صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







()()..... ليلة موحشة.....()()

عطاء " أم معاذ "

 
رفعت رأسها إلى السماء تنقّل ذلك البصر الكسير عبر تلك اللوحة البديعة التي
أتقن باريها صنعها...
انتفض فؤادها الصغير ..وذل لسانها بذلك الثناء البديع وهي ترى بديع صنع الله.. مردداً....
(( صنع الله الذي أتقن كل شيء))..
كم تمنت أن تكون نجماً لامعاً ,أو كوكباً دريّاً يسعد به من يراه ,وترتفع الأعناق إليه
كي تطاله وأنى لهاذ لك!!!..فهو ككثير من أمانيها التي احترقت وذهبت أدراج الرياح!!!
نسمةٌ باردة هبت, أشعرتها بوحشة الليل الماثل أمامها وسكونه الكئيب ...كتلك الوحشة
التي تشعر بها وتسيطر عليها ولا تكاد أن تعرف لها سبباً..!!
جلست قريباً من النار التي أشعلتها لغرض التدفئة , أبعد بها التفكير كثيراً
أو أبحر في زورق آلامها وهمومها وأحزانها...
رعشة سرت في ذلك الجسد النحيل حاولت مدافعتها ...شدت إلى كتفيها ذلك الرداء الصوفي تحتمي به من لسعة الهواء البارد الذي لا يرحم ..علّها تشعر بشيءٍ من الدفء ..ترى.. ما ا لذي دهاها؟؟؟!!! إنها لم تشعر بالوحشة والوحدة كاليوم..
انكمشت إلى الداخل.شعرت بالوحشة تزداد..شدت الرداء أكثر على كتفيها وهي
تلتحف به فلا يكاد يظهر منه إلا بريق عينيها في ظلمة الليل الدامس..
نسمة باردة موحشة حركت النار فعاجلت في إطفائها ..نظرت إليها بأسى
(( ما أسرع ما تتحول الأشياء الجميلة في حياتنا إلى فناء ...كهذا الرماد!!!))
لفتها الظلمة , وغشاها السكون ,ولم يبقَ مصدر للضوء إلا تلك اللوحة البديعة
التي صنعها الباري عز و جل..
قالت بشيءٍ من السخط (( ما بال كل شيءٍ ضدي ؟؟!! هل تآمر الكون علي ..ليشعرني بمرارة الوحدة!!))
رنت ضحكتها الساخرة في المكان فعلا رجع صداها حزيناً..تهيأ لها ذلك..
حدّثت نفسها ((يبدو إنني أعيش عقدة المؤامرة !!))
اعتصر فؤادها ألماً ..كانت تشعر به ..وتشعر كم عانى من تلك الغربة والوحدة
التي قادته إليها كارهاً . مكرهاً....
برودة اليأس وحرارة الأمل أخذا يتصارعان في داخلها ..مشاعر مختلطة لا تدرك كنهها..كادت تختنق بتلك المشاعر الزاحفة إلى فؤادها زحفاً قوياً...
غصت بالدموع..مرارة العجز أخرستها عن قول أي شيء...
شيء ما أخذ في الزحف إلى قلبها الصغير..كان يحاول خنقه..كان يعتصر داخلها بقوة وألم ..حركت يديها كما الغريق يريد نجاة فيتعلق بأحبالٍ واهية..
شعور قوي سيطر عليها ..يدفعها للخلاص..لفعل أي شيء...
وأخيراً في بؤرة العجز الذي كاد يخنقها...رفعت رأسها إلى السماء.وكأنما كانت
تتعلق بشيء..مدت يديها بحركة يخيل إلى من يراها أنها تتعلق بشيء..خرج صوتها المكتوم يخترق الغمام..يارب..!! يارب!! وأطلقت العنان لتلك الدموع الحبيسة كي تغسل صفحة الأيام الماضية...وتمحو ماجنته يداها..

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
صفحة عطاء
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط