صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







متى يعي القادة دورهم التربوي

أبو شاكر


عندما أتحدث عن القادة لا يخطر ببال أحد أنني أعني فئة معينة ذات مواصفات محددة ولكني أعني في هذا المقال كل من له دور في قيادة الآخرين سواء أكانوا طلاب حلقات أم أبناء أم موظفين في مؤسسات وإدارات خيرية أو علمية أو أفرادا في جماعات أو أعمال دعوية أو لجان .. الخ فالقصد هو إدارة الأفراد والأتباع والأنصار .

 وعندما أتحدث عن هذا الموضوع أي الدور التربوي للقادة والرؤساء والمدراء والعلماء والدعاة والآباء أقصد به القرب من الأفراد وتلمس أوضاعهم وهمومهم واحتياجاتهم الروحية والمادية والتعرف على مشكلاتهم ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم 0 وسبب هذا المقال هو الشكوى المتكررة من الأفراد على مختلف الأطر الدعوية والإدارية من عدم تلمس الهموم وعدم الاهتمام بالجانب الإنساني لدى القائمين على الأعمال الدعوية والإدارية وهذا بطبيعة الحال ينذر بخطر كبير .

 ففي الجوانب التربوية و الدعوية ينذر بتفلت الأتباع حيث يضعف الإيمان وتقع الأخطاء والمعاصي والتي ربما لا يتصور وقوعها وتكون مفاجئة للجميع أو أن تحدث انحرافات أخرى فكرية أو منهجية وذلك لأن الأفراد لم إن لم يتلقوا العناية الكافية في توجيههم وتربيتهم سيؤدي ذلك بدون شك إلى ضعفهم أو تمردهم وعدم طاعتهم لرؤسائهم .
 أما في الجانب الإداري فتجد- بسبب بعد القيادة عن الأفراد- وجود مشكلات تزداد يوما بعد يوم وكذا إشكالات إدارية لم تحل في وقتها أو مشاكل مالية يتطلع الأفراد إلى النظر فيها من قبل القيادة التي تديرهم ولذا تفاجأ الإدارة بوجود التحامل عليها وكذا كثرة القيل والقال والتنفيس عما يعانون بالغيبة والتذمر من الوضع بل ربما إذا وجد بعض الأفراد فرصة للتحول عن موقع عملهم إلى مواقع أخرى تحولوا إليها في وقت تكون المؤسسة أو الإدارة في أمس الحاجة إليهم وربما بعد ذلك حاولت إرضاءهم بشتى الطرق ولكن بعد أن فلت الأمر وقد بلغ السيل الزبى – كما يقال - فإذا كان الإشكال الذي لديهم إداريا أوماليا فقط فسبب عدم تداركه صار أمرا نفسيا وحينها لا ينفع معه علاج أو حل .
 ونحن عندما نشير إلى هذا الموضوع نطالب تلك القيادات بالرجوع إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف كان يتعامل مع أصحابه وبماذا أوصاه ربه ؟ وأين نحن من هذه الوصايا ؟ . لعلكم تلاحظون ونلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم مع مهامه المتعددة سواء في قيادة الأمة وحل مشكلاتها أو كذلك مهامه مع أسره وعائلاته وأقربائه أو كذلك عبادته لربه أو تعليم المسلمين أمور دينهم وغير ذلك إلا إنه عليه الصلاة والسلام كان يجالس أصحابه سواء أكان في مسجده أو غير مسجده بل عاتبه ربه عندما كان ينصرف عنهم ولم يقضوا حاجتهم النفسية من الجلوس معه والقرب منه والأخذ من علمه والتشبع من حنانه فال تعالى : (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ..)) فكان بعدها لا يقوم عنهم حتى يقوموا عنه وكانوا يدخلون بيته ويأكلون من طعامه حتى هذبهم القرآن في الاستئذان عليه والأكل في بيته والبقاء حتى ساعات متأخرة قال تعالى (( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي قيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق .. )) وهذا في الأصل يدل على القرب من القائد ولذا كان نتيجة ذلك أولئك الجيل الذين تحدث عنهم التاريخ وهذه النتيجة تلاحظ في الدعوات التي يهتم القادة فيها بأفرادهم .
وإني لأضع تساؤلات هنا : هل كان النبي صلى الله عليه وسلم مع انشغالاته تلك لا يواسي الحزين و لايزور المريض ولا يشارك في الأفراح والأتراح ولا يجيب دعوة الولائم ؟ هل كان يدعي التفرغ لأمر ما أم هل كان يشترط مجيء الناس إليه ؟ أم كان يتلمس أصحابه ؟ أما كان يأخذ بيده الصبي والجارية والمرأة لقضاء حوائجهم ! أما كان يخيط ثوبه ويحلب شاته ويقوم على أمور أهله ؟ هل يكتفي بنزول القرآن على أصحابه دون أن يعايشهم القرآن ليفهموا معانيه ويلاحظوها واقعا فيه ؟ وهل ما يفعله كثير من علمائنا ودعاتنا صحيح عندما يكتفون بالتأليف عن الجلوس والقرب والتعليم ؟ فأين نحن من سيرته في هذا الجانب ؟ لذا أوجه ندائي للقادة والمشايخ والدعاة والمدراء والآباء : ادنوا من أفرادكم تضمنوا منهم الولاء والاستقامة تلمسوا همومهم ومشاكلهم المختلفة تحدثوا معهم عن الجوانب الإيمانية التي تعطيهم زادا في المسير.

أيها الدعاة ما أكثر المحاضرات عن الجوانب المنهجية فمتى نلتفت إلى الجوانب الإيمانية والتربوية ونعطيها حقها إن كنا نريد جيلا مستقيما عنده روح الانتماء لهذا الدين وليكن لنا عبرة بالفترة المكية التي ربى فيها النبي صلى الله أصحابه وقد كان القرآن ينزل عليهم بآيات الترغيب والترهيب فتخرج جيل اعتمد عليه في قيادة الأمة عندما استقرت الأوضاع والدعوة بالمدينة .
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
زاد الـداعيـة
  • شحذ الهمم
  • زاد الخطيب
  • فن الحوار
  • فن الدعوة
  • أفكار إدارية
  • معوقات ومشكلات
  • رسائل ومقالات
  • من أثر الدعاة
  • الصفحة الرئيسية