صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







هداك الله .. يا دكتور فاروق حمادة .. !

سليمان بن صالح الخراشي

 
الدكتور فاروق حمادة - وفقه الله للخير - أحد المهتمين بعلم الحديث وتحقيق كتبه ، درًّس في كثير من الجامعات المغربية بمراكش وفاس ومكناس والرباط ، يشغل حاليًا منصب أستاذ كرسي السنة وعلومها بكلية الآداب ـ جامعة محمد الخامس ـ الرباط ، له جهود مشكورة ، وكتب كثيرة في علوم القرآن والسنة والسيرة النبوية ، منها:

تحقيق "فضائل الصحابة " و " عمل اليوم والليلة " ، و " فضائل القرآن " للنسائي ، و " أخلاق العلماء " للآجري ، و " مكارم الأخلاق " للطبراني ، وغيرها ، وتأليف "مدخل إلى علوم القرآن والتفسير"، و"المنهج الإسلامي في الجرح والتعديل " ، و"مصادر السيرة النبوية وتقويمها " ، و"دليل الراغبين إلى رياض الصالحين" ، و"بناء الأمة بين الإسلام والفكر المعاصر" ( كتاب قيم عالج فيه - كما يقول ص 11- " شؤم الفكر القومي على هذه الأمة " ) ، و"الورثة الصالحة للحضارة المعاصرة - دراسة قرآنية في الحضارة-" .

يظهر من خلال تآليفه - ومنها الوصية النبوية للأمة الإسلامية - محبته لوحدة الأمة واجتماعها ، ولهذا فهو يشارك في مؤتمرات التقريب التي تنعقد لأجل ذلك .  وهذا مما يُحمد له - وفقه الله - ، مع مراعاة أن أي تأليف أو تجميع دون الرجوع لعقيدة الأمة التي كان عليها الصحابة رضي الله عنهم لن يُكتب له النجاح ، كما جُرب كثيرًا ، بل سيكون مجالا للمداهنات والمجاملات ، مع بقاء الفرقة التي سرعان ما تُطل برأسها عند أول اختبار . كما قال المتنبي :

فإن الجُرح ينفر بعد حين *** إذا كان البناء على فسادِ

صدر له أخيرا كتيبٌ عن سيرة شيخه عبدالله الغماري وكتبه ، كان الظن به - وهو من أهل الحديث - أن ينصر الحق الذي خالفه شيخه في بعض تلك الكتب ، ويزنها به  ، كما فعل غيره من الموفقين ، أو على أقل تقدير يعرضها دون تأييد ، كي لا يلحقه وزر ما فيها من تلبيس ، وتزيين للبدعة والقبورية للمسلمين . إلا أنه - هداه الله - لم يفعل هذا .

وهذه تنبيهات موجزة على مافي كتيبه ، أسأل الله أن ينفعه بها :

التنبيه الأول :
قال عن كتاب الغماري " فتح المعين بنقد كتاب الأربعين " : ( وكتاب الأربعين في دلائل التوحيد لأبي إسماعيل الهروي .. بالغ في الإثبات إلى حد التجسيم والتشبيه ، وقد وصفه بذلك غير واحد وأنه يجهل علم الكلام . وقد تتبعه السيد عبدالله في أكثر من عشرين بابا ؛ فأتى بنفائس وغرر من علم العقيدة والتوحيد ...)  الخ مديحه .

قلتُ : ليت الدكتور فاروق - هداه الله - قبل أن يكيل هذا المديح لكتاب الغماري ويتهم إمامًا من أئمة أهل السنة اطلع على رد الشيخ علي الفقيهي - وفقه الله -  : " الفتح المبين بالرد على نقد الغماري لكتاب الأربعين " ؛ فقد بين فيه أن الواصف له بهذا الوصف القبيح هو السبكي الأشعري في طبقاته ، وهذه عادته مع أهل السنة المثبتين لصفات الله عز وجل دون تأويل أو تمثيل ؛ بسبب تعصبه لبدعته الأشعرية . ثم تبعه الكوثري والغماري وغيرهما من المنحرفين .

وقد أعجبني تعليق الشيخ شعيب الأرنؤوط عند ترجمة الهروي في السير ( 508/18) على من حشى على الأصل بقوله : ( لقد بالغ المصنف - أي الذهبي - في هذا الكتاب في تعظيم رؤوس التجسيم .. الخ ) ، قال الشيخ شعيب - وفقه الله - : ( يلمح القارئ من سطور هذا التعليق أن قائله أشعريٌ جلد حاقد على الإمام الذهبي - رحمه الله - فإنه ينعته بما هو بريئ منه ، ويُقوله ما لم يقل .... أما قوله إنه يبالغ في تعظيم رؤوس المجسمة ويُكثر من سرد مناقبهم ويتغافل عن بدعهم ويعتدها سنة فقول في غاية السقوط وجرأة بالغة في تزوير الحقائق ، فالذهبي رحمه الله إنما يعظم رؤوس أهل السنة والجماعة الذين اتخذوا مذهب السلف الصالح المشهود له بالخيرية على لسان الصادق المصدوق قدوة في صفات الله سبحانه ، فآمنوا بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله وأجروا تلك الصفات على ظاهرها اللائقة بجلال الله سبحانه من غير تحريف ولاتعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل كما نطق بذلك القرآن " ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير " ، فهؤلاء هم الذين يمتدحهم المؤلف رحمه الله ويسرد مناقبهم ويعدد مآثرهم ويشيد بفضلهم ليتخذهم أهل العلم قدوة . فهل يُعد هؤلاء من رؤوس المجسمة ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم ) اهـ كلام الشيخ شعيب - وفقه الله - ، وقد أجاد فيه .

وقال الشيخ عبدالرحمن الشبل لكتاب الهروي " ذم الكلام " (66/1)  : ( إن عقيدة ذلك الإمام - أي الهروي - هي عقيدة السلف أهل السنة والجماعة ولله الحمد والشكر ، فلم يُبتلَ بتعطيل ولا تشبيه ولا تكييف ولاتأويل ولا غير ذلك من الضلالات ، هذا ماشهد له به عدد من أئمة أهل السنة ) . وكتابه الأربعين ( ظهرت فيه بوضوح عقيدة المؤلف عقيدة سلفية صحيحة ) . ثم رد في ( ص 147-146) اتهام السبكي ومن تابعه كالكوثري .

وأود - أخيرًا - من الدكتور فاروق - وفقه الله - أن يعيد النظر في موقفه السابق ، وفي فهمه لعقيدة السلف ، وفي حقيقة عقيدة الأشاعرة التي اعتقدها ( كما في كتيبه السابق وكذا كتابه مدخل إلى علوم التفسير ص 155) - وهي لاتليق بأمثاله من أهل الحديث - وليقرأ ما كتب في الرد على أصولها البدعية ، وتناقضها مع نصوص الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة ؛ كرسالة " الأصول التي بنى عليها المبتدعة مذهبهم في الصفات " للدكتور عبدالقادر صوفي ( 3 مجلدات ) ، ورسالة " حوار مع أشعري " للدكتور محمد الخميّس ، ورسالة " موقف ابن تيمية من الأشاعرة " للشيخ المحمود ، وغيرها من الكتب والرسائل التي انتشرت - ولله الحمد - .


التنبيه الثاني :
  عرضه ( ص 92 - 96)  لكتاب الغماري " الرد المحكم المتين على كتاب القول المبين "  مؤيدًا ! - للأسف - ؛ وهو كتاب يقوم على نشر القبورية - والعياذ بالله - ، ويرد على من حذر منها من دعاة الكتاب والسنة .  وماكان يليق بالدكتور فاروق أن يجامل شيخه ويتابعه على هذه الطوام ، وينصره على من دعا لتجريد التوحيد لرب العالمين . ( يُنظر للرد على مافيه ومافي التالي : رسالة : كشف المتواري ، للشيخ علي الحلبي ) .

التنبيه الثالث :
عرضه ( 142-140) لكتاب الغماري في الدعوة للتوسل البدعي " مصباح الزجاجة .. " ، دون تعقب أو بيان لخطئه في هذا الأمر المخالف للنصوص " الصحيحة " .

التنبيه الرابع :
عرضه ( ص 149-153) للكتاب الآخر الذي ينصر فيه شيخه التوسل البدعي : " إتحاف الأذكياء بجواز التوسل بالأنبياء والأولياء " ، وقوله : ( هذا البحث واحد من عدة بحوث كتبها السيد عبدالله على الموجه التي انتشرت مع انتشار أفكار ابن تيمية .. ) !!  وليت الدكتور تروى قبل أن يخط هذه الكلمة السيئة المخالفة للواقع ؛ لأن مايسميه أفكار ابن تيمية هو مذهب السلف قبله ، ولم يكن له رحمه الله سوى نصره والجهر به .

أخيرًا : أذكّر الدكتور فاروق بكلمة رائعة عن الصحابة رضي الله عنهم خطها في مقدمة تحقيقه لكتاب " فضائل الصحابة " للنسائي ( ص 13-12) :

( ولقد تعرض هذا الجيل قديمًا وحديثًا إلى حملات العداء والتشويه لتاريخهم وسيرتهم العطرة ، وهم معالم الهدى أمام الإنسانية وشبابها الصاعد خاصة ، فما أحوج هذا الشباب إلى معرفة تاريخ هذا الجيل الفريد من صحيح المصادر وموثوق الكتب ، وتقديمها أسوة وقدوة ، فهو والله واجب أي واجب ؛ حتى لا يهجم على شتمهم جهول حاقد ، أو الاعتداء على حرمتهم زنديق ملحد - ثم نقل قول القاضي عياض فيمن سبهم ، ومنه - قال مالك : من شتم أحدًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أبابكر أو عمر أو عثمان أو معاوية أو عمروبن العاص ، فإن قال كانوا على ضلال وكفر قُتل ، وإن شتمهم بغير هذا من مشاتمة الناس نُكل نكالا شديدً ) . اهـ

تأمل أخي القارئ هذا الكلام السني السلفي الذي ينضح بمحبة صحابة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وما فيه من عقوبة من تعرض لهم بسب أو شتم ، وقارنه بقول عبدالله الغماري - شيخ الدكتور - في " نهاية الآمال " ( ص 8-7) : تعليقًا على حديث " ليذادن عن الحوض أقوام من أمتي " عندما قال موافقًا لأخيه أحمد : ( وأنا أجزم بأن حديث الحوض في معاوية وأصحابه ) !!  - ويُنظر " القول المقنع " له ( ص 13) ، و " كشف المتواري " ( ص 29) .

أسأل الله التوفيق للدكتور فاروق ، وإصلاح ما سبق التنبيه عليه  في الطبعة الثانية ، كما أسأله تعالى أن يُسعدنا بسماع تراجعه عن تأييد مخالفات شيخه ، وبراءته منها كما فعل غيره . وفي هذا رفعة له وانشراحُ صدر ، والله الهادي .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سليمان الخراشي
  • كتب ورسائل
  • رسائل وردود
  • مطويات دعوية
  • مـقــالات
  • اعترافات
  • حوارات
  • مختارات
  • ثقافة التلبيس
  • نسائيات
  • نظرات شرعية
  • الصفحة الرئيسية