صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







اعتـرافـات الدكـتـور : راشـد المـبـارك ...!!

سليمان بن صالح الخراشي

 
عندما كان علماء الأمة ومثقفوها الناصحون يحذرون من مكر الأعداء وخططهم وكيدهم لأهل الإسلام ؛ متبعين في ذلك كتاب ربهم الذي سبقهم بهذا الأمر في آيات كثيرة جدًا .. منها :

قوله تعالى {وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ } ، وقوله {وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ }، وقوله {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا}، وقوله {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ } .. وغيرها من الآيات .

عندما كانوا يفعلون ذلك .. كان البعض - للأسف – يرميهم بالمبالغة والوسوسة بنظرية " المؤامرة " التي هي – عند هؤلاء – مجرد وهم وشماعة اخترعها العلماء ليعلقوا عليها كل أخطاء الأمة وسقطاتها وتخلفها عن الركب " الدنيوي " .

ثم تأتي الأحداث تترى مؤكدة هذه النظرية على أرض الواقع ، موقظة لكل غافل عن ما يكيده الأعداء له ولأمته .

ومع هذا ؛ فمن العدل أن توضع هذه النظرية " المؤامرة " في موضعها المناسب لها ؛ فلا تُضخم حتى تنسينا أخطاءنا وتقصيرنا ، ولاتُلغى حتى تنسينا مكر أعدائنا .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والدكتور راشد المبارك ، صاحب الأحدية الشهيرة – وفقه الله للحق – أحد المثقفين الذين كانوا ينفون هذه النظرية ويتقربون إلى الله ببغضها كما يقول ! ثم استفاق وتنبه على وقع أقدام الصليبين في أرض الرافدين ؛ فاعترف بذلك :

أما نفيه لها فقد عقد له فصلا في كتابه " فلسفة الكراهية " ( ص 103-108) قال فيه : ( لقد صارت هذه الكلمة نظرية تُحشد لها كل المفردات من معاجم السياسة والدين والاجتماع، وصار لهذه الكلمة أحبارها وشرَّاحها والواضعون لها الحواشي والمتون والشروح والتعليقات، وإذا كان الاستعمار هو الصانع الوحيد –ابتداءً- لما عليه العرب وبقية المسلمين من ضعف وتشرذم وتخلف وانقسام، فإن المؤامرة هي السر الصانع لبقاء وديمومة وتوطين هذه الحال، إنها الحارس الأمين لها وعليها.

المؤامرة: هي الحاجزُ الصاد لكل نسمة ، والقيد المانع لكل حركة ، واللجام الكابح لكل انطلاقة. لقد خطط أعداؤنا لهذه المؤامرة وأوقعونا في شراكها وأحكموا علينا حلقاتها فلم نستطع الحراك.

لقد كُررت هذه المقولة بكل الضجيج والإصرار حتى ليُخيل للمرء أن الغرب قد عطَّل كل اهتماماته وكشوفه وبعثاته الآلية والبشرية إلى خارج هذا الكوكب، وانشغل عن كل الأخطار التي يخشاها ويُعدّ لها ليفرغ لمصدر وحيد يهدد أمنه العسكري والسياسي والاقتصادي ويُدمر ثقافته وحضارته، ذلك المصدر الوحيد المهدد هو العرب والمسلمون ) . انتهى كلام الدكتور راشد ؛ ( ص 103-104) .

وأما اعترافه وتراجعه عن هذا النفي : فقد نشره في ملحق جريدة المدينة ( بتاريخ 18/1/1424هـ ) تحت عنوان " ضرب العراق من أجل إسرائيل " ؛ قال فيه :

( إن ما تتذرع به الولايات المتحدة من حرب على النظام العراقي كله غطاء للحقيقة وراء الحرب المعلنة ، كما أرى أن ما يتناوله الإعلام العربي وكذا الأجنبي على أنه أسبابٌ أيضًا غير حقيقي ، جازمًا أن السبب الحقيقي والجوهري وراء الغزو الأمريكي والاحتلال الذي كشر عن أنيابه إنما هو لأن بالولايات المتحدة أكثر من ( 53 ) ألف أمريكي من طائفة نصرانية معينة ممن يرون أن الديانة المسيحية امتدادٌ لليهودية ، وأن المسيح لن ينزل إلا في ظل قيام دولة إسرائيل ، ويرون أن حماية إسرائيل واجب مفروض ، لافتًا أن ليس من المصادفة أن كافة رؤساء الولايات المتحدة من تلك الطائفة الكنسية ، ما عدا اثنين منهم . كنتُ أعد ذلك من قبيل نظرية المؤامرة التي أتقرب إلى الله بعداوتها ؛ حتى كشف تقرير بثته وكالة (بي بي سي أون لاين) تحدث فيه كاتبه جستين ويب عن التدين على الطريقة الأمريكية ، حيث استهله بقوله : " أنا وزوجتي لانعتقد في وجود الله ، وخلال إقامتنا السابقة في بروكسل وسط البلجيكيين المفترض أنهم من أتباع الكنيسة الكاثوليكية ، لم يكن عدم الاعتقاد الديني يمثل لنا مشكلة ، لكن في واشنطن تترنم إدارة بوش بالصلوات دائمًا ، وتجمعات أداء الصلوات تُعقد ليل نهار - ويمضي في اندهاش وسخرية معًا - لقد جاء المستوطنون الأوائل إلى هنا ليمارسوا شعائرهم بالطريقة التي يودون ، ومنذ ذلك الحين أصبح الترويج للمعتقدات الدينية بوضوح وبصوت عال جزءً من لحم الحياة الأمريكية وشحمها – وتابع جستين ويب في سخرية متناهية – لاشك أن الرئيس الأمريكي وشعبه كانوا يُصلون بحرارة لكي تدهس حافلةٌ صدام حسين ! لكن إن تعذر وجود حافلة فإنهم سيعتقدون أن لديهم الحق في فعل ما قرروه " الآن فقط وليس قبلا يمكنني أن أقتنع بأن احتلال العراق ، وما سيأتي من أجل عيون إسرائيل الكبرى .. وربك من ورائهم محيط ) . انتهى كلام الدكتور راشد .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تنبيه :

كتب الدكتور راشد مؤلفه السابق " فلسفة الكراهية : دعوة إلى المحبة " للتنفير من خُلق ( الكراهية ) الذي قد يتصف به بعض الناس تجاه الآخرين . وترغيبهم في خُلق المحبة .

ومن أقواله : ( توجد فئة من الناس تحترف الكراهية، تزرعها وتسقيها وتنميها وتدعو إليها وتُبشِّر بها، لقد صارت الكراهية في بعض النفوس نوعاً من العقيدة لها جلال العقائد التي تجب حمايتها وصيانتها وإحاطتها بسياج يمنع أن تُمس أو تُناقش أو توضع موضع المساءلة والاستشكال ). ( ص 27 ) .

( الحديث عن علاقة المسلم بغيره في موضوعية وتجرد يحتاج إلى قدر كبير من المغالبة لما أحبته النفوس لطول الألفة وما تشربته العقول لدوام التلقين، وما اعتاده السمع لكثرة ما يُردد ). ( ص 45 ) .

( لقد تعددت دوائر الكراهية لدى فئة من المسلمين، وإذا كانت الدائرة الأولى القريبة من المركز تضم المخالفين في العقيدة والملة كما تقدم في فصول هذا الكتاب، فإن هناك دوائر أخرى اتسعت لتشمل المشاركين في الدين والعقيدة من المخالفين في الطائفة أو المذهب ) . ( ص 139 ) .

وفاته – هداه الله – أن صفة الكراهية لايسلم منها بشر ! – مهما تكلف أو تظاهر بخلاف ذلك ! - سواء تجاه الكائنات الحية أو الطعوم أو الروائح أو غيرها ، فمن منا – مثلا – من لا يكره الحيوانات القذرة والمقززة ، أو الروائح المزعجة ، أو أصحاب الأعمال السيئة ؟!

والله يقول {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} .

ولهذا فصفة " الكراهية والبغضاء " لا تذم بهذا الاطلاق الذي أصدره الدكتور ؛ لأن هذا سيؤدي به حتمًا إلى محبة من كرهه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وعدم بغضه – كما أمرا بذلك - . وفي هذا مخالفة صريحة لمبدأ الولاء والبراء الذي جاءت به الشريعة . ( وليس هنا مقام التفصيل فيه ) .

وسيؤدي به حتمًا إلى الطعن في أنبياء الله عز وجل الذين طبقوا هذا المبدأ ، وما يتضمنه من كراهية وبغضاء شرعية ؛ وعلى رأسهم ابراهيم عليه السلام الذي قال الله عنه {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ } .

فكان الواجب على الدكتور أن يُفصل في هذه المسألة – لاسيما تجاه البشر - ؛ فمن كرهه الله كرهناه – ولاكرامه - ، ومن أحبه أحببناه ؛ وإلا صدق فينا قول القائل :

أتُحب أعدائي وتزعم أنني حبـ يبك إن الرأي عنك لعازبُ

وما أجمل مقولة الأستاذ خالد الغليقة في كتابه " مسائل شرعية وقضايا فكرية معاصرة " ( 1 73) بعد أن بين زيف هذه الدعوى " دعوة محبة الآخر ونبذ الكراهية ! " :

( فكانت النتيجة أن استُعمرت البلاد الإسلامية باسم الدعوة إلى المحبة بين الإسلام والغرب ، واحتُلت المقدسات الإسلامية بمثل هذه الدعوة ، وأُكلت خيرات المسلمين تحت شعار نبذ الكراهية بين المسلمين والغربيين ) .

ختامًا : أتمنى من الدكتور راشد – وفقه الله – أن يعود إلى الكتب المؤلفة في بيان عقيدة الولاء والبراء ؛ وفي مقدمها كتاب الشيخ محماس الجلعود " الموالاة والمعاداة " ، وكتاب الدكتور محمد بن سعيد القحطاني " الولاء والبراء " ؛ لعله يعيد النظر في رأيه الذي أقام لأجله كتابه السابق ؛ وفيه تهوين واضح من أمر هذه العقيدة الشرعية .

أسأل الله التوفيق والهداية لي وله ولجميع المسلمين ، وأن يسدده لاستغلال أحديته في نشر الخير والتحذير من الشر وأهله .
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سليمان الخراشي
  • كتب ورسائل
  • رسائل وردود
  • مطويات دعوية
  • مـقــالات
  • اعترافات
  • حوارات
  • مختارات
  • ثقافة التلبيس
  • نسائيات
  • نظرات شرعية
  • الصفحة الرئيسية