صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







وأْد الجريمة

د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ

 
الجريمة هي العدو الأول والأكبر لجميع المجتمعات الإنسانية منذ بدء الحياة على هذه البسيطة حتى زمننا الحالي، وكل مجتمع يقاومها بطريقته الخاصة، وكلما ازداد حجم المجتمعات وتوسعت رقعتها، كلما زادت احتمالات ارتفاع نسبة الجريمة سواء أكانت فردية أم جماعية، عشوائية أم منظمة.
وفي مجتمعنا السعودي الذي كان يميل في ماضي الزمان - ولا سيما مع استقرار الحكم والدولة - إلى البساطة والطيبة والوضوح، وشدة تقوى الله، والانضواء بولاء تام تحت مظلة ولاة الأمر، أضحى الآن كواقع معاصر يشهد متغيرات كثيرة هي الأقرب (للصدمة العالمية)، حينما أطلّ هذا المجتمع المسالم المتماسك - رغم تعدد قبائله وفئاته - على عالم متضارب متغاير، فكانت ردة فعله أقرب إلى الارتباك النفسي والهزات الفكرية التي أحدثتها التيارات المتعددة المتعارضة، والتي تمازجت عبر وسائل الإعلام المتنافسة، وتكنولوجيا الاتصال المذهلة، مما جعل الجريمة تطل علينا بعينين جاحظتين وقحتين، لا سيما عند الشباب والمراهقين والأحداث.
ولكن ماذا فعل المجتمع لمقاومتها والقضاء عليها في مهدها قبل أن يزداد استفحالها؟ وهل أدت (الأسرة والمدرسة والجامعة، بل والأندية والوسائل الإعلامية) دورها المطلوب منها؟ أم زادت الأمر استفحالاً؟ لأن واقع الشباب اليوم يدعو حقاً للقلق، مما جعل سمات الاستهتار الخلقي والتصرفات العابثة وعدم تحمل المسؤولية تكاد تكون هي الصفات الغالبة على نسبة ملحوظة من شبابنا.
حيث تخرج علينا الصحف يومياً برصد جرائم العبث الشبابي الخلقي، يدور معظمها حول المطاردات المستمرة للفتيات والنساء اللاتي قد يكنّ في أعمار أمهاتهم! ولسن متبرجات أو باحثات عن فتنة، إضافة لجرائم الشذوذ الجنسي، وإدمان الخمر وتعاطي المخدرات، والسرقات التي في وضح النهار، بل والتفنّن في صناعة الجريمة التي تدل على الاستهانة بحقوق المجتمع، مثل ذلك الشاب الذي صوّر جريمته بكل وقاحة في جواله بهدف تهديد المجني عليه، أو الآخر الذي حمل ضحيته في (شنطة) سيارته ودار به في الشوارع دون رادع من ضمير أو حياء.
وليس ببعيد عنا حادثة الأكاديمية الشهير التي تعرضت فيه لاعتداء سرقة بالإكراه والعنف المتعمّد رغم كونها في مكان عام آهل بالمرتادين، ورغم حشمتها وتماسكها الشديدين؟
فكيف سنثق بمثل هؤلاء المستهترين المتكاثرين فيما لو فتحنا الباب على مصراعيه (لقيادة المرأة للسيارة)؟
أوليس الأولى منها (إعادة تقييمنا لتربية شبابنا) الذين كنا نعلّق عليهم الآمال الكبار لحمايتنا من أي عدو خارجي فإذا بهم يؤدون دوره؟!
أما حينما نطرق أبواب (الإعلام) لنبحث فيه عن أية مقترحات، أو حلول، لدى كتاب وكاتبات الصحافة لا نجد لديهم مثقال ذرة اهتمام أو يسير مبالاة، رغم تكرار أمثال هذه الحوادث الأليمة، وكأن الأمر لا يعني أمتهم أو مجتمعهم، رغم مسارعة البعض منهم في توزيع التّهم جزافاً على العديد من الأبرياء، حينما يظهر متطرف متهور مضلّل الفكر، وهكذا ضاع الدين والخلق بين (الغُلاة، والقُلاة)، ونحن نقف مكتوفي الأيدي ما عدا جهد ضئيل متناثر هنا وهناك.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
جواهر آل الشيخ
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط