صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مسألة: مُصافّــة الصــبي المميِّز في الصلاة

أحمد أبو وائل أيمن عمير


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. أما بعد:
المسألة انقسمت في آراء أهل إلى قسمين اثنين وهما، مصافة الصبي المميز في الفريضة، ومصافته في النافلة.

الحالة الأولى :
فأما في الفرض: فقد أجازها جمهور العلماء، وهم الأحناف والمالكية والشافعية واختاره من الحنابلة ابن عقيل حمهم الله.
وعند الحنابلة أن مصافته لا تصح، وهو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله كما في الإنصاف، وهو الصحيح من مذهبهم.
وهذا الكلام والخلاف نتّاج أدلة عند كل واحد منهم فأدلة الجمهور:
كما جاء في الصحيحين عن أنس بن مالك-رضي الله عنه- أن جدته مليكة -رضي الله عنها- دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام صنعته، فأكل منه فقال: (قوموا فلأصلي بكم) فقمت إلى حصير لنا قد اسودَّ من طول ما لبث، فنضحته بماء، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واليتيم معي والعجوز من ورائنا، فصلى بنا ركعتين) متفق عليه.
ووجه الاستدلال هو أن اليتيم صف مع أنس، فأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، والسكوت منه إقرار. ومعلوم أن اليتيم من مات أبوه ولم يبلغ الحلم. ولا فرق في المصافة بين الفرض والنفل.
الدليل الثاني: عن عمرو بن سلمة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبيه: (وليؤمكم أكثركم قرآناً...) إلى أن قال: فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين). رواه البخاري. فدل الحديث على جواز إمامة الصبي المميز، فإذا جازت إمامته فمصافته تجوز من باب أولى.
وقد علل المخالفون للجمهور: بأن المميز لا تصح إمامته، فلا يصح أن يصافهم كالمرأة! ذكره ابن قدامة في المغني.
وقالوا: بأنه يخشى أن لا يكون متطهراً، فيقطع الصف ويصير البالغ فذاً.
والراجح هو قول الجمهور؛ لقوة ما استدلوا به وصحته وصراحته، وكون التعليل الذي علل به المخالفون منقوضاً بحديث أنس وحديث عمرو بن سلمة، وهما واضحان جداً في الدلالة على المراد.
والصحيح أيضا أنه لا حرج على الصبي المميز أن يصف مع الجماعة، بل ينبغي تعويده ذلك وتشجيعه عليه، وتمكينه من الصف الأول وغيره إذا سَبق إليه .
والتمييز لا يختص بسن السابعة ، فقد يكون الطفل ذكيا نابها وهو في السادسة أو الخامسة ، فيعقل الصلاة ، ويلتزم بآداب المسجد .

وقد قال والدنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " التمييز يكون غالباً في سبع سنين، ولكن قد يميز الصبي وعمره خمس سنين، قال محمود بن الربيع رضي الله عنه: عقلت مَجَّة مجّها الرسول صلى الله عليه وسلم في وجهي وأنا ابن خمس سنين. فبعض الصغار يكون ذكياً يميز وهو صغير، وبعضهم يبلغ ثماني سنين وما يميز " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (13/37) .
وقد سئل الإمام مالك رحمه الله عن الصبيان يؤتى بهم إلى المساجد ؟ فقال: "إن كان لا يعبث لصغره، ويُكَفُ إذا نُهي فلا أرى بهذا بأسا، وإن كان يعبث لصغره فلا أرى أن يؤتى به إلى المسجد " انتهى من المدونة (1/195) .

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: بعض الأولاد يبكرون يوم الجمعة، ويأتي أناس أكبر منهم ويقيمونهم ويجلسون مكانهم، ويحتجون بقوله صلى الله عليه وسلم: ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى)) فهل هذا جائز؟ فأجاب: "هذا يقوله بعض أهل العلم، ويرى أن الأولى بالصبيان أن يصفوا وراء الرجال، ولكن هذا القول فيه نظر، والأصح أنهم إذا تقدموا لا يجوز تأخيرهم، فإذا سبقوا إلى الصف الأول، أو إلى الصف الثاني؛ فلا يقيمهم من جاء بعدهم؛ لأنهم سبقوا إلى حق لم يسبق إليه غيرهم، فلم يجز تأخيرهم لعموم الأحاديث في ذلك؛ لأن في تأخيرهم تنفيراً لهم من الصلاة، ومن المسابقة إليها؛ فلا يليق ذلك.
لكن لو اجتمع الناس بأن جاءوا مجتمعين في سفر أو لسبب فإنه يصف الرجال أولاً، ثم الصبيان ثانياً، ثم النساء بعدهم إذا صادف ذلك وهم مجتمعون، أما أن يؤخذوا من الصفوف ويزالوا، ويصف مكانهم الكبار الذين جاءوا بعدهم؛ فلا يجوز ذلك لما ذكرنا.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى)) فالمراد به التحريض على المسارعة إلى الصلاة من ذوي الأحلام والنهى، وأن يكونوا في مقدم الناس، وليس معناه تأخير من سبقهم من أجلهم؛ لأن ذلك مخالف للأدلة الشرعية التي ذكرنا" انظر: مجموع فتاوى ابن باز(12/399-400) المشرف على جمعه: محمد بن سعد الشويعر، الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء.

الحالة الثانية:
مصافة الصبي المميِّز في النفل:
المذاهب الأربعة: الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة ذهبوا إلى جواز مصافة الصبي المميز في النفل، واستدلوا على ذلك بحديث أنس السابق في مصافته لليتيم في النفل مع النبي -صلى الله عليه وسلم-. ولما كان النص صريحاً في النفل قال به الحنابلة بينما لم يقولوا به في الفرض.
والله -تعالى- أعلى وأعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

باختصار من كتاب الشيخ.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
بحوث علمية
  • بحوث في التوحيد
  • بحوث فقهية
  • بحوث حديثية
  • بحوث في التفسير
  • بحوث في اللغة
  • بحوث متفرقة
  • الصفحة الرئيسية