اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Minute/777.htm?print_it=1

شهيد الفجر ...عودة البلوي
- رحمه الله -

عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
@adelalmhlawi


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


احترت في اختيار عنوان لما سأسطره حول العميد عودة البلوي الذي اغتالته يد الغدر اﻵثمة في فجر يوم اﻷحد 1436/3/13
فلست أدري عن أي جوانب الخير والعظمة التي في الرجل لأجعلها عنوانا لحديثي عنه رحمه الله؟
فاخترت " شهيد الفجر " جعله الله في الشهداء ، لأنها خاتمة مباركة قد سبقه إليها أفذاذ يقدم قافلتهم - فاروق اﻷمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه - الذي اغتالته يد المجوس عند الفجر وورث الظالمون طريقتهم !
لن تستطيع أن تتحدث عن جانب من حياة أبي محمد إﻻ ويلزمك يراع قلمك للحديث عن الجانب اﻵخر .
فهل أذكر عظيم صلته بربه وتعلقه بموﻻه في أعظم فريضة وهي الصﻻة في وقتها - خصوصا صﻻة الفجر التي جاءت في فضلها اﻵثار والسنن - لقد تميز الرجل بها حتى ﻻتكاد تجلس مع أحد من الفضﻻء من أئمة المساجد إﻻ ذكروه بهذه الخصلة المنيفة ، وتميزه بهذه المنقبة الرفيعة ، وحتى يظهر الله فضله بتميزه بصﻻة الفجر يشاء الرحمن أن تكون خاتمته وقت صﻻة الفجر فيلقى ربه ساعتها - نحسبه شهيدا - ويصلى عليه في خير بقاع الدنيا في المسجد الحرام - أيضا صﻻة الفجر -
فأي كرامة بعد هذه !
وأي عطاء فوق هذا العطاء !

أما الجانب اﻹنساني فلقد كان الرجل يعيش معاني اﻹسلام الرفيعة ، ويتمثلها في حياته ، فهو يكفل اﻷيتام واﻷسر ويعين على نوائب الدهر ، حدثني أخوه عند كتابة هذه السطور أنهم وجدوا تسعة استمارات لكفاﻻت اﻷيتام قد سدد اثنتين منها قبل نهاية هذا الشهر مبادرا لفعل الخير وكأنه يشعر بدنو أجله ، وحدثني سائقه الخاص أنه يوصل بنفسه صدقات
( أبي محمد العميد عودة البلوي ) يوميا طيلة شهر رمضان ، وله صدقة دائمة كل أثنين وخميس ، ويكفل أسرا فقيرة كفالة تامة .

ومن مناقبه
أنه كان حريصا على سقيا الماء ويساهم فيها مساهمة كبيرة فقد حفر آبارا في بعض القرى وساهم في إصلاح بعضها .

يحدثني أحد خاصته فيقول :
مررنا على برادة ماء وضعها (العميد عودة البلوي ) ورأى رجلا يشرب منها ، ففاضت عيناه فرحا ، ورفع يده مرددا :
يارب تقبل ، يارب تقبل .

يعين في تزويج الشباب ، وفي تحجيج من ﻻيستطيع الحج ، وكان حريصا كل الحرص على المشاركة في كل عمل خيري ويؤثر اﻵخرين على نفسه وأهله وهكذا شأن النفوس الشريفة .

تواضعه جم وحبه للآخرين عجب عجاب يقول من كان ملازما له في أعمال البر : وزعنا يوما مساعدة وكان العميد عودة ينزل معنا بنفسه كل بيت ويوزع وكأنه من عامة الناس وليس بتلك الرتبة
( فلله دره كم أتعب من بعده ! )

ويكفيك أن تعرف عظيم مكانته ، وحب اﻵخرين له أنه قد بكاه كل من عرفه حتى وإن كانت معرفته به ضعيفة فقد بكاه الجميع ، وحزن لفراقه اﻷبعدون قبل اﻷقربين ، ولتعلم عظيم حسن خلق المرء أنظر لأثر فراقه على زمﻻئه في عمله.
لقد بكاه جميع أفراد إدارته السابقة وحزنوا عليه مع أنه لم يكن عندهم في وقت وفاته فقد نقل إلى منطقة أخرى من قرابة العام ، ولكنه البر وجميل الخلق الذي يغرسه اﻹنسان في اﻵخرين فﻻ يمحوه الزمان وﻻيغيره المكان..فما أطيبك يا أبامحمد حيا وميتا
-طبت وطاب ذكرك في العالمين-
أما إخﻻصه في عمله فﻻ تسل عنه فهو القدوة في هذا المعترك ، وصاحب الزمام في هذا الباب ، وتفانيه في خدمة بيضة اﻹسلام ومأرز اﻹيمان وبﻻد التوحيد والعقيدة مشهود له به ، وﻻ أحصي كﻻمه - عند جلوسي معه - عن خدمة هذه البﻻد - حرسها الله - فالرجل قد عرف الحقيقة وأنها مستهدفة وأن واجبه كغيره من إخوانه أن تقدم أرواحهم رخيصة لحماية أهلها وحماية المسلمين من شر كل ذي شر، ﻷنه يعلم استهدافها من كل غاشم وضال ، وأكبر شاهد تلك النهاية المشرفة له وثباته الذي سطر فيها صورة البطل الشجاع بمداد دمه ، فلم يتأخر عن حمايتها حتى انتقل إلى الرفيق اﻷعلى في أحسن خاتمة وأعلى مقام - فلله دره - فلم يكن ( العميد عوده ) ذلك القائد الخالد لفراش الراحة وساعة الدعة ، بل تقدم وواجه الخطر بنفسه المباركة في ساعة يخلد فيها أهل البلاد كلهم للراحة إﻻ من عرف حقيقة دوره وواجبه في حماية المسلمين من كل عدو غادر وصائل ، جاء لذلك المخادع الذي أعطاه اﻷمان مدعيا اﻹستسلام لتحمل تلك اﻷقدام المباركة ( العميد عودة ) صاحب القلب الحنون ليستقبل ذلك الضال المتعهد بعهد اﻷمان - رحمة به وعطفا عليه - ولكن قابله الخائن بالخيانة التي تحرمها كل الشرائع فيفجر نفسه وقد ضم جسد العميد عودة الطاهر الذي ظنه تائب نادم على فعله ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
فبأي دين يدينون !
وبأي عقل يفكرون !

رحمك الله يا أبا محمد فقد سمعت الدنيا بشجاعتك وأنت تفدي بروحك المسلمين وبلادهم .
رحمك الله يا أبا محمد فهاهو العالم كله يدعو لك بعد مماتك .
رحمك الله يا أبا محمد فقد فاح عبير فضلك في العالمين ، وطاب ذكرك بين الخافقين .
اللهم تقبله ورفاقه في الشهداء ، اللهم ارفع درجاتهم في المهدين ، وأخلفهم في عقبهم في الغابرين ، واجمعنا بهم في جنت النعيم .

كتبه / عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
مدير مكتب الدعوة بأملج
تويتر
@adelalmhlawi

 

منوعات الفوائد