأحداث والفتن نكبات تترى ومصائب تتساقط فمن ظلم اليهود الخائنين ، إلى فساد النصارى الضالين . إلى غدر المنافقين .. وتعلو المصيبة ويتفاقم شرها ، وتكون أشد ألماً ومضاضة على النفس ، وأعمق جرحاً عند تنكر الصديق وعقوق القريب وسببا في شماتة الأعداء ، وتشفي الحاقدين

أهكذا يكون شكر النعم ! لقد أنعم الله عليكم بنعم شتى وأعظمها نعمة الإسلام ، ثم نعمة هذه البلاد بلاد الحرمين ومهبط الوحي ، التي تأكلون من خيراتها وترتعون في أرضها آمنين ، ثم نعمة الأمن والأمان ، ثم نعمة المال والرفاهية التي لايكاد يوجد له مثيل في بلد من بلدان العالم فهي منبع النور والهدى ، ومأوى أفئدة المحبين ، مع سلامة منهجها وحفظها للأعراض .

ماذا تريدون ؟ لماذا لا تدعونا نعيش في نعم الله آمنين .. لقد بتنا نخشاكم ، ونخشى شركم المستطير ، أتعلمون لماذا ؟ لآن أفعالكم إيذانا بنزول العذاب الإلهي – نعوذ بالله من سخطه – لماذا تريدون أن يمحق الله علينا نعمه بأفعالكم الرذيلة أليس لكم في ما أصاب الأمم عبرة أليس لكم عبرة في قوم سبأ يوم قالوا ( ربنا باعد بين أسفارنا ) أم أنكم أصلا لا تقرءون كتاب الله ، ولا تعلمون مابين دفتيه !
أليس لكم في زلزال تسونامي عبرة يوم جمعوا بين الشرك والسحر وارتكاب الفواحش ، وكانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه ..

لماذا تأصل طبعكم على الخيانة لأمتكم ، ومن قبله الخيانة لله ولرسوله ، ماهذا البلاء الذي سلط علينا بأيدكم ، لماذا تريدون ان تحولوا منح الله لنا الى محن ؟ إنكم تدعون الحضارة والتقدم ، وماهو إلا التخلف والتراجع إلى الوراء إلى عهد الجاهلية ، لكنها جاهلية من طراز حديث .. إنه عصر الذل والتنازل عن الشرف والكرامة ، ونحر كل فضيلة .إنها حضارة بالتفكير المقلوب الذي انطلق أصحابه بالتخريب والفوضى في أرجاء العالم الإسلامي ، جاهلية هوجاء عن معرفة الحق ، يامن طرحتم عقولكم جانباً إذ لم تستمعوا لقوله سبحانه :
(ياأيها الذين آمنوا لاتخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ) الأنفال 27

أي حضارة لو رأيتم أبناءكم يكفرون ويرتدون عن دينهم ، ويلبسون الصلبان، أي تقدم عندما تقع أعينكم على إحدى بناتكم وهي تمارس الفاحشة ، وتسير وراء شهواتها منحرفة أخلاقها أ في اعتقادكم أنكم لن تشربوا من الكأس الذي أذقتموه غيركم من أبناء أمتكم ؟ فإن من مكر الله بالذين يمكرون السوء ، أن يجعل نتاج أعمالهم عليهم ، أليس لكم ذرية وزوجات ؟ تخربون بيتوتكم بأيديكم !
إنكم لا تدركون خطورة تهوركم وجهلكم المركب ..ولن تجنوا إلا الحسرة والخيبة في الدنيا الآخرة ، فمن يزرع الشر لا يحصد إلا شراَ .وصدق الذي قال :
مآرب مالت في الحياة لأهلها
عذاباً فصارت في الممات عذاباَ ..

فقد أُُقتحم السياج وتعدى الغرائز والمجون إلى اختلال العقيدة وتوغل في متاهات الإلحاد فهذا ما لم يصل إليه تصورنا .. ، فذلك مثار سخط الخالق ، ثم مثار سخطنا ، جاءت بخيلها ورجلها لتخلع لباس الإيمان المتبقي في نفوس أهل هذه الأرض الطاهرة .. وتطحنون مابقي من قيم ! إنه لأمراً جللاً مهددا .. فعسى ألا يكون ذلك إيذاناً بنزول العذاب ، شاهت الوجوه وبئسما فعلتم ، يامن تنتسبون إلى الدين وتجورون عليه . خزي وعار ، ونضج عن طوايا خبيثة ، إن الأصنام القديمة سقطت – بيد - أن أصناماً جديدة ظهرت سرقت مشاعر الناس ولبهم .. باتوا أمواتاً غير أحياء .

أننعى الحال نستف التــــرابا *** ونلقى الخطب بالصبر احتسابا

يقول سيد قطب رحمه الله :
( الشيطان نفسه لم ينكر وجود الله سبحانه ولا صفاته ، أي أنه لم يكن يلحد في الله من ناحية العقيدة ، إنما الذي فعله هو الخروج على ( الدينونة لله ) وهذا ماأورده جهنم هو ومن اتبعه من الغاوين .. فلا قيمة لإسلام يدين أصحابه لغير الله في حكم من الأحكام ، سواء كان هذا الحكم خاصاً بالاعتقاد والتصور ، أو خاصاً بالشرائع والقوانين أو خاصاً بالقيم والموازين فالدينونة لله هي الإسلام .. والدينونة لغير الله هي الجاهلية الذاهبة مع الشيطان )

لم يعد همكم الحرية وسفور النساء والاختلاط ، واحتلال عقول الشباب، وتعطيل قدراته ، لم يعد همكم ان يربى أبناءنا وبناتنا على الفحش والدعارة ، بل تعداه إلى أنكم تريدون من الأمة أن تقع في حبائل الكفر والشرك والإلحاد ! وهذه فرصتكم ، فلقد اخترتم الوقت المناسب ، أنتم وأولياءكم الذين سُحرتم بهم . عندما رأيتم من شبابكم وفتياتكم جيلاً شارداً عن الحق ، لوثت أفكاره أطباق الفسق والدمار فورثت لنا جيلا ً أضاع للصلاة ، وتمرد على الأمهات والآباء ، وقلوبا مبلدة عن الحق ، ذبلت تكالفيهم الشرعية .. قلتم في أنفسكم : فلنخرجهم من تراثهم القديم .. وننشئ جيلاً ملحدا كافراً ، يُحشر في زمرتهم – نعوذ بالله - فحسبنا الله ونعم الوكيل . (فوربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) الحجر 93

وإننا لا نعتقد أن هذا ما وصلت إليه أذهانكم .. فأنتم أبرياء ، أنتم لا تريدون إلا الحرية فقط أنتم تملكون المواهب ، وتملكون القدرات ولكن قد تُجمد العقول أحياناً .. في حين أنها صعدت إلى القمر . إن هذه مخططات من هم أشد منكم مكراً ، فلقد وجد اليهود والنصارى موطئ قدم لهم في بلادنا ، أرض مفروشة بالفل والريحان ، جهزها لهم – أنتم – ففي حين أن أعمالكم عشوائية أما بالنسبة لهم فهي ثمرة جهد حثيث يبذله هذا الغرب المسعور، فهنئياً لكم يوم أن كسبتم مودتهم فقد دنوا كثيراً من أهدافهم ..والله تعالى يقول :
( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانةً من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ) آل عمران 118

باحث في الكون لا يعرف من الإسلام شئ إنه الفلكي الإنجليزي ( سير جيمس جينز) :
يقول : (أما الآن فالآراء متفقة إلى حد كبير في الجانب الطبيعي من العلم إتفاقاً يقارب الإجماع على أن نهر المعرفة أخذ يتجه نحو حقيقة غير مادية .. نحن واجدون في الكون دلائل تنبئ عن وجود قوة مدبرة مسيطرة )

إن استطالة الطغاة من رعاع المسلمين ، الذين يحاولون إعادة الجاهلية المسحوقة ، والليل المظلم إلى أمتهم .. ممن يريدون أن يستأصلوا شأفة الإسلام ويُستكوا صوته ، الذين لا يستمعون إلى كلمة الحق لأنهم يدركون أن ليس لديهم ما يدفعون به هذه الكلمة ، وسيركزون مستقبلاً – أعني قريباً - على شل فاعلية الإعلام الدعوي ، ولن يلقوا لآراء المصلحين بالاُ مهما كثرت أعدادهم ، أوبُحت أصواتهم .

كيف لا ! وهم مسحورون بحضارة التغريب الذين يجحدون ( قرآننا ) ويريدون أن نتبع قرآناً جديداً من صنع بنات أفكارهم ، و يروجون بيننا مبتدعات ، مثل أن تؤم الرجال في الصلاة امرأة . وإلى متى نعيش هذه المهازل ؟ وهكذا فمزالق الإنسانية الكبرى تبدأ بقطرة ، والزمان كفيل بمن هاجت أهواءهم ، ولو خضع الكون لهم ، لاختلت الموازين ، فسبحان القائل :
( ولو اتبع الحق أهوآءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ) المؤمنون 71

وفي هذا يقول الله عز وجل مخاطباً داود عليه السلام :

( ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ) ص آية 26 كم تذرف دموعي عندما أقرأ هذه الآية .. نعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك

وهؤلاء الذين يسيرون على نهجهم بودهم أن تموت المشاعر وتجفف الأحاسيس ، إن الدين لديهم – إن كان لديهم دين - جملة من المعارف المبتورة ، وقشور من العبادات ، إن كانوا يؤدن العبادات .
لقد فقد الدين جوهره حينما سُلب الإيمان ، فلا رهبة ولا رغبة ولا وجل ولا خوف .
إن انحرافاً عن الطريق المستقيم ، وتقويض بنيان الأمة ، إنما هو تحريف الكلم عن مواضعه
وصياحاً أبله ضد الخلق القويم والفطرة السوية ، ففي قوله تعالى :
( وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين )
قال مجاهد : طريق الحق على الله أن يدل عليه ويبلغ إليه حتماً – ويؤيد ذلك ابن كثير فيقول :
أخبر سبحانه وتعالى أن طرقاً تسلك إليه ، فليس يصل منها إلا طريق الحق .. وهي الطريق التي شرعها ورضيها وما عاداها فطرق مسدودة .. ولهذا قال ومنها { جائر }:
أي حائد مائل ، والحائد عن الصراط المستقيم لا يصل إلى الله أبداً .

نعوذ بالله من نكس القلب ، يقول ابن القيم رحمه الله :
نكس القلب حتى يرى الباطل حقاً ، والحق باطلاً ، والمعروف منكراً والمنكر معروفاً ، ويفسد ويرى أنه يصلح ، ويصد عن سبيل الله وهو يرى أنه يدعو إليها ، ويشتري الضلالة بالهدى ، وهو يرى أنه على الهدى ، ويتبع هواه وهو يزعم أنه مطيع لمولاه ، وكل ذلك من عقوبات الذنوب الجارية على القلب .

3 ويقول محمد الغزالي :
إن أمر المسلمين لا يقوم على دعاية كذوب ، ومزاعم جوفاء ، وما تقوم أمة على الهزال ،
إن العرب بعيداً عن الإسلام لن يكونوا إلا حطب جهنم – ذاك في الدار الآخرة .. أما في هذه الدنيا فإن العرب بعيداً عن الإسلام سيأكل بعضهم بعضاً ، ثم يأكل بقيتهم اليهود والنصارى .

تجاوز لحدود الله ، وانتهاك لحرماته ، وذبح صارخ للأعراض
لن يخلف وراءه إلا بيوتاً مدمرة ، ونفوساً محطمة ، وسوف يبكي هؤلاء على سذاجتهم يوما ما ! .
حيث جر الأجيال إلى مستنقعات العفن والتفسخ ، وخلال أمد محدود يباغت الناس بأنهم على الحضيض .. كل هذه ثقافة !
أهذه الثقافة في نظركم ؟
إنها ثقافة محنة محزنة ، وخليطاً هائلاً من الترهات والأباطيل ، وعوج مستحكم ، استفاد منه المستبدين في إشباع نهمتهم وفرض سلطتهم ، ولقد كسبتم هذه المرة فقد صفق لكم الجماهير
على شعارات زائفة ، حينما كسلتم ونشطوا .. فلنحصد مع الحاصدين . فهم في ضلالتهم يترددون وصدق جل من قائل :
( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون )

فلتعلم الأمة أن هذه الفئة هي الخطر الأكبر الذي يحدق بها ، و والله إنه وباء ينذر بكارثة عظيمة على أرض الجزيرة العربية ، وموطن سيد المرسلين ، وخاتم الأنبياء عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ..
وما هو إلا تذويب للأمة الإسلامية لتنحدر في عجلة الثقافة الغربية ، وقد سلس عليهم قيادتنا
وحققوا جل مصالحهم البغيضة ممتطين حجة الديمقراطية من إغضاء عن الرذائل ، وإحجام المصلحين ، ومصادمة للشريعة علناً لا رادع لهم .. فغاية آمالهم وأحلامهم أن يجتثوا هذا الدين من أساسه .. فينطبق علينا قول الـله تعالى : ( ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سوآء ... ) النساء 89
يتداعى أهل الضلال علينا *** كتداعي الجياع حول الخوان

ما أقسى قلبك يابن آدم .. وما أعظم جحودك لربك ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله :
( ليس شئ إلا وهو أطوع للــه تعالى من ابن آدم ) رواه البزار ، وحسنه الألباني

إن نقابة الأطباء تعاقب أي عضو ينتسب إليها إذا أخطأ خطأًَ طبياَ ، بل ولا ترحمه حتى تنزل عليه العقوبة ، مع أنه لم يقصد ذلك الخطأ .. فأين النقابة القرآنية ، وأين صوتها في المجامع الدولية ؟ لماذا لا نتربص بآرائهم المنحرفة ، لماذا لا تُناقش شبههم الضالة ، وندحضها ببرهان كتابنا الحكيم ،لكي يسلم لهذه الأمة كيانها
كفانا خدعة وكفى جنوحا *** وواقعنا على النطع استتابا
وبات الحال مذموما بئيسا *** تخليــنا وجافينـــا الكتــابا

لماذا لا نضفي حصانة منيعة تحجم الخارجين عليه من سماسرة الرذيلة ، الذين لا يقيمون لشرع الله وزنا ، فستأصل كل من لا يحترم الحق ، وكل من يترنح تحت وطأة هواه لكي يعود الإسلام إلى خصوبته ، وشعائره الموقرة ، وتعاليمه الراسخة ، ليعلو مجد أمتنا فتعود كما قال الله فيها (كنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) رضي من رضي ، وسخط من سخط ..ويأبى الله إلا يتم نوره .

إنا بحاجة معشر الدعاة إلى شدة لرد الكيد وإذلال المفسدين .. لابد من النفير بل المسارعة إليه ، فلن يكون البقاء إلا للأصلح وهذا ما قرره كتاب ربنا :
( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) الحجر آية 17
ففي تفسير السعدي رحمه الله :
أن الله شبه مايكون في القلوب من الشهوات والشبهات عند وصول الحق إليها ، بالزبد الذي يعلو الماء .. وأنها لايزال فوق الماء طافياً مكدراً له ،حتى يذهب ويضمحل ، ويبقى ماينفع الناس من الماء الصافي – الحمد لله أن في كتاب ربنا مايُثلج صدورنا -

لابد من التصدي للجهل بالدين ، ولموجات الغزو الفكري والعقائدي ، والإباحية الأخلاقية
لابد من عرض الشر أمام أعين شبابنا وبناتنا بصورة منفرة محذرة ومن ثم محاصرة لأهل البغي والفساد والإفساد ، فلقد هم صلى الله عليه وسلم أن يحرق بيوتاً على أقوام لم يؤدوا صلاة الجماعة .. لولا وجود الأطفال والنساء ..
فكيف بمن يُقلب فؤاده وبصره فيعيث في الأرض فسادا يقول الله عز وجل :
( إنما جزاؤ الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقّتلوا أويصّلبوا أو تُقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يُنفوا من الأرض ذلك لهم خزيٌ في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم * إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ) المائدة 34،33

إن الإسلام في هذه الجزيرة راسخ ومتجذر في أعماق تاريخها ، منها تستمد قوتها وعزها واستقرارها ، ولا يجادل في ذلك ولا يساوم عليه إلا من سفه عقله أو كان جاهلاً بمهبط الرسالة

إننا بحاجة لقوة تحفز الهمم ، وتنقل الأمة إلى رضى الله من تداعيات الأهواء ، والهيمنة على اتجاهاته الملتوية ، وربما لا نستطيع القضاء على الفساد كلياً لأننا في عصر تموج فيه الفتن
في بره و بحره ، فعلى الأقل يكون لنا في زعيم العدالة والتنمية في تركيا ( سابقاً ) قدوة :
ففي وقته سُر كل مسلم – ذلك أن الزعيم لم يتمكن من حظر بيوت الدعارة بشكل قاطع في اسطنبول بسبب قوة القوانين العلمانية الجائرة ، وبطش العسكر – فإنه التف على ذلك على نحو لايخلو من ذكاء حيث فتح العديد من مشاغل الحياكة ، ودور التوبة التي استوعبت أعداداً
كبيرة ممن يريدون التوبة من عاهرات دور الدعارة .

إنا بحاجة لمزيد من الصبر والثبات ، والجهد المضاعف ، لنصل إلى مرتبة إخوانه صلى الله عليه وسلم – الذين آمنوا به ولم يروه ، الذين ساروا على نهجه
اللهم اجعلنا منهم ، واجعلنا من الذين يحملون هم هذا الدين

يقول حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه :
( يأتي على الناس زمان لأن تكون جيفة حمار أحب إليهم من مؤمن يأمرهم وينهاهم )
ويقول ابن مسعود رضي الله عنه :
( يأتي على الناس زمان يكون المؤمن فيه أذل من الأمة ) .
ويقول ابن القيم رحمه الله :
على القادر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بيده ولسانه مليس على العاجز فيهما وقد غر إبليس كثير من الخلق بأن حسن القيام بنوع من الذكر والقيام والصلاة والصيام والزهد في الدنيا .. وعطلوا هذه العبوديات فلم يحدثوا قلوبهم بها .. فإن الدين هو القيام بما أمر الله به
عليك بطـــريق الحق *** ولاتستوحش لقلة السالكين
ومهما غاب الجو وتلبد ، وأظلم الحاضر ، وادلهمت الخطوب فإنا لن نكن من القانطين بإذن الله .
ولقد كرم الله عباده المؤمنين وأعلى شأنهم حيث يقول صلى الله عليه وسلم :
( إن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين )
وفي هذا يقول الله عز وجل :
( يا أيها الرسول بلغ ما أُنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) المائدة 67
ولذلك مادام فينا عين تطرف وقلب يخفق فلن يقف في طريقنا زبد ! فالله معنا ، وناصرنا ولو بعد حين .

اللهم إنا لا نقوى على عذابك .. اللهم إنا خلق من خلقك ، فاجعلنا ممن تتفضل عليهم برحمتك ، وأمدنا بقوة من عندك ، حتى ندافع عن دينك ، وعن كتابك .. وإذا أردت بهؤلاء القوم فتنة فا قبضنا إليك غير مفتونين
اللهم إنا نعوذ بك من أن نضل عن سبيلك ، اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، وارزقنا سلامة التفكير والحكمة ، وسدد ألسنتنا وقو حجتنا ، واجعلنا من أهلك وخاصتك
واحشرنا في زمرة النبيين والصدقين والشهداء والصالحين إنك سميع مجيب .

 

خيرية الحارثي
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط