اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/arabic/majed/100.htm?print_it=1

السينما حلم من يامعالي الوزير؟

ماجد بن محمد الجهني
الظهران


قبل أيامٍ قليلةٍ نظم نادي الشرقية السينمائي-عفواً أقصد الأدبي- بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بالدمام مهرجاناً للأفلام السينمائية ، وقد تعامل منظموه مع الحدث وكأنه فتح الفتوح الذي انتظره الشعب السعودي على أحر من الجمر ، ولا أظن أن في هذا المهرجان البئيس ما يفرح القائمين عليه إلا ما تحقق ربما للبعض من رؤية النساء المتبرجات المتعطرات الكاشفات لشيء من شعورهن وقد خالطن الرجال ضاربات بالموقع المخصص للنساء عرض الحائط وأنا أجزم أنهن لم يفعلن ذلك من تلقاء أنفسهن بل لا بد من الإيحاء الخفي بذلك ممن له علاقة مباشرة بهذا المهرجان.

فضلاً عما تحقق لأحمد الملا عاشق السينما من حلم التعبير عن ميوله ومواهبه. موسيقى صاخبة ، تفاهات متلاحقة ، وتصاريح مضحكة هذه هي خلاصة هذا المهرجان ولعلي في هذا المقال أقف مع تصريح وزير الثقافة والإعلام لجريدة اليوم في عددها رقم 12760في 17/5/1429ه الذي تحدث بقوله:"السينما تعد قضية في مجتمعنا ، لكن وجودها يظل حلماً مشروعاً لأن الفيلم وسيلة اتصال مثل الكتاب والإذاعة والتلفزيون".ثم أردف الوزير بدعوته للنظر للمحتوى الذي ينبغي الحكم منه لا على الوسيلة.

وأنا أقول من الجميل جداً أن يعترف الوزير بطريقة أو بأخرى أنه يرعى فعالية ترفضها الأغلبية الساحقة من المجتمع ولذلك أصبحت قضية اجتماعية تبذل الكثير من الجهود في إنكارها وعدم الرضى بها رغم أنها حلم للبعض القليل الذين استحقوا عطف الوزير في مقابل تهميش المجتمع الذي أقر الوزير بأن السينما تمثل هاجساً اجتماعياً مقلقلاً له لا بسبب الوسيلة لأن هذا الفقه موجود لدى الكثيرين ، ولكن الهاجس بسبب المحتوى الذي لاتفيد في تزكيته المداورة اللغوية التي يجيدها الوزير منذ أن كان رئيساً للتحرير لكنها في موقع مهم وحساس كمنصب الوزير لا تسمن ولا تغني من جوع.

نعود للشق الآخر من تصريح الوزير وهو ما يتعلق بقضية النظر في المحتوى لا في الوسيلة كما طالب هو بنفسه ونقول له:

هنا مربط الفرس ياوزير الثقافة والإعلام ، وهنا هو محل الخلاف الذي تضيق به والذي أوصله لك الكثير من الغيورين في مواقف كثيرة ومشهودة تذكرها جيداً بدايةً بالخروقات الكثيرة للسياسة الإعلامية للبلد ومروراً بمعرض الرياض الدولي وتعريجاً على أوضاع الأندية الأدبية وأخيراً مهرجان السينما وغير ذلك الكثير ، وكل هذه القضايا الحديث فيها كان عن المحتوى والمحتوى فقط. سؤالي يامعالي الوزير لك ولكل القائمين على مهرجان الأفلام ومنهم عرابها أحمد الملا الذي يحتاج إلى دروس كثيرة في مسألة الاعتزاز بالزي الوطني قبل أن يعطينا دروسه الثقافية التي لا تتعدى صالات العرض السينمائية:ماهي الثقافة التي يقدمها فلم(اغتيال مدينة) للمحتفى به في ليلته البهية عبدالله المحيسن غير الموسيقى الصاخبة ومناظر النساء المخزية على الشواطئ وهن لا يلبسن إلا ما يستر السوأتين؟. هل تريد منا أن نقبل بالثقافة التي تقول لنا اخلعوا كل شيء ماعدا السوأتين لأنه لم يحن بعد أوان الكشف عنها؟.

هل تريد أن نضرب بمثال آخر من الأفلام التي تم عرضها خارج نطاق المسابقة ؟

أم نذكر القائمين على المسابقة ومنهم أحمد الملا الذي يجيد فن التهكم على جمهور الناصحين والمحذرين من مغبة هذا المسلك بما كان يُعرض في النادي الأدبي بالشرقية خصوصاً فلم بيروت الغربية وهو فلم القبل الحارة والمقدمات السريرية وفلم تمجيد حزب الله فضلاً عن أفلام الاختراق الثقافي الإيراني عبر الأفلام الإيرانية التي تم عرضها.

إن مسلك المصادمة الغبي مع المجتمع وثوابته لن يفلح أبداً في ثني الناس عن إنكار المنكر ، لكنني أحسب بأنه مسلكٌ له نتائجه الوخيمة مستقبلاً إن لم يتحرك الغيورون والناصحون درءاً للفتنة وإطفاءاً لبوادر شررها لأن وزارة الثقافة والإعلام للأسف الشديد تُقادُ بنفسٍ فئوي أحادي بغيض في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها بلادنا ومنطقتنا ، ومثل هذا النفس الذي تُقادُ به وزارة بمثل هذه الأهمية يُكرس للتصدع والفرقة ويتسبب في ضرب السلم الاجتماعي في مقتل ويُعزز هواجس الظنون السيئة وهو ما لا نرغبه جميعاً. هذه الثقافة العرجاء غير مقبولة تماما ومهما اشتد لمعانها في فترة من الفترات إلا أنها ستلفظ في النهاية ولن يتعدى جمهورها حدود المعدين والمخرجين والممثلين والمستفيدين وهم أقل القليل أمام الغالبية العظمى من أبناء هذه البلاد.

ختاماً فإنني أطالب العلماء والدعاة والمصلحين وأرباب الفكر والمسؤولية وحراس الفضيلة والأقلام الشريفة أن يتقوا الله عزوجل وأن ينبروا لحمل أمانة المسؤولية أمام الله عزوجل ثم أمام الأجيال القادمة وأن يقفوا بكل حزم أمام طوفان التغريب الهادر الذي يريد أن يجتث القيم وأن يصوغ الجيل صياغةً أخرى تقوم على تمجيد التفاهة والتمكين للانحطاط الفكري والخلقي والثقافي والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

صليل القلم
  • صليل القلم
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية