اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/arabic/475.htm?print_it=1

رد إفتراء موقع العربية على الشيخ ابن فوزان

فهد بن سعد المقرن


بسم الله الرحمن الرحيم


بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسوله وبعد : أطلعت على ما نشر في موقع العربية نت حول فتوى الشيخ صالح الفوازن التي جاءت رد على سؤال وجه إليه عمن لا يصلى فكان جواب الشيخ فيها: (\"الذي لا يصلي ليس بمسلم لقوله صلى الله عليه وسم بين العبد والكفر ترك الصلاة.. والأدلة من الكتاب والسنة على كفر تارك الصلاة كثيرة\"، وتابع في معرض رده حول الواجب فعله ضد تارك الصلاة: \"يجب عزله بل يجب قتله إن لم يتب إلى الله ويحافظ على الصلاة.. فهو يستتاب وإن لم يتب وأصر على ترك الصلاة فإنه يقتل\". ويضيف: \"من الأصل توظيف هذا الشخص خطأ لأنه لا يوجد تولية الكفار أمور المسلمين لأنه سيكون قدوة لغيره\".

وأدهشني نشر هذا الفتوى بهذا العنوان، فالعنوان: ( أجاز فيها قتل الزميل الذي لا يصلي) وقد استمعت إلى فتوى الشيخ وأرى أنها تخالف مضمون العنوان، فقناة العربية تصطاد في الماء العكر، وتعزل الكلام عن سياقه وسباقه، في اجتزاء ماكر ليخدم توجهات من يقوم بالإشراف عليها لإقحام الشيخ في خندق الغلو في التكفير الذي يقوم عليه تنظيم القاعدة ، ومحاولة لربط هذا بعلماء الدعوة السلفية في هذه البلاد، بل أحسب أن هذا التهم هي التهم التي كانت توجه لهذه الدولة وعلماءها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر من قبل بعض من يريد أن يصطاد في الماء العكر ، واجتزاءهم هذا هو شبيه بمن يقرأ ( ويل للمصلين ويقف، ولا يقرأ الذين هم عن صلاتهم ساهون)

لم أفهم من كلام الشيخ لا من قريب ولا من بعيد جواز القتل للزميل الذي لا يصلي، بل الذي أفهمه من كلام الشيخ هو أن من لا يصلي يستتاب، ( يستتاب!!) والاستتابة اصطلاح معروف عند أهل العلم، بل وصغار طلاب العلم يعلمون أنها تناط بولي الأمر كما هو محرر في مواضعه، ومع وضوح معنى الاستتابة ومن له الحق في ذلك، فإني أنقل تعريفها كما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية وهي مرجع في تعريف كثير من المصطلحات:( الاستتابة في اللغة: طلب التوبة، يقال: استتبت فلانا: عرضت عليه التوبة مما اقترف.

والتوبة هي: الرجوع والندم على ما فرط منه، واستتابه: سأله أن يتوب. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي.)

ثم إن الشيخ لم ينفرد بهذا الفتوى بل مسبوق بكلام الأئمة المتقدمين من علماء المذاهب الأربعة، فقد ذكر القيرواني المالكي في آخر كتابه «النوادر والزيادات» مسألة كفر تارك الصلاة (14/537)فقال \"قال ابن حبيب: وأما تارك الصلاة إذا أمره الإمام بها فقال: لا أصلي فليقتل ولا يؤخر إلى ما بينه وبين آخر ووقتها وهو بتركها كافر؛ تركها جاحدًا أو مفرطًا أو مضيعًا أو متهاونًا لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة )

وقال المزني الشافعي: في مختصره (ص53) «قال الشافعي: يقال لمن ترك الصلاة حتى يخرج وقتها بلا عذر: لا يصليها غيرك فإن صليت وإلا استتبناك فإن تبت وإلا قتلناك..)قال المزني: «قد جعل تارك الصلاة بلا عذر كتارك الإيمان (التوحيد) فله حكمه في قياس قوله؛ لأنه عنده مثله)

فأنت ترى أن الشيخ لم ينفرد بهذه الفتوى بل جمع من أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين ، ويعلم الجميع أن مناط إقامة الحدود هو ولي الأمر ، ولم يقل الشيخ الفوزان ولا أحد من أهل العلم بأن القتل لكل أحد كما روج له موقع العربية، بل كلام الأئمة المتقدمين من المذاهب الفقهية كثير لا يحصى، وفيه ( يستتب فإن لم يتب يقتل) ، وأحسب أنه يلزم الشيخ الفوزان في كل مقالة أن يوضح للناس كل الواضحات البينات، فلا بد في المرة القادمة أن يقول: الاستتابة هي حق ولي الأمر ، وولي الأمر ليس والدك، بل هو الحاكم ، أو الملك حتى لا يعمد بعضهم لينسب للشيخ ما لم يقله ويتجنى عليه!! كما فعلت العربية وهي تنبش في أرشيف الفتوى حتى وجدت هذا الفتوى في عام 2009م !!!

وقد أطلعت على فتوى للشيخ ابن باز في نفسه الموضوع وفيها: ( سأله سائل:أحد أقربائي لا يصلي وهو رجل كبير في السن، وقد نصحته ونصحه كثير من الناس، ولكنه متهاون جداً في الصلاة ولا يصلي إلا نادراً، وأحياناً لا يصلي إلا في رمضان أو الجمع فقط، فكيف تكون معاملتي معه؟ وهل أسلم عليه إذا وجدته في مجلس، أم أقاطعه؟ أفيدوني حفظكم الله.

ترك الصلاة عمداً كفر أكبر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) خرجه مسلم في صحيحه، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) أخرجه الإمام أحمد، وأهل السنن بإسناد صحيح، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. والواجب نصيحة المذكور، وبيان حكم الشرع له، ومتى أصر على ترك الصلاة وجب هجره، وترك السلام عليه، وعدم إجابة دعوته، ورفع أمره لولي الأمر ليستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله؛ لقوله تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ[1]، فدل ذلك على أن من لم يقم الصلاة لا يخلى سبيله، والأدلة في هذا كثيرة، نسأل الله للمذكور الهداية.) نشرت في مجلة الدعوة في العدد (1426) بتاريخ 9/8/1414هـ. وفي كتاب الدعوة (الفتاوى) لسماحته، الجزء الثاني (ص 81) - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد العاشر.

وهي موافقة لكلام الشيخ الفوزان ، ثم إن الشيخ صالح الفوازن سئل في أحد مجالسه العلمية : من الذي يقيم الحد على من استحقه ، هل هو الإمام أو أي أحد ، علما بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب عنق الذي لم يرض بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

فأجاب الشيخ: الحدود يقيمها السلطان أو من ينيبه... وأما فعل عمر فلأنه مهدر الدم ، قتله عمر وعمر له صلاحيات ليست لغيره ، فهو وأبو بكر وزيرا النبي صلى الله عليه وسلم ). وسئل أيضاً: (يقول فضيلة الشيخ وفقكم الله ، من هو السلطان الذي يقيم الحد، هل هو الهيئة أم الشرطة أم القاضي؟فأجاب: يقيمه من يكل إليه السلطان لإقامته إذا وكله إلى الأمير يقيمه إذا وكله للقاضي يقيمه إذا وكله الإمام لرئيس الشرطة يقميه) طالع موقع الشيخ الرسمي لتستمع لهذه الفتاوى الصوتية,

فهل بعد هذا البيان الواضح من الشيخ في مواضع متعددة ينسب إلى الشيخ هذا البهتان نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين وأن ينصر الدين وأهله وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


كتبه: فهد بن سعد بن إبراهيم المقرن
الأستاذ المشارك بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة


 

مقالات الفوائد