صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







تيمور

خالد بن ثامر السبيعي

 
بعد سقوط الإمبراطورية السوفيتية وتمزقها إلى جمهوريات ؛ عادت الروح الإسلامية من جديد الى الشعوب المسلمة ، التي عانت الأمرّين تحت قبضة الشيوعية البائدة .
وكان دور الجمعيات الخيرية رائعا ومثمرا ً من خلال المعونات الإنسانية ، وإقامة المخيمات الدعوية .
وكنت ممن شارك في إقامة مخيم دعوي في الشيشان قبل الحرب الأولى .
فمن موسكو معقل الشيوعية ؛ وحيث مرقد الطاغية لينين ( الذي أباد المسلمين في الجمهوريات ) انطلقنا إلى قروزني في رحلة هي من أجمل الرحلات الدعوية التي عايشتها في حياتي.

لن أتكلم عن كل ما حدث في هذه الرحلة .. فهذا أمره يطول ، ولكني سأتحدث عن لقاء حصل بيني وبين تيمور ؛ لا يذهب خيالك بعيدا ً فهذا التيمور ليس هو تيمور لنك قائد التتر .. فنحن كما تعلمون على مشارف القرن الواحد والعشرين .
حينما وصلنا إلى مطار قروزني .. كان المطار في أسوأ حالاته .. فالخدمات تكاد تكون معدومه ،والكهرباء مقطوعه في العاصمة .. شعرنا بوضع حرج ، ومأزق يلوح في الأفق ، لأننا لم نجد أحدا ً يستقبلنا من أصحاب المخيم .
في تلك الليله يسر الله لنا شابا ً يعمل في المطار .. اسمه عمر ، واستعان بصديقه علاء الدين ؛ والذي كان مفتول العضلات .. بشوشا ً ، تقرأ في عينيه حب الإسلام وحب العرب ولو رغمت أنوف الشيوعيين .
كنا قد أصابنا الجوع .. خاصة ً أننا قد فارقنا الكبسة والمرق لمدة أسبوع تقريبا ً ، والمسافة بيننا ً وبين الكبسة آلاف الأميال فلا مجال لتحقيق الحلم ، فليس سوى الصبر مركب .

أصر عمر على أن نتناول طعام العشاء فذهبنا للمدينة فلم نجد شيئا ً .
عاد يدور حول المطار عل َّ وعسى أن يجد من يكرمنا هذه الليلة .
وفجأة ً تراءى لنا مجموعة من الشباب .. فقرر عمر النزول عندهم ، رفضنا النزول لأننا لا نعرف طبيعة اللقاء ، وأثناء الحوار جاء تيمور ؛ شاب شيشاني لم يتجاوز السابعةعشرة من عمره ، حباه الله بسطة ً في الجسم ، وحسن مظهر ٍ لافت .
أصر علينا بالنزول ، فنزلنا على مضض ٍ ، ثم حدثت المفاجأة .... تيمور يعيش ليلة ً حمراء بين الفتيات والخمور .. يشرب الخمر ويقول : الحمد لله لكي يثبت لنا إسلامه ( قاتل الله الشيوعية .. كم فتكت بالمسلمين ومسخت هويتهم ) .

شعرنا بخطورة الوضع ، فغادرنا المكان بعد أن شكرناه على حسن الإستقبال .الجميل في الأمر أنه جاءنا في الصباح فدعوناه لحضور المخيم فوافق ، وجاءنا بعد ثلاثة أيام وهو مخمور . طلبنا من الشباب الإهتمام به ، فحينما استيقظ تعلم الصلاة ، وحفظ الفاتحة ومكث مع إخوانه يحضر الدروس .. ثم غادر الى قريته وقد صلى أول صلاة في حياته .
ودعوناه وقلوبنا تملؤها الفرحة والسرور . ذهب تيمور الذي كان بالأمس يرتع بين كأس وفتاه ، واليوم أدى الصلاة وسجد لربه ومولاه ، ولعله أصبح من أبطال الشيشان الذين أذاقو الروس الويلات .. ونالوا بعد ذلك أسمى الغايات ، أرجوا ذلك .

وشكر الله للجميع في مشكاة الخير ...
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد السبيعي
  • مقالات دعوية
  • رسالة للدعاة
  • في كل بيت راق
  • الصفحة الرئيسية