صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حد الردة
كُــــتب هذا الكتاب في جمادي الأول سنة 1433
أسأل الله جل وعلا أن ينفع به من قرأه
إنه ولى ذلك والقادر عليه.@

تـألـيـف وتـجـميـع
تقـي الـدين محمد


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

 
مقدمة

 
إن الحمد لله  نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن  محمداً عبده ورسوله .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } .{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } .
أما بعد :
قد أخبر النبي صلي الله عليه أنه " يقبض العلم ويظهر الجهل " ([1]) .
وفي رواية " إن بين يدي الساعة لأياما يرفع فيها العلم وينزل فيها الجهل " ([2])
وقال " لينقضن عرا الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها وأولهن نقضا الحكم وأخرهن الصلاة " ([3])
وقد رأينا ناس من جلدتنا يهدمون الدين باسم الدين ونسمع العجب العجاب وما لم يأتي به الأولون .
 
قد قسمت الرسالة إلي عدة عناصر :

-     الأحاديث الصحيحة المعتمده .
-     تطبيق النبي صلي الله عليه وسلم الحد .
-     تطبيق الصحابة الحد .
-     إجماع المسلمين علي تطبيق الحد والخلاف في استتابته .
-     شبهات والرد عليها .
 
الأحاديث الصحيحة المعتمده

 
عن بن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من بدل دينه فاقتلوه " ([4]) .
 
عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة "  ([5]) .
 
قال بن حجر عن الحديث الثاني " قوله لا يحل اثبات إباحة قتل من استثنى وهو كذلك بالنسبة لتحريم قتل غيرهم وان كان قتل من أبيح قتله منهم واجبا في الحكم .... والمراد بالجماعة جماعة المسلمين أي فارقهم أو تركهم بالارتداد فهي صفة للتارك أو المفارق لا صفة مستقلة وإلا لكانت الخصال أربعا . ([6]) .
 
عن أبي قلابة أنه كان جالسا خلف عمر بن عبد العزيز فذكروا وذكروا فقالوا وقالوا قد أقادت بها الخلفاء فالتفت إلي أبي قلابة وهو خلف ظهره فقال
ما تقول يا عبد الله بن زيد أو قال ما تقول يا أبا قلابة ؟ قلت " ما علمت نفسا حل قتلها في الإسلام إلا رجل زنى بعد إحصان أو قتل نفسا بغير نفس أو حارب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ...... قال حدثنا بهذا أنس "  ([7]) .
 
تطبيق النبي صلي الله عليه وسلم الحد

 
عن أنس قال " قدم أناس من عكل أو عرينة فاجتووا المدينة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح وأن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا فلما صحوا قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا النعم فجاء الخبر في أول النهار فبعث في آثارهم فلما ارتفع النهار جيء بهم فأمر فقطع أيديهم وأرجلهم وسمرت أعينهم وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون . قال أبو قلابة فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله "  ([8]) .
 
ففي الحديث أنهم :
قتلوا وهذه موجبة القتل .
وكفروا وهذه موجبة القتل .
وحاربوا الله ورسوله وهذه موجبة القتل .
فهم قتلوا بالنفس مع حد الردة والحرابة ومن قال بغير هذا فعليه بالدليل .
فمن قال أنه حد حرابة فقط لأجل تقطيع الأيدي والأرجل قلت له فلم إذن سمر أعينهم .
 
عن البراء بن عازب قال مر بي خالي سماه هشسم في حديثه الحرث بن عمرو وقد عقد له النبي صلى الله عليه وسلم لواء " فقلت له أين تريد ؟ فقال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده . فأمرني أن أضرب عنقه " ([9]) .
 
قال المباركافوري " والحديث دليل على أنه يجوز للإمام أن يأمر بقتل من خالف قطعيا من قطعيان الشريعة كهذه المسألة فإن الله تعالى يقول " وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء " ولكنه لا بد من حمل الحديث على أن ذلك الرجل الذي أمر صلى الله عليه وسلم بقتله عالم بالتحريم وفعله مستحلا وذلك من موجبات الكفر والمرتد يقتل " ([10]) .
  
تطبيق الصحابة الحد 

 
عن أبي هريرة قال " لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ) . قال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق " ([11]) .
قال البخاري " فلم يلتفت أبو بكر إلى مشورة إذ كان عنده حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة وأرادوا تبديل الدين وأحكامه وقال النبي صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه " ([12]) .
 
عن عكرمة قال " أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم  لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من بدل دينه فاقتلوه "  ([13]) .
 
عن أبي موسى قال " أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من الأشعريين أحدهما عن يميني والآخر عن يساري ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك فكلاهما سأل فقال ( يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس ) . قال قلت والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما وما شعرت أنهما يطلبان العمل فكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته قلصت فقال ( لن أو لا نستعمل على عملنا من أراده ولكن اذهب أنت يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس إلى اليمن ) . ثم أتبعه معاذ بن جبل فلما قدم عليه ألقى له وسادة قال انزل وإذا رجل عنده موثق قال ما هذا ؟ قال كان يهوديا فأسلم ثم تهود قال اجلس قال لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله ثلاث مرات . فأمر به فقتل ثم تذاكرا قيام الليل فقال أحدهما أما أنا فأقوم وأنام وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي "  ([14]) .
  
إجماع المسلمين علي تطبيق الحد والخلاف في استتابته

 
قال شيخ الإسلام بن تيمية بعد حديث من بدل دينه فاقتلوه " وقتل هؤلاء واجب باتفاق المسلمين لكن في جواز تحريقهم نزاع فعلي رضي الله عنه رأى تحريقهم وخالفه ابن عباس وغيره من الفقهاء "  ([15]) .
 
قال النووي عن قتل المرتد " وقد أجمعوا على قتله لكن اختلفوا في استتابته هل هي واجبة أم مستحبة وفي قدرها وفي قبول توبته وفي أن المرأة كالرجل في ذلك أم لا فقال مالك والشافعي وأحمد والجماهير من السلف والخلف يستتاب ونقل بن القصار المالكي اجماع الصحابة عليه وقال طاوس والحسن والماجشون المالكي وأبو يوسف وأهل الظاهر لا يستتاب ولو تاب نفعته توبته عند الله تعالى ولا يسقط قتله لقوله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه وقال عطاء إن كان ولد مسلما لم يستتب وإن كان ولد كافرا فأسلم ثم ارتد يستتاب واختلفوا في أن الاستتابة واجبة أم مستحبة والأصح عند الشافعي وأصحابه أنها واجبة وأنها في الحال وله قول أنها ثلاثة أيام وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد واسحاق وعن علي أيضا أنه يستتاب شهرا قال الجمهور والمرأة كالرجل في أنها تقتل إذا لم تتب ولا يجوز استرقاقها هذا مذهب الشافعي ومالك والجماهير وقال أبو حنيفة وطائفة تسجن المرأة ولا تقتل وعن الحسن وقتادة أنها تسترق "  ([16]) .
  
شبهات والرد عليها

 
الشبهة الأولي :

قال تعالي " لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ "  ([17]) .
وقال " أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ " ([18]) .
وقال " فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ "  ([19]) .
 
كل هذه الآيات ليس المراد منها من دخل الإسلام ثم يريد الخروج منه إنما المراد من كان كافراً لا يُكره علي الإسلام وأنه لا إيمان أحد ولا كفر أحد يضر الله شيئاً .
 
الشبهة الثانية :

وهناك من قال أن معني حديث " من بدل دينه فاقتلوه "  ([20])  كلمة بدل يعني الزوير يعني بدعة وهذا كتحريف النصاري للفظ " أحمد " فجعلوها " حمد " ثم من تحريف إلي تحريف وذلك مردود لأنه قال لفظ " بزنادقة " أي مرتدين وإن لم يكونوا كذلك فلم قتلهم علي رضي الله عنه .
 
الشبهة الثالثة :

وهناك من قال حد الردة يساوي الأن جريمة الخيانة العظمي يعني من يفرق الناس ويحدث الفتن ويشق عصا المسلمين وهذا مردود لأن له حكم وفي حديث خاص بذلك فعن عرفجة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان "  ([21])  
 
الشبهة الرابعة :

أما من قال لا يعقل أن يريد الله وجود المنافقين في صف المسلمين فيجب علي من يكفر من المسلمين أن يعلن ذلك ولا يكتمه لأنه لن ينفع المسلمين بل سيضرهم .
أقول له لو حدث هذا لصار الإسلام ألعوبة بين الناس وأما عن وجود المنافقين فهم موجودين من قديم الزمن وإلي يوم القيامة .
عن أنس بن مالك قال "  قال النبي صلى الله عليه وسلم يجيء الدجال حتى ينزل في ناحية المدينة ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كل كافر ومنافق " ([22]) .
وحتي في أيامنا هذه ولم يقل منهم أحد أني كفرت إلا نادر لأنهم يروا أن يظلوا علي ملة الإسلام ظاهراً ليستجاب لهم علي باطلهم وليلبسوا علي الناس دينهم .
 
الشبهة الخامسة :

أما من تكلم في سند حديث " من بدل دينه فاقتلوه " مردود من ناحية أن الحديث ليس بحجة وحده بل أحاديث ومن ناحية أنه لا مطعن فيه وسمعت أحدهم يضعفه وما يدري ما علم الحديث أصلاً وقال كلاماً عُجاب لا أدري ممن جاء به ولكن كفاك بتصحيح البخاري له بل وأهل العلم قاطبتاً .

-----------------------------

([1]) رواه البخاري .
([2]) رواه البخاري .
([3]) صحيح رواه أحمد .
([4]) رواه البخاري .
([5]) رواه البخاري .
([6]) فتح الباري .
([7]) رواه البخاري .
([8]) رواه البخاري .
([9]) صحيح سنن بن ماجة .
([10]) تحفة الأحوذي .
([11]) رواه البخاري .
([12]) صحيح البخاري .
([13]) رواه البخاري .
([14]) رواه البخاري .
([15]) منهاج السنة النبوية .
([16]) صحيح مسلم بشرح النووي .
([17]) سورة البقرة 256 .
([18]) سورة يونس 99 .
([19]) سورة الكهف 29 .
([20]) رواه البخاري .
([21]) رواه مسلم .
([22]) رواه البخاري .


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
بحوث علمية
  • بحوث في التوحيد
  • بحوث فقهية
  • بحوث حديثية
  • بحوث في التفسير
  • بحوث في اللغة
  • بحوث متفرقة
  • الصفحة الرئيسية