|
|
إلى أين تتجه
الشخصية المسلمة |
|
حسين بن سعيد الحسنية |
لقد أخذت منا العولمة ما أخذت ، وسلبت منا الحضارة ما كنا نملكه من عادات وتقاليد
تعاقبت إلينا بالوراثة ، وتسبب الانفتاح والتمدن في نسياننا لمهماتنا نحو ديننا
، بل وصل الأمر إلى أننا أصبحنا نُسأل عن عقيدتنا وهو الأمر الذي لا يجب أن
نسأل عنه لإيماننا الفطري به ، ولا نقبل أي نقاش في شرائعنا وتقبلنا لأنها
مغروسة بين أضلعنا بالفطرة ، الأمر الذي أذاب الشخصية الإسلامية في أكثر نفوس
أهل الإسلام ، وجعلها تنساق خلف الشهوات والمغريات الدنيوية ، وحد من طموحاتها
وأمنياتها التي قد ترقى بحاملها إلى مبلغ مناه ، وغاية مطلبه ، في خدمة دينه
ووطنه وأمته بكل جد وإخلاص ، ولا غرابة في ذلك متى ما ضاعت الأوقات فيما لا
ينفع ، وأهدرت الطاقات بارتكاب المعاصي واتباع الهوى والوصول بالطموحات لكل ما
هو دون ، ومحاولة الفوز بكل ما هو دنيوي لا ينفع في الحياة الدنيا ولا الآخرة .
عندها نسأل قائلين إلى أين تتجه هذه الشخصية الإسلامية وهي التي تأخذ أحكامها
من الكتاب و ألسنه ؟ وماذا تدرك عن أهميتها وهي من أوائل الأشياء التي يجب
المحافظة عليها لأجل تلك الأهمية؟ وكيف هي في مواجهة النوازل المؤثرة
والمتتالية ؟ وهل هي مطمئنة لما تقدمه لدينها وأمتها وأوطانها أم لا؟.أسئلة
كثيرة توجه لهذه الشخصية الإسلامية التي أذابتها الحداثة ، وغاصت في بحور
العولمة، وتاهت في دوّامة الانفتاح والتمدن.
لا أقول ذلك محاربة للحضارة النافعة ، والتقدم النزيه التي توافق جميعها الشرع
، و تتجه إلى كل ما هو سليم حسب منظار الشريعة لها بالعكس، بل أدعو إلى الشخصية
الإسلامية أن توسع مداركها ، وتكثر من مصادرها فيما يخص التجديد و مسايرة العصر
و الناس ، ولكن نحذر جميعا من الانزلاق الذي يؤدي إلى تهميش شخصيتنا الإسلامية
ويسعى إلى تحجيمها ، ولكي نتجنب ذلك الانزلاق إلى تلك الزوابع و دوامتها ، ولكي
نحاول الوصول بتلك الشخصية إلى بر الأمان ونحميها من السقوط في الهاوية المُرّة
فإنني أوضح بعض الصور التي يجب أن تأخذ بها وتعمل على إقامتها تلك الشخصية ،
علها تعي مقدار أهميتها ، وتدرك ما هو المطلوب منها وخاصة في زمن أثقلت كاهله
المصائب ،و لعبت في ميادينه الفتن وهي
1ــ ( الإيمان ) ، فحق لنا أن نعود إلى الإيمان
الحقيقي الناصع الذي لا يشوبه أي شائبة ، ولا يلوثه أي دخل ، مخلصين بذلك وجه
الله تعالى ومتيقنين بذلك بأنه ماهية المسلم وعنوانه
2ــ ( طلب العلم ) وأولة العلم الشرعي المرصود في
آيات الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه محمد صلى الله علية وسلم ، ثم تأتي بعده
أنواع العلوم الأخرى التي تتقيد عندما ينفع الإنسان ويثري حياته العلمية و
العملية ، و يزيد ثقافاته و اطلاعاته و السعي بها لخدمة الدين و أهله .
3ــ ( العمل ) الذي يوافق العلم إذ لا عمل دون
علم إلا أن يكون عملا غير منظم لا أساس له و لا قيمة، كعمل أولئك العابثين في
حياتهم ،الغير مدركين لأهمية نشاطاتهم متى ما كانت في طرق الخير و الصلاح التي
توافق العلم المحمود
4ــ ( مجموعة الإنسان الأخلاقية ) التي تميّز كل
شخص عن الأخر ، ومن خلالها يعبر الإنسان عن نفسه مباشرة دون أي ترجمات أو
إيضاحات زائفة أو خادعة ، و أكاد اجزم بان أخلاق الشخص مع نفسه ثم مع الآخرين
تعتبر عاملا مهما في تحديد الشخصية الإسلامية والتي تسعى دائما من خلال تلك
المجموعة من الأخلاق الحميدة .
طبعاً فهي توضح صورة الإسلام الصحيح لمن لا يعرف عنه شيئاً خاصة وأنه دين
الأخلاق والسمو والسماحة ، إلى غير ذلك من الصور المهمة والتي تفرض على كل
إنسان مسلم يحملها الميل مع الحق والخير ، وتجبره على احترام دينه وقواعده
الشرعية وأمته وأوطانه ، وتعينه على إظهار صورة الإسلام البيضاء الناصعة لكل من
يحمل الحقد والكراهية لهذا الدين وأهله ، خاصة وأكررها كثيراً في زمن كثر فيه
أعداء الأمة ، وانتشرت مخططاتهم لهدم هذه الشخصية الإسلامية المعطاءة.
|
|
|
|
|