اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Minute/593.htm?print_it=1

الاستثمارات الزراعية الخليجي في الأراضي السودانية

عبدالهادي الخلاقي


بسم الله الرحمن الرحيم


يشكل الاقتصاد مدخلاً هاماً للعلاقات بين الدول، ويعمل في كثير من الاحيان كمحدد لها، الاقتصاد لا يعمل وحيداً في سياسة الدول، وبلا شك يعتبر الاقتصاد هو المقوم الرئيسي لاي بلد وهو المعيار لبقائها او فنائها في عالم لايعترف الا بالاقوى والقوة لا تاتي الا برؤوس اموال ضخمة واقتصاد متين تبني عليه الدول سياساتها وتفرض نفوذها وأجنداتها.
يعيش الاقتصاد السوداني اليوم بوضع شبيه بالاحتضار أو على حافة الهاوية، إن لم يكن قد دخل في غيبوبة تشل أركانه وهذا ما جعل السودان الشقيق عرضة للصراعات والحروب الأهلية وكذلك عرضة للاطماع الخارجية ومنها الاطماع الصهيونية المتربصة بهذا البلد العربي ولموقعه الاستراتيجي المحاذي لاقوى دولتين عربيتين وهما مصر وإطلالته البحرية على السعودية وكذلك التوسع الإيراني تجاه القارة السمراء الذي يبحث عن موطا قدم في ارض السودان من أجل أن تكون الخرطوم نقطة انطلاقة إلى باقي الدول الافريقية ولقرب السودان كذلك من "الجزيرة العربية" ومحاذاتها لمصر.
الاقتصاد السوداني اليوم يكافح من أجل البقاء على قيد الحياة ولكن العوائق الكثيرة والكبيرة تحجم هذا التقدم ومنها تدهور السياسة الخارجية بين جمهورية السودان والدول الثمانية (المانحة) التي تحركها الولايات المتحدة الامريكية التي تدير هذا المنظومة فيما تراه يصب في مالصلحها الشخصية وهذا قلل من فرص السودان في الحصول على القروض والاعانات اللازمة لتفادي الانهيار الشامل للإقتصاد السوداني الذي ينحدر بشكل مخيف ومن مظاهره التي لا تخفى؛ تفشي الفقر والبطالة وسوء توزيع الخدمات وانخفاض عائدات القطاع الانتاجي وتدني المستوى المعيشي للمواطنين ونشوب الحروب الاهلية وكذلك تدهور البنى التحتية التي تعتبر العامل الاساسي لنمو الاقتصاد لاي بلداً.

السودان بطبيعة الحال بلد عربي وبلد اسلامي والتخلي عنه وتركه فريسة سهلة للطامعين خاصة وانه أصبح بين مطرقة إيران التي تبحث عن موطأ قدماً لها في القارة السمراء وسندان إسرائيل التي ترى أن ضم السودان كحليف لها سوف يحكم قبضتها على مصر وبالتالي تفرض أجنداتها بكل قوة على منطقة الشرق الأوسط في ظل تسويف الدول العربية وصمت دول الخليج العربي.
السودان بلد زراعي خصب ويشقه اطول انهار العالم (النيل) ويعتبر الإنتاج الزراعي وتربية الماشية أهم موارده ويساهم في ثلث الناتج المحلي الإجمالي بعد النفط والتعدين الخام كالحديد والزنك والقصدير ومناجم الذهب والألماس.

وبما أن البيئة الخليجية صحراوية أو شبه صحراوية، نادرة الأمطار، مرتفعة الحرارة، محدودة المياه المتوفرة للزراعة، الظروف المناخية تحد من التوسع في زراعة المحاصيل ذات البعد الغذائي الآمن، و في ظل نقص المراعي ومحدودية تربية الأبقار والأغنام فإن دول الخليج العربي لجأت لسد النقص من اللحوم والماشية بالاستيراد المباشر من استراليا ودول شرق اسيا، بالاضافة الى استيراد الحبوب وانواع مختلفة من المحاصيل الزراعية، وبما أن الحبوب والقمح والأرز تشكل 40% من إستهلاك دول مجلس التعاون الخليجي، لذا فان الحاجة للاستثمار في بلدان عربية تعتبر الحل الأمثل لسد النقص وفي نفس الوقت لدعم الاقتصاد العربي وهذا واجب أخلاقي قبل أن يكون قرار سياسي.

ما تمخضت عنه القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة التي عقدت بالرياض يومي الاثنين والثلاثاء 22 و 23 يناير/كانون الثاني من قرارات تدعم حركة الاستثمار البيني العربي وخاصة الاستثمار في السودانية، حيث بلغ حجم الاستثمارات الخليجية بالأراضي الزراعية في السودان ما يفوق عشرة مليارات دولار، وتم طرح مليوني فدان من الأراضي السودانية للاستثمار أمام الشركات الزراعية الكبرى الخليجية مطلع هذا العام وهي مساحة كبيرة قد تحقق اكتفاء غذائيا جيدا لدول الخليجي وللمنطقة العربية بشكل عام ، إذا ما استثمرت ووظفت من قبل الحكومات العربية بالمشاريع الغذائية الناجحة، وهذا يحتم على صناديق التنمية الزراعية العربية أن تقدم التسهيلات الائتمانية والتمويلات الميسرة للمستثمرين العربي في هذا المجال.

بالمقابل هناك واجب ودور أساسي على حكومة السودان في جذب الاستثمارات العربية من خلال إقامة إصلاحات اقتصادية وتنموية وتهيئة البنى التحتية وتسهيل حركة الصادرات وتحفيز وتشجيع تدفق الاستثمارات العربية والأجنبية، من أجل زيادة الناتج المحلى سواء في قطاع الزراعة وتربية الماشية أو في قطاع النفط والتعدين حتى تضمن جذب مزيد من المستثمرين وضمان تدفق الأموال الناتجة من هذه الاستثمارات لإنعاش الاقتصاد السوداني .

 

منوعات الفوائد