اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/arabic/445.htm?print_it=1

تطلعات إيران في المنطقة في ضوء الثورات العربية وأهمية القضية الأحوازية

الإستاذ خالد الزرقاني


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ


* تصريحات خاصة


يجب أن تكون لدى العرب سياسات خاصة \"بعد ثورية\" و\"خلال ثورية\" بما يخص التعامل مع دول وكيانات الجوار العربي وخاصة إيران، وما هذه السياسات التي يجب أن تكون شاملة أقل أهمية من سياسات ما بعد الإستعمار، أو سياسات ما بعد الشيوعية. لهذا يجب عدم تكرار الأخطاء وتحصين الذات من الآن تجاه الأعداء المتربصين وعدم التغافل عنهم.

• ماهي إيران، ماهي رسالتها، أين مجالها؟

هنالك ثلاثة أسئلة مصيرية تشكل إجاباتها معاً ماهية إيران وعلاقتها بالعرب والأسئلة الثلاث على طراز تحليل (زبغنيو بريجنسكي) هي: ما هي إيران؟ ما هي رسالتها أو هدفها النهائي الكبير الذي تعمل على تحقيقه وأخيراً وليس آخراً ما هو حدود مجالها الجيوسياسي؟

تشكل الجغرافية السياسية عامل أساسي للغاية في تحليل تصرفات إيران وهو العامل المدفوع من عوامل أخرى تأريخية وثقافية معروفة ليس المجال هنا لذكرها. هل تريد إيران أن تصبح مركز المنطقة السياسي والإقتصادي والعسكري؟ ما هو السبب الأساسي الذي يدفع إيران للتدخل في اليمن والبحرين؟ هل أمريكا حقاً تعارض بشكل كامل المجال الذي يعتبرونه الإيرانيون مجالهم المشروع؟ أم إن المعارضة هي شكلية وتكتيكية وليست مبدئية وإستراتيجية؟ ما هو مشروع العرب بالمقابل، وهل يستغلون مجالهم الجغرافي- سياسي ليتحركون من خلاله أو إن بلادهم اليوم هي عرضه لأن تحذف من الخارطة؟ هذه أسئلة يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار عند الحديث عن العلاقات العربية الفارسية وحدود كل طرف ومشروعه.

علينا أن نفهم جيداً لماذا تنظر إيران دائماً للمنطقة العربية بشكل عام والشرق الأدنى والأوسط منه بشكل خاص نظرة المفترس لفريسته؟ هنالك رغبة أقل بالتوسع شرقاً وإن كان لإيران تواجد مهم في أفغانستان لكنه ليس في سلم أولويات طهران كما إن الدول حديثة الإستقلال في الشمال هي داخله ضمن المجال الروسي - التركي وأحياناً الأمريكي ولا نصيب لإيران في تلك المناطق إلا القليل، لكن جل إهتمام إيران هو بإتجاه الغرب والجنوب وهو إهتمام عمره قرون طويلة وسوف لن ينتهي أو يجمد على المدى المنظور، فهي تعتبر منطقة الخليج العربي مجالها المشروع الأساسي. رهان إيران بالفوز بالجائزة الجيوبوليتيكية، الإقتصادية، الثقافية الكبرى، ببسط نفوذها الشامل على المنطقة يتركز كذلك على النفاذية للمنطقة وإحتكارها، بيد طهران فهي تحاول منذ 2003 احتكار أجواء ومياه وخطوط النقل وأنابيب النفط في العراق وربطها بإقليمها الشقيق (سوريا) وقد حذرنا من مشروع خط حديد المحمرة – بغداد – دمشق عبر السياسة الكويتية في عددها الصادر 25 سبتمبر 2010 وبيّنا خطورة المشروع على الأمن القومي العربي.

لكن بإختصار، كيف تُعرف إيران نفسها؟ هل هي دولة دينية أم قومية أو وطنية بإعتبار وجود اكثر من 60 بالمئة من السكان من القوميات غير الإيرانية (الفارسية)؟ بكل تأكيد لا يمكن أن تجيب على السؤال بشكل صريح إلا الطبقة الحاكمة في طهران، وهي طبقة قومية ديماغوجية، لديها مشروع قومي واضح، ومذهب رسمي مُفصّل على قياس طموحات طهران السياسية كما إنه يدفعها بإستمرار إلى العمل كمركز مسؤول عن منطقة بحوافز وأحلام الإمبراطورية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وعلى إن المنطقة مجالها المشروع ويجب أن يتم الرجوع لها في كل صغيره وكبيرة هذا فيما يخص الغرب والشرق وبكل تأكيد أهل المنطقة (العرب) وما إن تستعيد إيران مكانتها الغابرة وعافيتها بشكل كامل حتى يكون الوقت قد حان لأن تكون السيادة والثقافة والسلطة الإيرانية هي السائدة في المنطقة من نهر قارون الأحوازي حتى النيل على أقل تقدير. ومن هنا تستكمل إيران عملها على عدة محاور للوصول لهذه الغاية، وليست الحرب الإعلامية والتدخل تحت ستار الثورات آخرها.

أما بخصوص موضوع إسرائيل فهي ليس إلا عثرة تكتيكية بسيطة يمكن حلها بشكل كامل عبر تفاهمات إيرانية - إسرائيلية - غربية ليعرف الجميع ما له وما عليه وليس هنا المجال للإسهاب عن التفاهمات السائدة الآن بخصوص مجال كل طرف وحتى المجالات المشتركة وخير دليل كردستان العراق على سبيل المثال. يجب أن نعرف إن إيران الآن هي كالسجين الذي أوشكت محكوميته على الإنتهاء وهو متلهف بقوة للإنطلاق ليعود على ما كان عليه أو على ما يود أن يكون عليه، وإن كانت إيران اليوم تعمل بحرية تكاد تكون كاملة بما يخص الإفصاح عن ما تريد وماهيتها ومجالها وإتخاذ الإجراءات العلنية بهذا الشأن.

كان هنالك حتى وقت ليس بالبعيد منطقة ضبابية بين إيران والعالم العربي، ولم تكن إيران تنظر إليها على إنها مجالها الكلي، ، فأمر تلك المنطقة لم يكن محسوماً لكن اليوم مع الثورات العربية، تنظر إيران إلى أبعد من مصر وهذا شيء مؤكد. في العراق مثلاً عملية ملئ الفراغ والتحول من تثبيت الذات للإنطلاق قد انتهت. الموضوع اليوم كيفية إستغلال الكامل للوضع العربي، وخاصة في مصر، ليبيا، اليمن، البحرين، ومن جانب آخر المحافظة على المكاسب في سورية، العراق، جنوب لبنان، (لاحظ الهلال العربي الخصيب من الأحواز حتى غزة – لبنان تحت نفوذهم اليوم) وفي ذات الوقت العمل على توسيع المجال الإيراني ليشمل الخليج العربي بأكمله بالإضافة لبلاد الشام ومناطق واسعة من المغرب العربي. فحكام طهران مصممين على السير بسرعة وقوه كبيرين تجاه تحقيق هذا الهدف وما الأقطار العربية سوى مراحل لتحقيق ذلك.

• لماذا يجب دعم القضية الأحوازية؟


سيتعامل العالم مع أمم وكيانات وكتل موحدة، وما هو ظاهر حتى الآن إن معارضة الغرب لتطلعات إيران بالمنطقة ليست جوهرية، فهو لا يمانع بشكل حقيقي توسع إيران غرباً باتجاه العالم العربي ما أمكن، أما شرقاً قد يتم القبول بحدود مجالها ليشمل طاجيكستان وولايتي هرات وبادغيس الأفغانيتين لأسباب ثقافية وجيوسياسية، كما سيتم دعم والاعتراف بتطلعات تركيا لتكوين الكتلة التركية التي ستشمل دول آسيا الوسطى وصولاً لكازاخستان لتجاور الصين. الكيانين التركي والفارسي يتم المراهنة عليهما من الغرب منذ أمد بعيد لتقليم أظافر روسيا ما بعد الشيوعية ولخلق توازن قوى هندي – فارسي – تركي بوجهه طموحات الصين المرشحة لتكون دولة عظمى على المدى المتوسط أو البعيد. لهذا فإن أي إستراتيجية عربية لا تأخذ بعين الإعتبار خطورة إيران على مصير المنطقة ستكون غير ناجحة ومن الأهمية بمكان الإنتباه للعمود الفقري للكيان الإيراني الحالي، ألا وهي الأحواز، لهذا فدعم القضية الأحوازية بشكل جدّي وفعّال له مردود إيجابي كبير على الأمن القومي العربي. هنا نتساءل هل كان سيحدث هذا بالشكل الذي نراه إذا كان العرب قد احتضنوا الثورة الأحوازية ودعموا قضية قارب عمرها التسعين عام؟ تلك القضية التي تشبعت بالنسيان حتى لم تعد إيران تصدق بأن العرب سيلتفون يوماً لإحيائها وتدويلها، حتى بلغ النسيان لها حد غير واقعي كمن يحسبها (عربستان) تلك البلاد المجهولة من عالم الأحلام في رواية \"الرقم سبعة\" للإستاذ غازي القصيبي وليست قطر عربي تشكل الضفة الشرقية للخليج بمساحتها الـ 375 الف كيلو متر مربع وبملايينها الـ 12. أوليس الأحواز العربية مجال جيبوبلوتكي وقومي وتأريخي حيوي جداً للعالم العربي وخاصة الخليج العربي؟

• دعوة لاحتضان مؤتمر أحوازي جامع،


للنهوض بالقضية الأحوازية لا مناص من الإعلان والاعتراف العربي بمظلة سياسية أحوازية تشمل الجميع لمواجهة المشروع الإيراني الذي يستهدف الأحواز والمنطقة بأكملها ومن هنا طالبت المنظمة الإسلامية السُنية الأحوازية والجمعية الوطنية لدولة عربستان والتنظيمات الأحوازية المشاركة في لجنة العمل الأحوازي المشتركة الدول العربية الشقيقة وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي لإحتضان مشروع حوار وطني أحوازي شامل ودعم تشكيل حكومة أحوازية في المنفى تكون مسؤولة عن الأحواز وشعبها أمام العالم ونحن الآن بإنتظار أي إشارة عربية للبدء بهذا المشروع المصيري.



الإستاذ خالد الزرقاني
مسؤول اللجنة المركزية، المنظمة الإسلامية السُنية الأحوازية
 
 

مقالات الفوائد