اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Minute/136.htm?print_it=1

طاش ما طاش

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد 

محمد الأسمري


بسم الله الرحمن الرحيم
إنًّ الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا , ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾ [ النساء : 71 ]
﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [ التوبة : 71 ]
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [ التوبة : 119 ]
في مطلع هذا القرن , وتحت ضغط الغزو الاستعماري والاحتلال الغربي لديار المسلمين , أُلقيت في رحاب الفكر نظريات ومذاهب , في مجالات اللغة والدين والتراث , وكانت الانطلاقة المجرمة لهذه النظريات والمذاهب الهدامة من خلال الإعلام .(1)
لذلك رأيتُ أن أكتب فكرة موجزة عن بعض حلقات من مسلسل خطير .. يُعرض وتتابعه مُعظم العيون بكل شوق ولهفة .. وماينطبق على هذا المسلسل ينطبق على بقية المسلسلات والأفلام الأُخرى .
وإن أثر التلفزيون , يتعمق ويمتد أكثر في طائفتين من الناس : الأميين والأطفال . وأسباب التأثير مشتركة بين الطائفتين تقريباً , وهي الانبهار وفقدان الحصانة الثقافية , وعدم القدرة على الانتقاء والاختيار .(1)
إن وسائل الإعلام المختلفة من صحافة , وإذاعة وتلفزيون وسينما , مُسخَّرة اليوم لإشاعة الفاحشة , والإغراء بالجريمة , والسعي بالفساد في الأرض , بما يترتب على ذلك من خلخلة للعقيدة , وتحطيم للأخلاق والقيم والمثل ... وهما ( العقيدة والأخلاق ) أساساً لبناء الإسلام فإذا انهدم الأساس فكيف يقوم البناء .(2)
ومن المؤسف .. أن الأفكار الغربية والعادات الجاهلية قد تغلغت في المجتمعات الإسلامية نتيجة الإعلام .
وهاهي الآن تُعرض في حياتنا اليومية بأخلاق المسلسلات والأفلام الماجنة والخليعة .
فهذا واقع مشهود , يشهده الناس كل يوم وكل لحظة , ويرون بأعينهم آثاره في أولادهم وبناتهم , ويرون كيف يعجزون عن صد آثاره المعجزة , ووقاية أولادهم وبناتهم من تلك الآثار .(3)
ومن أخطر المسلسلات التي ( دخلت أو نبتت ) في ديارنا مسلسل ( طاش ما طاش ) الذي يحاول هدم أخلاقيات هذا الدين منذ اثنتي عشرة سنة .
ولو كان الطاقم الذي يلعب هذا الدور غير أبناء هذه البلاد لتحركت مشاعر الناس وأن كانوا عوام .
ولكن ( الخطر أنهم من أبناء هذه البلاد ) ويراه المشاهد بأنهم ناصحون لحل القضايا والمشاكل الدينية والاجتماعية .
﴿ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ ﴾ [ البقرة : 12 ]

وإذا الذئـاب استنعجت لك مـرةً *** فحذار منها أن تعود ذئابـا
فالذئب أخبث مايكون إذا اكتسى *** من جلد أولاد النعاج ثيابـا

والحقيقة .. أنهم عالجوا بعض المشاكل .. وإن كان الداعيةً يعالجها بالطُرق السليمة التي تكون بالكتاب والسنة .
﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [ النحل : 89 ]


ولكن هدفهم أكبر من هذا .. فإن هذه المشاكل عند حلِّها جعلوها طريق يوصل إلى الاستهزاء بالدين وأهله والعمل على إحداث فجوة بين العلماء والعامة والمناداة بسفور المرأة والتجرأ على نقد المسؤلين والقدح فيهم أمام العامة ، وزعزعة الأمن , ( بل إنهم ينقلون صورة البيت المسلم بمشاكله اليومية التي يفرح بها العدو كثيراً حتى يضع لها حلولاً .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ) .
ومنها إحياء اللغات المحلية العامية ومنها تشجيع الشباب على السفر خارج البلاد ومنها الرقص والاختلاط .
وتوليد الكراهية لبعض الدول المجاورة أمام العامة !!
وسوف نبيِّن بعض الفقرات السابقة بإذن الله .
يقول الأستاذ (( عبدالله التل )) - رحمه الله - : ولقد شهدت بنفسي مسرحيات عربية مُثِّلت , منها مسرحية (( المحروسة )) يظهر فيها شيخ معمم يشرب الويسكي ويلعب القمار في بار الخواجة (( يني )) ويغازل السيدات , والأصابع اليهودية في هذا النوع من الأدب المسرحي واحدة , سواء في أوروبا أو في بلاد العرب , رائدها زعزعة الثقة برجال الدين اللذين يقفون حجر عثرة في طريق التخطيط اليهودي المدمر .(4)
وهكذا فإن رسالة المسرح في العالم الإسلامي تنسف كل ما ينشده الجيل المسلم , من مُثل ومبادئ وأخلاق , وأنَّ ما يبنيه الدعاة إلى الله في أجيال , تستطيع هذه الوسائل المدمرة أن تزلزله في قلوب الناس وأذهانهم في ساعات .(5)
وفي هذا المسلسل .. (( طاش ما طاش )) يجد المشاهد هذا النوع كثيراً ولكن بطريقة خبيثة .. حيث يجعلون النقد .. عاماً .. ولكن يجعلون ( مثلاً ) رئيس هذه الإدارة المنتقدة .. رجلاً ملتحي .. قصير الثوب .. كبير البطن .. يُعكِّر المراجعين .
وبعد النقد العام .. يتحملها هذا الشخص الملتحي ويكون في نظرة المشاهد نظرة سُفْه واستحقار .
وصورة أخرى .. يخرج رجل ملتحي يجمع الصدقات من الناس .. ثم يذهب إلى استراحة وحوله شباب ظاهرهم الاستقامة فيقوم بإخراج المال الذي جمعه من المتصدقين .
فيقول هذا الشيخ : يا فلان هذه .. صدقة فلان اذهب بالسيارة واغسلها بهذا المبلغ !!
﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [ الحديد : 24 ]
رحم الله السعدي حيث قال عند تفسيره لهذه الآية : يجمعون بين الأمرين الذميمين اللذين كل منهما كاف في الشر البخل / وهو منع الحقوق الواجبة . ويأمرون الناس بذلك . فلم يكفهم بخلهم , حتى أمروا الناس بذلك , وحثُّوهم على هذا الخلق الذميم بقولهم وفعلهم , وهذا من إعراضهم عن طاعة ربهم وتوليهم عنها .(6)
فلا تتعجب .. من قلة تردد الناس على الجمعيات الخيرية .. فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .

ساءت ظنون الناس حتى أحدثوا *** للشك في النور المبين مجالا
والشك يأخذ من ضميرك مأخذا *** حتى يريك المستقيـم محالا

﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ [ الهمزة : 1 ]
﴿ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [ يونس : 62 ]
وصورة أخرى ...
رجل سيئ الخُلُق .. ذهب إلى طبيب لمعالجة وجهه لحساسية .. فقال الطبيب اُترك اللحية حتى تذهب الحساسية .. فتركها .. وبعدما خرجت اللحية . كان مدعواً لمناسبة . وأخذ ثوباً قصر بعد غسيله!!

فذهب إلى المناسبة فلما دخل عليهم ( بلحية وثوب قصير ) عظموه فقالوا : في صدر المجلس مكانك .. فكان يقول هذا الرجل الأمر جميل أن أكون بهذه الشخصية .. فأخذ يتاجر بالعود والطيب ..
وكان يغش في بيعه بخلط الطيب مع الماء .. ومن الخبث .. في هذا المسلسل أنهم يجعلون رجلاَ من أهل الخير يناصحه حتى ينخدع المشاهد ويبرر هؤلاء موقفهم الخبيث .
وعندما شرح لي بعض الزملاء هذا المسلسل تأففت منها ...
فقالوا - أي زملائي - ( انظر تأثير وانخداعهم بعد هذا المشهد ) إنما قصدهم الإصلاح وقد جعلوا من أهل الخير من يناصح هذا الرجل !! هكذا قالوا .
فقلت : لو أن رجلاَ من أهل الخير تثقون به .. وتحتاجون إلى طيب فهل تشترون منه .. أجيبوا بكل صراحة .
فضحك واحد من الحضور .. وقال ( لا ) أخاف أن يكون مثل القصبي !! ( شر الشدائد مايضحك )
أُمورٌ يضحك السفهاء منها *** ويبكي من عواقبها الحليم
القضية .. ليست طيب .. ولكن انظروا كيف جعلوا من ينتمي إلى أهل الخير والصلاح تحت شك وريبة . ويقولون .. للمشاهد .. انظروا من تصدرونهم في المجالس !!
نصحت فلم أُفلح وغشوا فأفلحوا فأوقعني نصحي بدار هوان
﴿ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ﴾ [ محمد : 30 ]
﴿ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾ [ الأعراف : 51 ]
إن إفساد العقيدة الإسلامية يترتب عليه زعزعة المسلم دينه , وتشكيكه فيه . وعلى هذا يقل تمسكه بهذا الدين .
فتأتي بعد ذلك المرحلة الثانية وهي تمجيد القيم الغربية المسيحية*.(7) (انظر إلى الهامش )
لقد أثاروا في هذا المسلسل عدة مشاكل .. والهدف .. إضعاف القيم الإسلامية والأخلاقية .
وسوف يكون في الحلقات القادمة تمجيد القيم الغربية ! وإن ذكروا شيئاَ منها في الحلقات السابقة ولكن الهدف القادم أكبر من ذلك .
ونسأل الله عز و جل أن يُخمد نارهم .
(( إن الله ليُملي للظالم , فإذا أخذه لم يفلته )) [ متفق عليه ]
﴿ فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [ القلم : 44 ]
وصورة أخرى .. عن التعدد في هذا المسلسل وقبل أن أشرح هذه الصورة ..
يقول الأستاذ / عبدالمنصف محمود عبدالفتاح في كتاب (( دحض شبهات ومفتريات حول الإسلام )) ( إنهم - أي المستشرقين وغيرهم من أعداء الإسلام - ينظرون إليه أنه نظام بدائي ينتقص من مكانة المرأة لصالح الرجل , وعلى حساب كرامتها وأنه بمثابة الأغلال والقيود التي تعوق حركتها , وتهضم حقوقها وتهدر آدميتها وأن تحريرها منه يعتبر خطوة في سبيل تقدمها لأنه في رأيهم نظام لا يتمشى وتطور المجتمع , وأنه لابد أن تتساوى المرأة بالرجل وتعدد الزوجات لا يحقق تلك المساواة .(8)
تلك نظرة المستشرقين في قضية تعدد الزوجات وإذا تتبعنا بعض الكتَّاب المسلمين سنجدهم ينددون بهذه القضية ويجعلونها من المساوئ التي تؤخذ على الإسلام , لأنه أحد أسباب الانحلال الخلقي بين النساء فضلاً عن أنه من الأسباب المباشرة لزيادة النسل .(9)

وإنك تجد في هذا المسلسل .. في إحدى حلقاته - وهي كثيرة - رجُلان الأول ... يتقمص شخصية الرجل الذي يعدد الزوجات . والثاني .. رجل له زوجة واحدة .
يذهب الأول .. إلى الثاني ويذكر له مشكلة من زوجته .. وينصحه الثاني بالزواج ويزداد هذا الرجل الأول بعد الزواج - أمام المشاهد - جحيماً ثم يرجع إلى زميله وينصحه بالثالثة والرابعة .. حتى أصبحت حياة الرجل الأول في مشاكل بكثرة الأولاد وكثرة النساء .
والرجل الناصح - أي زميله - يظهر أمام المشاهد بالفلة الواسعة والحياة الجميلة واقتصاره على الزوجة الواحدة .. بأنها هي الحياة السعيدة !!
فانظر إلى خبث .. أفكارهم وأعمالهم ..
﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ﴾
[ النحل : 45 ]
وأكثر الناس .. يرون أن هذا المسلسل إستهزاءٌ وسُخرية وتنابُز بالألقاب بل الأمر أخطر وأكثر من هذا ... والعاقل من يرى مقر سهمه من رميته .
﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [ الشعراء : 227 ]
ولا ريب أن هناك زحفاً خطيراً عن طريق الفن والقصة إلى قلب المجتمع الإسلامي وتقوم الصحافة بالدور الأكبر منه , فإن كل المفاهيم المسمومة والضالة تُقدم في سهولة ويسر وبساطة عن طريق هذه الأجهزة , وتستوعب عقول الشباب الغض والمرأة في البيت , وتثير روحاً جديدة مخالفة تماماً لروح الإسلام , هي روح التشاؤم والشك والعنف والرفض والإنكار لكلِّ شيء قائم .(10)
وصورة أخرى في زعزعة الأمن ..
فالمجتمع الذي تنتشر الجريمة فيه مجتمع مريض . يسود فيه الخوف والرعب , ويهجره الناس , والدولة الإسلامية مطالبة بإقامة الأجهزة التي تسهر على أمن العباد , وملاحقة المجرمين , وإقامة العقوبات الرادعة للمفسدين في الأرض , وفق شريعة الله .(11)
ولكنّهم جعلوا في بعض حلقاتهم صورة الأمن في هذا البلاد أمام العامة من المشاهدين وأمام الأعداء .. صورة تحكي عن التخلّف وعدم القدرة على ملاحقة المجرمين .
اثنان من رجال الأمن .. يطاردون أحد المفحطين من الشباب .. والذي يقود سيارته بكل براعة ورجال الأمن .. يحاولون أن يُمسِكوا بهذا الشاب ولكن محاولة رجال الأمن .. باءت بالفشل .
مرة يصدمون بكومة رمل ومرة بسيارة .. في مشهدٍ مُضحك .
وفي الأخير .. يعالجون هذا الموقف - كما قلت سابقاً عند الاستهزاء بالصالحين ليبرروا موقفهم وينخدع المشاهد ويكون السُم خفياً . حين يظهر رجل أمن عاقل ويُمسك هذا الشاب .
جعلوا .. الأمن في نظر المشاهد .. في محل سُخرية واستحقار .. بعد هذا المشهد .. يرى أهل الشر أن الأمن بهذه الصورة فيكثر الشر ..
وإنك لتجد الشباب المراهق .. في المدارس بعد هذه المشاهد يضحكون على رجال الأمن .. وتتحرّك ميولهم حتى يُصبحوا مثل هذا الشاب الذي أتعب رجال الأمن بفن القيادة . فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .
﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ﴾ [ النساء : 83 ]
نذكر فائدة .. ماقاله السَّعدي - رحمه الله - عند هذه الآية : إن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطاً للمؤمنين وسروراً لهم وتحرزاً من أعدائهم , فعلوا ذلك . وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة ولكن مضرته تزيد على مصلحته , لم يذيعوه .(12)

لم يعلموا أن الأمن نصف المعيشة .
ومَن ترك العواقب مُهمَلات *** فأيسر سعيه أبداً تبـابُ
وفي هذا المسلسل بكل خبث .. أحيوا اللغات العامية وفي نفس الوقت استحقار لهجات القبائل والمناطق .. ومن المؤسف أن يخرج العامة في الشارع والمدارس و الإدارات العامة يرددون بعض الكلمات العامية .
إن هدف المستعمرين هو حرب اللغة العربية , لكونها لغة القرآن , وبها تحت صياغة التراث الإسلامي عبر السنين ... وبحيث لا تتمكن اللغة العربية من التوسع بين مسلمي العالم , واتبعوا في ذلك عدة أساليب منها : تشجيع اللغات المحلية واللهجات في معظم البلاد الإسلامية غير العربية لتصبح هي اللغات القومية .(13)
وهذا طبعاً قبل أكثر من ثلاث سنوات والناس تردد بل وتستخدم في حياتها اليومية بعض الكلمات العامية إمّا إعجاباً بهذه اللهجة أو سخرية .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ ﴾ [ الحجرات : 11 ]
ثم نجدهم في إحدى حلقات " السياحة " تذهب عائلة إلى إحدى البلاد المجاورة .. وتظهر الدولة المجاورة ( أمام المشاهد ) بأنهم يأخذون الرشوة من قِبَل الجنود وأنهم يعاملون أهل هذه البلاد .. بكل أذى .. وسُخرية .. حتى يتولد لدى المجتمع كراهية هذه الدولة .
وإن كان من يفعل ذلك .. هل نثير هذا الأمر أمام المجتمع أم أمام المسؤلين .
يقول الدكتور / محمد محمد حسين في كتابه " حُصُوننا مهددة من داخلها " : وكل ما قصد إلى توهين هذا الاتحاد وبثّ روح الفرقة والعصبية القبلية والشعوبية بين أفراده فهو لا يخدم إلا أهداف العدو ولا يورثنا إلا الضعف .(14)
﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ ﴾ [ المائدة : 91 ]
﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا ﴾ [ آل عمران : 103 ]
قال السَّعدي - رحمه الله - في بعض تفسير هذه الآية : أمرهم تعالى بما يعينهم على التقوى وهو الاجتماع والاعتصام بدين الله , وكون دعوى المؤمنين واحدة مؤتلفين غير مختلفين . فإن في اجتماع المسلمين على دينهم , وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم وبالاجتماع يتمكنون من كل أمر من الأمور , ويحصل لهم من المصالح التي تتوقف على الائتلاف ما لا يمكن من عدها , من التعاون على البر والتقوى , كما أن بالافتراق والتعادي يختل نظامهم وتنقطع روابطهم ويصير كل واحد يعمل ويسعى في شهوة نفسه , ولو أدّى إلى الضرر العام .(15)

الشر يبدؤه في الأصل أصغرُهُ *** وليس يصل بنار الحرب جانيها

أما قضية المرأة ..
فهو الهدف الثاني من أهداف هذا المسلسل بعد التشكيك بالدين وأهله .. يقول صاحب كتاب / حركة تحرير المرأة : ومن أقوى هذه القضايا التي ركز عليها أعداء الإسلام جهودهم , وبذلوا للوصول إليها كل غال ونفيس , قضية المرأة , التي استغلوها كسلاح في معركتهم ضد الإسلام والمسلمين , وزجّوا بها إلى هاوية الجحيم والشقاء , إذ أغروها بشعارات خادعة باسم تحرير المرأة العربية , وغير ذلك من الدعوات الهدّامة التي استغلها أعداء الإسلام ضد المرأة المسلمة , والتي لم يصب الإنسان من ورائها إلا القلق والصداع والحرمان والمرض الذي ألم ّ بالعالم في عصرنا هذا .(16)


أما أعمالهم في هذا المسلسل فهي كثيرة ... ونشير إلى بعض منها .
* شابان يعاكسان النساء وفي الأخير يتبعان إحداهن .. وعليها الجلباب والخمار .. وبعد النظر المتغزِّل من الشباب يتبين أنها خالة لهما .
* يتزوج الرجل من إحدى العائلات وتخرج أمام المشاهد وأمام الزوج بأنها قبيحة .
* إخراج المرأة بالملابس الضيقة على أنه هو اللباس المعتاد في هذا المجتمع . والصور من هذا النوع كثيرة .. فلا حول ولا قوة إلا بالله .
أما الاختلاط ..
فمن ينظر إلى البيت الذي بداخل المسلسل يجد السائق مع صاحبة المنزل .. في البيت والسيارة فنجد المشاهد يتساهل إذا رأى أن البيت في هذا المجتمع بهذه الصورة .
وينطبق هذا الأمر في جميع المسلسلات ... ولكن قلنا أن الأمر يزداد خطورة عندما نجد هذا المسلسل يُمثل المجتمع .. وأن القائمين عليه من هذه البلاد فينظر المشاهد المحافظ فينخدع بأن هذه أخلاقيات مجتمعه فيحاول أن يسايرهم .
ومن يكن الغراب له دليلا *** يمر به على جيف الكلاب
وعائلة في هذا المسلسل .. تذهب إلى إحدى المجمعات الكبيرة المليئة بالشباب .. فيقوم بمطاردة هذه العائلة شاب .. في كل مرة يتبادل النظرات مع إحدى بنات هذه العائلة .
وشاب صغير يدافع عن أخواته ويظهر أمام المشاهد ضعف شخصيته .. ويكتب هذا الشاب الرقم ويُعطيه إحدى البنات .
انظر إلى خبث أفكارهم .. كم مراهقة تنظر إلى هذا المسلسل !! وكم من فتاة دخلت تحت شبكات الشباب تحت تأثير هذا المشهد !! وكم من عفيفة لا تعرف هذا الأسلوب الشيطاني ... فأوقعوها . فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .
ويقولون للشباب والشابات هذا أخلاقيات هذا المجتمع .. فيتجرأ العاقل والعاقلة .

هي الأخلاق تنبت كالنبات *** إذا سقيت بماء المَكرُمات
فكيف تظن بالأبناء خيـراً *** إذا نشئوا بحضن السافلات

يقول الدكتور / أحمد علي المجدوب في كتابه ( اغتصاب الإناث ) :
لا جدال في أن الاغتصاب يزيد كلما زاد التحضر بما يشتمل عليه من أساليب للحياة وأشكال للعلاقات وصور للسلوك تختلف إلى حد بعيد عن نظيراتها في الريف والبادية . وهو ما يمكن أن نلاحظه عند إعمال النظر في الإحصاءات الخاصة بجرائم الاغتصاب على وجه الخصوص وبالجرائم الجنسية على وجه العموم , في الدول التي يوجد بينها تباين في المستوى الحضاري . فمن المقارنة بين الدول العربية وبعضها البعض نلاحظ أن معدل جرائم الاغتصاب والجرائم الجنسية يختلف في بعض الدول عنه في البعض الآخر , وذلك بحسب مستوى التحضر الذي بلغته . ولا نعني بالتحضر هنا هو مجرد اقتناء واستخدام الآلات والأجهزة المستحدثة مثل الثلاجات وأجهزة التكييف والتلفاز والفيديو والسيارات وغيرها , أو الإقامة في مساكن على الطراز الحديث , أو ارتداء الملابس ذات الطراز الغربي أو غير ذلك , وإنما نقصد في المقام الأول صور السلوك وأشكال العلاقات وأساليب الحياة بكل ما ترتبط به من عادات وقيم وأفكار ومبادئ , أو ما يسمى بالثقافة الغربية التي لاشك أن مستوى الأخذ بها يختلف من دولة عربية إلى أخرى .(17)
هذا وليُعلم أن الدعوة إلى السفور والتبرج وترجيل المرأة ليست قاصرة على الصحافة فحسب , بل هناك أدوات أخرى تعمل بجهد جهيد إلى ذلك من إذاعات وتلفزة , وقنوات , وشبكات , وكتب , .


وقصص , وغيرها كلها تشترك في مسارعة الخطى إلى نشر التغريب بين المسلمين . وتَحْمِلُهم على الخروج على أحكام دينهم , وعفَّتهم وفضيلتهم , فنحذّر الجميع من عقاب الله وسخطه ونذكرهم بأيّام الله والله موعدهم .(18)
يقول ( جرونهوت ) : إنه لا جدال في أن تحرر المرأة ساهم في زيادة ما يرتكب من جرائم جنسية لأن تحرر النساء جعل الوصول إليهن سهلاً من جانب المغامرين , كما أن العلاقات المتداخلة بين الجنسين أصبحت طليقة وسهلة .(19)
وعلى العلماء وطلاب العلم بذل النصح والتحذير من قالة السوء , وتثبيت نساء المؤمنين على ماهن عليه من الفضيلة , وحراستها من المعتدين عليها , والرحمة بهن بالتحذير من دعاة السوء عبيد الهوى .
وعلى كل من ولاه الله أمر امرأة من الآباء أو الأبناء والأزواج وغيرهم , أن يتقوا الله فيما وُلُّوا من أمر النساء , وأن يعلموا الأسباب لحفظهن من السفور والتبرج والاختلاط والأسباب الداعية إليها , ومن دعاة السوء .
وليعلموا أن فساد النساء سببه الأول : تساهل الرجال .(20)
وآخر صورة اذكرها ..
من هذا المسلسل السرطاني ... وقد عرض هذا المسلسل من هذه السنة 1426 هـ من شهر رمضان اثنان من الكُتاب رُفع أمرهما إلى القاضي .. لأن واحداً منهما سرق ( مقال ) الآخر فبعد مشهد مُضحك يقلل قيمة القاضي أمام المشاهد .. حكم القاضي على السارق بعقوبة سجن .. فأخذ المحكوم عليه يراجع القاضي ... والقاضي بعد كل مراجعة يزيد في الحكم .. وبعد هذه الصورة المُضحكة يكون القاضي في محل استهزاء وسُخرية !!
فبعد هذا المشهد ...
يظهر لنا :
1- استهزاؤهم بأهل الدين .
2- يُريدون قانوناً لا يزيد ولا ينقص .. لا كما يفعله القاضي عند حُكمِهِ .. هذا بزعمهم .
﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [ المائدة : 50 ]
3- تقليل شأن أهل العلم أمام المجتمع . وقد سبق الكلام عليها .
* حكم الاستهزاء بالعلماء .(21)
قال البغوي - رحمه الله - إنّ للعلماء منزلة عظيمة في دين الإسلام , فهم ورثة الأنبياء , وحملة الوحي , وحماة الشريعة من تحريف الغالين , وانتحال المبطلين , وتأويل الجاهلين , فتوقيرهم واحترامهم واجب شرعي , وخُلق إسلامي رفيع , بل توقيرهم واحترامهم من السنة . وجاء في الحديث عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إنّ من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم , وحامل القرآن غير الغالي فيه , ولا الجافي عنه , وإكرام ذي السلطان المقسط ) .(22)
فالاستهزاء بأهل العلم والفضل , والقدح فيهم بما هم منه براء , إثم كبير قد يفضي بصاحبه إلى الكفر وهو لا يشعر . لقد قال رجلٌ من المسلمين في غزوة تبوك : ( ما رأيت مثل قرّائنا هؤلاء , أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء ). فإذا بالقرآن ينزل في بيان جرم هذا المفتري ومن معه , .


وموضحاً أنّ ذلك استهزاءٌ بالله و آياته و رسوله , قال تعالى : ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴿65﴾ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ.... ﴾ [ التوبة : 65-66 ] فلقد بيّن الله عز وجل أنّ الاستهزاء بالعلماء , فاحذر الاستخفاف بهم , وغيبتهم فإنه حرام , وكبيرة من كبائر الذنوب ، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أتدرون ما الغيبة ؟ ) قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ( ذكرك أخاك بما يكره ) قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول . قال : ( إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته , وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ) .(23)
قال ابن تيمية - رحمه الله - :( ..... ومنهم من يخرج من الغيبة في قالب تمسخر ولعب , ليضحك غيره باستهزائه , ومحاكاته , واستصغار المستهزأ به ) .(24)

وخلاصة القول في حكم الاستهزاء بالعلماء
أنّ له حالتين :
* الأولى : أن يكون قصد المستهزئ بالعالم علمه , وفقهه , ودينه , لا مجرد ذات العالم مجردة عن تلك الصفات التي اكتسبها من شريعة رب العالمين - سبحانه وتعالى - , فهذا كفر أكيد .
قال العلامة مقتي الديار السعودية - سابقاً - الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - : ( ... ثم نعلم هنا الذين شأنهم الاستهزاء بأهل الدين هذا قد يصل إلى الكفر الذي يكون ديدنه - لا يسمع بأحد من أهل الخير إلا وتكلم فيهم - فهذا لا يكاد يصدر إلا من منافق , ولهذا أشار الوالد الشيخ عبدالرحمن بن حسن في حاشيته على التوحيد أنّه يخشى علي أن يكون بذلك مرتداً , أمّا كونه وقع في أمر عظيم , ووقع في نفاق بارز فهذا واضح , وليس المراد من يكون بينه وبينهم شحناء دون بقية أهل الخير . وهو من الأمور المحرمة ) .(25)
وقال الشيخ العلامة صالح الفوزان - حفظه الله - : ( ... ومن هذا الباب الاستهزاء بالعلم وأهله وعدم احترامهم أو الوقيعة فيهم من أجل العلم الذي يحملونه , وكون ذلك كفراً ولو لم يقصد حقيقة الاستهزاء .... ) .(26)
* الثانية : إذا كان الاستهزاء والتنقص لأهل العلم لذواتهم وبشريتهم دون علمهم , وفقههم , وديانتهم , فلا يصل في هذه الحالة إلى الكفر والقتل , بل هو من المحرمات والإثم الذي قال الله عنها : ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [ الأحزاب : 58 ]
ولهذا كان سب آحاد المؤمنين موجباً للتعزير بحسب حالته وعلو مرتبته ... وتعزير من سب العلماء وأهل الدين أعظم من غيرهم ) .(27)
وقد سُئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عن حكم الاستهزاء بالملتزمين بأوامر الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ؟
فأجاب قائلاً : الاستهزاء بالملتزمين بأوامر الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - لكونهم التزموا بذلك محرم وخطير جدًّا على المرء , لأنه يخشى أن تكون كراهته لهم لكراهة ماهم عليه من الاستقامة على دين الله وحينئذ يكون استهزاؤه بهم استهزاء بطريقهم الذي هم عليه فيشبهون من قال الله عنهم : ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴿65﴾ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ.... ﴾ [ التوبة : 65-66 ] . فإنها نزلت في قوم من المنافقين قالوا : " ما رأينا مثل قرّائنا هؤلاء - يعنون رسول الله , صلى الله عليه وسلم , وأصحابه - أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء " . فأنزل الله فيهم هذه الآية .


فليحذر الذين يسخرون من أهل الحق لكونهم من أهل الدين فإن الله - سبحانه وتعالى - يقول : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴿36﴾ [ المطففين ] .(28)
وهذا منهم ليس بعجيب لو أنّه وقع من عدوٍ متربِّص بهذا البلد المُسلم المحافظ , الذي هو آخر معقل للإسلام كما كان أوّله ، الذي لم يزل أعداء الإسلام يتربصون به الدوائر , ليقضوا عليه م أمكن إلى ذلك سبيلاً ( عياذاً بالله ) .
ولكن من المؤسف , والعجب العجاب , أنهم من قومنا , ومن أبناء جلدتنا ممن يتكلمون بألسنتنا , ويستظلُّون برايتنا , قوم انبهروا بما عليه دول الكفر من تقدُّم ماديّ دنيوي فأعجبوا بما هم عليه من أخلاق تحرّروا من قيود الفضيلة إلى ساحات الرذيلة . (29)
إن هؤلاء الأعداء قد سكتوا عن حرب الجنود والأسلحة , ليشنّوا حرب التشويه والتخريب للإسلام منهجه وتاريخه ورجاله وتراثه ولغته وقرآنه . وتحالفوا وتآزروا وابتكروا أحدث الوسائل , وخبث التيارات والأساليب . فغزوا المسلمين في قلوبهم وأفكارهم , وأخلاقهم , وأزيائهم . وشنّوا على العالم الإسلامي من الغارات ما لا يخفى أمره .(30)
فنصيحتنا للمعدين لتلك المقالات أن يتوبوا ويمنعوا نشره وإذاعته على جمهور المسلمين كما ننصح كل مسلم غيور أن يمنع أهله وولده من هذا البرنامج ( طاش ما طاش ) وما أشبهه لما يحتويه من سخرية بجملة الشرع وعيب خفي لبعض شرائع الإسلام لتسلم العقائد من الانحراف ولا يعلق بأذهانهم شيء من الأفكار الرديئة التي تولدها تلك الكلمات والجمل الساخرة ونعوذ بالله من كيد الكائدين ومكر الماكرين .(31)
هذا ما أردت بيانه - وما على أهل العلم والإيمان إلا البلاغ والبيان - للتخفف من عهدته , ورجاء انتفاع من شاء الله به من عباده , وللنصح به , لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( الدين النصيحة , قالوا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )(32) .
علماً أن هذه بعض الصور وإن كان بعض الصور أخطر وأقبح مما ذكرت .. ولكن يكفي من الجسد نقطة من دمه حتى نعرف فساده !! والبُعد عنها , والحذر منها .
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها عند التقلُّب في أنيابها العَطَبُ
وآخر ما أقول قول الله تعالى : ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾
[ آل عمران : 179 ]

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الإعلام في ديارالإسلام . د/ يوسف محي الدين ابو هلالة . دار العاصمة . الرياض
(2) أساليب الغزو الفكري . علي جريشه
(3) واقعنا المعاصر . محمد قطب . ص 291
(4) جذور البلاء . (( الإعلام ))
(5) الإعلام في ديار الإسلام . د/ يوسف محي الدين ابو هلالة . دار العاصمة . الرياض
(6) تفسير السَّعدي
(7) جهود المفكرين المسلمين المحدثين في مقاومة التيار الإلحادي . الدكتور محمود عبدالكريم عثمان . ص 67
(8) دحض شبهات ومفتريات حول الإسلام . ص 132
(9) حركة تحرير المرأة في ميزان الإسلام . عماد محمد عماره . ص 287
* قال شيخ شيخنا محمد بن عثيمين – رحمه الله - : إن نسبة النصارى إلى المسيح عيسى ابن مريم نسبة يكذبها الواقع , لأنهم كفروا ببشارة المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام وهو محمد – صلى الله عليه وسلم – وكفرهم به كفر بعيسى ابن مريم عليه السلام .
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين (3/135) جمع وترتيب فضيلة شيخنا فهد بن ناصر السليمان -حفظه الله-
(10) الصحافة والأقلام المسمومة . أنور الجندي . ص 134
(11) نحو ثقافة إسلامية أصيلة . ا.د / عمر الأشقر ص 352
(12) تفسير السَّعدي
(13) حاضر العالم الإسلامي . د / تاج السر أحمد . ص 60
(14) حصوننا مهددة من الداخل . ص 69
(15) تفسير السَّعدي
(16) حركة تحرير المرأة
(17) اغتصاب الإناث في المجتمعات القديمة والحديثة . ص 74
(18) حراسة الفضيلة . للشيخ بكر أبو زيد . ص 149
(19) اغتصاب الإناث في المجتمعات القديمة والحديثة . د/ أحمد علي المجدوب . ص 201
(20) حراسة الفضيلة . ص 150
(21) هذا المبحث من كتاب " الاستهزاء بالدين أحكامه وآثاره " . أحمد محمد القرشي
(22) سنن أبي داود
(23) صحيح مسلم
(24) مجموع الفتاوى ( 28/237-238 )
(25) فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم ( 1/175-176 )
(26) من كتاب الاستهزاء بالدين
(27) تفسير السعدي
(28) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين (2/157-158) جمع وترتيب فضيلة شيخنا فهد بن ناصر السليمان -حفظه الله-
(29) قيادة المرأة للسيارة بين الحق والباطل . ذياب سعد الغامدي
(30) الغزو الفكري في التصور الإسلامي وكيفية مواجهته . د / أحمد عبدالرحيم السايح
(31) مقدمة للشيخ / عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - لكتاب طاش ما طاش إعداد الشيخ بدر المشاري
(32) صحيح مسلم . - حراسة الفضيلة -

 

منوعات الفوائد