اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Minute/648.htm?print_it=1

 شعب - الروهنجي - بلا مدارس !

إبراهيم حافظ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


رحلة التعليم في أراكان مع المسلمين المستضعفين من الشعب الروهنجي لا تقل بشاعة ومأساوية عن القصص الأخرى في كل جوانب حياتهم الكارثية !
فضل الإسلام زين العابدين .. طالب متميز .. يبلغ من العمر 14 سنة .. من قرية صغيرة جنوب منغدو .. يدرس في المرحلة المتوسطة بمدرسة حكومية بورمية .. اعترضه في نهاية اليوم الدراسي ذات يوم أفراد مخمورون من قوات الأمن الحكومية .. ساقوه إلى معسكرهم عنوة .. تعرض منهم لتعذيب شديد .. اتهموه جزافاً بالزواج قبل أن يبلغ السن القانونية !
في النهاية .. طالبوا ولي أمره للإفراج عنه بست مئة ألف كيات بورمي !
كل ذلك ؛ فقط لأنه يكافح بصبر وجلد من أجل الاستمرار في تحصيله الدراسي !!

وليست تلك قصة فضل الإسلام وحده ، ولكنها قصة شعب معتقل داخل سجن كبير ، يواجه أشرس ألوان التحدي متمثلاً في حرمانه من التعليم ؛ حيث حظرت السلطات المحلية في ولاية أراكان التعليم الديني على أطفال الروهنجيا ، وأغلقت جميع المدارس والكتاتيب التي يتعلم فيها الأطفال قراءة القرآن الكريم وكيفية أداء الصلوات ؛ بل أقدمت في خطوة أكثر جراءة على إغلاق جميع المساجد ومنع المسلمين من أداء صلاة الجماعة في المسجد أو في مخيماتهم أو حتى في بيوتهم !! ولم يعد يسمع الآن صوت الأذان بعد أن تردد على أسماعهم طيلة قرون عديدة .

4 مدارس تم إحراقها في ميكتيلا خلال الأحداث الإرهابية العنيفة التي جرت فيها قبل عدة أشهر .. 643 مسجداً تم إغلاقها .. 243 مسجداً تم هدمها ، وما لم يشمله الإحصاء مما خفي كان أعظم ، في ظل التكتيم الإعلامي الشديد الذي تمارسه الحكومة الميانمارية ضد المسلمين ، ولا يوجد له نظير في كل العالم !

من النادر أن يحصل الطلاب الروهنجيون على مقاعد لهم في المرحلة المتوسطة والثانوية ؛ لأن البوذيين العنصريين غرزوا في طريق طموحهم العلمي عقبات وشروطاً استفزازية لمشاعرهم الدينية ؛ كأن يجبروا على الركوع تعظيماً لعلم الدولة الوثنية !
في الوقت نفسه فإن حكومة ميانمار لا تسمح لطلاب الروهنجيا المسلمين بالحصول على فرصة في التعليم العالي ، ومن يسافر منهم لمواصلة الدراسة وتلقي التعليم العالي إلى الدول المجاورة فإنه يتم شطب اسمه من دفتر العائلة مباشرة ، وكثيراً ما يدفع أهله في أراكان ضريبة طموحه العلمي تعذيباً واعتقالاً وغرامات مالية . ومن تجاسر منهم للعودة إلى بلده فإنه يعتقل ويرمى به في غياهب السجون ..

وتهدف السلطات المحلية من وراء كل ذلك إلى إلغاء وجود الديانة الإسلامية وطمس الهوية الإسلامية للمسلمين وإبقائهم على جهلهم وأميتهم وتفويت الفرصة عليهم في المطالبة بحقوقهم إذا ما تعلموا وتثقفوا ؛ ولذلك فإن واقعهم ينبئ عن تخلف كبير وضعف شديد في الجانب التعليمي . وتلك أقوى وأخبث وسيلة تتخذها حكومة ميانمار لإبادة الشعب الروهنجي والقضاء عليه رغم أن التعليم حق مشروع لكل مواطن حسب نظام الدولة ؛ غير أن الروهنجيا ليسوا مواطنين في بلدهم الذي عاشوا فيها وعمروه لعدة قرون .
وربما كان وضع الأطفال في مخيمات اللاجئين الروهنجيين في بنجلاديش أسعد حظاً بقليل ؛ فقط لأنهم يدرسون القرآن الكريم على ضوء الشموع داخل أكواخ بدائية بسيطة في مخيم كوتوبالونغ بمدينة كوكس بازار جنوب بنجلاديش . ويتراوح أعمار الأطفال الملتحقين بهذه الأكواخ بين 6 إلى 10 سنوات ؛ حيث يولي أولياء أمورهم اهتماماً كبيراً بتحفيظ القرآن الكريم لأولادهم بنين وبنات رغم كل الظروف المعيشية الصعبة التي يعانون من ويلاتها في مخيماتهم ؛ ولكن المشهد التعليمي الروهنجي في هذه الملاجئ لا يتجاوز هذه الأكواخ التي تضاء بالشموع في عصر الانفجار المعرفي وتقنية النانوتكنولوجي !

ويزداد المشهد قتامة كلما ابتعد عن الموطن الأصلي للروهنجيا إلى المنافي والمهاجر التي فروا إليها وتوزعوا فيها من كل بلدان العالم .

يؤكد في هذا الصدد مصطفى توتكون – نائب المدير العام للجمعية التركية أن المسلمين الروهنجيا يواجهون مشكلات خطيرة في التعليم وأنهم لن يستطيعوا توصيل قضيتهم ومعاناتهم ما لم يحصلوا على تعليم جامعي ، وأنهم لن يستطيعوا حل مشكلاتهم بأنفسهم طالما أنهم بقوا غير متعلمين ..

وما لم يتدارك العالم الحر وضعهم الإنساني المزري فسوف تتوالى صرخات فضل الإسلام زين العابدين وهو يتلقى الضربات الموجعة في المعتقل ؛ بدلاً من أن يتلقى التحية من زملائه في الفصل على تميزه واجتهاده في الدراسة !!!
 

منوعات الفوائد