اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/aldawah/r/07.htm?print_it=1

رسالة عاجلة للدعاة

 
المرتزقة

سمع الناس في عهد الرسول ‘ بمقدم أبي علاء الحضرمي من البحرين بأموال معه، فتجمعوا حول الرسول ‘ فقالوا: (( فأبشروا وأملوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تفتح عليكم الدنيا كما فتحت على الذين من قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم))(1).
هكذا كان الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام يحذر الناس والأخيار في عهده من انفتاح الدنيا عليهم والاغترار ببهرجها ومتاعها الزائل الحقير، ومن غلب عليه حب الدنيا فإن النتيجة الطبيعية الهلاك؛ هلاك المجتمع، وهلاك الأشخاص..
أحسب أن الدنيا قد فتحت على الناس عامة، وعلى الدعاة خاصة، حتى خرج من بيننا صنف عجيب ربما أضر كثيرًا في واقع الأمة الإسلامية، سواءً علم أم لم يعلم، هذا الصنف هم المرتزقة!!
جرت عادة المرتزقة على تحصيل مكاسب دنيوية من عملهم، لكنهم في وسط الدعاة يسعون للمكاسب باسم الدين والمصلحة، فهم لا يفتؤون يتحينون الفرصة لإغناء رصيدهم المادي والاجتماعي على حساب رصيدهم الفقير دعويًا.
لقد فتحت المناصب على بعض الدعاة حتى ألجمتهم عن قول كلمة الحق ونصرة المظلوم، بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك مستغلاً القواعد الشرعية أو لاويًا أعناق النصوص لتحقيق مصلحة شخصية أو رؤية فكرية منهجية.
وها هو سلوك طريق الارتزاق يحقق لأصحابه ما يصبون إليه من مناصب دعوية أو واجهات اجتماعية فأصبحوا يشار إليهم بالبنان، والسؤال المطروح: ماذا قدم أولئك المرتزقة حتى وصلوا إلى تلك المواقع؟ لقد قدموا الكثير من التنازلات وانتهكوا تلك المبادئ التي ينادون بها بين المدعوين، كل ذلك تحت شعار المصلحة.
الاستغراب من حال أولئك المرتزقة، وكيف صاروا طلاب دنيا من بعد ما كانوا هداةً للناس وقدوة للشباب، يقل في عصر تخلف المسلمين الحضاري، فقد استغرب ابن مسعود رضي الله عنه من وجود أمثالهم في خير القرون، روى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال بعد نزول قوله تعالى:
{مِنكُم مَّن يُّرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُّرِيدُ الآخِرَةَ}: (ما ظننت أن أحدًا منا يريد الدنيا إلا بعد نزول هذه الآية).
ذلك في زمن خير القرون.. فماذا نقول نحن؟!
وقد أحسن عبد الكريم بكَّار في وصف حال أولئك المرتزقة بقوله: (مشكلة الدعاة مع الأجرة بدأت على مستوى الأمة حين انخفضت الوتيرة الإيمانية ووتيرة الرغبة في هداية الخلق وإنقاذهم على حين نشطت رغبات السيطرة على الآخرين وأخذ ما بأيديهم من مال ومتاع، وذلك حين قلَّ أو رحل النمط الرفيع الذين رباهم النبي ‘ على عينه، وخلفهم أقوام ذاقوا طعم الدنيا والرفاهية)(2).
فانبذوا المرتزقة، واسألوهم عن الدليل دائمًا، واعرضوا أقوالهم على طلبة العلم المعتبرين فإنه الدواء الناجع والحل الواضح، ولسوف تنحسر كثيرًا من المشاكل في واقع الأمة الإسلامية بإذن الله.

------------------
([1]) رواه البخاري.
([2]) مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي، 3/122.

تابع الرسالة
 

خالد السبيعي
  • مقالات دعوية
  • رسالة للدعاة
  • في كل بيت راق
  • الصفحة الرئيسية