صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







سر فرحة الطائعين

ماجد بن محمد الجهني
الظهران

 
من فضل الله عزوجل على عباده أنه يتابع لهم بين مواسم الخيرات ليتزودوا خير زاد يعينهم على دنياهم ويكون لهم ذخراً بين يدي مولاهم عزوجل ، فبالأمس القريب كنا نتمتع بشهر رمضان حيث نهاره المليء بعبق الصيام ، وليله المتضوع بعبير القرآن والصلاة والقيام.
وقبل أيام ودعنا العشر من ذي الحجة بما فيها من فرصٍ إيمانية استثمرها أصحاب الهمم العلية والأرواح الزكية ممن يفرحون ويستبشرون بمواسم الطاعات وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسعٌ عليم.
المال والجاه والنفوذ والسلطان لا يعدل ساعةً يقضيها العبد المسلم في طاعة ربه لأن نتاج الطاعة التي تقوم على الإخلاص لله والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم هو الذي يبقى ذخراً للعبد وما سوى ذلك فلا شك أنه يضمحل ويزول ، ولهذا ندب الله عباده إلى الفرح بما عنده وإيثاره على متاع الدنيا الزائل فقال سبحانه في سورة يونس:((قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)).
قال العلامة السعدي رحمه الله تعليقاً على هذه الآية:"فنعمة الدين المتصلة بسعادة الدارين لا نسبة بينها وبين جميع ما في الدنيا مما هو مضمحلٌ زائلٌ عن قريب ، وإنما أمر الله تعالى بالفرح بفضله ورحمته ؛ لأن ذلك مما يوجب انبساط النفس ونشاطها وشكرها لله تعالى ، وقوتها ، وشدة الرغبة في العلم والإيمان الداعي للازدياد منهما ، وهذا فرحٌ محمود.بخلاف الفرح بشهوات الدنيا ولذاتها،أو الفرح بالباطل فإن هذا مذموم كما قال تعالى عن قوم قارون عندما قالوا له:((لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين))".أ.هـ

الطاعة لها لذةٌ خاصة فهي التي تطرد الوحشة من القلب لأن الأنس بالله عزوجل وبالقرب منه وبالتقلب في نعيم الطاعة بين يديه يرزق القلب طمأنينةً وسعادةً عجيبة وصدق الله حين قال:((الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)).

الطاعةُ طريقٌ للصحة الحقيقية وهي صحة الروح التي تأتي قبل صحة الجسد ، وإلا فما الفائدة من جسد صحيح معافى بدنياً لكنه يحملُ قلباً منكوساً لا يعرف للطاعة طريقاً قد أظلم بألوان المعاصي واجتالته الشياطين إلى أوديةٍ من الذل سحيقة.
الطاعة هي المثبتة للعبد بإذن الله تعالى حال نزول البلاء ، وتتابع المحن ، واشتداد الكرب ، ولعل أعظم كربٍ يواجهه الإنسان هو يوم مجيء سكرات الموت حين تتابع على العصاة الحسرات وكم من الناس قد خُذل في مثل هذا الموقف العظيم الرهيب لكن أهل الإيمان والطاعة والتقوى يجدون جزاء ما عملوه من الخير والطاعة في ذلكم الموقف حيث يقول الله جل وعلا:((يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء)).
الطاعات هي طريق المعالي ، والأخلاق الرفيعة ، والسماحة والندى ، وهي بوابة الرزق الكبرى ، وهي سبب حلول البركات وتتابع الخيرات وصلاح النية والذرية ، وهي المعين على تحمل أقدار الله جل وعلا ، وهي سبب محبة الله تعالى للعبد ، وهي سبب محبة الملائكة للعبد ، وهي سبب طرح القبول في الأرض ، وهي المعينة على القيام بشأن الدعوة إلى الله عزوجل ، وهي الملهمة للأبطال المجاهدين في ساحات الوغى ، وهي المحفزة لمزيد البذل لأهل الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهي التي يتمايز بها العباد فمنهم صالحٌ في نفسه ، ومنهم صالحٌ في نفسه مصلحٌ لغيره ، ومنهم فاسدٌ في نفسه ، ومنهم فاسدٌ في نفسه مفسدٌ لغيره وفي النهاية هي التي تميز بينهم في الحشر والنشر فمنهم شقيٌ وسعيد.

المشتاقون إلى رؤية ربهم في الجنة يسعون إليه من باب طاعته ، والطامعون في مرافقة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم في الجنة يحفزون الهمة في السير على طريقته ، والمشمرون إلى عز الدنيا والآخرة يعلمون جيداً أن بوابة الطاعة هي الموصلة برحمة الله تعالى إلى كل ذلك ، ولذا فلا تعجبوا من سعادة الطائع بطاعته وانشراح صدره باستقامته ولكن العجب كل العجب من إظهار العاصي السعادة بمعصيته وهو الأمر الذي يخالف واقع التعاسة التي يعيشها وإن غمغمها على الناس.

ماجد محمد الجهني-الظهران
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
صليل القلم
  • صليل القلم
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية