صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







وصف الشيخ أبوعبدالرحمن ابن عقيل للدولة السعودية (مع تعليق واقتراح مهم)

سليمان بن صالح الخراشي

 
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قال الشيخ أبوعبدالرحمن ابن عقيل الظاهري - وفقه الله - واصفًا حال الدولة السعودية مقارنة بغيرها من الدول الإسلامية التي ابتُليت بالاستعمار فترة من الزمن : ( والإغارة على شرقنا الإسلامي إغارة فكرية في الدرجة الأولى ، منذ حُل نظام الخلافة الإسلامية ، وانتُهبت تركتُها ، كما أن للصهيونية والصليبية تخطيطاً منظماً مدروساً لإبقاء شرقنا الإسلامي تحت الاستعمار الفكري والسياسي والاقتصادي.. لا يمكن أن ينكر ذلك إلا من صمم بإرادة سلوكية حرة - لا بضرورة فكر- على أن يعزل نفسه عما حوله، وأهم ثمار هذا التخطيط جاء من قبل تحطيم إيجابية الفكر، وقد تجلّى ذلك في وسيلتين:

الوسيلة الأولى:
إفساد القيادات والزعامات، وتربيتها تربية علمانية.. ، وعداء أغلب الزعامات للإسلام في بلادنا العربية والإسلامية حقيقة حسية مشهودة كلما استُحدِث زعيمٌ شغل الفراغ بالشعارات الكاذبة، مع ترديد العلمانية وترسيتها في حياة الناس وفي فكرهم؛ فإذا برم الضمير بتلك الشعارات، وسئم الاعتداء على مقدساته ؛ صُفِّيت تلك الزعامة بأي تدبير من وراء الكواليس، وأحل محلها زعامة جديدة لا سابقة لها ولا خطر ، إلا أنها رُبيت تربية معادية للأمة دينياً وعسكرياً واقتصادياً.. وهي تربية من وراء الكواليس أيضاً: تعيد حمى الشعارات السابقة، وتمتص غضب الجماهير بمراوغات جديدة ، وربما افتعلت لها المؤسسات الأجنبية نصراً عسكرياً مؤقتاً ومموهاً ضماناً لبقائها ، وما بُليت الأمة في هذه العصور إلا بعمالة القيادات وخيانتها.

ويستثنى واقع التاريخ وضعاً حكومياً واحداً في جزيرة العرب : وهو الحكومة السعودية ،  ليس في أي بلد عربي قيادة تساوي أو تقارب الواقع التاريخي لهذه الحكومة، بل كانت أعرق الحكومات على الإطلاق، وقد وُجدت قبل انحلال الخلافة الإسلامية في تركيا بما يزيد على قرن ونصف ، قبل أن يتفق الذئاب من الدول العظمى على التلاعب بكراسي الحكم والاستحواذ على ربائط تُربيها يد الأجنبي.. كانت هذه الحكومة من قرية من القرى الصغرى في نجد في مجتمع أمي عامي لم تمتد أساليب العمالة الأجنبية إلى فنائه، ولم تمخضه حركات الغارة الفكرية؛ لأنها لم توجد في الساحة بعد.. قامت هذه الحكومة والخلافة الإسلامية قائمة في تركيا ليس للأمم الكافرة أي سلطان على شرقنا، ولو وُجد لها سلطان لكانت الحكومة في الجزيرة آخر من يفكر في مداهنته؛ لأن النفوس مجبولة جِبلَّة فطرية وراثية على كراهة الأجنبي.. ولاسيما إن كان عدواً لله  ، لم يصحب قيام هذه الدولة في مجتمع فقير أُميّ تأييدٌ أجنبي، ولا يد أجنبية، ولا تمثيل بين عواصم أمريكة وبريطانية وروسية وفرنسية؛ لأنه لم يقم لهذه الدول الكافرة سلطان يومئذ، ولأن خلافة تركيا المسلمة في نحورهم على الرغم من سلبياتهم الخانقة لأبناء ملتهم من العرب الذين لم تُكدِّر سلفيَّتهم البدعة والدروشة .. إنها حكومة قامت في جوها التاريخي الطبيعي داعية إلى الإسلام وتنقية المجتمع من شوائب البدعة والوثنية التي تراكمت مع أحقاب الزمن، وليس لهذه الحكومة أي موجّه فكري وافد؛ لأنه ليس في أرفف القوم  غير القرآن الكريم، وكتب الفقه، والحديث، والتوحيد، والآلة  ، بأقلام كبار السلف.. لا يعرفون ولا يحسنون أصلاً غير ذلك، وظلت رقعة هذه الحكومة بين مدٍّ وجزرٍ ؛ تمتد بدافع الحماس للعقيدة كما في عهد عبدالعزيز الأول وابنه سعود، وتنكمش بتسلط الخلافة الإسلامية في تركيا بدافع الغيرة كما في عهد الإمام عبدالله ، أو بعامل الخلاف والتشاحن بين الأسرة ذاتها كما في عهد أبناء الإمام فيصل بن تركي رحمهم الله.. وقد عادت جميع الرقعة التاريخية في عهد الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وانتظمت القيادة بالدستور نفسه ، ومنذ ذلك التاريخ لم نجد وجهاً نشتبه فيه، والتعاقب على ولاية الأمر لم يكن من اللون الذي نرى فيه تصفية زعيم، واستحياء قزم، وإنما هو نظام تاريخي اختاره ولاة الأمر أنفسهم على نظام عريق سائد منذ قامت حكومتهم، وظل يكتسب شرعيته في كل مرحلة ببيعة المسلمين وتنظيم علمائهم وإلى الآن  ، - والله المرجو أن يعصم مستقبلنا- لم يُمْلَ على شعبنا أي إيديولوجية وافدة، ولم يحصل اعتداء على حرمة الدين وحريته، واستمرت البيعة لأجله منذ عهد محمد بن سعود؛ فالكلمة للإفتاء والقضاء والدوائر الشرعية العليا، ولا تزال الدولة - ولن تزال إن شاء الله - جهة تنفيذ لدين الأمة وعقيدتها. هذا واقع تاريخ لم أبتدعه، وإنما نبَّهت عليه؛ لأنه برهان حاسم على أن نظامنا منَّا، وإنما يُخشى علينا الاستسلام للغارة الفكرية التي سأشرحها في الوسيلة الثانية من وسائل التدمير الأجنبي .. لقد رأينا خلال التهافت على الكراسي في البلاد الأخرى أكثر من سحنة، وأكثر من وجه، وأكثر من أسلوب للخداع .. ولكن الذي بقي ولم يتغير هو العلمانية في فصل الدين عن الدولة، وتربية الناشئة على الغُربة عن دينها، وبقاء الأمة خلال كل زعامة تطرأ عاجزة عن صُنع إبرة !


و الوسيلة الثانية :
التسلط على عقول المثقفين بأفكار من حيل ثقافية تؤمم كل إيجابية فكرية .. يظهر ذلك بربط مداخل جميع العلوم بمناهج فلسفية غربية معاصرة ، حطمت كل معايير الفكر الصحيحة الثابتة ، وهي مناهج ومذاهب متناقضة ما بين : حسبانية ، و اسمية ، و وضعية ، و وجودية .. وقممُ هذه الفلسفة المعاصرة ملاحدةٌ متسترون على يهوديتهم ، ولا يُنكر البروتوكولات الصهيونية إلا مغبون العقل .. ويظهر ذلك ظهورًا أدق ذكاء ، و أعوض تعقيدًا ، في أيديولوجية الأدب الحديث ، التي يتهافت عليها - بغريزة فطرية - معظمُ أجيال المثقفين .. ) . ( المدخل عن نظرية المعرفة ، 19-23 ) .

 تعليق

1- صدق الشيخ أبوعبدالرحمن ، فبلادنا - ولله الحمد - قد حماها ربها من الاستعمار ، وصرف أنظاره عنها ؛ إلى أن اشتد عودها ، فآلم الكافرين انفلاتها من الوسيلة الأولى التي غزوا بها غيرها من بلاد الإسلام ، فلم يكن لهم بدٌ من محاولة غزوها بالوسيلة الثانية ، ولكنّ الله لهم بالمرصاد : ( كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله ) ، مادامت متمسكة بشرعه ، مصداقًا لقوله : ( إن تنصروا الله ينصركم ) ، وقوله : ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) .

2- بلادنا - ولله الحمد - ، حماها ربها من استيطان اليهود والنصارى ، وقد مهّد لهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأقواله - كما هو معلوم - ، لحكم ربانية ؛ من أهمها : أن استيطانهم فيها سيجعلها عُرضة لتدخلات الدول الكافرة بحجة حماية رعاياهم ! كما فعلوا بالدولة العثمانية ، حتى خلخلوها من الداخل . فتأمل حكمة الله ونعمته على هذه البلاد .


3- بلادنا حباها الله بدعوة سلفية موحدة ، تآزر فيها السلطان والقرآن ؛ مما أحدث وحدة فكرية نُحسد عليها ، فمن دعا إلى تشتيتها بدعاوى التعددية وحرية الرأي.. الخ الزخارف الكلامية فهو ظالمٌ لنفسه ولها ، منكرٌ نعمةً تفتقدها كثير من الدول التي اغترت بتلك الدعاوى التي ما لبثت أن تحولت إلى أحزاب متناحرة . وقلة أهل البدع الذين يعيشون على أرض بلادنا آمنون مطمئنون على أنفسهم وأعراضهم ودمائهم ، ماداموا لم يُظهروا مخالفاتهم . مع أن المؤمل منهم أن يتوبوا منها ، ويلتزموا الإسلام الصحيح ؛ لأن فيه عزهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة .


4- ولهذا : فبلادنا ليست بحاجة إلى أفكار وتوجهات تُخالف شرع الله ، وتؤصل لتفرق المواطنين . ( سواء بتحزبات إسلامية أو قومية أو وطنية أو ليبرالية علمانية .. ) . فقد أغناها الله عن هذا كله بدعوة سلفية مُيسرة نقية ، تعتمد الكتاب والسنة بفهم الصحابة رضي الله عنهم . فعلى من أشغلنا بأحزابه ودعواته ( وإن سماها إصلاحًا ) ، أن يكفَ عن تفريق المسلمين ، لأننا لسنا بحاجة له ولأفكاره الهدامة ، وعليه أن يُعمل عقله إن كان جادًا في الإصلاح ، وليس طالب سُلطة أو شهرة ، في التالي 5و6 :


5- بلادنا بحاجة إلى مزيد من العقول النابهة والأعمال المتنوعة في مجالات الدنيا النافعة ، التي تضمن لنا - بعد الله - قوة تحمي البلاد من الأعداء ، وصناعة وتجارة وزراعة وإدارة .. الخ الأمور الدنيوية النافعة .. توفي متطلبات المسلمين ( إن لم يكن كلها فجلها ) ، وتنقلهم إلى حياة كريمة هانئة .


6- أخيرًا : بلادنا بحاجة إلى مزيد من التناصح والتحاب بين الوالي والرعية ، يقوم كلٌ منهم بواجبه الذي سيُسأل عنه ، الوالي يعدل ويتلمس حاجات المواطنين ، ويحرص على إسناد الأمور لأهلها المأمونين في دينهم ونزاهتهم وولائهم ، ويحافظ على دين الأمة ؛ بمنع وسائل الإفساد ، والتضييق على المفسدين ، والرعية تحتسب الأجر في طاعته  في غير معصية ، وجمع الناس عليه ، والدعاء له ، مع إسداء النصح والاقتراحات النافعة .

حفظ الله بلادنا ، وألزمها التقوى في جميع أمورها ، وأدام عزها واستقرارها وتآلفها ، ونفعها للمسلمين دعوةً وصدقات .

الاقتراح

 عبارة عن وضع صندوق عام لاقتراحات المواطنين في مختلف مدن المملكة ( قصدي بالصندوق : مكان محدد ؛ إما موقع على الشبكة أو صندوق بريد ، أو رقم مجاني ، أو فاكس .. ) ، يُشرف عليه لجنة مُتخصصة في مختلف الشؤون الدنيوية ( علمية - اقتصادية - أمنية - .. ) . مهمة هذا الصندوق تلقي اقتراحات المواطنين التي تطرأ عليهم في سبيل حل مشكلة من المشاكل التي واجهتهم ، ومن المعلوم أن بعض المواطنين وهبهم الله ذكاءً ونباهة في مثل هذه الأمور ، قد لا تكون عند المختصين بها ، ولكنه لا يعرف كيف يُوصل اقتراحه ، فلهذا يوأد اقتراحُه في مهده ، ولوكان مثل هذا الصندوق موجودًا لانتفعت الدولة والمواطنون باقتراحه . ومهمة اللجان المشرفة على الصندوق : فرز الاقتراحات وانتقاء الناجح والفريد منها ، ثم رفعه للجهات العليا ، للنظر النهائي فيه وتنفيذه ، وسأبدأ بأول اقتراح يُرسل لهذا الصندوق !

وقفُ المواطن

الجميع يعلم معاناة كثير من المواطنين المالية في السكن وغيره - خاصة الشباب المُقبل على الحياة - ، ولهذا لن أطيل فيه . ويعلم تأثير هذا على نفسيات الناس ، وسلوكهم ، ثم تعاطفهم مع أعداء هذه البلاد ، أو سلبيتهم تجاهها ، حتى قال واحد منهم  : لا أذود الطيرَ عن شجرٍ * قد بلوتُ المرّ من ثمره ! ، ففضلا عن الأجر العظيم الذي ينتظر الوالي الرفيق بشعبه من هذا الوقف ، فإنه سيصرف كثيرًا من المحتاجين عن التأثر بالشرور بأنواعها . واقتراحي هو أن تُخصص الدولة - رعاها الله - مئة مليار من ميزانيتها الفائضة ، وتجعلها وقفًا - سواء كان الوقف في الداخل أو في بلاد مسلمة ، المهم أن يكون ريعه عاليًا ومستمرًا بإذن الله - يُصرف هذا الريع على المواطنين المحتاجين ، ( بناء مساكن أو سداد ديون أو غيرها ) ، ويكون استثمار هذا الوقف وتوزيع ريعه تحت إشراف ومتابعة دقيقة من أناس مأمونين في دينهم ونزاهتهم وسيرتهم ، برواتب مجزية . فإذا توقعنا أن ريع هذا الوقف سيكون على أقل تقدير - بحول الله - 10% أي 10مليار سنويًا ، فكم من المساكن الاقتصادية ستبنيها ؟ وكم من الحاجات ستسدها ؟ وكم من النعم والجزاء الأوفى من الله ستجلبها ؟ وكم من الشرور ستدفعها ؟ فكيف إذا كانت هذه المليارات العشرة ستتكرر سنويًا !!  فما رأيكم ؟

 
اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سليمان الخراشي
  • كتب ورسائل
  • رسائل وردود
  • مطويات دعوية
  • مـقــالات
  • اعترافات
  • حوارات
  • مختارات
  • ثقافة التلبيس
  • نسائيات
  • نظرات شرعية
  • الصفحة الرئيسية