صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الشيخ خالد الحربي أبو سليمان المكي كما عرفته ( حقيقة تسليم نفسه )

فتى الادغال

 
حيّى اللهُ الشيخَ الفاضلَ : أبا سُليمانَ المكّيَّ ، خالدَ بنَ عودةٍ الحربيَّ ، أحدَ الرّجالِ الأفذاذِ القلائلِ ، الذين تزيدُهم تجاربُ الحياةِ ومرُّ الأيّامِ حِكمةً ونوراً ، والرّجالُ معادنُ أصيلةٌ ودواخلُ نقيّةٌ ، لا تتاجرُ بنفسِها ولا تُزايدُ بولائها ، و تخفضُ رأيها لتجمعَ القلوبَ ، وتُذِلُّ نفسها لتحيى نفوسٌ كثيرةٌ .
حيّاكَ اللهُ يا أبا سُليمانَ في الأرضِ التي أحببتها وأحبّتكَ ، هنا في بلادِ الحرمينِ ، في جوارِ الكعبةِ المُشرفةِ ، نشأتَ وربيتَ ودرجتَ ، وفيها درستَ وتعلّمتَ وصرتَ أُستاذاً وشيخاً ، تُدرّسُ في المعهدِ المكّي ، ومنها خرجتَ إلى الجهادِ والنفيرِ على اسمِ اللهِ مُجاهداً في سبيلهِ في أفغانستانَ ، فعرفتكَ أرضُ قندهارَ أسداً وبطلاً ، وخرجتَ إلى البوسنةِ ، وعُدتَ منها مُصاباً إصابةً أقعدتكَ عن الحركةِ ، ولم يهدأ لكَ جفنٌ ويهنأ لكَ عيشٌ إلا بالدعوةِ إلى نصرةِ قضايا المُسلمينَ ، فكم خرجَ إثرَ دعوتكَ من شبابٍ روّى بدمائهِ الزكيّةِ أرضَ البوسنةِ والشيشانِ وغيرها .

عندما يكونُ الميدانُ أرضاً مُغتصبةً تجدُ أبا سُليمانَ حاضراً رغماً شللهِ ، يُحرّضُ ويُجهّزُ ويدعو ، جهادٌ يُحبّهُ اللهُ ويرضاهُ ، ونُصرةٌ في قضيّةٍ عادلةٍ مُنصفةٍ .

هذا هو أبو سُليمانَ المكّيِّ شفاهُ اللهُ وعافاهُ ، والذي إذا رأيتهُ رأيتَ النّورَ يشِعُّ ويخرجُ من وجههِ ، ولا تلقاهُ إلا ذاكراً شاكراً ، برغمِ مُصابهِ وأليمِ حالهِ .

والآنَ في زحمةِ هذه العمليّاتِ الآثمةِ التي وقعتْ في بلادِنا ، خرجتْ دعواتٌ كثيرةٌ لوقفِ العنفِ ، والرّجوعِ إلى الحقِّ والإنصافِ والعدلِ ، أطلقها مشايخُ ودعاةٌ ورجالُ فكرٍ ، وباركَ تلكَ الدعواتِ وأثمرها العفوُ الذي صدرَ من المسئولينَ ، ممّا نتجَ عنهُ مجموعةٌ من الشبابِ الذين سلّموا أنفسهم .

لكنَّ أبا سُليمانَ لهُ شأنٌ آخر .

الشيخُ أبو سُليمانَ لم يكنْ سجيناً في إيرانَ كما زعمَ البعضُ ، بل كانَ حرّاً طليقاً ، متوارياً عن النّاسِ ، بعدَ نشرِ صورتهِ في الفلمِ الذي بثّتهُ قناةُ الجزيرةِ ، فآثرَ البعدَ والنّجاةَ ، خاصّةً بعدَ سقوطِ أفغانستانَ إثرَ الغزوِ الأمريكيِّ عليها ، ومكثَ مع أهلهِ في إيرانَ بعدَ أن فقدَ جميعَ أوراقهِ الثبوتيّةِ ، حتّى يجدَ مخرجاً للأمرِ الذي وقعَ فيهِ .

وتسليمهُ لنفسهِ الآنَ ، وهو الرّجلُ المعروفُ في أوساطِ الشبابِ المُجاهدِ ، سيكونُ لهُ أثرٌ كبيرٌ في تجفيفِ منابعِ دعاةِ العنفِ ، فالشيخُ رجلٌ مُجاهدٌ وصاحبُ علمٍ وعِبادةٍ وسابقةٍ ، وليسَ بالرّجلِ الغمرِ أو الجاهلِ ، بل هو مُحكّكٌ مُجرِّبٌ للأمورِ ، كما أنّهُ صاحبُ خبرةٍ في أرضِ الجهادِ ، وليسَ مثلَ أغلبِ الشبابِ المطلوبينَ الآنَ ، والذين هم من صِغارِ السنِّ وقليلي العلمِ ، وهو بتسليمهِ لنفسهِ يُقدّمُ الدليلَ الأكبرَ على أنَّ العلمَ والعقلَ والتجربةَ تدعو إلى كفِّ الفتنةِ ، وحسرِ مدّها ، والرّجوعِ إلى حظيرةِ الجماعةِ ، والتنازلِ عن المصالحِ الآنيّةِ الشخصيّةِ لأجلِ مصلحةِ الأمّةِ جميعِها .

والشيخُ قد اختارَ تسليمَ نفسهِ طائعاً مُختاراً ، بعدَ مُفاهماتٍ جرتْ بخصوصهِ وخصوصِ حالتهِ مع بعضِ المشايخِ ، ولا يبحثُ عن شهرةٍ أو مجدٍ شخصيٍّ على حسابِ الأمّةِ وحالتها ، ولو شاءَ أن يكونَ رأساً في هذه الفتنةِ لفعلَ ، فهو صاحبُ قولٍ مسموعٍ ورأي مُطاعٍ في أوساطِ الكثيرِ من شبابِ الجهادِ ، ولكنّه بحثَ عن ما يقرّبُ إلى اللهِ تعالى ، ويُجافي عن الإثمِ والعدوانِ ، واختارَ طريقَ الجادّةِ فوُفّقَ وهُديَ .

لماذا يفتري البعضُ ويزعمُ أنَّ أبا سُليمانَ قد تمَّ تسليمهُ من إيرانَ ؟ ، ولماذا يُهاجمُ شيخُنا : سفرٌ الحواليُّ ، أو الأخُ : أبو عليٍّ الطائفيُّ حسنٌ الحارثيُّ ، أو غيرهم من الذين يسعونَ في وأدِ الفتنةِ وكفِّ العنفِ ؟ .

إذا كانَ الشيخُ : أبو سُليمانَ قد تسليمهُ من إيرانَ ، فلماذا تأخّرَ التسليمُ إلى هذهِ اللحظةِ ؟ ، خاصّةً وأنَّ الشيخَ موجودٌ في إيرانَ منذُ سنتينِ وتزيدُ ، فإذا كانَ مسجوناً ثمَّ طوالَ هذه الفترةِ ، فعلامَ جاءَ وقتُ تسلميهِ هذه الأيّامَ ؟ ، أوليسَ الأحظُّ والأفضلُ أن يُسلّمَ من قبلُ ؟ ، ولماذا يصرّحُ للجهاتِ الإعلاميّةِ ويتحدّثُ معها عن تسليمهِ لنفسهِ طواعيّةً واختياراً ؟ .

هذه شِنشنةٌ نعرفُها من أخزم ، والشيخُ سلّمَ نفسها طاعةً للهِ عزَّ وجلَّ ، ثُمَّ طاعةً لمن ولاّهُ اللهُ أمرهُ من ولاةِ الأمرِ ، هكذا صرّحَ الشيخُ في اللقاءِ الذي جرى معهُ ، وهذا الإذعانُ الموفّقُ من الشيخِ وتسليمهُ لنفسهِ ، سيتركُ أثراً كبيراً لدى النّاسِ ، فالشيخُ صاحبُ علمٍ ومنهجٍ سليمٍ ، يعرفُ الأدلةَ ويفهمُ الشرعَ ، ويُعلنُ بهذا أنّهُ ضدَّ الأعمالِ التخريبيّةِ التي تجري في هذه البلادِ المُباركةِ ، وأنّهُ يقفُ في صفِّ ولاةِ الأمرِ وأهلِ العلمِ ، ويضعُ يدهُ في يدهم في مُحاربةِ هذه الفتنةِ واستئصالِ مادّتها .

في كُلٍّ مرّةٍ يُسلّمُ شخصٌ نفسهُ يخرجُ لنا من الجهلةِ من يصوغُ القصصَ المُضحكةَ ، ويُلفّقُ الأحاجيَ المُخجلةَ ، ليصدَّ النّاسَ عن الحقيقةِ ، ويُعمّي عليهم الواقعَ المُشاهدَ ، وهذا – والذي لا إلهَ إلا هو – أمرٌ خطيرٌ جدّاً ، وهو من السعي في الفتنةِ باللسانِ ، والذي جعلهُ أهلُ العلمِ من الصحابةِ وغيرهم أشدَّ من فتنةِ السّنانِ ، وذلكَ أن فتنةَ اللسانِ هي وقودُ فتنةِ السيفِ والسّنانِ .

في سننِ أبي داودَ والترمذيِّ وابنِ ماجه من حديثِ ابنِ عمرَ – رضيَ اللهُ عنهُ – مرفوعاً : " تكونُ فتنةٌ وقعُ اللسانِ فيها أشدُّ من وقعِ السيفِ " ، وقالَ عبدُ اللهِ بنُ عبّاسٍ – رضيَ اللهُ عنهما - : إنّما الفتنةُ باللسانِ وليستْ باليدِ ، وثبتَ في سننِ الترمذيِّ من حديثِ عُقبةَ بنِ عامرٍ الجُهنيِّ – رضيَ اللهُ عنهُ - أنّهُ سألَ رسولَ اللهِ – صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ – : ما النجاةُ ؟ ، فقالَ : " أمسكْ عليكَ لسانكَ ، ولْيسعكَ بيتُكَ ، وابكِ على خطيئتكَ " .

فمن كانَ يعتقدُ أنَّ لسانهُ وقولهُ صنوُ الكِتابِ المُنزّلِ وقرينُ الحديثِ الشريفِ ، فلْيقلْ ما شاءَ أن يقولَ ، ولْيبوءَ بإثمِ من يُضلّهُ ويحولُ بينهُ وبينَ مراجعةِ الحقِّ ، والطريقُ إلى النّارِ مُمهّدةٌ مفروشةٌ ، تهدي إليها الألسُنِ والأقوالُ ، كما في المسندِ والسننِ من حديثِ مُعاذٍ – رضيَ اللهُ عنهُ – مرفوعاً : " وهل يكُبُّ النّاسَ في النّارِ على مناخرهم إلا حصائدُ ألسنتهم ؟ " .

إذا كانَ وراءَ تسليمهِ لنفسهِ الأميرُ : مُحمدُ بنُ نايفٍ ، أو شيخُنا : سفرٌ الحواليُّ ، أو الأخُ : أبو عليٍّ الطايفيُّ ، أو غيرهم ، فلا نقولُ لهم إلا : جزاكم اللهُ خيراً ، وسدّدَ اللهُ خطاكم ، وأحسنَ أعمالكم ، وزادكم رفعةً وفضلاً ، وباركَ في جهودكم ، فجهودكم هذه جهودٌ لا تُكفرُ ، وأفعالُ خيرٍ وبرٍّ تشكرُ ، وواللهِ لوجودُ الشيخِ : أبي سُليمانَ المكّيِّ في بلادهِ ، وسطَ ولدهِ وزوجهِ ، خيرٌ لهُ من وقوعهِ في يدِ الأمريكانِ أسيراً ، بل هو خيرٌ لهُ من بقاءهِ في إيرانَ شريداً طريداً .

ومّما يؤسَفُ لهُ أنَّ هذه المجموعةَ قد نابذتَ جميعَ أهلِ العلمِ العِداءَ ، ووقعوا في أعراضهم بالثلبِ والشتمِ ، وفي أديانهم بالمُداهنةِ والنفاقِ ، وحقّروهم وحقّروا من شأنهم ، وهذا والعياذُ باللهِ من أشأمِ ما يكونُ على النّفسِ ، أن يُعرضَ عن أهلِ العلمِ ، ويُرموا في دينهم وديانتهم ، وفي حديثِ سهلِ بنِ سعدٍ الساعديِّ – رضيَ اللهُ عنهُ – مرفوعاً : " اللهمَّ لا تُدركني زماناً ولا أُدركهُ ، لا يُتبّعُ فيهِ العالمُ ، ولا يُستحيَ فيهِ من الحليمِ ، قلوبهم قلوبُ العجمِ ، وألسنتهم ألسنةُ العربِ " رواهُ أحمدُ .

وإذا كانَ أهلُ العلمِ والمعرفةِ راجعوا أفكارهم وآراءهم ، وبيّنوا خطأ بعضِ فتواهم ، من أمثالِ المشايخ ِ : الخضيرِ والفهدِ والخالديِّ ، ولحقهم الآنَ الشيخُ : أبو سُليمانَ ، فماذا بقيَ لدى البقيّةِ الباقيّةِ من الشبابِ ، والذين لا حظَّ لهم من العلمِ إلا النظرُ في أسفارِ الكُتبِ ، والقراءةُ في الدواوينِ ، فلْيعتبروا بغيرِهم ممن لهم سابقةٌ وفضلٌ وجهادٌ ، ولْيعلموا أنَّ الصبرَ هو الواجبُ وليسَ الخروجَ وإشهارَ السّلاحِ ، وفي زمنِ الحجّاجِ بنِ يوسفَ ، وهو المُبيرُ المعروفِ والطاغيةُ الشهيرُ ، كانَ الصّحابةُ يأمرونَ بالصبرِ عليهِ وعلى شرّهِ ، ويُحرّمونَ الخروجَ عليهِ ، مع أنَّ هناكَ من أهلِ العلمِ من كفّرهِ – كما نقلَ ذلكَ ابنُ تيميّةَ رحمهُ اللهُ - ، ولهذا قالَ أنسُ بنُ مالكٍ – رضيَ اللهُ عنهُ - لما شكا إليهِ بعضُ النّاسِ الحجّاجَ : " اصبروا ، فإنّهُ لا يأتيكم زمانٌ إلا والذي بعدهُ شرٌّ منهُ ، حتّى تلقوا ربّكم – عزَّ وجلَّ – سمعتهُ من نبيّكم – صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ – " والحديثُ في الصحيحِ .

فهل فينا حرصٌ على الدينِ والملّةِ والشرعِ أكثرُ من حرصِ هذه الصحابيِّ الجليلِ ؟ ، وهل نحنُ في زمنٍ أشدُّ من زمنِ الحجّاجِ ؟ ، وهل الذين خرجوا على النّاسِ الآنَ هم أدينُ وأطوعُ للهِ من الذين كانوا في زمنِ الحجّاجِ ؟ .

وفي سُننِ أبي داودَ من حديثِ عُبادةَ بنِ الصّامتِ – رضيَ اللهُ عنهُ – عن النّبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ – قالَ : " من قتلَ مؤمناً ، ثُمَّ اغتبطَ بقتلهِ لم يقبلِ اللهُ منهُ صرفاً ولا عدلاً " ، وقد سألَ خالدُ بن دهقانَ – أحدُ رواةِ الحديثِ – يحيى بنَ يحيى الغسّانيَّ عن قولهِ : " اغتبطَ بقتلهِ " ، فقالَ : هم الذين يقتتلونَ في الفتنةِ ، فيقتلُ أحدهم ويرى أنّهُ على هدىً لا يستغفرُ اللهَ منهُ أبداً .

ومن تأمّلَ في حالِ هذه الأحداثِ الأخيرةِ ، ونظرَ إليها بعينِ الإنصافِ والعدلِ ، سيرى أنَّ أكثرَ من قُتلَ فيهم هم من المسلمين المعصومينَ ، الذين حرّمَ اللهُ دمائهم وأموالهم وأعراضهم على جميعِ الأحوالِ - إلا في حدٍّ أو ردّةٍ أو قصاصٍ - ، جعلَ ذلك سواءً ، لا فرقَ بينَ المالِ والنفسِ والعرضَ في الحرمةِ ، فهل يُعقلُ أن تكونَ هذه الأعمالُ محبوبةً للهِ ، تُوجبُ الزلفى إليه والنعيمَ لديهِ ، وهي من الأعمالِ التي تستبيحُ دماءَ الرّكّعِ السُجّدِ من المُسلمينَ ؟ ، واللهِ لو لم يكنْ من دليلٍ على ضلالِ هذه المجموعةِ – هداهم اللهُ – إلا قتلهم للمُسلمينَ لكفى بهِ دليلاً ، فكيفَ وقد اشتملَ على أمورٍ أخرى عظيمةٍ ؟ .

إنَّ المكوثَ في السجنِ العمرَ كلّهُ أهونُ من لقاءِ اللهِ بدمٍ حرامٍ ، والمؤمنُ لا يزالُ في فسحةٍ من دينهِ ما لم يُصبْ دماً حراماً ، والدمُ الحرامُ سواءٌ في الحرمةِ لا يُبيحهُ التأويلُ ولا يُجيزُ إراقتهُ الخطأ ، بل الموتُ وفناءُ الجسدِ خيرٌ من السعي في فتنةٍ دهماءَ تطولُ دينَ النّاسِ ومعاشهم ، وفي مُسندِ الإمامِ أحمدَ من حديثِ محمودِ بنِ لبيدٍ ، أنَّ رسولَ اللهَ – صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ – قالَ : " اثنانِ يكرههما ابنُ آدمَ : يكرهُ الموتَ ، والموتُ خيرٌ للمؤمنِ من الفتنةِ ، ويكرهُ قلّةَ المالِ ، وقلّةُ المالِ أقلُّ للحسابِ " .

ولا يخدعنَّ أحدَكم كثرةُ الأتباعِ ، أو رواجُ الأمرِ على بعضِ النّاسِ ، فإنَّ الأمرَ ربّما راجَ وانتشرَ وهو في نفسهِ من أوضحِ الواضحاتِ ، وإنّما ذلكَ لقلّةِ حظِّ النّاسِ من العلمِ والفهمِ ، وضعفِهم أمامَ الشبهةِ ، ولا أدلَّ على ذلكَ من رواجِ فتنةِ المسيحِ الدجّالِ – لعنهُ اللهُ – على بعضِ النّاسِ ، وتصديقهِ لهُ ، مع أنّهُ من أكثرِ الفتنِ ظهوراً ووضوحاً ، وحالهُ من الشُهرةِ بحيثُ لا يخفى على أحدٍ ، فكيفَ بما عداهُ من الفتنِ التي تهونُ وتحقرُ عندَ فتنتهِ ؟ ، فالاتباعُ والنّاسُ ورواجُ الأمرِ ليسَ دليلاً على صحّةِ الطريقِ والمنهجِ ، وإنّما يُردُّ الأمرُ إلى أهلِ العلمِ العارفينَ بهِ ، والحمدُ للهِ أنَّ أهلَ العلمِ الذين ارتبطوا بهذه الفتنةِ أو كانَ لهم بها علاقةٌ ، أعلنوا جميعاً براءتهم منها ورجوعهم عن آراءهم ، بعدما رأوا الأثرَ السيئَ والتوظيفِ الخاطئَ لكلامهم وفتاويهم .

وأختمُ بهذا الأثرِ العظيمِ ، عن عمرَ بنِ الخطّابِ – رضيَ اللهُ عنهُ - ، وهو العالمُ الربّانيُّ والخليفةُ المُلهمُ والصحابيُّ المُحدّثُ ، قالَ سويدُ بنُ غفلةٍ : أخذَ عمرُ بيدي فقالَ : يا أبا أميّةَ ! ، إنّي لا أدري لعلّنا لا نلتقي بعد يومِنا هذا ، اتّقِ اللهَ ربّكَ إلى يومِ تلقاهُ كأنّكَ تراهُ ، وأطعِ الإمامَ وإن كانَ عبداً حبشيّاً مُجدّعاً ، إن ضربكَ فاصبرْ ، وإن حرمكَ فاصبرْ ، وإن أهانكَ فاصبرْ ، وإن حرمكَ فاصبرْ ، وأن أمركَ بأمرٍ ينقصُ دينكَ فقُلْ : طاعةً منّي ، دمي دونَ ديني ، ولا تُفارقِ الجماعةِ .

اللهمَّ ربَّ جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ ، عالمَ الغيبِ والشهادةِ ، فاطرَ السمواتِ والأرضِ ، أنتَ تحكمُ بينَ عبادكَ فيما كانوا فيهِ يختلفونَ ، اهدنا لما اختُلفَ فيهِ من الحقِّ بإذنكَ ، إنّك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مُستقيمٍ .

دمتم بخيرٍ .

أخوكم : فتى .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
حول التفجيرات
  • بيانات
  • مقالات
  • شبهات وردود
  • أحكام التكفير
  • حقوق الوالي
  • كتب وبحوث
  • مبادرة العفو
  • الصفحة الرئيسية