صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







عنترة بن شداد من الحلاب والصّر إلى الكرّ والفرّ

خالد بن ثامر السبيعي

 
عنترة بن شداد .. عبدُ عبسي كأن رأسه زبيبة ..
وأمه حبشية أسمها : زبيبة . شاء الله سبحانه وتعالى أن يكون لهذا الرجل شأن في تاريخ العرب .
نشأ عنترة في نجد عبداً يرعى الإبل محتقراً في عين والدة وأعمامه , لكنه نشأ شديداً بطاشاً شجاعاً , كريم النفس كثير الوفاء .
لقد بدأت قصة عنترة حينما أغار بعض العرب على عبس وأستا قوا إبلهم فقال له أبوه : كُرّ يا عنتر فقال : العبدُ لا يحسن الكَرّ إنّما يحسنُ الحِلاب والصّر , فقال كُرّ وأنت حُر , فقاتل قتالاً شديداً حتى هزم القوم واستنقذ الإبل .

ومنذ تلك اللحظة ... دخل عنترة التاريخ من أوسع أبوابه ...
فمن الحلاب والصر إلى الكر والفر
ومن ذل العبودية إلى فضاء الحرية
ومن النوم في معا طن الإبل إلى الجلوس في منازل الشرفاء والرؤساء...
ومن منادمة الرعيان إلى مسامرة الأعيان....

وكان عنترة صاحب المعارك البطولية والمعلقة المشهورة :

هل غادر الشعراء من متردّم = أم هل عرفت الدار بعد توهم
يا دارَ عبلةَ بالجواء تكلِميّ = وعمي صباحاً دارَ عبلةَ واسلمي

فدعونا أيها الأخيار نقف مع بعض اللفتات من قصة عنترة وإن كان جاهلياً فإن الحكمة ضالة المؤمن , وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة عن الشيطان ( صدقك وهو كذوب )

1- لقد سلك عنترة من حيث علم أم لم يعلم طريقين يقودان المرء إلى التميز
أولهما: القرار الشجاع : الذي ينقل الإنسان من الثرى إلى الثريا , ومن ملامسة التراب إلى معانقة السحاب
ثانيهما : الحرية التي تقود إلى الإبداع

ونحن حين نسقط ذلك على واقع المسلمين نقول " لابد أن يكون ذلك القرار وتلك الحرية منضبطة بالشرع والتحاكم إلى الكتاب والسنة , وقرارنا وحريتنا في الوسائل والأفكار الدعوية الإجتهادية .

إننا بعد سنوات عديدة من الدعوة نشعر أن الوقت قد حان لمراجعات صريحة وسريعة , هذه المراجعات لا تخضع للقاعدة الحزبية " إياكم منشر الغسيل " بل تخضع للقاعدة العمرية " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً "

إن التحرر من تقديس الذوات وأسر الأفكار الحزبية يدفع الإنسان إلى التميز والتحليق في فضاء الإبداع .

أما أن نستنسخ جيلاً تتكرر فيه الشخصيات والأفكار ... فها معناه بإختصار ( الجمود والترهل الفكري والدعوي )

ايها الشباب : إن التقليد الفج في تطبيق الأفكار بل وفي بعض الأحيان في تقمص الأشخاص يؤدي إلى التصنع والسخافة ولا يضيف للأمة شيئاًَ .

وقديماً قيل : لأصبع محمد بن واسع خير عندي من مئة الف سيف بيد مئة الف فارس .

"" وليس من نافلة القول أن نشير إلى الفرق بين الاستلاب الكامل المقيد للمواهب والاستشارات المعينة على التميز والتفوق , فإنه ما خاب من أستشار ..

2- لقد إرتبطت الحرية عند البعض بالتمرد على الدين والعادات والتقاليد .
وما زال أدعياء الفتن _ أولئك الذين رضعوا من الشرق والغرب وجاءوا بالأفكار المعلبة المستوردة من الخارج ينادون بالحرية لكي يواكبوا الحضارة ..... زعموا ! ؟
إنهم يرون أن الوصول إلى مصاف الدول المتقدمة يبداء من الحرية , فنادوا بتحرير المرأة .. وما زالوا يواصلون المسير , وياليتهم جاءوا ببرنامج حضاري ينهض بالأمة في شتى مجالات الحياة , بدلاً من هذه المهاترات .
فيالسخافة عقولهم ويالحماقة افكارهم ( لقد أطلوا الغيبة وجاءوا بالخيبة )

منهم أخذنا العود والسيجارة = وما عرفنا نصنع الطيارة

3- كان عنترة كثيراً ما يذكر عبلة في قصائده من خلال إثبات صفة التفوق عنده وهي الشجاعة كقوله :

فوددت تقبيل السيوف لأنها "=" لمعت كبارق ثغرك المتبسم

مع أنه على جاهيلته إلا أنه كان يملك صفات الرجال الأحرار كقوله :

وأغض طرفي إن بدت لي جارتي "=" حتى يواري جارتي مأواها

وأترك للقارئ الكريم حرية المقارنة بين معنى هذا البيت وبعض الممارسات في زمننا هذا ,
ترى هل تفوق عنترة الجاهلي على بعض المثقفين العرب الذين ينادون بالحرية ( على الطريقة الأمريكية ) يتكلمون بألسنتنا وهم من بني جلدتنا ... دعاةُ على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها .

4- إن المبدع في الغالب يكون واثقاً من نفسه , فتجده يذكر جوانب القوة والضعف فيه ولا يبالي ما دام أنه نجماً في السماء .
يقول عنترة :

وإني إمرؤ من خير عبس منصباً "=" شطري واحمي سائري بالمنصل

وقد أُثر عن السيوطي العالم الموسوعي انه قال : إني بليد في الحساب ( أي الفرائض ) .
فلماذا يأنف بعض الدعاة من الاعتراف بالخطأ والتقصير . وقد قال الفاروق " أخطأ عمر وأصابت إمرأة ) .

5- قصة واقعية :
حدثني احد المشايخ الفضلاء أن شاباً من الهند كان يعمل ( بنشري ) في مدينة ( عنك ) بالمنطقة الشرقية .. يومه ونهاره في حفرة الزيت بين الصرة والماكينة , وبعد فترة من الزمن فكر في قرار جريئ وشجاع , فترك الحفرة ثم تعلم العلوم الإسلامية في المراكز الإسلامية فذهب إلى الهند بعد ذلك وأصبح من كبار الدعاة بين المساجد والمراكز .
فإذا جاء إلى السعودية لا يذهب إلى حفرة الزيت مرة اخرى بل يلتقي بالمشايخ الفضلاء ومنهم صاحب الرواية .

6- طرفة :
يدور مثل عند كبار السن : حيث أنهم يزعمون أن ثوراً لحق عنترة فهرب البطل الهمام فتعجب الناس : عنترة يهرب من الثور !! فقال لهم " وش ورى الثور إني عنتر "
إن صدقت الرواية ولا اظنها ... فيعضدها المثل العامي ( إلي ما يعرف الصقر يشويه ) أو اللي ما يعرفك ما يثمنك .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد السبيعي
  • مقالات دعوية
  • رسالة للدعاة
  • في كل بيت راق
  • الصفحة الرئيسية