اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/arabic/175.htm?print_it=1

مِنْ نِعَمِ الرَّحْمَنِ.. الأمْنُ فِيْ الإسْلاَمِ

بِقَلَمِ/ عِمَاد حَسَن أَبُو العَيْنَيْن


إن الأمن والاستقرار والحياة الطيبة هي من نعم الله -تبارك وتعالى- على الفرد والجماعة؛ وهي مما يسعى لها البشر جميعًا، فكل أمة تسعى؛ لتحقق لنفسها أمنًا وسعادة واستقرارًا وحياة طيبة كريمة.
وقد اقتضت حكمة الله -جل وعلا- أن يكون الأمن الحقيقي والسعادة الحقيقية والحياة الطيبة لمن اتبعوا وحيه وحكَّمُوا شرعه, قال تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه123-124].
هذا، وقد افتتن بعض المتغرِّبين من أمتنا بنظرية (العقد الاجتماعى) التي نشأت في الغرب على أيدي كل من توماس هوبز وجون لوك وجان جاك روسو في أواخر القرن السابع عشر، ومُؤَدَّاهَا أنَّ الناس قد تعاقدت فيما بينها على عقد اجتماعي يحافظون بموجبه على العيش المدني في ظل سلطة مدنية قائمة على الحكم بما تراه صالحًا واستبعاد الدين عن شُئُونِ الحياة؛ مما يوفر في نهاية الأمر تخلي الناس عن حالة الفوضى؛ ليكونوا المجتمع الذي يريدون.

وإذا كان هؤلاء القوم الذين أسقطوا شريعة الله من حساباتهم، ومن بعدهم الماركسيون والرأسماليون يُلتمس لهم العذر؛ لبعدهم عن الشريعة الربانية واتباعهم غير رسول الإنسانية، فهل يُلتمس العذر لأبنائنا المفتونين بهؤلاء المغبونين الخاسرين في الدنيا والآخرة، وقد أنعم الله عليهم بنعمة الأمن والأمان في ظل شريعة الإسلام!
أيها الناس: إن من تدبر كتاب الله وسنة رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  يرى للأمن شأنًا كبيرًا وموقعًا عظيمًا في شريعتنا، ذلك الأمن الذى به صلاح الدنيا والآخرة، وبه صلاح الفرد والمجتمع معًا، جاء هذا الأمن فى كتاب الله وفي سنة رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  فى صور شَتَّى منها:

أمن النفس

أمَّنَ الإسلام النفوس من التعدى عليها، فقد أخبر أن قتل نفس واحدة كَقَتْلِ الناس جميعًا، قال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة32] ورتب على قتل النفس الوعيد الشديد، فقال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء93].
والأمر لا يقف –هنا- عند حد القتل المادى فقط، بل يشمل أيضًا القتل المعنوى فى شتَّى صوره وأشكاله، سواء كان ذلك بالإذلال أو القهر أو التعذيب أو سلب الحرية بالحبس الانفرادى بغير حق أو بغير ذلك من الصور، فحرمة النفس المؤمنة أعظم عند الله من حرمة الكعبة؛ كما جاء فى قول النَّبِـي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مخاطبًا الكعبة: «مَا أَطْيَبَكِ! وَأَطْيَبَ رِيحَكِ! مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلا خَيْرًا»([1]).

أمن العقل

وأمَّنَ الإسلام العقل الذي هو مناط التكليف ومحل أوامر الله فى عباده؛ والذي ميزه به عن سائر الحيوان بأن منعه وحفظه من كل ما يعوق مسيرته ويضعف كيانه, فحرم عليه تعاطى المسكرات لما فيها من ضياع العقل والإضرار به، قال تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} [المائدة90-91] والمخدرات التى هى أعظم ضررًا منها، وهى الداء الفتاك القاضي على المجتمع وعلى قيمه ومبادئه وفضائله؛ فيجب على المسلم البعد عنها ومحاربة أهلها؛ لِمَا فيها من الضرر والفساد العظيم؛ فإنه بعض من الفساد فى الأرض.
كما منع المسلم من أن يصغى للأفكار الهدامة والأراء المضللة، قال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [النساء140] وقال: {وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام68] فالأراء المضللة والأفكار الإلحادية من وحي الشيطان والله يقول: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام121].

أمن العقيدة

وأمَّنَ الإسلام عقيدة المسلم بتنقيتها من البدع والخُرَافَاتِ، ودَرَأَ عنها الزيغ والضلالات, فهى العقيدة التى دعت إليها أنبياء الله ورسله، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء25]، وقال: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ} [البقرة285] وقال: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة136].
أمنٌ فى عقيدة المسلم بأن حددت له الغاية من وجوده، وهي عبادة الله وحده، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات56] كما حددت له هدفه فى الحياة؛ ليعبد الله على بصيرة ويخلص كل عبادته له، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام162-163] فلا يَدْعُو إلا الله، ولا يُصَلِّي إلا لله، ولا يذبح إلا لله، ويتوجه بقلبه إلى الله محبَّةً وخوفًا ورجاءً؛ فيزداد قوة فى قلبه وثباتًا فى أمره.
ولقد وصف الله العابدين لغيره بالذل والرعب فى نفوسهم، فقال تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} [آل عمران151]
فالعابد لغير الله فى غاية من الضياع والضلال وشتات الأمر, يتعلق بمخلوق مثله يدعوه ويرجوه ويأمل فيه وكل ذلك مناقض لشرع الله.

أمن المال

وأمَّنَ الإسلام مال المسلم، الذى جعله الله قيامًا لحياة بني الإنسان وجعل حبه غريزة فى النفوس، قال تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر20] أمَّنَهُ بأن منع المسلم من أكل الحرام, ومنعه من المكاسب الخبيثة المحرمة التى لا تتفق مع الشرع إذا المكاسب الخبيثة ممحوقة البركة {يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة276], {قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} [المائدة100] وأمَّنَهُ من التعدى عليه فأوجب قطع يد السارق؛ حفاظًا على المال من الضياع وحذر الأمة من أن يأكل بعضهم مال بعض: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} [النساء 29] وأمَّنَهُ أيضًا بأن أوجب فيه الزكاة؛ لتكون سببًا لنموه وطهره، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة103] وحرم التعدى عليه ظلمًا وعدونًا، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  «لا يَحْلُ مَالُ أمْرِئ مُسْلِمٍ إلا بِطِيْبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ»([2]).
وأوجب على المسلم أداء الحقوق: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [البقرة58] وقال: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ} [البقرة283] وفى الحديث: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ»([3]).

أمن المجتمع

وأمَّنَ الإسلام المجتمع من الفوضى والاضطرابات والنزاعات والشقاق فأوجب طاعة ولاة الأمور فى طاعة الله فقال وهو أصدق القائلين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء59] فإن طاعة ولاة الأمر فيها من المنافع ومن الفوائد ما لا يخفى, فبالولاة يقيم الله العدل فى الأرض، وبالولاة ينتصف للمظلوم من ظالمه، وبالولاة تحقن الدماء، وتُصان الأعراض ويُقام شرع الله، ولهذا حذرنا نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من عصيان ولاة الأمور والخروج عليهم بقوله: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»([4]).
وأمَّنَ المجتمع من إشاعة الفاحشة، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور19] {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب60].
وأمر العباد بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فهو صمام أمان لهم يقيهم من الاضراب والاختلاف، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلا يُسْتَجَابُ لَكُمْ»([5])
وأمَّنَ الأعراض فحَرَّمَ على المسلم أن يغتاب أخاه أو يسعى بالنميمة أو يسخر من أخيه أو يستهزأ به أو يلمزه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات11].
وأمَّنَ الجار؛ ليأخذ أمانه من أخيه ففى الحديث: «وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ قِيلَ وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الَّذِي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ»([6]).
وأمَّنَ صحة الأمة فحرم عليهم الخبائث وكل ما يضرهم، ويهدد صحتهم وسلامتهم وشرع لهم التداوى ورغب فيه, فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً»([7]) وقال أيضًا: «تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً»([8]).
وأمَّنَ الأمة في أرزاقها وأعلمها أنه مضمون لهم رزقهم فى هذه الحياة، وما عليهم إلا أن يسعوا ويجتهدوا، وقد سخر لهم ما فى الأرض جميعًا منه وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، قال تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [هود6] {وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [العنكبوت60]
فأى فكرة تقول: إن الأرض يمكن أن تعجز عن غذاء ساكنيها أو يقل ماؤهم عن حاجتهم فكل ذلك اعتراض على رب العالمين، والله يقول: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} [الحجر22] { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ* أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة63-64] فعلى العبد بذل السبب والله ضمن الرزق، ولم يكل العباد بعضهم إلى بعض.

أمن الآخرة

وأمَّنَ الإسلام الحياة الآخرة بأن جعل طاعة الله والاستقامة على دينه ميسرة؛ لاجتناب أهوال يوم القيامة، فقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام82] {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} [النمل 89] فهم آمنون يوم القيامة، ويوم قيامهم من قبورهم آمنون من عذاب الله بأعمالهم الصالحة وإيمانهم الصادق.
هذه بعض معالم الأمن في ديننا، فأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أنْ يُديم علينا نعمة الأمن في الدنيا، ويرزقنا الأمان في الآخرة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


---------------------------------------------
([1]) (ضعيف): ابن ماجة 3932، ضعيف الجامع 5006
([2]) (صحيح): صحيح الجامع 7662.
([3]) (صحيح): البخاري 2287، مسلم 1564، أبو داود 3345، الترمذي 1308.
([4]) (صحيح): مسلم 1851.
([5]) (حسن): أحمد 3388، الترمذي 2169، صحيح الجامع 7070.
([6]) (صحيح): البخاري 6016.
([7]) (صحيح): البخاري 5678، ابن ماجة 3439.
([8]) (صحيح): أبو داود 3855، الترمذي 2038، صحيح الجامع 7934

 

مقالات الفوائد