صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







( ملـف الابتعاث للخارج ) - دراسات وندوات ومقالات -

سليمان بن صالح الخراشي

 
بسم الله الرحمن الرحيم

نظرًا لفتح باب " الابتعاث " إلى الخارج - من جديد - ؛ فقد أحببتُ أن أشير إلى شيئ مما قاله الباحثون الذين تأملوا جميع جوانبه - ذاكرين إيجابياته وسلبياته وضوابطه - ؛ لعله - وقد جاء عن اطلاع وخبرة - يكون نافعًا لأهل هذه البلاد - وغيرها من بلاد المسلمين - ، رعاة ورعية  ، وذلك بأخذ النافع منه عند الحاجة ، وتجنب أضراره . وقد ذكر الشيخ الصباغ - كما سيأتي إن شاء الله - ضوابط ذلك ، ويُضاف لها : عدم اقتصار الابتعاث على دول الغرب - لا سيما أمريكا - ، بل التنويع شرقًا وغربًا - عند الحاجة كما سبق - ، واستعمال الذكاء والحكمة في الوصول للهدف ، دون الوقوع في المصيدة ! - واللبيب يفهم - ، والله الهادي والموفق .
 

1- : الابتعاث إلى الخارج وقضايا الانتماء والاغتراب الحضاري
كتاب للدكتور إبراهيم القعيّد
 

جاء فيه ( ص 30 - 31 ) : ( قام د. عبدالله البنيان بدراسة الجانب الثقافي من الرحلة العلمية للطلبة السعوديين في الولايات المتحدة الأمريكية وعلاقته بتغير اتجاهاتهم وميولهم النفسية والفكرية، وقد استهدفت دراسة البنيان كل الطلبة السعوديين في وقت من الأوقات، وبالتحديد في عام 1972م، حيث أرسل الباحث استبيانا لكل طالب سعودي عن طريق الملحقية الثقافية السعودية في أمريكا، وقد استجاب للاستبيان 117 (17%) طالب من أصل 700 طالب سعودي يتلقون تعليمهم في الجامعات الأمريكية في ذلك الوقت، وإليك أهم نتائج هذه الدراسة:

1-  تبين أن لطول الفترة التي قضاها الطلبة السعوديين في البيئة الأمريكية علاقة قوية بتغير اتجاهاتهم النفسية والفكرية، وقد اتضح هذا التغيير فيما يتعلق بالوضع التقليدي للمرأة في المجتمع السعودي، حيث أدت الفترة الزمنية الطويلة التي قضاها الطلبة في أمريكا إلى تطور ما أسماه الباحث ببعض الاتجاهات نحو تحرير المرأة، وهذا يعني رفض القيم التقليدية والعادات المتعلقة بنظام الحجاب ورفض الحدود المفروضة على اختلاط الرجل بالمرأة في التعليم والوظيفة.

2-  تبين أن الطلبة الذين أمضوا في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من سنتين عبروا عن عدم موافقتهم على القيم التقليدية التي تحكم العلاقات العائلية في بلادهم أكثر مما عبر عنه الطلبة الذين أمضوا أقل من سنتين وهذا يعني "أن القيم التقليدية التي تحكم العلاقات العائلية في المملكة تميل إلى فقدان أهميتها عند الطلبة مما يفسح المجال لظهور القيم الأمريكية مع طول فترة الحياة في أمريكا".

وتتفق كل من نتائج دراسات د. إبراهيم عبدالله ناصر ود. إبراهيم العبيدي حول مشاكل تكيف الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة الأمريكية مع ما توصل إليه د. عبدالله البنيان من أن بقاء الطالب السعودي في الولايات المتحدة الأمريكية فترة طويلة من الزمن يجعله أكثر عرضة للتأثر الاجتماعي من قبل المجتمع الأمريكي.

وتفيد النتائج المأخوذة من الدراسات سالفة الذكر، دراسات افرنورمبل، وغدير الغدير، وعبدالله البنيان، وعبدالله ناصر، وإبراهيم العبيدي أن هناك تأثيراً للفترة الزمنية التي يقضيها الطالب في بلد الدراسة على شخصيته، فيؤدي طول هذه الفترة إلى التخفيف التدريجي للمشاكل الاجتماعية والنفسية التي يتعرض لها الطالب منذ بداية قدومه، ويؤدي إلى تحسن عمليات التكيف، وهذا يعني الألفة لأسلوب الحياة الجديدة والتعود على الممارسات الاجتماعية وعدم استغراب المسلمات الثقافية لهذه الثقافة الجديدة، كما قد تؤدي هذه الفترة الزمنية التي يقضيها الطالب في بلد الدراسة إلى تحولات في الاتجاهات والميول النفسية والفكرية ) .


وقال في نتائج دراسته ( ص 75 - 87 ) :


( 1-إن حياة الطالب المسلم في بلاد الغرب لأهداف الدراسة، لا يجب أن يُنظر إليها من وجهة نظر الانتقال من مجتمع إلى مجتمع، أو دولة إلى دولة، أو كونها رحلة لطلب العلم فقط، بل يجب أن ينظر إلى هذه الحياة بطريقة أشمل وأعم، على اعتبار أنها اتصال حضاري بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية، وتبعاً لذلك، يجب ألا يغيب عن الأذهان المكانة السياسية والاقتصادية والعلمية المعاصرة لكل من الحضارتين ، والمبررات التي دعت إلى الابتعاث للخارج، وهذا يعني بالضرورة، أن كفة ميزان المعادلة الحضارية ترجح لصالح الحضارة الغربية، التي يذهب إليها أبناء المسلمين لإكمال دراستهم الأكاديمية والمهنية، وهذا يعني أيضاً، أن الطالب الذي يذهب إلى هناك يكون في موقف المتلقي والمتعلم، وقد تتدعم لديه افتراضات تعتبرها الحضارة الغربية من المسلمات لديها، وهي مسلمات مفادها بأن الحضارة الغربية ومنجزاتها في ميادين العلم والفن والأدب والحياة الاجتماعية وما نتج عن ذلك من مظاهر في الفكر والسلوك والأنماط الثقافية الأخرى، تمثل بمجملها أفضل إنجاز للعقل البشري، ومن ثم فهي تعكس التحضر والتقدم وتتربع على قمة الحضارة الإنسانية، وتبعاً لذلك فالحضارة الغربية هي المثال الذي يجب أن يحتذى والمعيار الذي في الإمكان اتخاذه للحكم على الثقافات والحضارات الأخرى.

وإذا كانت هذه الفرضية الداعية إلى تمجيد الحضارة الغربية واتخاذها نموذجاً في التقدم والتنمية تتمتع بالدعم والنماء والانتشار في بلاد المسلمين وتجد لها الدعاة والمساحات الكبيرة في ميادين الفكر والحياة الاجتماعية فإن الابتعاث للخارج قد يكون رافداً مؤثراً من روافد هذا الاتجاه إذا لم تتخذ الضمانات الملائمة لترشيده ) .


أما توصيات الدكتور القعيّد فقد لخصها في التالي :


(
أولا : إن أهم قضية في هذا المجال هي الإجابة على السؤال التالي: كيف يستطيع الطالب المسلم الحياة والدراسة في بلاد الغرب مع تجنب الآثار السلبية الناتجة عن ذلك؟

والإجابة على هذا السؤال تجعلنا أمام قضية جوهرية، وهي أن الطالب المسلم الدارس في بلاد الغرب فرد ينتمي إلى عقيدة تختلف بمصادرها وأسسها وقيمها ومظاهر سلوكها الاجتماعي عن الحضارة الغربية، ولكي يتجنب الآثار السلبية الناتجة عن الحياة في بلاد الغرب، عليه أن يلتزم بإسلامه، ويعتز بانتمائه الحضاري، ويبحث عن السبل التي تكفل له هذا الالتزام، وتدعم في شخصيته الانتماء المذكور.

ولا شك أن الطلبة المسلمين يختلفون في الاستجابة لضغوط الحياة في الثقافة الأمريكية ويتأثرون بها بطرق مختلفة، ولكن العنصر الأساس في هذه المعادلة هو مستوى التحصين العقائدي والفكري لدى الطالب المسلم، فكلما ارتفع هذا المستوى من التحصين، كلما كان التأثير إيجابياً وموجهاً نحو الوجهة السليمة، وكلما قل هذا المستوى من التحصين، كلما كان التأثر سلبياً ونحو الوجهة الخاطئة، بمعنى أن الطالب المسلم الذي يفد إلى الغرب للدراسة وهو مزود بالتحصين المناسب أو توفرت له الفرصة للحصول على هذا التحصين في بلاد الغربة يستفيد أكثر من غيره من هذه التجربة الحضارية بأبعادها العلمية والإنسانية.

فمن ناحية علمية، تكون حوافزه للتعلم أقوى، وإنجازه أفضل، لشعوره بالمسئولية تجاه وطنه وأمته الإسلامية، ومن ناحية إنسانية، يتعامل تعاملاً مباشراً مع الحضارة الغربية، ويتعرف عن كثب على مشكلاتها وانحرافاتها، ويستفيد من بعض جوانبها الإيجابية التي وفرت التميز والريادة للمجتمعات الغربية، ومن أجل ذلك، نستطيع القول بأن مثل هذا الطالب قد استثمر هذه التجربة الحضارية " الدراسة والحياة في الغرب " استثماراً علمياً واعياً على مستوى شخصه ومستوى الأمة التي ينتمي إليها.

وعلى النقيض من ذلك، الطالب الذي لا يتوفر لديه التحصين العقائدي والفكري المناسب، أو كان متوفراً لديه ولكنه لم يستطع المحافظة عليه في فترة الاغتراب تحت تأثير الاحتكاك المباشر مع المجتمع الغربي، أو لأي سبب من الأسباب، فإن مثل هذا الطالب تسيطر على عقليته مظاهر الانبهار والتقليد والتأثر سلباً بفكر وسلوك المجتمع الغربي، وعند الرجوع إلى أرض الوطن يكون مثل هذا الطالب سفيراً لتوجهات فكرية وسلوكية تنتمي إلى حضارة أجنبية، الأمر الذي يدعم توجهات التبعية والاتكالية الحضارية ويطيل أمد الضياع والتخبط في متاهات الاغتراب الحضاري.


ثانياً:
يجب أن تتحمل المؤسسات والأجهزة الحكومية المسئولة عن الابتعاث في الدول الإسلامية مسئولية كبيرة في دراسة الابتعاث للخارج وآثاره الفكرية والسلوكية، والنظر إليه على اعتبار أنه اتصال حضاري بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية، وليس فقط رحلة لطلب العلم، ومن ثم وضع العامل الحضاري في الاعتبار عند وضع خطط الابتعاث واختيار التخصصات واختيار المبتعثين، وعند ابتعاث الطالب للخارج يجب الاهتمام اهتماماً مستمراً بمتابعته وتوفير الحلول لمشكلاته في بلاد الغربة، ومن جوانب هذا الاهتمام، اختيار الجامعة المناسبة والمشهورة بمستواها العلمي الرفيع، وتشجيع الطالب على الدراسة في الجامعات التي تضم أعداداً من الطلبة العرب والمسلمين، بحيث يرتبط اغترابه الحضاري مع وجود من يشترك معه في القيم، وبحيث لا يواجه ضغوط الحضارة الغربية معزولاً بمفرده، ومن جوانب هذا الاهتمام أيضاً، تدعيم انتماء المبتعث لدينه وأمته وذلك عن طريق تشجيع الأنشطة التي تخدم هذا الغرض في بلاد الغربة من محاضرات وندوات ومخيمات ومؤتمرات.

ثالثاً:
يجب على الجامعات والمؤسسات التعليمية والثقافية العليا في الدول الإسلامية أن تسهم إسهاماً فعالاً في ترشيد الابتعاث خارج البلاد الإسلامية، وجعله في أضيق الحدود، بل والعمل تدريجياً على إلغاء مبرراته، ولا شك أن هناك أساليب كثيرة لتحقيق هذه الأهداف، منها على سبيل المثال : توفير التخصصات اللازمة ودعم البحث العلمي وتوثيق العلاقات الأكاديمية والعلمية وتنشيطها بين جامعات الدول الإسلامية وتسهيل الابتعاث والفرص التعليمية بين الجامعات المعنية.

رابعاً:
طالما أن الابتعاث للخارج لا يزال يجد بعض المبررات فإن على الجامعات على وجه الخصوص مسئولية عمل دورات وبرامج توجيهيه للمبتعثين للخارج، يتم فيها تعريف المبتعث على الأنظمة والتقاليد الجامعية والثقافية الغربية وأنماط السلوك التي قد يواجهها، ويتم عن طريق هذه البرامج تحصين الطلبة فكرياً وجعل البديل الحضاري الإسلامي واضح أمام الجميع، وقد خطت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض خطوات مباركة في هذا السبيل، ونظمت برنامجاً توجيهياً منذ عدة سنوات ينضم إليه كل مبتعث من المملكة العربية السعودية، ويعتبر برنامجاً رائداً في مجاله.

خامساً:
يوصي الطالب المبتعث، على اعتبار أنه المسئول أولاً وأخيراً عن أسلوب التكيف الذي يختاره لنفسه ويعيش به في بلاد الغربة، أن يحاول ما استطاع فهم الأبعاد النفسية والثقافية للابتعاث للخارج، ويتعرف على مدى أهمية مثل هذه الأبعاد في صياغة أنماط فكرية وسلوكية في شخصيته، وأثر ذلك عليه شخصياً وعلى الأمة التي ينتمي إليها، وفي ضوء هذه الرؤية، عليه أن يتعامل مع البيئة الثقافية الاجتماعية الجديدة بطريقة تضمن له الاحتفاظ بتميزه الفكري والسلوكي الإسلامي وفي الوقت نفسه تمكنه من معرفة أصول ومظاهر الثقافة الغربية بأفكارها ومسلماتها واتجاهاتها، وهذا ما أشرنا إليه في دراستنا بالتكيف الراشد والذي يعتبر الموقف الفكري والسلوكي الوسطي في المعادلة الحضارية بين الاندماج والرفض.

سادساً:
يوصي المبتعث بألا يخلد –بفعل العادة والألفة- إلى الاستسلام للأفكار والمسلمات والاتجاهات الغربية في الفكر والسلوك، بل يكون دائم التقويم لها وتطوير الحس المقارن بينها وبين الإسلام، بحيث لا تسيطر عليه مظاهر الانبهار والإعجاب بها.

سابعاً:
يوصي المبتعث ببذل الجهود في السنة الأولى من الابتعاث في تعلم اللغة، بسبب ما تفرضه مرحلتا الصدمة الثقافية والتكيف الجزئي من ضغوط للتعلم اللغوي، والتي يكون الطالب فيها –عادة- مهيأ نفسياً لاكتساب المهارات اللغوية، وخاصة مهارة الحديث، وذلك لأنه بانتهاء مرحلة التكيف الجزئي تبدأ الضغوط بالزوال ومن ثم تبدأ حوافز التعلم اللغوي بفقدان قوتها وتأثيرها، وهذا بالطبع لا يعني أن يتخلى المبتعث عن التعلم اللغوي بعد السنة الأولى، بل يجب استثمار كل سنوات الابتعاث في التعلم اللغوي وتدعيمه لإتقان اللغة الأجنبية قدر المستطاع، ولكن أهمية السنة الأولى يجب ألا تغفل عن البال لما لها من تأثير قوي في تهيئة الظروف النفسية للتعلم اللغوي، فمستقبل الطالب من الناحية الأكاديمية، وفهمه للثقافة الغربية، بل وصحته النفسية أيضاً، تعتمد اعتماداً كبيراً، كما أوضحنا في دراستنا، على ما يبذله المبتعث من جهود في تعلم اللغة في السنة الأولى من ابتعاثه للخارج.

ثامناً:
توصى المؤسسات والمراكز الإسلامية في الغرب بتحمل مسئوليتها الكبيرة تجاه الطلبة المسلمين، خاصة في السنة الأولى من الابتعاث التي غالباً ما يمر بها المبتعث بمراحل تكيفه في البيئة الثقافية الاجتماعية الجديدة، فالطالب في هذه السنة، وخاصة في مرحلة الصدمة الثقافية، في حاجة للمساعدة في فهم المظاهر الفكرية والسلوكية للثقافية الغربية ومؤشرات الاختلاف بينها وبين الإسلام، وهو أيضاً في حاجة للمساعدة الشخصية والتشجيع والمواساة وتبديد مشاعر الغربة وتهيئة الظروف له لتدعيم انتمائه للعقيدة والحضارة التي يحملها، ويجب أن يترجم هذا الاهتمام من المؤسسات المذكورة إلى برامج توجيهية وتعليمية واجتماعية وترفيهية تقدم للرجال والنساء والأطفال.

تاسعاً:
توصي المؤسسات والمراكز الإسلامية في الغرب بإقامة العلاقات الجيدة مع الجامعات ومعاهد تعليم اللغة والمؤسسات العلمية الأخرى التي يفد إليها الطلبة المسلمون، واستثمار مثل هذه العلاقات في مساعدة الطلبة المسلمين وتخفيف الضغوط الاجتماعية والثقافية والأكاديمية عنهم، والتعبير عن آمالهم وقضاياهم في بلاد الغربة ) .

 

2- ظاهرة الابتعاث في البلاد العربية وآثارها الثقافية
دراسة نقدية في ضوء الإسلام
رسالة ماجستير ( لم تُطبع ) في جامعة الإمام
للأستاذ ضياء الدين الأنصاري
1419هـ

 

قال في مقدمتها ( ص 3 ) : " فإن لموضوع الابتعاث أهمية عظمى، وخطورة بالغة، ذلك أن هذه البعثات يكون من أفرادها رجال المستقبل، وحكام البلاد، والقيادات الفكرية فيها. وتزداد الأهمية والخطورة إذا عرفنا أن البيئات التي يُبتعث إليها تختلف عن بيئة المبتعث في مختلف جوانب الحياة: الدينية، والفكرية، والاجتماعية، بالإضافة إلى ما تقوم به مختلف الدوائر المعادية للإسلام في تلك البيئات من صهيونية وصليبية وعلمانية وماركسية ونحوها، وما تتمتع به هذه الدوائر من صلاحيات وإمكانات تجندها جميعاً في تحقيق أهدافها، وكذلك الحال بالنسبة للمؤسسات الإعلامية ذات الأهداف السابقة، وما قد يقوم بين تلك الدوائر والمؤسسات المعادية للإسلام؛ سواء كانت تعليمية أو اجتماعية من علاقات تعاون في سبيل تحقيق أهدافها تجاه الإسلام والمسلمين من خلال المبتعثين، مستخدمين في ذلك عدداً من الوسائل المختلفة والمتنوعة، وتزداد الخطورة أكثر عندما نعرف بأن استخدامهم لكل تلك الوسائل لا يتم بصورة عشوائية؛ بل وفق دراسة علمية دقيقة لنفسية وتوجهات ورغبات وميول المبتعث، فيتم استخدام الوسيلة المناسبة في الوقت المناسب بعد التأكد من مدى مناسبتها وانسجامها مع طبيعة المبتعث من مختلف الجوانب ، وبذلك يسهل تحقيق الأهداف التي قد رسمت وحددت مسبقاً .. " .

ثم ذكر نبذة تاريخية عن فكرة إنشاء الدورات التي تُقام للمبتعثين قبل سفرهم :


فقال : " انطلاقاً من المبادئ الثابتة التي قامت عليها المملكة العربية السعودية من التزامها بالمنهج الإسلامي الراشد، وتربيتها للأجيال عليه ، ونظراً لما تتطلبه ظروف الاستفادة من معطيات المدنية المعاصرة لتكون رافداً من روافد التنمية الشاملة لشباب المملكة، وحرصاً على تحقيق الإفادة من الابتعاث ، وربط ذلك بمقومات الشخصية الإسلامية السوية والمتميزة للشباب السعودي فقد صدرت الموافقة السامية ذات الرقم 7/م/8891 والتاريخ 21/4/1401هـ على قرار اللجنة العليا للإصلاح الإداري ذي الرقم 91 والتاريخ 20/8/1399هـ القاضي بأن يتولى المعهد العالي للدعوة الإسلامية ( كلية الدعوة والإعلام حالياً ) التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مهمة التوجيه والتوعية للطلاب المراد ابتعاثهم للدراسة في الخارج، وبناءً عليه فقد قامت الجامعة بإعداد دراسات وتصورات عامة عن كيفية تنفيذ الموافقة السامية ثم عرضها ومناقشتها مع الجهات المعنية بالابتعاث.


أهداف دورات المبتعثين:


تهدف الدورات إلى إعانة الطالب السعودي المبتعث إلى الخارج على تحقيق الغاية من ابتعاثه وذلك من خلال التالي:

1-  العلم الشرعي الذي يعينه على تحصين نفسه وأسرته من مزالق الانحراف في التصور والسلوك والإدراك.
2-  الثقافة العامة التي تبصره بأنجح الوسائل والأساليب للمحافظة على دينه ونفسه وعرضه وماله وتجنب ما يُسيء إلى أي منها.
3-    الاطلاع على ظروف الحياة وطبيعتها والخلفيات الفكرية والاجتماعية للبلاد التي يوفد إليها.
4-  التأكيد على أهمية التفوق العلمي والإفادة القصوى مما تتيحه فرصة الدراسة في الخارج من الاطلاع والبحث فيما يخدم التخصص العلمي الذي يوفد للدراسة فيه.
5-  تعميق روح الوعي بالقضايا الإسلامية وضرورة التفاعل معها والإسهام في حلها بقدر المستطاع ، والتذكير بالدور الرائد للمسلم في الدعوة إلى الله على هدىً وبصيرة.
6-  التذكير بما وصلت إليه المملكة العربية السعودية من تقدم علمي وإنجاز حضاري يسعى إلى تنميته وإبرازه والمحافظة عليه.

 
انعقاد أول دورة:

عُقدت أول دورة في مدينة الرياض بتاريخ 26/4/1402هـ، ولمدة أربعة أسابيع، وحضرها 73 مبتعثاً. ( ص 522-523) .


متى بدأ الابتعاث في المملكة :


" بدأ الابتعاث في المملكة العربية السعودية في عام 1346هـ الموافق 1927م وذلك قبل أن يتم توحيد المملكة العربية السعودية على يد مؤسسها الملك عبدالعزيز رحمه الله. وكانت جهة الابتعاث للبعثة الأولى مصر، حيث صدر قرار مجلس الشورى رقم 33 في جمادى الأولى عام 1346هـ - 1927م المعطوف على أمر سمو النائب العام للملك رقم 1992 في 3 جمادى الأولى عام 1346هـ - 1927م بإرسال أربعة عشر تلميذاً من الحجاز للتعليم في الخارج ستة منهم من مكة، وثلاثة من المدينة، وثلاثة من جدة، واثنان من الطائف .

 أما الابتعاث خارج البلاد العربية فقد أرسلت أول بعثة إلى سويسرا في عام 1355هـ، وهي مكونة من طالبين، لدراسة الحقوق والعلوم السياسية، كما تم في نفس السنة ابتعاث طالب واحد فقط إلى استنبول لدراسة الهندسة  .

ثم توالي إرسال البعثات إلى أوروبا وأمريكا خصوصاً بعد أن تفجر النفط في المملكة، وازدادت مواردها على أثر ذلك " .


3- الابتعاث ومخاطره
رسالة صغيرة من تأليف : الشيخ محمد بن لطفي الصباغ
 

  كانت في الأصل بحثًا كتب للمؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة , الذي عقد في المدينة المنورة في 24|2|1379هـ الموافق12|2|1977م ،  قال في مقدمته :

" فقد آثرت أن أبحث في موضوع الابتعاث لما أرى له من الأهمية العظمى والخطورة البالغة , ذلك أن مستقبل بلاد العالم الإسلامي – يتوقف إلى حد بعيد – على هذه البعثات التي سيكون من أفرادها رجال المستقبل , وحكام هاتيك البلاد , والقيادات الفكرية فيها .

وإنني أشكر للقائمين على هذا المؤتمر إدراجهم هذا الموضوع في جملة الموضوعات التي يعالجها المؤتمر , فذلك يدل على تنبه بخطر هذه الظاهرة التي لا يستطيع الدعاة تجاهلها ,
لأن ما يبنيه الداعية في مجال , يهدمه المنحرفون من المبتعثين , لاسيما إن كانت في أيديهم السلطة والصلاحيات " .

ثم ذكر شروطًا مهمة للابتعاث - عند الحاجة إليه - :


قال : ( وأهم هذه الشروط هي :
1-  أن نأخذ في رحلتنا ما تحتاج إليه أمتنا ... أن نأخذ العلم التجريبي وتطبيقاته . فالعلم بحقائقه المجردة لا جنسية له ولا لون , والمخترعات لا تلتزم بدين ولا تعبر عن تصور .

2- أن نأخذ ما نأخذ ونحن محافظون على ذاتنا وكياننا وأنفسنا , معتزون بما أكرمنا الله به من الدين , لأن مثل هذا الإعتزاز يسهل علينا معرفة ما نأخذ وما ندع , ومعرفة مصلحتنا وتحديدها , ولنا الأسوة الحسنة في صنيع أجدادنا , عندما اقتبسوا بعض العلوم النافعة التي كانت عند الأقوام الأجنبية الأخرى .

فلقد أقبل أولئك الأجداد في العصر الذهبي للثقافة والتدوين والتبحر العلمي , أقبلوا على الترجمة والابتكار والإبداع , فترجموا كثيراً من الكتب وأبدعوا وابتكروا ... وكان لهم أدب راق يحمل الأصالة العربية في البيان , والوجه الإسلامي إذ جعل وجهته القرآن , وكان لهم طب يتسم بهذه السمة , ورياضيات , وفلسفة , وجغرافيا , وفيزياء , وكيمياء , وكانت هذه العلوم المختلفة مصطبغة بالروح الإسلامية .

3-  أن يكون هناك اختيار لمن يذهب , فيختار لهذه المهمة من كان صلب الدين , قوي الإرادة , متقدم السن , محصناً من التأثر .

4-  أن يحاط المبعوث هناك بالجو الإسلامي النظيف الذي يذكره إن غفل , ويعينه إن ذكر .

5-   أن تكون مناهجنا التعليمية تجعل ممن يذهب لتلك البلاد , واعياً مؤثراً غير متأثر

وسيمر بنا تفصيل لهذه الشروط في ثنايا البحث  " .  والرسالة موجودة في
( مكتبة صيد الفوائد الاسلامية ) .
 

4- الابتعاث من غير ضرورة : سياسة خطيرة
مقال نُشر في مجلة المجتمع ( العدد 265 )


جاء في آخره : " إلى متى نبقى عالة على موائد الأمم الكافرة التي تحاربنا وتتآمر علينا، وترضى لنا كل شيء إلا أن نعود خير أمة.

تحدث أستاذ التاريخ في الجامعات الغربية –برنارد لويس- في كتابه "الغرب والشرق الأوسط" عن أسباب ابتعاد المسلمين عن دينهم وقبولهم معتقدات الغرب، وأثبت بالأدلة والبراهين بأن دعاة التغيير وطلائع الذين حاربوا الإسلام وحملته هم من الطلاب الذين عادوا من ديار الغرب مبهورين بالاختلاط والسفور والتبرج والديمقراطية المطلقة التي لا يحدها خلق ولا يضبطها دين .

ومالنا وكلام برناردلويس : فأتاتورك تلميذ من تلامذة الغرب .. وانظروا ماذا فعل بالإسلام والمسلمين!!

وميشال عفلق وانطون سعادة وطه حسين وقاسم أمين والحبيب بورقيبة عاشوا جزءاً من حياتهم في ديار الغرب، ونقلوا لبلادنا وثنية القومية والوطنية، وبدعة الاشتراكية والرأسمالية، وأكثر الزعماء تغذوا الحقد والكراهية من مدارس لندن وباريس وواشنطن ، ومما لا شك فيه أن الله قيض دعاة في بلاد الغرب استقام على أيديهم المنحرفون، وهذا لا يقلل من خطورة الابتعاث.


والذين يفتحون باب الابتعاث على مصراعيه بدون ضرورة ملحة هم مهددون في حياتهم ومصالحهم وأنظمتهم
فليخشوا على أنفسهم بعد أن فقدنا غيرتهم على عقيدة أمتهم " .
 

5- قصة نشوء الابتعاث إلى الخارج
ندوة عُقدت بمجلة المنهل ( م 11 ع 7 )
 

شارك فيها كلٌ من : الأستاذ محمد حسين زيدان ، علي حسن فدعق ، محسن باروم ، حسين عرب ، أحمد رفاعي حسنين ، عبدالقدوس الأنصاري . وجاء فيها :

- أن : عبدالوهاب آشي ، محمد سعيد العامودي ، محمد بياري : هم من اقترح على الملك عبدالعزيز - رحمه الله - البعثات ؛ فشكل لجنة لذلك . ( كانت البعثات حينذاك بعد الثانوية إلى مصر ) .

- جاء في خاتمة الندوة : " وهكذا انعقد الإجماع من المنتديين على عدم ابتعاث الطلاب الثانويين إلى الخارج ، وقرروا جميعًا نصر دراستهم الثانوية في داخل البلاد ؛ حفظًا لدينهم ولآدابهم وأخلاقهم وتاريخهم . وهو قرار حكيم " .

 

6- مجلة منبر الإسلام تفتح ملف الابتعاث إلى الغرب
عدد شوال 1410هـ

7- دليل أحكام ولوائح الابتعاث
من إصدار وزارة التعليم العالي
 

جاء فيه : " - منع ابتعاث الفتيات للدراسة بالخارج ولو على حساب أولياء أمورهن:

بموجب خطابات رئيس مجلس الوزراء رقم 3/ح/22167 في 23/9/1398هـ ورقم 3/م/8352 في 4/4/1400هـ ورقم 1106 في 11/2/1400هـ ورقم 7/2375/م في 22/7/1404هـ ورقم 7/ف/21145 في 8/9/1403هـ التي تقضى بمنع ابتعاث الفتيات للدراسة بالخارج ولو على حساب أولياء أمورهن " -  .
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سليمان الخراشي
  • كتب ورسائل
  • رسائل وردود
  • مطويات دعوية
  • مـقــالات
  • اعترافات
  • حوارات
  • مختارات
  • ثقافة التلبيس
  • نسائيات
  • نظرات شرعية
  • الصفحة الرئيسية