اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/daeyat/fozyah/14.htm?print_it=1

قـصــــة حـادثـــة الإفــك

فوزية بنت محمد العقيل
‎@g_fawaed‏


بسم الله الرحمن الرحيم


قال تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21) وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26) سورة النور ..


الآثـار الـتربـويــة للـقصــــة :


1- هذه آيات ساقها الله جل وتعالى لنا في سورة النور، تتحدث عن قصة أليمة هزت المجتمع المدني بأسره شهراً كاملاً، عُرفت في السيرة النبوية بحادثة الإفك تتعلق بأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- كانت بعد غزوة بني المصطلق، ساقها الله جل وتعالى لنا لكي يستفيد منها كل مسلم دروساً عظيمة ويعلم أن البلايا والمحن وأنواع الاختبارات نزلت بأشرف وأطهر منه، فلا عليه إن نزل به شيء من ذلك إلا المواجهة بالصبر والاحتساب لينال الأجر في الدنيا والآخرة . ناصر الأحمد

2- إن المصائب والفتن اختبارات تبين مدى ما يمتلك العبد من الإيمان، وهي ضرورة للمؤمن، تشحذ همته وتقوي إيمانه، ولعل من حكمة الابتلاء أنه فرصة لمراجعة حسابات مضت ووقفة أمـام تطلعات لمستقبل آت، فالابتلاء يزيد الرجال نضوجاً وصلابة، والدعاة الصادقين ثباتاً وعمقاً، ولن يكون الابتلاء شراً للمؤمنين أبداً، فهو خير يسوقه الله لعباده ليعودوا وقد علتهم عزة الإيمان التي يمتلكونها وما هي إلا لحظات حتى نرى أنها زالت على شموخها وقد سقط كل ما حولها وتحول إلى رماد . ناصر الأحمد

3- الصديقة عائشة رضي الله عنها وأرضاها أهل لكل فضيلة، فكيف ينسب إليها أعظم شيء في الرذيلة ؟! فهذا قلب للحقائق، ولهذا سماه الله جل وعلا إفكا فقال : (إن الذين جاؤوا بالإفك) قوله : (جاءوا بالإفك) أي: ابتدعوه؛ لأنه ليس له أصل، والإفك: الكذب، وهو أقبح الكذب؛ لأن الإفك هو القلب . صالح المغامسي

4- وقعت للنبي صلى الله عليه وسلم مصيبة عظيمة، ودرس من أقسى دروس الابتلاء، ألا وهو حادثة الإفك، تلك الحادثة التي كشفت عن شناعة جرم المجرمين وبشاعته وهو يتناول بيت النبوة الطاهر الكريم، ويتناول عرض رسول الله أكرم الخلق على الله وعرض صديقه الصدّيق أبي بكر -رضي الله عنه- أكرم صحابته عليه، وعرض رجل من الصحابة وهو صفوان بن المعطل -رضي الله عنه-، ويشغل ذلك الحدث المسلمين بالمدينة شهراً من الزمان، هذا الحادث الذي جلب الهموم والآلام لقلب رسول الله وقلب عائشة -رضي الله عنها- وقلب أبي بكر الصديق وقلب صفوان شهراً كاملا ، إنها قصة عجيبة وحادثة أليمة تحمل في طياتها من الدروس والعبر والعظات الشيء الكثير والتي نزل وقعها الأليم على أشرف خلق الله محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى زوجته الطاهرة أم المؤمنين عائشة وعلى أبويها أبي بكر الصديق وزوجته -رضي الله عنهم أجمعين- والتي واجهوها بالصبر القوي الذي ألهمهم الله إياه وثبتهم عليه عندما نزل بهم جميعاً هذا الابتلاء والامتحان والاختبار الذي يعتبر نبراساً للأمة المسلمة لكي يستفيدوا منه دروساً عملية في حياتهم ومستقبل أيامهم ليستلهموا منه العبر والعظات والتوجيهات . ناصر الأحمد
5- لا يمكن للمواقف الشديدة أن تنسي الإنسان الالتزام بالأحكام الشرعية خاصة إذا استقر الإيمان في النفس وخالط بشاشة القلب بلا انفكاك، فعائشة -رضي الله عنها- كانت صغيرة السن، في موقف يذهل القلوب ويحير الألباب، وحديثة عهد بحجاب، ومع ذلك فقد التزمت بشرع الله حين عرض لها امتحان مفاجئ ، قالت: "فاستيقظت ‏باسترجاعه‏ ‏حين عرفني‏ ‏فخمرت‏ ‏وجهي بجلبابي" . ناصر الأحمد

6- إن الله علم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، وإنما ليطلع الله أهل الإيمان على أهل النفاق، ثم ليعاقب الله وليحاسب الله عباده على ما بدر منهم من قول وعمل، لا على ما علمه منهم سبحانه وتعالى، وهذا قمة العدل والرحمة، فالفتن والمحن تظهر المنافقين، وتبين المخبوء في الصدور، فظهر بعد المحنة أهل النفاق وعصابة النفاق ( لا تحسبوه شرا لكم ) . محمد حسان

7- إلى من يتسابق في نشر المقاطع المحرمة في الجوال أو النت :
تأمل قوله تعالى : ( لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ) ففي الآية دليل على أن من سن شرا أعظم ممن وافقه عليه ؛ لأن المتولي للكبر كان السابق إلى الإفك ، وسائرهم صدق قوله فاستوجب ضعف العذاب . القصاب - نكت القرآن 2/ 434

8- العبرة بالنهايات، فالنقص في البدايات لا يدوم، بل العبرة بما استقر عليه الأمر، وهو المطلوب والمقصود، وقد استقر الأمر على براءة عائشة و صفوان قال الله تعالى : (لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ) وبعض العلماء رحمهم الله يقول: إن المقصود صفوان و عائشة ، ولكن الله جمع من باب ما هو كائن في أساليب لغة العرب، وهذا بعيد، وإن كان هذا الأسلوب موجوداً في لغة العرب، ولكن لا يمكن حمل المعنى هنا عليه، بل المعنى أن الأمة كلها تستفيد من هذا الحديث، فأما الذين ظُلِموا في الإفك فهو رفع لدرجاتهم، وشرف لهم أن يذكروا في القرآن، وأن تنزل براءتهم في القرآن ، وأما الذين لم يذكروا من المؤمنين المعاصرين للحدث، أو المؤمنين الآتين بعد نزول الآيات، فإن في ذلك موعظة وأدباً لهم لاختيار هدي الله جل وعلا في تربية المجتمع، على أنه ينبغي أن يعلم أنه لا يوجد خير محض ولا شر محض، بل الأمور بالغالب، وأما الخير المحض ففي الجنة، والشر المحض في النار . صالح المغامسي

9- إن ترك الألسنة تلقي التهم على المحصنات –وهن العفيفات الحرائر ثيبات أو أبكارا- بدون دليل قاطع، يترك المجال فسيحا لكل من شاء أن يقذف بريئة أو بريئا بتلك التهمة النكراء، ثم يمضي آمنا! فتصبح الجماعة وتمسي وإذا أعراضها مجرحة، وسمعتها ملوثة، وإذا كل فرد فيها متهم أو مهدد بالاتهام؛ وإذا كل زوج فيها شاك في زوجه ، وكل رجل فيها شاك في أصله، وكل بيت فيها مهدد بالانهيار.. وهي حالة من الشك والقلق والريبة لا تطاق . سيد قطب

10- من الناس من يتلقف الكلام دون تمحيص ، ويلقيه بلا تفكر في صدقه وكذبه ، ودون أن يعرضه على قلبه وعقله ، ويحسب الأمر هينا ، وفي مثلهم نزل قوله تعالى : ( إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) . د. محمد الخضيري

11- قوله تعالى : ( وتقولون في أفواهكم ) مع أن القول لا يكون بغير الأفواه ، إلا أنه ذكر تمهيدا لقوله : ( ما ليس لكم به علم ) وفي هذا من الأدب : أن المرء لا يقول بلسانه إلا ما يعلمه ويتحققه ، وإلا فهو أحد رجلين : ناقص الرأي يقول الشيء قبل التبين فيوشك أن يكذب ، أو رجل مموه مراء يقول ما يعتقد خلافه . ابن عاشور ، التحرير والتنوير

12- إن من التعليمات التي وجهها الله -تبارك وتعالى- إلى المسلمين أن لا يقبلوا من كل أحد قوله بدون روية إذا كان يرمي غيره بما لا يرونه فيه ولا يشيعوه في المجتمع، بل من واجبهم إذا وجدوا أن قد فشت في المجتمع مثل هذه الافتراءات والاتهامات الكاذبة أن يعملوا على كبتها ويحولوا دون شيوعها ويجتنبوا تناقلها بينهم، وإن الذين يلفقون الأخبار الفاحشة ويذيعونها أو يحاولون أن تشيع الفاحشة في المجتمع المسلم ويحاولون إلصاق التهم بالمؤمنين والمؤمنات ويرمونهم بما ليس فيهم، إنهم لا يستحقون الحماية والتشجيع، بل يستحقون العقاب وإقامة الحد على كل فرد منهم حتى يرتدع ويطهّر لسانه وسمعه وبصره عن قالة السوء وقذف الغافلين من المؤمنين والمؤمنات وليرتدع غيره من المخدوعين بهذه المقالات السيئة إن كان مؤمناً ويكون تطهيراً له، وإن كان منافقاً كذلك يقام عليه الحد من أجل أن يكبت ويخرس لسانه ولئلا تسول له نفسه إشاعة الفاحشة واتهام الأبرياء مرة أخرى وليعلم أن هذا عقابه في الدنيا مادام على هذه الحال، وفي الآخرة عذاب عظيم . ناصر الأحمد

13- يجب على المؤمنين أن يظنوا بأنفسهم خيراً ولا يعتمدوا على سوء الظنّ وقالة السوء التي تنتشر في المجتمع ، بسبب منافق أو منافقة إذا هم سمعوا عن ذلك يجب عليهم أن يطهروا أسماعهم وأبصارهم وألسنتهم من هذا البهتان على المؤمنين والمؤمنات، وإن كانت التهمة تلحق بأحد منهم فليصبروا وليحتسبوا جزاء صبرهم عند الله، ثم إن كانت لديهم البينة على من أشاع ذلك فليطلبوا إقامة الحد الشرعي على ظهور أولئك المنافقين أو المخدوعين من المسلمين . ناصر الأحمد

14- أن الذين تولوا كبر هذا الإثم قد حاكوا المؤامرة بخبث ولؤم وكان من الدهاء حيث الذي تولى كبره ما كان يتكلم به عند الناس، إنما كان يتكلم به عند خاصته الذين يسترون أمره ألا وهو عبد الله بن أبيّ بن سلول رأس المنافقين، ورسول الله أبطأ عنه الوحي ولا يستطيع أن يبرئ أهله، وهو يعلم فيهم الخير، مما اتهموا به ولا يعلم من هذا الرجل أي صفوان إلا خيراً، لكن البراءة كيف يكشفها وقد أبطأ الوحي وحساسية الموقف تجعل الإنسان في غاية الارتباك والقلق والشك والأرق لم يكن النبي -عليه الصلاة والسلام- يعتصر الألم في صدره إنما كان أبو بكر في موقفه إن لم يكن أشد منه، الذي اتهم هو بيت أبي بكر، التي اتهمت هي الصدّيقة بنت الصدّيق -رضي الله عنها- الذي اتهم هو رسول الله ونال المنافقون وعصبة اليهود من عرض النبي ، لأنهم لما عجزوا في حرب الإسلام علانية لجؤوا إلى هذه الأساليب الخسيسة، والتي بلغت من الجرم والشناعة ما الله به عليم، والمهم أن الاستشارة لأسامة بن زيد وعلي بن أبي طالب ليس في ذلك غرابة، فإنه قد عانى ما لم يعانه أحد من قبل، كما أن ذلك الاتهام كان اتهاماً للإسلام، ولذلك ما عانى الرسول في كل المواقف التي عاناها منذ أن بعثه الله إلى أن توفاه مثل تلك المعاناة . ناصر الأحمد

15- إن الله -سبحانه وتعالى- حين أنزل براءة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قال في أول آية من الآيات العشر من سورة النور وهي نور من أولها إلى آخرها تُجلي لنا حقائق كثيرة قال: {إِنَّ ٱلَّذِينَ جَاءوا بِٱلإفْكِ عُصْبَةٌ مّنْكُم} يعني أنه لم يكن فرداً ولم يكونوا أفراداً إنما كانوا جماعة ذات هدف معين يتزعمهم رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول، ومن ورائه عصبة من اليهود الذين غاظهم أن بعث الله نبيه، وهم يتآمرون على الإسلام علانية فلما باءت كل محاولاتهم بالفشل لجؤوا إلى هذا الأسلوب الخسيس وإلى هذا الجرم والشناعة أن يشككوا في أطهر بيت وأشرفه عرفته البشرية منذ أن خلق الله آدم وإلى يومنا هذا، بل وإلى قيام الساعة ما الذي يفيدنا هذا ؟.. يفيدنا أن العصبة التي شككت في بيت رسول الله موجودة اليوم كما وجدت في ذلك الزمان، فها نحن اليوم نسمع من يرمي أم المؤمنين عائشة بالفحش، من قبل كثير ممن أعمى الله -سبحانه وتعالى- بصائرهم عن نور الحق، وكانوا مثلهم في الجرم وكانوا مثلهم في البشاعة والذي يرمي أم المؤمنين عائشة بالفحش لا حظ له من الإسلام فهو أول المخالفين للإسلام، فهو أول مكذّب بالقرآن، حيث برّأ الله عائشة من فوق سبع سموات، لا حظ له من الإسلام لأنه قد تناول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، وتناوُله إنما الهدف منه اتهام النبي ، والنيل من رسول الله هو النيل من الإسلام، لأننا إذا اتهمنا عرض أشرف رجل عند الله -عز وجل- وأكرمه، فماذا بقي بعد ذلك للإسلام من قداسة ؟!. ناصر الأحمد

16- قال الله تعالى : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) معلوم أن الإنسان يتكلم بفمه، وهنا يقول تعالى: (وتقولون بأفواهكم) والحقيقة أن الله تعالى لم يريد أن يبين الجارحة التي نتكلم بها، إنما أراد أن يبين أن هذه الأمر لم يكن مستقراً في القلوب، ولا توجد له حقيقة، بل شخص ينقله وشخص يحمله وشخص يذيعه وشخص يزيد عليه، شأن أكثر الناس، وقد خاض في هذا الأمر كبار المنافقين، وبعض الصحابة، وقد عفا الله تبارك وتعالى عنهم، والكلام عن الصحابة -ولو أخطئوا- يجب أن يكون مقيداً بتعبير القرآن، ولا نقذف أنفسنا في أمواج لا نستطيع أن نواجهها، ونترضى عنهم أجمعين، فاللهم ارض عنهم . صالح المغامسي

17- اتهام أهل الفضل والصلاح والطعن في أعراضهم أعم جرما من الطعن في عرض غيرهم ، فلا تسمح لشخص يطعن في أهل الصلاح أمامك ويخوض في أعراضهم وأنت ساكت ، بل ذب عن أخيك وعن عرضه وحماه ، والزم الأدب ولا تخض مع الخائضين ولا تهلك مع الهالكين ، فقد قال تعالى : ( ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ) . مصطفى العدوي

18- من الآداب التربوية حسن الظن بالمسلم : على المسلمين حين يسمعون القذف بحق الأطهار الشرفاء أن ينفوا القذف ، وينكروا الطعن فالأصل في المجتمع المسلم الطهارة (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً) وقالوا : هذا إفك مبين " وهذا ما فعلته أم أيوب وزوجها رضوان الله عليهما حين سمعا المنافقين وضعاف الإيمان من المسلمين يتحدثون بشأن عائشة رضي الله عنهما وصفوان بن المعطل رضي الله عنه ذلك الصحابي الذي شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالفضيلة والطهر فقالت أم أيوب : أما تسمع ما يقول الناس في عائشة؟! قال : نعم ، وذلك الكذب ، أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب ؟! قالت : لا والله . قال : فعائشة خير منك ، وصفوان خير مني . فإذا رُمي اثنان أو أحدهما بالزنا قيل للقاذف هات شهداءَك الأربعة وإلا كنت عند الله كاذباً ، فأعراض المسلمين غالية . وما ينبغي لأحد أن يرميهم دون بيّنة " لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء ، فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون " إن هذا طعن بطهر المجتمع ونشر للفحشاء فيه ، وإفساد للأخلاق يستحق صاحبه به – لولا رحمة الله بعباده في دنياهم وأخراهم - العذاب العظيم " ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم " . د. عثمان قدري مكانسي

19- هناك من الذنوب ذنوب يظنها الشخص صغائر وهي كبيرة مهلكة ، وقد دل على ذلك قوله تعالى : ( وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) . مصطفى العدوي

20- قوله تعالى : ( إن كنتم مؤمنين ) فيها الحث على التحلي بأخلاق المؤمنين ، فالاتصاف بالإيمان يصد عن كل قبيح ويصرف عن كل مكروه . مصطفى العدوي

21- (إذ تلقّوْنه بألسنتكم ، وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم ، وتحسبونه هيّناً ، وهو عند الله عظيم) عاتبهم الله تعالى في هذه الآية بأمور ثلاثة :الأول : تلقيه بالألسنة دون السؤال عنه . الثاني : التكلم به ونشره بين المسلمين . الثالث : استصغار الذنب حيث حسبوه هيّناً وهو عند الله عظيم ، وكان عليهم حين سمعوه أن ينكروه ويؤكدوا نزاهة بيوت الأطهار من المسلمين ، ولاسيما بيت النبوّة ، فلا يغوصوا في نشر الإفك لأنه كذب وافتراء شديد " ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا ، سبحانك هذا بهتان عظيم " . د. عثمان قدري مكانسي

22- إن هذا الحادث كما تعلمون أنه قد خاض فيه بعض من الصحابة من أجلاء الصحابة كمسطح بن أثاثة الذي شهد بدراً والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (فلعل الله قد اطلع على أهل بدر فغفر لهم فقال لهم: اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم) ، وحسان بن ثابت شاعر النبي والذي كان يذب عن الإسلام ويدافع عن الدين ويدافع عن رسول الله بشعره لتكون شرارة يقذف الله -سبحانه وتعالى- بها على رؤوس الكافرين فتهلكهم وتبددهم، وهو الذي دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- ونصب له منبراً في المسجد وكان يقول له : (اهجهم وروح القدس معك) ، وحمنة بنت جحش أخت أم المؤمنين زينب بنت جحش -رضي الله عنها- صحابية جليلة خاضت مع الخائضين، فهلكت مع من هلك من أهل الإفك. فما الذي يدل عليه هذا الأمر؟ إنه يدل على أن النفوس ضعيفة وأن الابتلاء هو الذي يمحص النفوس، ونحن أيضاً مبتلون بهذا، إذا كان أصحاب رسول الله تربوا على يديه خاضوا مع الخائضين، وهلكوا مع الهالكين في حديث الإفك، لينالوا من عرض رسول الله وعرض زوجه، فإن كثيراً من المسلمين اليوم يجلسون المجالس ويتحدثون في أعراض الناس الأبرياء، ويقذفون المحصنات المؤمنات البريئات بالتهم التي لا خطام لها ولا فطام، وإذا بهم بعد ذلك يشككون في النوايا، ويقولون: فلان كذا وفلان قال كذا ونوى كذا، دخلوا في نوايا الأبرياء والدعاة والعلماء، فالحذر الحذر من اللسان، فإنه يورد الإنسان الموارد والمهالك، والنبي قال لمعاذ بن جبل : (كف عليك هذا وأشار إلى لسانه) فقال: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: (ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) ، اللسان جرمه صغير وشره مستطير، إنه ثعبان لو لدغك فإنه يودي بدينك وبحياتك، ولربما يتكلم الإنسان بكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفاً، وإنك لترى الرجل يعجبك سمته وخلقه وهديه متورع عن الشبهات فضلاً عن تورعه عن أكل الحرام، ولكنه إذا جلس مجلساً فإنه يفري في أعراض الناس، ويطلق للسانه العنان، فإنا لله وإنا إليه راجعون من هؤلاء الذين ابتلوا في أعراض الأبرياء !!. ناصر الأحمد

23- إن هذا الحادث يبين لنا أن حملة الدين مستهدفون، فكم قرأنا وكم سمعنا وكم رأينا وما زلنا نقرأ ونسمع ونرى دعاة صادقين وعلماء أجلاء اتهمهم أعداء الإسلام من اليهود والنصارى وأذنابهم في أعراضهم حتى إنهم أوذوا بين قومهم ؟!!، فمنهم من أقيم عليه الحد، ومنهم من نبذهم الناس، ولكن إرادة الله -سبحانه وتعالى- قاضية أن يمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، فما تدور عجلة الزمان إلا ويبرئ الله -سبحانه وتعالى- ساحة الأبرياء من أوليائه، ويأخذ الذين تولوا كبر الإثم والجريمة البشعة أخذ عزيز مقتدر. {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [(38) سورة الحـج] . ناصر الأحمد

24- الشائعات من أخطر الحروب المعنوية والأوبئة النفسية، بل من أشد الأسلحة تدميراً وأعظمها وقعاً وتأثيراً، وليس من المبالغة في شيء إذا عُدَّت ظاهرةً اجتماعية عالمية لها خطورتها البالغة على المجتمعات البشرية. تعتبر الشائعات من أخطر الأسلحة الفتاكة والمدمرة للمجتمعات والأشخاص، فكم أقلقت الإشاعة من أبرياء، وكم حطمت الإشاعة من عظماء، وكم هدمت الإشاعة من وشائج، وكم تسببت الشائعات في جرائم، وكم فككت الإشاعة من علاقات وصداقات، وكم هزمت الإشاعة من جيوش، وكم أخرت الإشاعة في سير أقوام ، والمستقرئ للتاريخ الإنساني يجد أن الشائعات وُجدت حيث وُجد الإنسان، بل إنها عاشت وتكاثرت في أحضان كل الحضارات، ومنذ فجر التاريخ والشائعة تمثّل مصدر قلقٍ في البناء الاجتماعي، والانتماء الحضاري لكل الشعوب والبيئات، ولما جاء الإسلام اتخذ الموقف الحازم من الشائعات وأصحابها لما لنشرها وبثها بين أفراد المجتمع من آثار سلبية، على تماسك المجتمع المسلم، وتلاحم أبنائه، وسلامة لُحْمته، والحفاظ على بيضته، بل لقد عدّ الإسلام ذلك سلوكا مرذولاً منافياً للأخلاق النبيلة، والسجايا الكريمة، والمثل العليا، التي جاءت بها وحثت عليها شريعتنا الغراء من الاجتماع والمحبة والمودّة والإخاء والتعاون والتراحم والتعاطف والصفاء، وهل الشائعة إلا نسف لتلك القيم؟! ومعول هدم لهذه المثُل ؟!.. إذا كان في دنيا النبات طفيليات تلتفُّ حول النبتة الصالحة، لتفسد نموّها فإن الشائعات ومروّجيها أشدُّ وأنكى، لما يقومون به من خلخلة البُنى التحتية للمجتمع، وتقويض أركانه، وتصديع بنيانه، فكم تجنّوا على أبرياء؟ وأشعلوا نار الفتنة بين الأصفياء؟ وكم نالوا من علماء وعظماء؟ وكم هدّمت الشائعة من وشائج؟ وتسبّبت في جرائم؟ وفككت من أواصر وعلاقات؟ وحطّمت من أمجاد وحضارات؟ وكم دمّرت من أسر وبيوتات؟ وأهلكت من حواضر ومجتمعات؟ بل لرب شائعة أثارت فتنا وبلايا، وحروباً ورزايا، وأذكت نار حروب عالمية، وأججت أوار معارك دولية، وإن الحرب أوّلها كلام، ورب كلمة سوء ماتت في مهدها، ورب مقالة شرّ أشعلت فتناً لأن حاقداً ضخّمها ونفخ فيها ، فالإشاعة لعبت دوراً كبيراً في حادثة الإفك. ولهذا فالشريعة الإسلامية حددت وسائل لمواجهة خطر الشائعات، وإن من أولى الخطوات في مواجهة حرب الشائعات تربية النفوس على الخوف من الله، والتثبت في الأمور، فالمسلم لا ينبغي أن يكون أذنا لكل ناعق، بل عليه التحقق والتبيّن، وطلب البراهين الواقعية، والأدلّة الموضوعية، والشواهد العملية، وبذلك يُسدّ الطريق أمام الأدعياء، الذين يعملون خلف الستور ويلوكون بألسنتهم كل قول وزور، ضد كل مصلح ومحتسب وغيور !!. ناصر الأحمد

25- قوله تعالى : (يحبون أن تشيع الفاحشة) معناها أن تكثر، وذلك بتيسير سبلها والتسهيل على أهلها، فمحبة إشاعة الفاحشة تعني أنه يحب أن يحصل هذا المنكر على نطاق واسع، لكن لو فعل مرة أو مرات بنفسه، واستتر بذلك أسهل ممن يحب أن تشيع وينتشر في المجتمع، لأن العذاب المعجل إنما يرتب على المعاصي والجرائم الكبيرة التي لا تجد من ينكرها، وإذا كثرت هذه الفواحش وشاعت بين الناس صعب إنكارها، وصارت بما عمت به البلوى، كما هو حال كثير من البلدان التي تنتسب إلى الإسلام، وقبل ذلك إشاعة الأسباب والوسائل التي من أجلها ترتكب هذه الفواحش ، بعض الناس ينشر وسائل تسهل للناس ارتكاب الجرائم، وجاء في بعض المسلسلات، وجاء في بعض التمثيليات تسهيل لبعض الجرائم كالسرقة والاغتصاب وغيره بذكر وسائل من طريق أناس محترفين فتجد الشباب والصبيان يقلدونهم ليصلوا ما وصلوا إليه، فهذا لا شك أنه تسهيل لأمر الفاحشة شاء أم أبى !!. د. عبدالكريم الخضير

26- نستطيع أن نحدد طريقة التعامل مع الشائعات في أربعة نقاط مستنبطة من قصة الإفك، التي رسمت منهجاً للأمة في طريقة تعاملها مع أية شائعة إلى قيام الساعة :
الأولى: أن يقدم المسلم حسن الظن بأخيه المسلم، قال الله تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا} [(12) سورة النور].
الثانية: أن يطلب المسلم الدليل البرهاني على أية إشاعة يسمعها، كما قال تعالى: {لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء} [(13) سورة النور].
الثالثة: أن لا يتحدث بما سمعه ولا ينشره، فإن المسلمين لو لم يتكلموا بأية إشاعة، لماتت في مهدها قال الله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا} [(16) سورة النور].
الرابعة: أن يرد الأمر إلى أولي الأمر ولا يشيعه بين الناس أبداً وهذه قاعدة عامة في كل الأخبار المهمة، والتي لها أثرها الواقعي، قال الله تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} [(83) سورة النساء] فإذا حوصرت الشائعات بهذه الأمور الأربعة، فإنه يمكن أن تنتهي آثارها السيئة المترتبة عليها بإذن الله عز وجل . ناصر الأحمد

27- قوله تعالى :( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) في هذه الآية وعيد رباني لا يتخلف للذين يتبنون مشاريع الفساد والإفساد في الأرض بالعذاب الأليم في الدنيا قبل الآخرة ، سواء كان حسيا أو نفسيا ، علمنا أو لم نعلم ، ولذلك ختمها بقوله : ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) وفي ذلك شفاء لصدور المؤمنين وإذهاب لغيظ قلوبهم . د. ناصر العمر

28- قال جل شأنه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) بعد أن بين الله جل وعلا أن الفاحشة لا يجوز نشرها ولا محبة نشرها، بين جل وعلا أن السبيل إلى الخلاص من إشاعة الفاحشة عدم اتباع خطوت الشيطان؛ لأن في اتباع خطوات الشيطان وصولاً إلى الفواحش ، والمقصود بخطوات الشيطان: طرائقه ومسالكه وما يدعو إليه، هذا المقصود بخطواته، و(خطوة) تفتح فيها الخاء إذا كانت مفردة، فإذا جمعت ضُمت الخاء كما هو نص القرآن ، فالله تعالى يقول: (لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) لأن الشيطان لا يدعو إلا إلى الفحشاء، والفحشاء تطلق على العمل الرذيل إذا كان فعلاً، أما إذا كان قولاً فإنه يسمى عوراء . صالح المغامسي

29- قال ربنا جل شأنه : (وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) العمل الزاكي هو العمل الذي يرضى الله عنه، وهو العمل الذي يجلب رضوان الله، والشخص المزكى هو من عمل عملا رضي الله عنه به، ولا سبيل إلى معرفة هذا، فلهذا لا نستطيع أن نزكي أحداً، ولا سبيل إلى معرفة رضا الله عن صاحب هذا العمل بذلك العمل، وعلى هذا يمتنع أن نزكي أحداً تزكية باطنة وظاهرة، ولكن عندما نحرر ورقة أو نقول قولاً في تزكية أحد فإنما نزكي ظاهره، ونكل سرائره إلى الله جل وعلا . صالح المغامسي

30- قال الله جل وعلا : (وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ) والمقصود هو مسطح ، وهذا دليل ظاهر بَيِّن على أن الكبائر لا تحبط العمل الصالح، إذا لو كانت الكبائر تحبط العمل الصالح لكان أولى المؤمنين بأن يحبط عمله مسطح ؛ لأنه خاض في عرض أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضها، ومع ذلك اسماه الله جل وعلا مهاجراً، فأبقى الله جل وعلا على هجرة مسطح وجعلها عملاً صالحاً زاكياً له وأقرها ولم يحبطها، ففيه دلالة على أن الكبائر مهما بلغت لا تحبط العمل الصالح . صالح المغامسي

31- قال الله تعالى : (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وهذه فيها ملاطفة من الله لأبي بكر ، ففيها دعوة وفيها حجة، أي: أنت تريد العفو والمغفرة من الله، وكذلك الناس يريدون منك أن تعفوا عنهم، وأن ترزقهم، فعامل الناس بما تحب أن تعامل به ، فإذا أرادت أن تتعامل مع أحد فعامله بما تحب أن يعاملك الله جل وعلا به، ولا تستدر رحمة الله بشيء أعظم من هذا . صالح المغامسي

32- رفع الله درجة عائشة -رضي الله تعالى عنها وأرضاها- حيث أنزل فيها قرآناً يتلى إلى يوم القيامة، وقد يتعرض بعض النساء لمثل هذه المصيبة، والنساء لضعفهن، وقلة صبرهن قد يحاولن كشف هذه المصيبة بأسلوبٍ غير مرضي، وهذا يتعرض له بعد وجود الآلات التي تنشر الصور على نطاقٍ واسع، فيهدد بها، حصل لبعض النساء وبعض الشباب من الصبية وغيرهم أنه يصور وجهه ثم يركب عليه صورة عارية، ثم يركب عليها صورة أخرى فيها ممارسة الفاحشة، أو شيء من هذا، ثم يهدد بها، فتصير ورقة يساوم بها، فإن استجاب أو استجابت، وإلا نُشرت، وأبلغ ولي الأمر بها والزوج إن كانت متزوجة، وما أشبه ذلك، فيحصل منه المصائب والكوارث الشيء العظيم، ولا شك أن هذا بالنسبة لمن صنعه أمر خطير جداً، وفي غاية الخطورة –نسأل الله السلامة والعافية– ومثل هذا يبتلى في الدنيا قبل الآخرة، ولكن من رمي بمثل هذه الأفعال عليه أن يصبر ويحتسب ولا يستسلم للضغوط، لأن بعض النساء تضعف عن الصبر والاحتمال لمثل هذه الأمور فتستجيب لهذه الضغوط، لأن هؤلاء الأشرار وهؤلاء الفسقة ما صوروها إلا لأجل أن يضغطوا عليها بهذه الصور، وعلى هذا فالحل الوحيد الأمثل أن ترضى وتسلم ، ولا يجوز لها أن تستجيب لمطامع هؤلاء الأشرار، فإن كانت صادقة سوف يظهر الله -جل وعلا- براءتها، كما برأ عائشة من فوق سبع سموات، وإن كان وقع منها شيء من ذلك وتابت وأنابت إلى الله -جل وعلا- فالتوبة تجب ما قبلها، ولا تستجيب لمثل هذه الضغوط . د. عبدالكريم الخضير

33- يحز في نفس كل مسلم أن يسمع مثل هذا الكلام في أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها وأرضاها-، فالحديث بتفصيله في البخاري لا شك أنه لا يطاق سماعه، فالذي جاء في القرآن كلام إجمالي فصل في الأحاديث الصحيحة، فكيف بمن يقذفها الآن؟!!!، وقد برأها الله جل وعلا من فوق سبع سموات؟ هذا لا نزاع في كفره، لأنه مكذب لله جل وعلا، فلا أحد يتردد في أنه قطعي الثبوت، وفي الوقت نفسه هو قطعي الدلالة على براءتها، فالذي يقذفها بعد نزول براءتها لاشك في كفره كفراً مخرجاً عن الملة . د. عبدالكريم الخضير

34- ليطمئن كل برئ وكل مظلوم وكل من اتهم بالباطل ، ولينم هؤلاء وهم قريرو العين ، فالله عز وجل ناصرهم ومبرأهم ، والله عز وجل يرفع لهم الدرجات ويحط عنهم الخطايا والأوزار بما ظلموا وبما افتري عليهم وبما انتهك من أعراضهم !. مصطفى العدوي

35- لماذا توصف المؤمنات المحصنات بـ ( الغافلات ) ؟.. إنه وصف لطيف محمود يجسد المجتمع البرئ والبيت الطاهر الذي تشب فتياته زهرات ناصعات ، لا يعرفن الإثم ، إنهن غافلات عن ملوثات الطباع السافلة ، وإذا كان الأمر كذلك فتأملوا كيف تتعاون الأقلام الساقطة والأفلام الهابطة لتمزق حجاب الغفلة هذا ، ثم تتسابق وتتنافس في شرح المعاصي ، وفضح الأسرار وهتك الأستار ، وفتح عيون الصغار قبل الكبار ؟!!.. ألا ساء ما يزرون !!. د. صالح بن حميد

36- النهي عن رمي المحصنات ، وقد عدها رسول الله صلي الله عليه وسلم من السبع الموبقات . محمد بن عبدالوهاب

37- من أسس تربية سورة النور للمجتمع تربية الأجيال على محبة الطهر وبغض الفاحشة ، تأمل اللفظ وتنفيره : (الخبيثات للخبيثين) و (الخبيثون للخبيثات) هكذا بلا كناية ولا مواربة ، فأين توارت توريات وكنايات القرآن ؟!.. بل يؤكد معناها بالنص على ضدها ، (والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات) فلابد من أحد الوصفين إما خبيث أو طيب . د. عصام بن صالح العويد


 

فوزية العقيل
  • مع القرآن
  • كتب وبحوث
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط