اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Minute/526.htm?print_it=1

الحب الكبير

ابوسعد النشوندلي


بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الإهداء:

لك أيّها القلب الكبير , لك أيّها البحر الخضم , لك أيها الأمل الواسع , لك أيها الحب المتدفق, لك أيها البستان المؤرق .
هذه كلماتي تعجز في وصف مآثرك , وتتعثر في ذكر فضائلك , لستُ أدري من أين أبدأ في تسطير ملاحمك وسرد شمائلك ؟!.
أرجوك يا قلبي ضمني إلى صدرك الذي حرمت منه اليوم ,لن انسَ حبك ابدا, لن أنسَ دمعك. ,سأطربُ أذن الزمان بنشيد حبنا, سأملأ الدنيا فيك مدحا ونظما , سأغرس لك في قلبي رايات معطرة بالأشواق يجري من أعماقها شلال الحب الكبير .
حفظك الله يا جدي وأطال في عمرك على طاعته وأحسن ختامنا والمسلمين .

كتبه:
ابوسعد النشوندلي
حضرموت

Abd52010@gmail.com

29/2/1433هـ  

يا جدي إني أرتل لك الحب شجيّا , إني ابثك الود نديّا , لأنك كنتَ للروح صفيّا , وللقلب خِلا رضيًّا , أنت يا جدي حبوري , أنتَ سعادتي وسروري , أنت جنتي وزهوري , أنت ألوان الخيال ترقص في يقظتي , أنت أمواج الروح تعانق شواطئ مهجتي . أنت شلال الحب ينهمر إلى صفحتي , يا جدي إني أهديك حبي , إني أهبك قلبي , إني أمنحك فؤادي إني أقدّم مهجتي فدى لك

* * * *    

يا جدي أنتَ سحابة حب أغاثت أرضي القاحلة, أنت نبع من كرم يتدفق ماؤه إلى أرجاء قلبي ,أنتَ شمس من أمل بزغت في صحراء روحي, يا جدي أنت مصباح الحب الذي أسرج ظلمة أحزاني , أنت تراتيل الخير لقلبي , أنت طيور الشوق تغنّي فوق أغصان أيامي, نعم يا جدي أنت سراج من امل لا ينطفئ أبدا
 أنت غيث من جود لا ينقطع أبدا ,
 أنت سحب من كرم لا تبخل أبدا
 , أنت قلعة من صمود لا تتزحزح أبدا
أنت بحر من حكمة لا تجفّ أبدا .    

* * * *

يا جدي : ها أنا اليوم عطشان احتضرُ في صحراء الحياة فاسقني من رحيق تجاربك ,وزّودني من بنات افكارك ,أني عليل فقوّي عزمي بالأمل , أني كئيب فأرسل إلى قلبي عصافير الحب عساها تزقزق في أذني فتسمعني أعذب ألحانك , وأرقَّ أنغامك ,يا جدي إني بمرضك اليوم صرتُ فقيرا إلى تجاربك وعشتُ معدما اشتاق إلى نصائحك , أرجوك يا جدي ألا تسمعني , ألا تسمع صراخ قلب صغير كان يحتضن قلبك الكبير, اني اليوم أعضُّ أصابع الندم حزنا لأني لم أكتب جميع كلمات حبك .

يا جدي
خذ قلبي مركبا لقلبك , خذ من شبابي غصونا نضرة تجّمل به وجه المشيب .
خذ من كنز قوتي ما يعيد لك الأمل . أرجوك -يا جدي - لقد خيّم العنكبوت على أحلامي وأنا أنتظرك بفارع الصبر لتنعش قلبي من جديد .

* * * *

يا جدي أنت سلاحي الذي أقاتل به اليأس , أنت الرجل الحكيم الذي صبّ عليّ غيث حكمته ,اني عشتُ يا جدي أنهل من ثروة تجاربك , حتى صرتُ غنيًّا , لقد شربتُ كؤوسا من شهد تجاربك . يا جدي أنت الأمل أنت يا بحر الندى , أنت يا كنز الوفاء أنت يا نبع العطاء, أنت يا وجه الرضا ,أنت يا صبح السنا .

أنا إن طالت بي الحياة سأكتبُ للدهر غيث حبك, وأنظمُ للزمان كثير عطفك , واسرج في سماء المكرمات قمرك ,وأعطّر الأيام من كرمك, وأسرج للقلوب وشاحا من فضلك وانثر للدنيا نجوما من جودك . 

* * * *

يا جدي أنت عنوان الحب , أنت قاموس الوفاء , أنت موسوعة الكرم , لقد نظرتُ إلى الحب بين الناس , فرأيتُ بعضه يموت وهو صغير, وبعضه يهرم وهو شاب , لكنَّ حبك -يا جدي-هو الحب الكبير الذي يكبر مع الأيام ويحلّق حراً في سماء الأحلام .

يا جدي
ها أنت اليوم تجاوزت المائة سنة لكنّ حبك ما زال في ريعان شبابه , انه كالدوحة الفيحاء تسبح أغصانها في السماء وتغوص جذورها في أعماق القلب زادتها الأيام بهاء وصفاء وشموخا ولمعانا ,لم تهزّها رياح المحن بل بقيت صامدة قوية ,هذا خيالي يعزف لك أنغام الحب بين يديك ويغرد كالبلبل حواليك .

* * * *

لقد تعلّمتُ منك الرحمة عند ما رأيتك تعطف على أغنامك, تعلمتُ منك الحب عندما أهديتني الحب غضا طريا يجري كالبلسم على شفتي , لقد تعلمتُ منك الصبر عندما رأيتك تصفح كثيرا عمن أساء إليك , ومن رفع صوته عليك فتحتَ لنفسك باب الصمت تعلمتُ منك يا جدي الحلم وعزة النفس فأنت دائما كبير القلب .
تعلمتُ منك حب العبادة , فأنت اليوم طريح الفراش فاقد للذاكرة قد نسيت كل شيء إلا الصلاة !!. إني أرى سجادتك صارت جارة لك عند رأسك, تعلمتُ منك حب العلم فقد كنتَ قارئا متعلّما مع أن أكثر أترابك من الأميين .
بل لستُ مبالغا إن قلتُ أن جمال خطِّك يفوق كثيرا على خطي مع أني صاحب شهادة جامعية, أشكرك يا جدي أنت أول من فتح لي باب الطموح,
 أشكرك يا جدي على حبك الكبير لقد عشتُ أسعد رجل في العالم أعطّر قلبي دائما برياحين الحب .
من غيرك يا جدي إذا سقطت أول دمعة من عيني سارعت لمسحها وغرست بدلها بذرة  من غيرك اذا اهتزت احلامي  وتبدّّدت امالي أقبلتَ كالفجر تعيد النور في حياتي.
من غيرك يا جدي إذا تعثرت حركتي أقبلت ترسم أجمل لوحة حب في عيني .
وتقول لي : سِرْ في حفظ الله ورعايته .
أنت الحب الذي لم تذبل أوراقه مع الزمن ,دعني يا جدي أرسم لك صورة من حب ثم انحتها في جدران قلبي , عساني احتفظ بها ما حييت .

* * * *

يا جدي أنت بحر أمنياتي , أنت شمس ذكرياتي أرجوك افتح لي قلبك أعيشُ بداخله , افتح لي اليوم يدك أقبّلها كما كنت أقبّلها وأنا صغير, خذ قلبي الجريح واحفظه في روضة حبك عساه ينمو من جديد .
يا جدي
حياتي من دونك أحزان , أيامي من دونك آلام , عيشي بفقدك آهات .
لقد سمعتُ من فمك أحلى الكلمات . لقد منحتَ قلبي أحلى النبضات لقد وهبتني في شفتيك أحلى القبلات, حياتك يا جدي زينة العمر وشمس الأمل وبريق الغد , وفجر المستقبل الصاعد .   

* * * *

يا جدي إن في قلبي اليوم الكثير من الشجون وأريد أن أبثّها إليك , إن في قلبي الكثير من الأحزان وأملي أن تضّمد جراحي , وتلملم أوراقي ,أنا محتاج اليوم في شبابي لغزير حبك أرجوك ضمني إلى حضنك الكبير الذي وآسيت من قبل آلامي , مدّ يدك لتسحبني من أوحال الأسى , وافتح لي صفحة الحب الذي أخاف كل يوم أن تهجم عليها أرضة الشيخوخة فتأكل معها ورقة أحلامنا الحلوة التي كتبناها معا بدموعنا ومزجناها بحبنا

* * * *

لقد أبصرتك اليوم قفزتَ على عتبة المائة سنة وما زلتُ أرى في وجهك تجلّدًا وأملاًً ,
ها هي السنون نحتت آثارها على وجهك ونفشت أحزانها على صدرك , ونشرت تجاعيدها على بدنك .
هذا سمعك ضعف تماما بل أراه اليوم اختفى بريقه وغاب طنينه .
وصار المتكلم يصرخ في أذنك لكن دون جدوى, وهذا بصرك ارتدَّ إلى الوراء كليلا , فصرتَ لا  تعرف من هم حواليك .
لكنني يا جدي سأعذرك لأنك صاحب المائة !!.

* * * *

يا جدي لن أنس حبك الكبير الذي غمرتني به,لن انسَ لك حسن ادبك وتربيتك لي,فقد كنت لي نعم الاب والصديق,سقيتني تجاربا من عمرك ومزجتَ لي في الكاس الحب بالامل,اني اذكر ياجدي عندما كنتُ صغيرا احتضن يدك ونمشي سوياً وكنتَ دائما تسبقني, واليوم عندما هرمتَ صارت يدك المرتعشة في يدي تتقوّى بها على المشي,آهٍ ياجدي لقد ضعفت قواك وصارت تتهادى بين احلامي,لن انسَ حبك لاغنامك ,كنتُ استمتع صغيرا وانا اراك بينهن,وكنتُ اتعجبُ من حبِّ اغنامك لك,حقاً لقد زاحمنني في حبك! اذا سمعن صوتك اقبلن مسرعات بلهفة!وعندما انادي عليهن بصوتي الصغير::لايعبأن بي! فصرتُ أتسآل:ماالذي جعل صوت جدي لهن محبّبا؟
وانتزعتُ الاجابة من افواههن:إنها الرحمة التي عطفت قلوب الاغنام على جدي,لقد حسدتُ هذه البهائم على حبك حتى صارت من اعز اصدقائك

****************

لن انسَ دلالك لي حتى قلتَ لي كثيرا : أنا أحبك أكثر من أولادي, لا أدري يا جدي لماذا أنت اليوم عشقت الصمت الطويل ؟ وإن جلستَ أحيانا من فراشك أقبلتَ على صلاتك لقد كنتُ أراك تصلي جالسا في بيتك الصغير الذي لم تفارقه لسنوات خلت .
عندها حمدتُ ربي على نعمة الشباب الذي اتقلب اليوم بين أحضانه ,ولعلي سأذكر نعمة الشباب إذا صرتُ مثلك !!
لقد فقدتَ سمعك يا جدي تمامًا غير أني إذا لوّحت بيدي إلى الصلاة وقفتَ مسرعًا تصلي حقًا ما أجمل هذا الثبات , نعم أنت صاحب المائة وتحافظ على صلاتك .
وأراك دائمًا تشير بسّبابتك , نعم أنها الراية التي تحلّق بها في سماء التوحيد .

* * * *

يا جدي في صدري اليوم الكثير من الأسئلة وانتظر بفارغ الصبر منك الإجابة .

لكن قلبي ينزف دمعًا لأن سمعك أغلق بابه إلى الأبد !! وكلما طرقتُ الباب مرارا لم يفتح لي فبقيتْ أسئلتي حبيسة في أدراج قلبي يعلوها غبار الأسى أرقبُ لها فجرًا جديدًا لن أنس لك يا جدي الحب الكبير  الذي أمطرتني به أثناء غربة أبي حتى أنسيتني مرارة الغربة .

* * * *

يا جدي الغالي : هل تذكر عندما أصبتُ بالرمد في عينيّ , أسرعتَ بي إلى الأطباء حتى سافرتَ بي إلى المكلا عندما علمت وجود أطباء  مهرة فيها .

ولكن دون جدوى , غير انك لم تيأس وأسرعتَ بي إلى الحجّام وطلبتَ منه أن يحجم لي ولمّا أبصرني صغيرا ورأى طفولتي تلعب بين يديه , خاف عليّ من الحجامة , وقال : إنه صغير إنّ عمره لم يتجاوز الثاني عشرة سنة لكنكَ بقيتَ مصرًّا حتى حجم لي لأنك تعلم أنّ في الحجامة الشفاء كما أخبر بذلك خير الخلق r ودارت رحى الأيام والمرض يخنق عينيّ حتى لا أكاد افتح عيني من شدة المرض وعمّ الاحمرار وطفح على بياض العين .

ولمّا وصفوا لك أطباء في صنعاء عزمتَ مجددًا للسفر إلى صنعاء وعمري ثلاث عشرة سنة عجبا لك يا جدي , انك رجل متفاؤل لم تترك لليأس منزلا في قلبك إلا هدمته .

وعندما وصلنا صنعاء ودخلنا غرفتنا أسرعتُ للنوم على السرير, لأني لم أنم من قبل قط على سرير , فحذّرتني من السقوط فقلتُ لك بإصرار وإعجاب الولد المشاكس :لن أسقط أبدا , ولمّا أبحرتُ في النوم لم أشعر بنفسي ألا أسقطُ من أعلى السرير متألمًا من وجع في ركبتي , فقلتَ لي مواسيا , ألم أقل لك أني أخاف عليك من السقوط ؟!!.

أشكرك يا جدي على حبك , لقد تعلمتُ من هذا السقوط المبكر دروسا في حياتي وهي عدم العجلة والتهور في عمل أي شيء قبل بلوغ أدواته وأسبابه .
ودلفنا عند الطبيب وأخذتُ الدواء وأشرفتَ على  تناول دوائي عند نومي ولما رأيتَ تباشير العافية في عيني حمدتَ الله كثيرا .
وذهبنا من الغد إلى المطار ولمّا دخلنا ذلك المطار الكبير , اكتشفنا أننا نسينا جوازاتنا فرجعتَ مسرعا للوراء  ولمّا وصلتَ أخبرنا الموظف أنّ الطائرة إلى حضرموت قد غادرت قبل قليل .
رجعنا وعلى وجوهنا الأسى , سامحني يا جدي فأنا ما زلتُ صغيرا وأنت شيخ كبير .
وفي يوم جديد عزمنا على السفر ووصلنا المطار في عجل ورجعنا للأسف للمرة الثانية .
فكدتُ أبكي شوقا إلى بلدي وحبًا في لقاء الأحبة ,ولم تمضِ أيام حتى حطّت قلوبنا في بساط مدينتنا الجميلة انها مدينة شبام.

* * * *

يا جدي هذه كلماتك أقطفها من عنقود التجارب ,إني تركتُ لقلبي أن يمرح وأن يطير محلّقا في سمائك, وسمحتُ لأجنحتي أن تعزفَ عند لقائك فمضى قلبي يسمعك أنغاما من وتره ويهديك ألحانا من شجنه . 

* * * *

يا جدي إني عشقتُ القصص والحكايات التي رويتها لي فقد اتحفتني بشجاعة صالح بن حبيب بن علي جابر, وبطولات السلطان القعيطي علي بن صلاح, وأضحكتني بنوادر أحمد بركات الشبامي, وسمعتُ منك شعر سعد السويني وأضحكتني بأحكام (( قريقوش )) ومن هذه القصص التي علقتْ بذاكرتي ,قصة ذلك الرجل الحضرمي البسيط وقد نوى الحج وطلب من أمه أن تكثر من هذا الدعاء : (( اللهم نفّق البضاعة في الحج )) فأكثرت المسكينة من هذا الدعاء ولم تعرف مغزاه , فلما وصل ابنها إلى الحج توفاه الله في ذلك المكان الطاهر محرما , فلما علمتِ الأم صرخت فقال لها الناس : لقد استجاب الله دعاءك في ابنك ونفقت البضاعة وتقبلها الله بقبول حسن .

ومن الحكايات الجميلة أيضا : أنّ رجلا غنيًّا له ابن وحيد فأراد الأب أن يطمئنّ على حياة ولده قبل موته , وأراد أن يختار له الزوجة المناسبة التي تكرمه ولا تطمع في ماله , فزّوج ابنه الزوجة الأولى: وذات يوم نادى على ابنه , فأقبل الولد مسرعا , فقال له الأب : احمل هذا الجذع من الشارع وأدخله بيتنا , وكان الجذع ثقيلا فحاول الابن تحريكه فعجز وخارت قواه , فلما رأته زوجته ضحكت وسخرت منه , فدعا الأب ابنه وأمره أن يطلّق زوجته , ثم زوّجه بالثانية: وعمل نفس الاختبار , دعاه إلى حمل الجذع فلما رأته الزوجة الثانية : وقفت ضاحكة من زوجها فامره بتطليقها, ثم زوجه بالثالثة :ودعاه إلى حمل الجذع وحاول الابن فعجز فصاحت زوجته وخرجت مهرولة من بيتها ومدّت يدها قائلة : سأحمل معك لن أدعك أبدا وحدك تحمل هذا الجذع الثقيل , سأطعم المرَّ كما طعمت, فلما رآها أبوه وعلم صادق حبها , قال له : هذه المرأة الحقيقة التي ابحث لك عنهامنذ زمن وقد وجدتها اليوم , أنها امرأة مخلصة تكافح مع زوجها وتكون سندا له في الملمات, هذه المرأة الناجحة تستحق أن تكون لك شريكة الحياة !!.    

* * * *

لستُ أدري يا جدي من أيِّ الجهات أيممُ ساحلك ؟ وبأيِّ جناح أطير إلى عليائك ؟ وبأي اقدام أهبط إلى ساحتك ؟
جيمك يا جدي جود لا ينقطع , ودالك دواء لآلامي , وياؤك ياسمين الأمل اتضمخُّ به في حياتي .

* * * *

هل تذكر يا جدي عندما كنتُ أمشي معك صغيرا كنتَ دائما تسبقني وأعجزُ عن ملاحقتك واليوم قد انحنى قوس قوتك وأكل الزمان منسأة صحتك حتى صرت تمشي على ثلاث وتسير الهوينا وتسحب جسما ثقيلا كأنك حملت أثقال السنين كلها على عاتقك .

هل تذكر عندما تصحبني في زياراتك , كنتَ تجلسني على فخذيك إذا رأيتَ زحمة الركاب والصقُ ظهري بصدرك , ليتكَ اليوم صلباً فاسند لك همي وحزني , ليتك اليوم تقرأ عبيري وتسمع أريجي, فإني انثرُ للدنيا مقامات من أشواقنا وأسطُّر لها ملاحمًا من حبنا.

* * * *

يا جدي يا خير الرفاق , وبحر الأشواق , حبك لي كالبلسم الترياق, وأنفاسك رقيقة تعانق مني الأحداق .
يا جدي حبك إلى قلبي يسرى , ودمعك في خدي يجري, وروحك في كفي تسمو , وذكرك في أفقي يعلو .

يا جدي
لحبك غنّت حروفي ولمدحك انشدت سطوري , ولمجدك ترّنم سروري ,أنت أول صفحة من حب ترفرف في قلعة قلبي, أنت أول كلمة من عطاء أورقت في سطوري, أنت أول دمعة  حنان تدفقت من عيني, أنت أجمل ضحكة هانئة ابحرت كالزورق في وجداني .
أنت أول لبنة من أمل تبني طموحي, أنت أجمل نجمة تفاؤل أضاءت في سمائي ,يا جدي أنت حبي الأول , بل أنت دائما حبي الكبير .

* * * *

يا جدي إني أطرب الزمان من نشيدك وأعطر الآفاق من أريجك , وأروي الفلوات من قصصك , واسرج الدجى من كرمك , وأزفُّ للدنيا شهدا سلسالا من أحلامك .
يا جدي
ها أنا اليوم أعيش كالسيف فرداً,ها هي غيوم الأحزان تلّبد سمائي .
ها هي أرضي أغبرت بالأسى وانزعجت بالشجى .
ها هي أحلامي تكّدرت مياهها وتكّسرت آمالها وغاصت أشواقها .

******************

ياجدي : يقولون ان اليتيم من فقد الاب, لكنني ابأسُ يتيم إن فقدتُ قلبك ,إني مهيض الجناح ‘إن حرمتُ حبك,يقولون سقيماً من فقد الصحة وأنا السقيم إن غابت شمسك وانمحى ضوءك, يقولون فقيراً من عدم المال وانا الفقير إن فقدتُ صدرك وحرمتُ وجهك, يقولون اسيرا من فقد الحرية وانا الاسير إن فقدتُ فجرك وحرمتُ املك

* * * *

حسن الختام

وفي نهاية الأشواق أمسكتُ بزمام القلم واقتلعتُ أشواك الألم , ووقفتُ أدعوا الله كثيرا أن يرزقك حسن الختام, أراك يا جدي -كثيرا إذا جلستَ من فراشك رفعتَ يديك تحلّق بهما في ملكوت الدعاء وتضرّعتَ إلى مولاك بخوف ورجاء ,حقا أنا لا أعرف بماذا تدعو؟؟
لكنني أجزم بأنك تلحّ على الله ألا يحرمك برد الختام .
أنني أتذكّر يا جدي كلمتك وقد هممتُ بالسفر يوما فقلتَ (( لا تسافر حتى تدفنني ))
يا جدي : أنا إن دفنتُ جسدك , فلن أدفن أبدا حبك , بل سيبقى حبك رفيقا في دربي حتى أصل يوما إلى جدثي لعلّي أسمع غدا لسان الدهر متعجبا : (( لم نرَ حبًا مثل هذا الحب )) .
سيبقى حبك يا جدي نبض قلبي ما حييت يسقيني كلما عطشتُ, ويقوّيني كلما ضعفت سيبقى حبك خالدا سرمديا في قلبي ما عشت !!
عسى الله أن يجمعنا غدا سويا في جنات النعيم برفقة خير المرسلين.

 آمين 

كتبه

ابوسعد النشوندلي
حضرموت

29/2/1433هـ

Abd52010@gmail.com


 

 

منوعات الفوائد