صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







إعصار أمريكا عظة وعبرة

 


 إن ربـك لبالمرصاد.... رؤية في مصاب أمريكا
فضيلة الشيخ ناصر العمر


الحمد لله رب العالمين, معز المؤمنين, وقاهر الظلمة والمتجبرين والمتكبرين، سبحانه فعّال لما يريد (أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى* وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى*وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى*وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى*فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى) [ النجم: 50-54]
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،، أما بعد:

فقد اتصل بي أحد الأخوة في ساعة فتوى وسألني قائلاً:
هل يجوز أن نفرح بما أصاب أمريكا من هذه الاعصارات وما تبعها من هلاك ودمار في بعض ولاياتها ؟
قلت له: ولم السؤال ؟
قال: هناك من يقول أنه لا يجوز لنا أن نفرح, بل علينا أن نحزن ونأسى لما أصابهم, مشاركة في هذا الوجدان والشعور الإنساني, امتثالاً لقوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) [الإسراء:70].
قلت له: يا أخي الكريم, إن هذا الاستدلال غير صحيح, وهذا وضع للآيات في غير موضعها .

فما علاقة تكريم الإنسان بترك الفرح والسرور على مصاب الكافرين الظالمين المعتدين؟
بل إننا والله نفرح ونسر بما أصاب هؤلاء الظلمة المتجبرين المتكبرين.

إن أمريكا هي قائدة الظلم والطغيان والجبروت في هذا العصر, استخدمت أموالها التي مكنها الله جلّ وعلا منها في ظلم البشرية في مشارق الأرض ومغاربها, وتاريخ أمريكا تاريخ أسود على كل المستويات ، وفي شتى أنحاء العالم وخصوصاً فيما يتعلق بالأمة الإسلامية، فأمريكا أمة كافرة باغية محادة لله ولرسوله – صلى الله عليه وسلم – ومحاربة للمسلمين، دنَّست كتاب الله وأهانته، قريبة من كل شرّ بعيدة عن كل خير، حامية الإرهاب في العالم. .
من الذي يدعم إسرائيل ؟
من الذي يحمي اليهود بلا حدود ؟
من الذي أباد أفغانستان ؟
من الذي دمر العراق ؟
من الذي يأخذ خيرات المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ليعيدها لهم صورايخ وقنابل ورؤوساً نووية ؟
أعظم السجون, وأشدها ظلماً وفتكاً هي التي تشرف عليها أمريكا وعملائها , سجون جوانتانامو وأمثالها، ، وسجل جرائمها العالمية يصعب حصره لا ينافسها في ذلك أحد، حالها حال من قال الله تعالى فيه: ( وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ) [البقرة:205] ..

أمريكا بسبب قوتها المادية تمد ذراعها كما يحلو لها, لا تأبه بأحد (كَلَّا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى*أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى*إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى) [العلق:5 – 8] وهي بسبب هذا وغيره أصبحت فتنة لكثير من المسلمين.

استمعت إلى حوار في قناة فضائية قبل أيام, لرجل كان عميدا لكلية الشريعة في إحدى البلاد العربية , فإذا هو يمجد أمريكا, ويمنحها شرعية التدخل في كل مكان من العالم بحجة إنقاذ المستضعفين, لأنها – حسب قوله – أكبر قوة في الأرض ، وذكر كلاماً يسوء كل مسلم أن يسمعه من أي إنسان فضلاً عن رجل متخصص في الشريعة ، بل عميدا لكليتها !
إن قوة أمريكا فتنة وإضلال وضلال وطغيان وجبروت.. فلماذا لا نفرح إذا أصيبت؟

لقد قال الله سبحانه مخبراً عن موسى عليه السلام: (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) [يونس:88], فقال الله جلّ وعلا: قد أجيبت دعوتكما؛ لأن موسى كان يدعو وهارون كان يؤمن, فأجاب الله دعوتهما, ولو لم تكن دعوة شرعية, عادلة, لما أجاب الله دعاءهما... حاشاهما أن يدعوا بغير أمر مشروع ..وإذا كان مشروعاً فلم لا نفرح به؟ ألم يشرع لنا صيام ذلك اليوم الذي استجيبت فيه الدعوة شكراً لله؟

ولماذا لا نفرح وقد دعا محمد صلى الله عليه وسلم على مضر, وقال: ( اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف) رواه البخاري وغيره ؟

ألا يحق لنا أن نفرح باستجابة الله لدعاء المستضعفين المظلومين في المشارق والمغارب؟!
لماذا لا نفرح وما أصابهم عقاب من الله على جرمهم ( وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)[الرعد: من الآية31] ؟
لماذا لا نفرح ونوح عليه السلام يقول لربه: (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً) [نوح:26-27] فاستجاب الله دعاءه (وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[هود: من الآية44] ؟

إن ما أصاب أمريكا هو قدر كوني وعقوبة من الله جلّ وعلاّ؛ لطغيانها, وعصيانها, وجبروتها, وظلمها, وبعدها عن الله جلّ وعزَّ..

والعجيب أن بعض اليهود وبعض الإنجيليين الجدد يقولون إن ما حدث لأمريكا عقوبة من الله جلّ وعلا, فهم يعتبرونها نذارة لأمريكا, بينما نجد في المسلمين من يقول أن علينا أن نحزن لما أصابها !
إن هذا القول ضلال مبين وجهل بالنصوص الشرعية وبعد عن شرع رب العالمين، فالله لا يظلم (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً), والمجرم لا يترك (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).

لماذا لا نفرح والله يقول لرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً) [الأحزاب:9] ؟
لقد كانت منة عظيمة من الله جلّ وعلا على عباده ، ومدعاة لفرحهم وسرورهم وذلك حين جاءت الريح العظيمة وشتت الأحزاب في غزوة الخندق ، ولذا يذكر الله بها عباده المؤمنين فيقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ )[الأحزاب: من الآية9] .

إننا عندما نرى هذه الرياح العاصفة تدمر أمريكا أو بعض ولاياتها نعلم أنها نعمة من الله جلّ وعلا تستوجب الحمد والشكر والفرح (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ*بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الروم:4،5] , فالأحزاب قد تحزبوا اليوم على المسلمين بقيادة أمريكا, كما تحزب المشركون بقيادة قريش, فأرسل الله عليهم هذه الريح والجنود, تذكر الغافلين بقدرته سبحانه، إنها نعمة عظيمة وقدر من الله جلّ وعلا نفرح به ونسر، وتلك سنة الله في أمثالها بل وفيمن كان دونها في البغي والظلم.

ولنتأمل أيضاً قصة قارون وما حدث له, يقول الله جلّ وعلا: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِين َ* وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [القصص:81-83], فإذا كان قارون خُسف به وبداره الأرض بسبب بغيه, (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ) فخسف الله به, مع أنه لم يبلغ من البغي والفساد ما بلغته أمريكا بطغيانها, وجبروتها, وخبثها وفسادها.

وقد يقول قائل: أليس فيهم بعض المسلمين، ألا نحزن لمصابهم؟
فأقول له يا أخي الكريم, ثبت في الحديث الصحيح من حديث زينب رضي الله تعالى عنها عندما قالت للنبي صلى الله عليه وسلم (أنهلك وفينا الصالحون ؟), أنه قال: (نعم, إذا كثر الخبث), و معنى ذلك أن الصالحين قد يهلكون في بلاد المسلمين إذا كثر الخبث فكيف ببلاد الكافرين؟
أما المسلمون فمن كان منهم صادقاً فإنه يبعث على نيته كما ورد في الحديث الصحيح في من يخسف بهم فإنهم يبعثون على نياتهم, فلا تعارض أبداً بين تدمير الكفار, ونزول العقوبات, وإصابة بعض المسلمين .
أليس في بعض بلاد المسلمين, يقع الطاعون, وهو وباء مهلك, ومع ذلك فهو شهادة ورفعة لمن أصيب بذلك كما ثبت في الحديث الصحيح ؟
وقد يجتمع في النازلة الواحدة أمران، فرح وحزن، فنفرح لهلاك الكافرين، ونحزن لمصاب المسلمين إن أصيب منهم أحد ،
ونعلم أن المسلمين ومن يقع عليهم مثل هذا البلاء بغير جرم فهو لهم من الابتلاء والتمحيص والتكفير, ورفعة الدرجات, وقد يكون شهادة للبعض, كمن مات غريقاً أو في حريق فله أجر الشهداء كما ورد في الأحاديث الصحيحة.

وقد يقول قائل آخر: ماذا نقول في قوله تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) [آل عمران:128]؟ والعلماء قد ذكروا أجوبة كثيرة يرجع إليها في مظانها من كتب التفسير, ومن أقواها في ذلك أنه دعا على أناس معينين قد علم الله أنهم سيسلمون وقد أسلموا بعد ذلك.

وقد يقول قائل إن أبا الدرداء – رضي الله عنه – بكى لما فتحت قبرص وفرق بين أهلها وأخذوا أسرى؟
فالجواب عن ذلك مذكور في أصل الخبر والرواية: حيث ذكر بعض أهل العلم كأبي نعيم في الحلية بسند صحيح عن جبير بن نفير قال لما فتحت قبرص فرق بين أهلها بكى بعضهم إلى بعض ورأيت أبا الدرداء جالساً وحده يبكي فقلت يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله قال ويحك يا جبير ما أهون الخلق على الله، إذا هم تركوا أمره، بينا هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى.

فبكاء أبي الدرداء – رضي الله عنه – ليس حزناً عليهم ولا أسفاً، ولكنه من قوة إيمانه وتدبره وتعظيمه لله سبحانه وخوفه من عقابه، لأن كثيراً من الناس ينطبق عليهم قوله تعالى (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)[الأنعام: من الآية91]

وخلاصة القول:
يحق لنا أن نفرح بما أصاب أمريكا، وأن نسرّ بذلك، لأن هذا منطق القرآن ومنهج الأنبياء، والمطرد مع الفطرة والعقول الصحيحة، إن ما حدث مطرد مع السنن الإلهية، والنواميس الكونية. (جَزَاءً وِفَاقاً) [النبأ:26]، (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)[الكهف: من الآية49] (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ*الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ*وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ*وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ*الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ* فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) [الفجر:6- 14]

فلا نامت أعين الجبناء والمهزومين ومرضى القلوب، الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
(قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) [التوبة:52]
(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)[الشعراء: من الآية227]

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

المصدر : موقع المسلم
 



أمريكا ... التي رأيت !
د سعود الهاشمي
 

لقطات :

* 100 مليار خسارة في يوم ٍ واحد .
* الأمر بإطلاق النار على مجموعات النهب في نيواورليانز .
* امرأة سمراء تقف أمام بيتها الذي سواه الإعصار والفيضان بالأرض ، وتعلق قائلة ً : الآن نعرف هل تفرق الحكومة بيننا وبين البيض ؟!
* منظمة تصطاد الحرية الفائقة والمصاحبة للحدث وتعلن أن 13 مليون طفلاً في أمريكا يعيشون تحت الفقر !!
* منظر تبثه القنوات لمئات السيارات تصطف أمام محطات الوقود !

إنها نيوأورليانز يا سادتي !!

إنها بلاد الكيجون فوود الذي يشتهيه كل أمريكي وكل سائح يدخل نيوأورليانز .!

إنها بلاد موسيقى الجاز التي امتزجت بالهوية الأمريكية فحولت القارة من خلال السود اللذين أطلقوها ، حولوها إلى بلاد ترقص مع أنغام الجاز ذات الإيقاع الإفريقي الصاخب ، والخلفية الكنسية التي تحاول عاجزة ً إطلاق الروح

إنها المدينة التي تحوي أكثر شوارع أمريكا صخباً وجنوناً ، شارع "بيربل ستريت " .. هناك ينتشر الصاخبون ، وأصحاب التقليعات ، والمومسات بالمئات !! ، وهناك تمتلئ فترينات المحلات بأنواع الخمور التي عتّقها أصحابها عشرات وربما مئات السنين .!

إنها أورليانز الجديدة ! التي صاغت ملحمة من الكفاح قادها رئيس بلديتها الأسود ليواجه التمييز العنصري وينجح بمساعدة كيندي ليكون أول رئيس أسود في أمريكا .. ولما مات حمل أكبر مركز للمؤتمرات اسمه في وسط المدينة على ضفاف الميسيسبي .

لحظات تعد بالساعات ! وتنطمر خلالها هذه المدينة تحت الأرض وتغرق تحت المياة مع كل موسيقاها الصاخبة وكفاحها المرير من أجل الحرية !

لأول مرة في حياتي أغمض عيني وأفتحها على تعليق من مراسل غربي (BBC ) وهو يقول : " أن الكارثة كبيرة ، والمشكلة الآنية تتلخص في الحاجة إلى إخلاء عشرات الألوف وإيجاد الشلاتر " shelters" والغذاء والماء " فعلاً ماكدت أصدق ! فهذه الكلمات بهذا التسلسل والسياق ، تعودت أذناي سماعه ، وألفت عيناي أن تراه من بلاد الأفغان أو أرض الرافدين أو توغو أو جنوب أفريقيا أو مرج الزهور أو فيتنام .. أو باختصار في كل أرض افتعل فيها " الرجل الأبيض " بحقارته حروباً يتسلى بها ويرضي غروره ومطامعه ! واليوم إنها في وسط بلاد " الرجل الأبيض " ، وحتى السود الذين تأذوا وهم الفقراء المهملون تحولوا إلى أصوات تهاجم هذا الأبيض الحقير والذي كنا نرى سياسته في تجويع شعبه الفقير في جنوب شيكاغو والطرق الخلفية في أتلانتا وسان فرانسيسكو ونيويورك . ومع كل ذلكم كان بعض بني جلدتنا ينبهر بهذا الحقير .. الأبيض !

لا يستطيع أحد أن يتألى على الله ، فيتحدث نيابة عنه ويقول : إن هذا عذاب ٌ أو عقاب ! كما فعلت كل الكنائس في أمريكا ، وكما فعل هذا اليهود الذين قالوا أن هذا عذاب للأمريكان الذين سكتوا عن ظلم اليهود وإخراجهم من غزة !!

كما أننا لا نشمت بالضعفاء والأطفال والفقراء والنساء ! فإن ديننا ينهانا عن ذلك !.

ومع ذلك فإننا نردد مع رسولنا صلى الله عليه وسلم : الله أكبر إنها السنن !! إنها سنة الله في الطواغيت قد يمهلهم الله وقد يؤخرهم ، إن الله يسخر هذه الآيات للتذكير قطعاً ويلطم وجوه الباغين ليسائلهم : من الذي يرسل هذه الآيات تخويفاً ؟! من الذي يمسك السماوات أن تقع على الأرض ؟! من الذي يدبر الكون ويصرفه ويديره ؟

لقد وقف هذا الخائب " بوش" مذهولاً .. في نيوأورليانز ، وكأني أسمع " كاترينا " تناديه : ألم تقل إن من لم يكن معنا فهو ضدنا ! أنا يابوش ضدك ! فماذا أنت صانع ٌ أيها البائس ؟ !

إن هذا الإعصار ينادي على ذلك العجوز المتعجرف – وأقصد به رامسفيلد – قائلاً : إنا إرهاب ! نعم إرهاب رباني ، فهيا تعال فحاربني !!

إخوتي .. إننا نردد مع ربنا " وتلك الأيام نداولها بين الناس .. " ، ونقول مرة أخرى : الله أكبر .. إنها السنن !

لقد دخلت في نيسان الذي اسود بخيبتنا وجلله الظلام بعار تخاذلنا معاشر العرب والمسلمين ، دخلت في نيسان إلى العراق في آخر أيام الحرب .. يومها حملت الدواء في يدٍ ، وفي يدي الأخرى حملت قلبي الذي كان يخاف عربدة اليانكي وغطرسة الكاوبوي ، فإن كل من نهض لخدمة أمته وصموه بالإرهاب ! يومها ملأت سيارتي الجيب بأقل من ثلاثين ريالاً سعودياً من نفط أرض الرافدين .. وما هي إلا أيام ورأيت سيارتي تصطف في بغداد الرشيد مع مئات السيارات من مثيلاتها .. تستجدي النقط من بلاد تقف كلها – حتى نخلها العريق – على محيطات من النفط !

عرفت يومها أنهم يريدون إهانة كرامتنا وتدمير مابقي من عزتنا !

والأيام دول ! فهاهي أمريكا تستجدي النفط !

لقد كنت يومها أستجدي الجنرالات وأذيالهم ممن جاء معهم ! أن يؤمنوا لي حماية لأنقل المرضى الذين كنت أراهم يسقطون بالعشرات ! كنت أستجدي إنسانيتهم ولم أستجد شخوصهم فمثلي لا يستجدي !

وكانت صرخاتنا تذهب أدراج الرياح ! واليوم نرى هذه " الأمريكا " تتخبط مع أمراضها وأوبئتها في إرهاب رباني حقاني لا تملك أن ترسل له طائراتها ولا راجماتها ولا صواريخها لإيقافه في السماء .. لأنها خاسئة ذليلة أراد الله أن يعلمها درساً في أن تطامن من كبريائها وتعلم أنها هي والكون كله عبيدٌ عند الله !

باختصار .. يا أمريكا .. يا بوش .. يا رامسفيلد .. يا بوول وولفيتز .. لقد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً .. فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً ؟!

" وضرب الله مثل قريةً كانت آمنة مطمئنة ً يأتيها رزقها رغداً من كل مكان ، فكفرت بأنعم الله ، فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ! "

وأقول للأمريكيين الجدد! من بني جلدتنا : لا تعتمدوا على أمريكا ، وتوكلوا على الله الذي خلقكم وخلقها إن كنتم إياه تعبدون !!
 



هذا وعد الله
تركي العبدلي


لو حدثنا أحد قبل أيام أن هناك حدث عظيم سيحدث في أمريكا تدمر على إثره عشرات الآلاف من المنازل والمكاتب التجارية وسيشرد مئات الآلاف ويقتل الآلاف وتكون هناك توقعات لانتشار الأوبئة وسينتشر السلب والنهب في بعض الولايات وسيكون هذا الحدث قريب من الغلة النفطية الأمريكية حيث يتخذ قرار عاجل من قبل الحكومة الأمريكية باستخدام الاحتياطي النفطي وسترتفع أسعار الوقود إرتفاع كبيرا في ولاياتها وسيصرح الرئيس الأمريكي أن هذه أسوأ حدث تواجهه أمريكا منذ مئات السنين ...الخ لانقسمنا في شأنه الى قسمين البعض يرميه بالجنون والبعض الآخر قد يرميه بالإرهاب .

فإن ما نشاهده اليوم عبر الأقمار الصناعية سواء في الفضائيات أو الشبكة المعلوماتية من حوادث عظيمة وصور مخيفة وأفلام مرعبة عما حدث في تلك البلاد يحكي لنا حقيقة وعد الله تعالى ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) .

فإن الاعتداء الآثم الذي وقع على كتاب الله تعالى في سجون غوانتنامو أو غيرها لهو تطاول سافر على الذات الإلهية ، بل وإن عدم معاقبة من قام به من قبل ساسة تلك البلاد لهو تواطأ وتمرير لهذه الجريمة البشعة في أقبح صورة إعلامية وصفاقة سياسية مما يجعل الجريمة مشتركة والعقوبة عليهم عامة .

كما أن الاعتداء على الرسالة ليس كالاعتداء على حاملها فحاملها قد يفرط في تبليغ الرسالة وقد يخالف أمر الرّاسل فلا ينتقم له ولكن الاعتداء على الرسالة هو اعتداء في الحقيقة على الملك الراسل فيكون الانتقام له لا للرسول المفرط !

فإن كنا مفرطين في الرسالة التي وكلنا الله بها فعطلنا أوامرها وارتكبنا محاذيرها بما نراه اليوم من فوضى أخلاقية تجتاح بلاد المسلمين أو تعطيل لأحكام الشريعة فلا تجد من يتحاكم إليها في معظم أصقاع الأرض فتأخر النصر عنا وانتقام الرب لنا فلا غرو ...

لكن أن يعتدى على رسالته وأن تتطاول الأيدي الآثمة على المقام الأعظم فلا ... وهذا مما فقه السلف الصالح حيث يقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه لله " حدثني العدول من أهل الفقه والخبرة أنهم كانوا يحاربون بني الأصفر " يعني الروم " فتستعصي عليهم الحصون ويصعب عليهم فتحها ، حتى إذا وقع أهل الحصن في السب في الله تعالى أو في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم استبشرنا خيرا بقُرب فتحِ الحصن ، قال : فو الله لا يمرُ يومٌ أو يومان إلا وقد فتحنا الحصن عليهم بإذن الله تعالى "وإن غدا لناظره لقريب .
 



وغضب البحر ( زلزال وإعصار )
أبو الحارث محمد الدالي


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أنه لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , وبعد :

مما هو جدير بالذكر وملفت للنظر ما حدث في الآونة الأخيرة وبالتحديد في السنة الأخيرة التي نعيشنا حيث وقع زلزال ضخم جدا ( زلزال تسونامي ) شمال اندونيسيا



وهذا الزلزال روع كثير من الناس بل أفجع كثير من الناس وقامت الهيئات والمنظمات لتحليل الواقعة حيث أنهم لا يستطيعون هنا أن يقولوا أنه بفعل عمل ارهابي أو جماعة ارهابية أووووووووو فالأمر أكبر من جماعة وأكبر من منظمة بل وأكبر بكثير لأن الذي سبب هذا الزلزال هو رب الزلزال الذي أمر ملكا من فوق السماوات السبع بأن يحدث الزلزال وأمر البحر بأن يثور فكان ما أمر به سبحانه لأنه ليس للملَك ولا للبحر ولا للزلزال قوة في أن يعصوا الله جل في علاه كما يعصاه ابن آدم ففعلوا ما أمرهم به فكان ما كان من هذه الواقعة المؤلمة لأنها مؤشر خطير في أن الله تعالى قد غضب وغار سبحانه لانتهاك الحرمات واستحلال الحرام وووووووو إلخ من المعاصي والمنكرات .

والعجيب أنه قام المتفلسفون وأولوا الحادث إلى الطبيعة والثورة وأن البحر قد ثار لأسباب واهية يعتقدون بها ( اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ... آمين )
ولكننا كأصحاب عقيدة ودراية بتلكم الأحوال نعلم أنها ما وقعت إلا لأن الله يريد من ورائه أمرا أعظم يريد سبحانه أن يفيق العالم كله ويرجع لربه المسلم منهم قبل الكافر لكثرة الغفلات والمنكرات {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} (117) سورة هود

..................

من نافذة أخرى ما وقع في الولايات المتحدة الأمريكية وما يسمى ( بإعصار كاترينا ) فمرة زلزال ومرة إعصار ومرة بركان مائي وكل هذا من تحت البحر إذن يحق للبحر أن يغضب لأن أمريكا هذه علت في الأرض وبغت ووالله ثم والله ثم والله إنهم ليمكرون والله يقول {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (30) سورة الأنفال
فهم يخططون لأمر عظيم فخيبهم الله وأشغلهم في أنفسهم بهذا الإعصار الذي أسعدني خبرا قرأته بأن احدى شركات التأمين تقدر الخسائر بقيمة ( 20 مليار دولار )
فسبحان الذي ذكرني وقتها بقوله {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} (36) سورة الأنفال
يا أخوة انتبهوا هذا كله من البحر أخاف أن تغضب الأرض !!!!!!!!!!!!
بادروا بالنفس إصلاحا وتوبة ...... اللهم تب علينا واغفر لنا وارحمنا والمسلمين أجمعين

انظروا إلى أشكالهم الآن لا يستطيعون السير بالأقدام ( الله أكبر )


بشريات والله أكرم الأكرمين وهذه صورة أخرى تدل على كبر الإعصار


يا أخوة والله هالموضوع ما كتبته إلا عندما امتلأ صدري فرحا في أعداء الله عندما وجدتهم يجمعون المؤن لرعاياهم

 

اللهم اجعل الدائرة على القوم الكافرين
اللهم لك الحمد حمدا كثيرا حتى ترضى عنا وتغفر ما قدمنا وما أخرنا
اللهم من أرادنا والمسلمين بشر فاشغله في نفسه وأهله
ومن أرادنا والمسلمين بخير فوفقه في كل خير واجعل عمله في موازين الحسنات
اللهم اهلك أمريكا بإسرائيل وارنا فيهم يوما عصيبا

آمين ... آمين ... آمين
 



جنود ليست من البشر ..!!
عبدالله البصري


كثيرٌ هُمُ الذينَ يُقِيمُونَ مُعَادَلاتِ القُوَّةِ وَالانتِصَارِ ، بِالنَّظَرِ إلى مَا ‏عِندَ بَعضِ الدُّوَلِ مِن أَسلِحَةِ الدَّمَارِ ؟ نَاسِينَ أَو مُتَنَاسِينَ أَنَّ هُنَاكَ جُنُودًا لا يَصنَعُها البَشَرُ ، وَقُوًى ‏تَضِيعُ أَمامَها الحِيَلُ " وَمَا يَعلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ ، وَمَا هِيَ ‏إِلا ذِكرَى لِلبَشَرِ " إِنَّ مَا يَظهَرُ بَينَ حِينٍ وآخرَ مِن كَوَارِثَ ‏مُهلِكَةٍ ، وما يحدُثُ مِن زَلازِلَ مُدَمِّرَةٍ وَأَعاصِيرَ مُرَوِّعَةٍ ، لهو ‏أَقوَى مَانِعٍ للهزيمةِ النَّفسيَّةِ والاستسلامِ ، الذي أُصيبَ به ‏أَقوَامٌ مِنَ المسلمين في هذا الزمانِ ، نَتِيجَةً لما يرونه من عدمِ ‏التكافؤِ بَينَهُم وبَينَ أَعدائِهِم في الأسبابِ المَادِيَّةِ ، بَلْ إِنَّه لمما ‏يَدعُو إلى مَزِيدٍ مِنَ الثِّقَةِ بنصرِ اللهِ لِعِبادِهِ ، وَزَيَادَةِ التَّوَكُّلِ ‏عليه والإيمانِ بِصِدقِ وَعدِهِ ، مَا دَامَ المؤمنُ قَوِيَّ الصِّلَةِ به ، ‏مُلتجِئًا إِليهِ مُعتَمِدًا عَلَيهِ " وَمَا النَّصرُ إِلاَّ مِن عِندِ اللهِ العَزِيزِ ‏الحَكِيمِ " ‏
إن للهِ جُنُودًا يُرسِلُها على أَعدَائِهِ مُؤَيِّدًا بها ‏أولياءَهُ ، منها الرِّيَاحُ والأَعاصِيرُ ، التي كانت وما تزالُ قُوَّةً ‏مُدَمِّرَةً مُهلِكَةً ، ومنها الماءُ الذي أَغرَقَ اللهُ به ويُغرِقُ مَن شَاءَ ‏نَصرًا لمن شَاءَ ، ومنها الصَّيحَةُ والخَسفُ والحَاصِبُ والحِجَارَةُ ‏، قال ـ سبحانَه ـ : " فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ . وَأَمَّا ‏عَادٌ فَأُهلِكُوا بِرِيحٍ صَرصَرٍ عَاتِيَةٍ . سَخَّرَهَا عَلَيهِم سَبعَ لَيَالٍ ‏وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ، فَتَرَى القَومَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُم أَعجَازُ ‏نَخلٍ خَاوِيَةٍ . فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ " وقال ـ سبحانَه ـ ‏‏: " فَفَتَحنَا أَبوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنهَمِرٍ . وَفَجَّرنَا الأَرضَ عُيُونًا ‏فَالتَقَى المَاءُ عَلَى أَمرٍ قَد قُدِرَ . وَحَمَلنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلوَاحٍ ‏وَدُسُرٍ . تَجرِي بِأَعيُنِنَا جَزَاء لمَن كَانَ كُفِرَ " وقال ـ جل ‏وعلا ـ : " وَلَمَّا جَاء أَمرُنَا نَجَّينَا شُعَيبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ‏بِرَحمَةٍ مِنَّا ، وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحُوا فِي ‏دِيَارِهِم جَاثِمِينَ " وقال ـ سبحانَه ـ : " إِنَّا أَرسَلنَا عَلَيهِم ‏حَاصِبًا إِلا آلَ لُوطٍ نَّجَّينَاهُم بِسَحَرٍ " وقال ـ سبحانَه ـ : ‏‏" أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَن يَخسِفَ اللهُ بِهِمُ الأَرضَ أَو ‏يَأتِيَهُمُ العَذَابُ مِن حَيثُ لاَ يَشعُرُونَ " وقال ـ تعالى ـ : " ‏أَفَأَمِنتُم أَن يَخسِفَ بِكُم جَانِبَ البَرِّ أَو يُرسِلَ عَلَيكُم حَاصِبًا ‏ثُمَّ لاَ تَجِدُوا لَكُم وَكِيلاً " وقل ـ جل وعلا ـ : " فَكُلاًّ ‏أَخَذنَا بِذَنبِهِ ، فَمِنهُم مَّن أَرسَلنَا عَلَيهِ حَاصِبًا وَمِنهُم مَّن ‏أَخَذَتهُ الصَّيحَةُ وَمِنهُم مَّن خَسَفنَا بِهِ الأَرضَ وَمِنهُم مَّن أَغرَقنَا ‏، وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظلِمَهُم وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُم يَظلِمُونَ " ‏وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى ‏تُقَاتِلُوا الْيَهُودَ ، حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ وَرَاءَهُ الْيَهُودِيُّ : يَا مُسلِمُ ‏، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائي فَاقتُلْهُ " وإنَّ مِن جُنُودِ اللهِ الملائكةَ ، ‏الذين شَارَكُوا في قِتالِ المشركينَ في مَوَاقِعَ كثيرةٍ ، منها ما ‏جاء في قولِهِ ـ تعالى ـ : " وَلَقَد نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدرٍ وَأَنتُم ‏أَذِلَّةٌ ، فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ . إِذ تَقُولُ لِلْمُؤمِنِينَ أَلَن ‏يَكفِيَكُم أَن يُمِدَّكُم رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ المَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ . ‏بَلَى إِن تَصبرُواْ وَتَتَّقُوا وَيَأتُوكُم مِّن فَورِهِم هَذَا يُمدِدْكُم ‏رَبُّكُم بِخَمسَةِ آلافٍ مِّنَ المَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ " ومنها ما نَزَلَ ‏في غزوةِ الخندقِ ، إِذْ أَرسَلَ اللهُ ـ تعالى ـ مَلائكةً تُقاتِلُ في ‏صُفُوفِ أَهلِ الإيمانِ ، قال ـ تعالى ـ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ‏آمَنُوا اذكُرُوا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُم إِذْ جَاءتكُم جُنُودٌ فَأَرسَلنَا ‏عَلَيهِم رِيحًا وَجُنُودًا لَّم تَرَوهَا ، وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعمَلُونَ بَصِيرًا ‏‏" والمُرَادُ بِالجنُودِ التي لم يَرَوهَا الملائكةُ . وفي صحيحِ ‏البُخارِيِّ عن عائشةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنها ـ قالت : لمَّا رَجَعَ ‏النبيُّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ مِنَ الخندَقِ وَوَضَعَ السِّلاحَ ‏وَاغتَسَلَ ، أَتَاهُ جبريلُ ـ عليه السلامُ ـ فقال : " أَوَضَعتُم ‏سِلاحَكُم ؟ فَإِنَّنَا لم نَضَعْ سِلاحَنَا بَعدُ " فَقَالَ : " إِلى أَينَ ؟ " ‏فَأَشَارَ إِلى بني قُرَيظَةَ . ومِن جُنُودِ اللهِ مُسلِمُو الجِنِّ ، الذين ‏يُسَخِّرُهُمُ اللهُ لإِخوانِهِم المؤمنين مِنَ الإِنسِ إِذَا شَاءَ ، وقد بَيَّنَ ‏ـ تعالى ـ في كِتابِهِ شَيئًا مِن ذلك ، كما في قِصَّةِ سُلَيمَانَ ‏ـ عليه السلامُ ـ حِينَمَا طَلَبَ إِحضَارَ عَرشِ مَلِكَةِ اليَمَنِ ‏‏(بِلقيسَ) مِنَ اليَمَنِ إلى بَيتِ المَقدِسِ " قَالَ عِفريتٌ مِّنَ الجِنِّ ‏أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ، وَإِنِّي عَلَيهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ‏‏" ومِن جُنُودِ اللهِ ما أَرسَلَهُ ويُرسِلُهُ على أَعدائِهِ ، مِن أَضعَفِ ‏مخلوقاتِهِ وَأَحقَرِها ، مِنَ الجرادِ والقملِ ، والضفادعِ والبَعوضِ ‏، وَأصَغَرُ مِن ذلك ما يُسَمَّى بِالميكروباتِ والفَيروساتِ ، قال ‏ـ سبحانَه ـ عن بني إِسرَائِيلَ : " فَأَرسَلنَا عَلَيهِمُ الطُّوفَانَ ‏وَالجَرَادَ وَالقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاستَكبَرُوا ‏وَكَانُوا قَومًا مُّجرِمِينَ " وَمِن جُنُودِ اللهِ ما يُلقِيهِ في قُلُوبِ ‏الكافِرِينَ مِنَ الخَوفِ وَالرُّعبِ مِنَ المؤمنينَ ، حتى يَروهُم أَكثرَ ‏مِن عَدَدِهِم وَأَكبرِ مِن عُدَّتِهِم ، فَيَفزَعُوا مِنهم ويخافُوا ، وما ‏يجعَلُهُ في المُقابِلِ في قُلُوبِ عِبادِهِ مِنَ السَّكِينةِ والاطمئنانِ ، ‏قال ـ تعالى ـ : " قَد كَانَ لَكُم آيَةٌ فِي فِئَتَينِ التَقَتَا ، فِئَةٌ ‏تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثلَيهِم رَأيَ العَينِ ‏، وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصرِهِ مَن يَشَاء ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبرَةً لأُولي ‏الأَبصَارِ " وقال ـ سبحانَه ـ : " إِذ يُوحي رَبُّكَ إِلَى ‏المَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُم فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ ‏كَفَرُوا الرُّعبَ فَاضرِبُوا فَوقَ الأَعنَاقِ وَاضرِبُوا مِنهُم كُلَّ بَنَانٍ ‏‏" وقال ـ تعالى ـ : " إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَد نَصَرَهُ اللهُ إِذ أَخرَجَهُ ‏الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانيَ اثنَينِ إِذ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ ‏تَحزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا ، فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّم ‏تَرَوهَا ، وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفلَى ، وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ ‏العُليَا ، وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " وقال ـ تعالى ـ : " هُوَ الَّذِي ‏أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤمِنِينَ لِيَزدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِم ، ‏وَللهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ ، وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا " ‏وقال ـ عليه السلامُ ـ : " نُصِرتُ بِالرُّعبِ ، وَأُوتِيتُ ‏جَوَامِعَ الكَلِمِ "
وإذا كانَ الأمرُ كذلك ، فلماذا الإِحساسُ بِالضَّعفِ أَمَامَ هَؤَلاءِ الأَعدَاءِ ؟ إَنَّهُ ـ وَالعِلمُ عِندَ اللهِ ـ لأننا لم نَنصُرِ اللهَ ، وإلا فإننا لا نجهلُ وَعدَهُ ، وهو القَائِلُ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُم ‏وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم . وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعسًا لَّهُم وَأَضَلَّ أَعمَالَهُم " والقائلُ : " وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ ‏مَن يَنصُرُهُ ، إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ . الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُم فِي ‏الأَرضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا ‏عَنِ المُنكَرِ ، وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ " ‏
وَإِنَّهَ لمما لا يخفَى ‏على مُسلِمٍ ، أَنَّ هذِهِ المَصَائِبَ وتِلكَ الكَوَارِثَ التي تُصيبُ هؤلاء الكفرةَ بينَ حينٍ وآخرَ ، ‏ما هي إلا نَتِيجَةُ الذُّنُوبِ وَأَثَرٌ من آثارِ المعاصي ، والتي مِن ‏أَعظمِها الشِّركُ بِهِ والإِلحادُ في آيَاتِهِ ، وَإِيذَاءُ أَولِيَائِهِ وَظُلمُ ‏عِبَادِهِ ، وَالبَطَرُ والأَشَرُ وَالتَّكَبُّرُ ،، قال ـ تعالى ـ : " فَكَأَيِّن مِن قَريَةٍ ‏أَهلَكنَاهَا وهِيَ ظَالمةٌ ، فَهِيَ خَاوِيَةٌ على عُرُوشِها ، وَبِئرٍ ‏مُعَطَّلَةٍ وَقَصرٍ مَشِيدٍ " وقال ـ تعالى ـ :" وَتِلكَ القُرَى ‏أَهلَكنَاهُم لمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلنَا لِمَهلِكِهِم مَوعِداً " وقال ـ تعالى ‏ـ: " وَكَم أَهلَكنَا مِن قَريَةٍ بَطِرَت مَعِيشَتَهَا فَتِلكَ مَسَاكِنُهُم ‏لم تُسكَنْ مِن بَعدِهِم إلاَّ قَليلاً ، وَكُنَّا نحنُ الوَارِثينَ " وقال ـ ‏تعالى ـ : " وَكذَلِكَ أَخذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرى وهِيَ ظَالمةٌ ‏إِنَّ أَخذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ " وَقَد يَتَسَاءَلُ مُسلِمٌ وَيَقُولُ : وَإِذَا ‏كانت هذِهِ الآيَاتُ عَذَاباً لِلكَافِرِينَ ، وَإِذَا كانَ للهِ جُنُودٌ غَيرُ ‏المُسلِمِينَ ، فَلِمَاذَا لا يُصِيبُ العَذَابُ بِتِلكَ الآيَاتِ وَالجُنُودِ ‏دَولَ الطُّغيَانِ وَمَن نَاصَرَهَا ، ويُريحَ المسلمينَ مِن َأَذَاها ‏وظُلمِها ؟ فيقالُ : لا شَكَّ أَنَّ المُسلِمَ حِينَ يَرَى دولَ الكفرِ وَأَعوانَهَا ‏يُذِيقُونَ المُسلِمِينَ شَتَّى أَنوَاعِ العَذَابِ ، فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يخسِفَ ‏اللهُ بهم ويُزَلزِلَ الأَرضَ مِن تحتِ أَقدَامِهِم . لكنَّهُ يَعلَمَ أَنَّ ‏الذي أَنزَلَ الكِتَابَ حُجَّةً إلى قِيَامِ السَّاعةِ ، وَشَرَعَ الجِهَادَ ‏وَجَعَلَ طائِفَةً مِنَ الأُمَّةِ عَلى الحَقِّ إلى قِيَامِ الساعةِ ، أَرَادَ أَن ‏يُذِيقَ الكُفَّارَ العَذَابَ بِأَيدِي المُؤمِنِينَ ، عَن طَرِيقِ الجِهَادِ الذي ‏فيه تمحِيصُ للمُؤمِنِينَ ومحقٌ لِلكَافِرِينَ " وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحدَى ‏الطَّائِفَتِينِ أَنَّهَا لَكُم وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيرَ ذَاتِ الشَّوكَةِ تَكُونُ لَكُم ‏، وَيُرِيدُ اللهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ . ‏لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبطِلَ البَاطِلَ وَلَو كَرِهَ المُجرِمُونَ " وَإِنَّ تَأرِيخَ ‏الأُمَّةِ لحافِلٌ بِأَيَّامِ اللهِ التي هَزَمَ المسلمون فيها الكافرينَ ، ‏وَأَذاقَهُمُ اللهُ بهم العَذَابَ الأَلِيمَ ، وَوَعدُ اللهِ لا يَتَبَدَّلُ وَلا يَتَغَيَّرُ ‏وَلا يُخلَفُ : " وَلَقَد سَبَقَت كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرسَلِينَ . إِنَّهُم ‏لَهُمُ المَنصُورُونَ . وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ . فَتَوَلَّ عَنهُم حَتَّى ‏حِينٍ . وَأَبصِرهُم فَسَوفَ يُبصِرُونَ . أَفَبِعَذَابِنَا يَستَعجِلُونَ . ‏فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِم فَسَاء صَبَاحُ المُنذَرِينَ "‏
 


قدرة الله سبحانه تتجلى في إعصار أمريكا
أبو لـُجين إبراهيم

قال الله تعالى :  (( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ) )
وقال تعالى : (( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً)).
وقال تعالى : (( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً))
وقال تعالى : (( أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون ))
وقال تعالى : (( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ))

إن ما نشاهده من هذه الآيات الكونية لهي آية من آيات الله تجعل المؤمن متصلاً بالله ذاكراً له شاكرا لنعمه مستجيرا بالله خوفا من نقمته وسخطه ، وهذه النذر والآيات لم تستطع أمريكا بقوتها وتقدمها العلمي والتكنولوجي أن تقف أمام قوة الجبار سبحانه وتعالى والذي يسير الكون سبحانه كيف ما شاء والتي قدرته سبحانه أعظم من كل شيء وما هي إلا كن فيكون فهل من معتبر

حتى هذه اللحظة ما زالت القوات الأمريكية والصليب الأحمر ومروحيات الجيش الأميريكي وخفر السواحل تحلق فوق السواحل الجنوبية الشرقية للولايات المتحدة في مهمات إنقاذ عاجلة وتقييم للأضرار الفادحة الناجمة عن أحد أقوى الأعاصير والكوارث التي تضرب أمريكا من سنوات ، حيث ما زال مئات القتلى مفقودين ولم تفصح السلطات الأميركية حتى الآن في الكشف عن الأعداد الحقيقية في قتلى إعصار كاترينا المدمر والهائل والذي شبه كثيرون بإعصار تسونامي الذي ضرب جنوب شرق آسيا

حيث ما زال الكثير من العالقين في المنازل وفوق أسطح المباني ولم يتمكن أحد من الوصول إليهم بسبب المياه والرياح الشديدة والطرق التي سدتها الأشجار المتساقطة التي عرقلت فرق الإنقاذ في الوقت الذي تعطلت فيه خطوط الكهرباء وتوقفت فيه خدمة الهاتف .

هذا الإعصار المدمر الذي حاصر ساحل الخليج الأميركي وعصف بمدينة نيو أورليانز برياح سرعتها 257 كيلوا مترا في الساعة ودمر المنتجعات والأراضي في ولاية مسيسيبي بسيول جارفة وهائلة ورياح هادرة تسحق كل من في طريقها وتدمر النوافذ في الفنادق العالية وتمزق صالة لويزيانا العملاقة وتحاصر الآلاف في أسطح المباني في نيو أورليانز بعدما تقطعت بهم السبل بسبب المياه الجارفة والرياح العاتية ، وتتوقف جميع خطوط الكهرباء وتتوقف خدمة الهاتف وتدمر عشرات المباني والمئات من المباني معرضة لخطر الانهيار

ويعتبر هذا الإعصار من أشد العواصف ضررا في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية والتي كلفت شركات التأمين أكثر من 26 مليار دولار حسبما قال محللو المخاطر

وتفيد آخر الإحصائيات الأولية إلى مقتل المئات وهؤلاء من الذين تم العثور عليهم وما زال الكثير مفقود في أطراف المدينة وبعض المناطق التي لا يمكن الوصول إليها ولا يعلم عن سكانها شيئا وما زالت فرق الإنقاذ والكلاب المدربة تبحث في العثور على الجثث المفقودة .

وقد فشلت كثير من طائرات الجيش الأميركي والتي أسقطت آلاف من أكياس الرمل في محاولة بائسة وفاشلة في سد ثغرات الإعصار من أجل حماية المدينة حيث ارتفعت الأمواج إلى أكثر من تسعة أمتار ليغرق أكثر من 80% كما تقول الأنباء وقد امتدت الرياح الهادرة في الهواء إلى أطاحت كثير من النوافذ والزجاج في مباني الفنادق العالية

وتفيد الأنباء من مصادر طبية على مخاطر في انتشار كثير من الأمراض في الولاية جراء تحلل كثير من الجثث التي غرقت وقذفها الإعصار إلى الشاطئ ، وقط أنهى الرئيس الأمريكي عطلته ليعود إلى واشنطن لمتابعة جهود إنقاذ المتضررين من إعصار كاترنيا
 


كاترينا .. شكراً جزيلا !!
دكتور استفهام

لا تفهموا من هذا المقال أني عليظ القلب ، سيئ الطوية ، ميّت الإحساس ، فأنا أتألم عندما أرى حيوانا يتألم ، وقد كنت قبل كتابة هذا المقال أجلس على وليمة دسمة مع بعض الإخوان ، فأتت بعض الطوافات علينا من الهرر الناعسة المزيونة تريد نصيبها من اللحم والشحم ، وكان من بينها قطة مصابة باصابة أذهبت عينها اليسرى ، فكنت أرمي لها بعض قطع اللحم فتأكل ماهو على الجهة اليمنى ولا ترى ما هو على يسارها ، فتألمت لذلك ، حتى كدت احضنها ، وكانت قطة كبيرة تتعسف في التعامل معها لأنها مصابة لا حول لها ولا طول ، فنهرتها عن ذلك فانتهت ولله الحمد والمنة .!

ألم يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن امرأة من دخلت ( النار ) في هرة حبستها ، لا هي اطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ، وأ ن بغيا من بغايا بني اسرائيل دخلت( الجنة) بسبب كلب كان يأكل الثرى من العطش ، فنزلت الى بئر ووضعت بخفها ماء فأسقته ، فكان الكلب سببا في دخلوها الجنة ..

وبمناسبة ذكر الكلب أعز الله القارئ ، فقد كنت أقرا كتابا ماتعا للكاتب الوجودي المصري أنيس منصور ، وليس انيس هتشكوك ، تحت عنوان ( الكبار يضحكون أيضا ) ، وهو كتاب ضخم ، وقد ذكر قصة اضحكتني عندما ذهب هو وكمال الملاخ يزرون أم كلثوم في بيتها ، يقول انيس فهجم علينا كلبها وأمسك ببنطلون كمال الملاخ .. واندهشنا لماذا هو وليس أنا .. فضحكت أم كلثوم وقالت : إنت عارف الكلاب ما تحبش الكلب الغريب ... فغضب الملاخ من هذا الموقف .

نعود للموضوع ..

خاض الكثير في موضوع كاترينا ، وهل يفرح الانسان أم لا يفرح لما أصاب أمريكا من إعصار مزق بعض أجزائها ، وشتت شمل بعض أهلها ، حين جاءت قدرة الله تعالى ، فعجزت وسائل أمنها ، وضعفت حيلتها أمام حيلة الجبار جل وعز ، وأدرك الناس كلهم أن قوتهم تتقاصر أمام قوة مصرف الكون وملك الملوك سبحانه وتعالى ، وكعادتنا .. فقد صارت أمريكا جزء من حياتنا ، من متابعاتنا ، من صراعنا الحضاري والثقافي والتاريخي ، تأكل منا وتشرب ، وتجعل من مياديننا خرائط للتجارب ، وحقولا لدريب القدرات ، ومساحات للمخططات القصيرة والطويلة ، ونحن أمامها ما بين منبهر بحضارتها وقيمها ، ومستلبا لثقافتها ومدنيتها ، ناظرا إياها على انها راعية الكون ، وحامية حمى الفضيلة ، ورائدة حقوق الانسان ، ومبشرة بفجر نهاية التاريخ السعيد ، وحتميته الوجودية الشبيهة بحتمية الشيوعية النهائية ، وما بين مبغض لها ولقيما ، حين يراها شرا محضا ، وبلاء مستطيرا ، فهي العدوة الأولى والأخيرة ، وبقية المصائب وانهايتها ، ومسرح الصراع وسره ، وسبب البلاء والتخلف والذل والمهانة والضياع والفقر والجهل والمرض في العالم الاسلامي وهذا يذكرني بقول أحمد مطر عن قلب الشيطان أمريكا :

أنا ضد أمريكا الى أن تنقضي  *** هذي الحياة ويوضع الميزان
أنا ضدها حتى ولو رق الحصى *** يوما ، وسال الجلمد الصوان
بغضي لأمريكا لوالأكوان  *** ضمت بعضه لانهارت الأكوان

وهو وإن كان مبالغا جدا بالبغض ، لأن امركيا لن تعمر في الكون ، فهي من ضمن حضارات سادت ثم ستبيد قطعا ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( حق على الله إلا يرتفع شي من الدنيا إلا وضعه ) ، ومع ذلك يبقى تعبير شاعري جميل عن مشاعر مئات الملايين من البشر الذين اكتتووا بنارها ، وارهقتهم في دينهم ونياهم ، ومارست معهم صنوفا من التشريد والاهانة والاذلال ونهب الخيرات والتحكم بالمقدرات ...

جاءت كاترينا إلى أمريكا فشردتها ، لا ينفع معها الحيل ، ولا التهديد بالضرب النووي ، ولا التهديد بالاحالة إلى مجلس الأمن ، فهي قوة تفوق مقاييس قوة البشر القاصرة ، وكثر اللغط في موقف المسلم من هذا الحدث الالهي الخارج عن إرادة الانسان وتصرفه وفعله ، هل يفرح لما أصاب القوم ، ويسعد ويسر ، أم يحزن له ويدعوا الله لهم بالسلامة ؟ فأقول :

كلامي هذا لا يعدو أن يكون وجهة نظر في الحدث ، وهو أني أرى أن باعث الحزن أو الفرح ليس كون المصاب وقع الكفار ، وإنما باعث ذلك هو كون المصاب من الأعداء المتربصين الآثمين الذين يذيقون الناس المر والعلقم ، ويتحالفون على أمة المسلمين ، ويستذلونها ، ويعادونها ، ويكيدون لها بالليل والنهار ، وقد شرع في هذه الأحداث أن يدعو الانسان في صلاته الجهرية على الأعداء ، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح على رعل وذكوان شهرا كاملا ، داعيا الله تعالى ان يزلزل الأرض من تحت أقدامهم، ولو وقع دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عليهم لما قال أحد بانه سيحزن لما اصابهم بسبب دعوة دعاه ربه جل وعز ، بل سيسر لأستجابة الله له ، وانتقاما منه سبحانه وتعالى لما فعلوا في صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا شي طبيعي ضد العدو الكافر المتربص بالمؤمنين .

ولكن هذا الفرح لن يكون للمسالم من الكفار الذين لم يكيدوا للمسلمين ولم يعادوهم ، بل سينظر لهم الانسان المسلم بنظرة الرافة والشفقه والمعونة ، وهنا تظهر رحمة الإنسان المسلم ورقته ، ولذا فرق الله تعالى في التعامل بين الأعداء الذين يقاتلون ، والكفار الذين لم يقاتلوا فقال ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين ، وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم منكم فاولئك هم الظالمون ) ، مع اليقين بأن العقوبات العامة التي تصيب الأقوام هي بلاء وعقاب من الله بذنوب البشر ، بل ببعض ذنوبهم ، ( وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) وقوله ( ولو أن اهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ، ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) .. هذا أولا .

الامر الثاني : أن الفرح لما يصيب الأعداء إنما هو للراية العامة ، ولا يعني الفرح لما يصيب الراية يعني الفرح لما يصيب آحاد الناس من الابرياء ، او المؤمنين المقيمين ، او المناصرين لقضايا الأمة ، فراية الحرب والسلم والعداء هي راية سياسية عامة لا يقتضي منها تسوية الأمر بين جميع الافراد والاحاد بالاحكام ، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن الجيش الذي يغزو الكعبة ، وان الله يخسف بأوله وآخره ووسطه ، فسألته عائشة عن الساقة ومن ليس منهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( يبعثون على نياتهم ) ، فاصابة الله تعالى القوم بالعقوبة تعم الجميع ، وفرح المؤمن على راية الكفار ، ومن ليس من اهل العداء ، او من المؤمنين يبعث على نيته يوم القيامة ، ولربما يحزن الانسان لما اصابه ، في جو الفرح لما اصاب الاعداء ..

الثالث : أن مشاعر الفرح والحزن ليست أمورا يستطيع الانسان أن يتحكم بها دائما ، فهي قضايا قلبية تتحرك في أحيان بلا إرادة ، والقلب له اقبال وادبار ، وله رغبات وميل لا يتحكم الانسان به ، ولذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول في قضية عدل الانسان بين زوجاته ( اللهم هذه قسمتي فيما تملك ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ) ، ويقصد بذلك محبة زوجة أكثر من أخرى ، وان هذا خارج عن إرادة الانسان في أحيان كثيرة ، وانه امر ينزرع في القلب دون اختيار ، وكذا مسألة الفرح والحزن والسرور وغيرها ، فلو أردت ان تفرح وهو أمر غير مفرح لم تستطع ، ولكنك تستطيع ان تتصّنع الفرح ، وكذا لو كنت تريد ان تحزن على أمر لا يحزنك لا تستطيع كذلك .. ولكنك تستطيع تصّنع الحزن .

واخيرا ، فقد يقول قائل بأن امريكا لا تناصبنا الحرب ، ولكنها تناصب بعض المسلمين ، فأقول ، فرق بين كون أمريكا حربية لا عهد بيننا وبينها ، وبين كونها عدوة حتى لو كان بيننا وبينها عهد وميثاق ، فلا شك أن امريكا عدوة للمسلمين ، وللاسف فإن بعض المسلمين هو المستفيد الأكبر من عهودها ومواثيقها لا ا لعكس ، وهي لبعض المسلمين عدوة محاربة ، وهذا التفريق الدقيق سمعته مرة من الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، وقال بأنها عدوة وليست حربية .. وهو من دقائق المسائل فيما يتعلق بالسياسة الشرعية ومواثيق الدول .

إننا لا نستطيع بسهولة استلاب مشاعر المسلمين ، وهم يشاهدون هذه المناظر الفظيعة التي هي من نتاج الامريكان وعمل ايديهم ، ومع ذلك يفترض البعض ان هذا الفرح هو تجرد من الانسان ، وعندي أن تجريد الانسان من إنسانيته عندما تريده يشفق على من يراه سبب مآسيه ، فهنيئا لأمريكا ببعض القوم الذين يقفون صفا قويا أمام من يريد جرح مشاعرها حتى في الفرح في مصابها ..
 


كاترينا الإرهابية..
عبدالله الناصر

للأمريكيين ولع بإطلاق اسماء «معينة» على أحداث التدمير والحروب! كثعلب الصحراء، والعقرب، والمطرقة الحديدية،.. الخ. على العمليات، والغزوات العسكرية كما يحدث اليوم في العراق!.. كما يطلقون أسماء النساء الناعمة. على الزوابع، والطوفانات، وأعاصير البحار، والأنهار، كاسم «أليشا» المرأة اليهودية الاسطورية على الإعصار الذي ضرب «تكساس» في أواسط الثمانينيات، وكاترينا على الاعصار الذي ضرب: نيواورلينز.. ربما تفاؤلاً وتيمناً بأن هذه الاعاصير ذات الأسماء الناعمة ستكون آثارها ناعمة، وهينة، لكن السيدة كاترينا هذه المرة كانت أشد قسوة، وعنفاً وضراوة، وإرهاباً، وفزعاً من كل اعمال الجبابرة، والعتاة،.. وكاترينا هذه لا تنتمي إلى أية منظمة لها علاقة بالإرهاب.. كالقاعدة مثلاً.. أو اسرائيل الله الجديدة. وغيرها من وكالات ومافيا الإرهاب الدولية.. وإنما هي تنتمي الى إرهاب الطبيعة.. إذ أن للطبيعة غضباً وجبروتاً يتفوق على عنف البشر كثيراً. فإذا كان البشر يغضبون، ويثورون،فإن خالق الكون سن قوانين، ونواميس للطبيعة تجعلها تنتقم لنفسها حيناً كما توقظ الناس وتعيدهم الى توازنهم ليحدوا من جماحهم، ومن عنفهم ضد الطبيعة، والاعتداء على بني البشر.

وليس عنف كاترينا في التدمير الرهيب المخيف الذي جعل كوكبنا كله يقف حائراً وضائعاً ومستصغراً امامها.. فلا بنتاغون، ولا طائرات، ولا صواريخ، ولا قنابل ذرية ولا وسائل تجسس، وطابور خاص، ولا ذيول طويلة أو أخرى قصيرة.. بل لاشيء اسمه قوة عظمى قادرة على ردعها أو دفعها أو كف وكبت جماحها وعنفوانها.. أقول ليست نتائجها في ذلك فقط.. ولكن كاترينا كشفت هشاشة القوة العظمى على المستوى الاقتصادي، والمستوى الاحترازي الاتقائي، والتدخل السريع لإنقاذ مئات الآلاف من البشر الذين حاصرهم الموت، والذعر، والعذاب، لفترة طويلة، والطوفان يغرق شوارعهم، وبيوتهم، وأطفالهم، وكلابهم، والعاصفة تقتلع اشجارهم وأرواحهم، فيستصرخون ولكن لا صريخ لهم، ويستغيثون فلا مغيث لهم، ويستنجدون فلا منجد لهم، وهذا ما جعل عمدة نيوأورلينز يصرخ بأعلى صوته! عار على أمريكا ما يحدث،.. عار على أمريكا ما يحدث..!!

لأنه رأى مواطنيه يعبث بهم الهلاك بلا منقذ أو معين. فبعضهم نام تحت الطوفان نومة أبدية، والبعض الآخر هام على وجهه، والناجون صاروا ينامون تحت الجسور، وفي الأنفاق، والكنائس، وملاعب الكرة، هرباً من إرهاب كاترينا! بل لقد كشفت كاترينا ما هو اعظم من ذلك وأخطر كشفت عن هشاشة عظام المجتمع الامريكي، وقابليته للتحطم، والتهشم، والتكسر السريع..

(((فلقد تحول كثير من أبناء هذا المجتمع المنكوب الى لصوص، وقطاع طرق، وإرهابيين، يغيرون مع غارة الإعصار، على البيوت، والمحال التجارية، والبنوك، والممتلكات العامة، يفتكون، وينهبون، ويقتلون، بل ويغتصبون النساء، والفتيات القاصرات تحت تهديد السلاح..)))

كل هذا يحدث ببركات كاترينا، مما حدا بالحكومة الأمريكية الى أن تستعين بالجيش، والعتاد الحربي بل وتستدعي بعضاً من جنودها في العراق، لمواجهة هذا الإرهاب.!! وهذا دليل مادي قطعي عى أن المجتمع الأمريكي ليس مجتمعاً متماسكاً، ولا متجانس الوطنية، والانتماء.

((( اذ انه في الحوادث والكوارث والأزمات، يكون الناس اكثر تلاحماً وتكاتفاً، وتتحول المحن الى وسيلة شد وتوثيق اجتماعي، وتصبح الوطنية اكثر جلاء ووضوحاً لأن المأساة واحدة، والهمّ مشترك والمكان واحد، وهذا وضع طبيعي وتلقائي ليس بين بني البشر بل نجده عند البهائم أيضاً فعندما يحدق بها الخطر تراها اكثر تماسكاً وتقارباً في مواجهة المصير الواحد. )))

(((غير أن الحال في أمريكا كشفت عن التفكك الاجتماعي المرعب، كما كشفت عن حالة الفردية المسيطرة على هذا المجتمع. وعلى النفعية الأنانية والعزلة الفرداتية الذاتية، وأنه لولا قوة النظام وسلطته وحزم القانون، لأكل الناس بعضهم بعضاً.. بل لقد بلغ الامر من السوء والتردي الى ما هو أفظع من ذلك. فرأينا من رجال الأمن من ينهب أو يسطو، ويختلس بقوة السلاح!. ورأينا من يلجأ الى الانتحار وقتل نفسه تعبيراً عن الغضب، والضياع، واليأس، وعدم تحمل الصدمة..!. بل لقد كشفت «كاترينا» من أن تحت الرماد وميض نار عنصرية مقيتة فلقد شاهد الناس، واستمعوا الى الآلاف وهم يصرخون: لو كنا بيضاً لما أهملنا هذا الإهمال الذي لا يليق بالكلاب.. )))

((هكذا إذاً تعلن كاترينا عن سوأة المجتمع المثالي الذي إليه ينتهي التاريخ وعن الحضارة التي يجب أن تصرع جميع الحضارات لأنها في نظر مروجيها الحضارة الإنسانية الكاملة للدولة الأقوى والأعظم.. بل لقد قالت «كاترينا» انه لا قوة أبدية مطلقة.. ))

((بل انه لا قوة فوق قوة الله،..))

لقد وقف وزير الداخلية الأمريكي وقد ملأه الذعر وهو يقول: إن ما حدث هو أشبه بتدمير نووي.. أما التدمير الاقتصادي فقد كنست كاترينا ما تبقى في الخزانة الأمريكية المنهكة بحرب العراق الطائشة، الى درجة جعلت الدولة الأقوى في العالم، والأغنى في العالم تتلقى الحسنات من دول صغيرة لا ترى على الخارطة إلا بالمجهر،

(( بل ولم تستنكف من أن تقبل العون والمساعدة من دول ذات هوية مطبوعة بالفقر مثل سري لانكا..))

والفرد الأمريكي الذي كان يقول في الشدة بكل صلف وشموخ : أمريكا.. يا أمريكا. ها هو يهرع بكل جوارحه ويقول: يا الله.. لقد تعالى صوت أجراس الكنائس في سماء أمريكا كلها طلباً للنجدة الإلهية وطلباً للمغفرة..! إذ أن هذه الكارثة ما هي إلا عقاب إلهي كما يقول رجال الدين المسيحيون واليهود على حد سواء حيث يرون أن ما حل بأورلينز كان نتيجة لمعصية وذنب عظيم..

إذ أنه في اليوم الذي ضربت العاصفة، ونزلت المصيبة وزلزلت الأرض كان يوماً مضروباً لمؤتمر ضخم يضم مائة وخمسين ألف شاذ «لوطي» من جميع أنحاء أمريكا، وأن هذا العقاب شبيه بما حل بقوم لوط حيث قلب الله بلدتهم عاليها بسافلها وأمطرها بحجارة من سجيل جزاء وفاقاً لتلك المعصية النكراء.

على كل حال أظن أن «كاترينا» سوف تغير مفاهيم كثيرة حول القوة والجبروت، والاستفراد بالعالم، وأن الذين يسرفون في تمجيد وتأليه العظمة، والغلبة الأمريكية عليهم أن يراجعوا أنفسهم، وأن يتأملوا جيداً بل يثقوا جيداً أنه في النهاية لاقوة إلا قوة الله، وأنه لا غالب إلا الله..
 


لماذا يصادرون حق الأمة بالفرح؟؟؟؟؟
د حبيب بن معلا

حال الأمة مع بعض أبنائها العاقّين الذين غذوا بغير لبانها حال عجيبة لايمكن تصديقها ولم يمر مثلها على أي أمة في التاريخ !! ولولا أننا نرى ماحدث عيانا لقلنا إن هذا ضربٌ من الأساطير وخيالات لاتقع في عالم العقلاء ..
بعض هؤلاء الأبناء يستكثرون على الأمة أن تفرح لواقعة من قدر الله تقع على أمة من أمم الكفر تعيث في الأرض فسادا وتجري دماء المسلمين أنهارا في كل حين ويعدون هذا مخالفا للإنسانية ويدبجون في الأسى على تلك الأمة الطاغية المتجبرة المقالات والخطب والمراثي.. ولا أدري ماذا يريدون !!

إن كثيرا من الكتابات تلك بعد الإعصار المدمر الذي ضرب جنوب الولايات المتحدة الأمريكية تعكس مدى الفاجعة التي يمر بها العقل العربي ويعيشها الإعلام العربي؛ فهذا الإعلام جرّّم أي شكل من أشكال المقاومة للمحتل الأمريكي في العراق وفلسطين وغيرها ولم يكتف بذلك بل نعى على الأمة أن تضمر في داخلها بغضا لهؤلاء المجرمين الذين عاشوا في بحور من دماء المستضعفين .. بل جعل كراهية الأمريكيين جريمة .. ولم يكتف كتّابه بذلك بل سخروا كل مايملكون من قدرات إعلامية ووظفوا الصور جيدا في تزويق السحنة الأمريكية القبيحة لنحبها رغما عنا.. ثم جاؤوا بعد ذلك ليشنوا هجوما عنيفا على الأم التي سُحل أبناؤها الثلاثة واغتصبت هي وابنتاها وقتل زوجها أمام عينها لأنها فرحت لما أصاب عدوها ..

لسنا نطالب هؤلاء الكتاب بأن يفرحوا لما أصاب الأمريكيين ولكننا نقول لهم دعوا من شاء أن يفرح فليفرح .. هذا أبسط حقوق الإنسان التي يجب عليكم أن تحترموها.. إن النمل المستحقر إذا دخل جحره عدو له تمالأعليه وتعاون حتى يخرجه أو يهلك فكيف ببشر يعي ويعقل ويحس؟؟ إن هذه الأمة الثكلى لاتملك شيئا فلاتستكثروا عليها فرحة قلبية بجائحة تصيب عدوها .. وإن كنتم تحتجون بالإنسانية والرحمة فأين هذه الرحمة عن ملايين المسلمين يهلكون جوعا في النيجر ؟ وأين هذه الرحمة عن جراحنا النازفة في العراق وأفغانستان وفلسطين ؟ بل مابال هذه الرحمة والإنسانية تختفي من حياتكم تماما إذا كنتم تناقشون شأنا داخليا تخالفون فيه القراء وتصبون جام غضبكم على المخالفين وتستعدون عليهم كل السلطات وتسفهون كل رأي يخالف رأيكم ؟؟؟أم أن الرحمة فقط للدماء الزرقاء؟؟

إننا نعاني من إرهاب ثقافي صحفي لايقل خطرا عن غلاة التكفيريين وقانا الله شرهما جميعا ..

والله غالب على أمره..
 


 الظواهر والكوارث الكونية.. لماذا الهروب من الحقيقة؟!
محمد حسن

أجرى الله _تعالى_ الكون على سنن يسير عليها رحمة بالعباد، لتستقيم حياتهم، وتنتظم معيشتهم، وتكون صالحة لعبادة الله _تعالى_ في مدة الدنيا، حتى إذا جاء موعد الحساب والجزاء على الإيمان والأعمال، أذن الله _تعالى_ بهلاك الكون وسننه، لينتهي الناس إلى الجنة إن كانوا من المؤمنين، أو النار إن كانوا من الكافرين.

وعلى الرغم من وضوح العقيدة الإسلامية في هذا الشأن وجلاء النصوص الشرعية؛ فقد ظهرت في بعض أوساط الكتاب والمثقفين عدد من المفهومات والتعبيرات الخاطئة نتيجة التأثر بالمفهومات الغربية الملحدة الموجودة في الكتب والمقالات العلمية المتخصصة في علوم الفلك والطبيعة وغيرها، وخصوصاً التي تترجم إلى اللغة العربية، ومن تلك المفهومات والتعبيرات غير الصحيحة:

أولاً: حينما يتحدث بعض الناس عن ظاهرة من ظواهر الكون يقولون مثلاً: تسببت الطبيعة في حدوث فيضانات، أو كفلت الطبيعة وجود الغذاء لهذا الحيوان، وغضبت الطبيعة فوقع زلزال مدمر، وغير ذلك مما نسمعه من عدد من الصحافيين والإعلاميين أو نقرؤه في كتاباتهم أو في كتب علوم الطبيعة في بعض المناهج الدراسية في بعض الدول الإسلامية.

ثانياً: ينكر بعض الناس على العلماء والدعاة تذكير الناس بالحكمة من وراء الكوارث الطبيعية، ويكره موعظة الناس بذلك، أو تذكيرهم بما أنزله الله _تعالى_ بعدوّ من أعداء المسلمين، ويحاول بعض هؤلاء أن يدعي ويزعم أن تلك الكوارث الطبيعية لا علاقة لها بعقوبة قدرية أو عقائد دينية.
وهنا ينبغي لنا أن نستحضر بعض الأوليات التي لا يليق بهؤلاء أن يجهلولها في عقيدتهم الإسلامية، فالله _تعالى_ هو الذي خلق هذا الكون وخصائصه وسننه التي يسير عليها، أو ما يطلق عليه الطبيعة، وجعل الكون يسير عليها لا يتخلف عنها ولا يخرج عليها، "لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" [يس: 40]، ومن ثم لا يصح أن ننسب حركة الكون إلى الطبيعة، وإنما ننسبها إلى الله _تعالى_ الذي خلقها وأوجدها، قال _تعالى_: "إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" [الأعراف: 54]، وقال _تعالى_: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" [الحج: 65]، أفيصح إذن أن ننسب الخلق والظواهر الكونية إلى فعل الطبيعة وعملها، كما هو حال عدد من علماء الطبيعة الملحدين في الغرب أو الشرق!

وأقول: ليس من المنهجية في شيء ولا العلمية ولا الموضوعية أن ننكر أو نتجاهل عن عمد ذكر الخالق _سبحانه_ في هذه المجالات، وننسبها إلى الطبيعة المخلوقة التي ليست بفاعل ولا خالق، وتجاهل نسبة الظواهر الكونية إلى الخالق _سبحانه_ هو عين الخروج عن الموضوعية والمنهجية العلمية، وكما لا يصح مثلاً أن نتجاهل ذكر أينشتاين حينما نذكر "النسبية" كنظرية تحاول تفسير ظاهرة في الكون والاستفادة منها أو ننسبها إلى غيره، فلا يصح من باب أولى أن نتجاهل ذكر الخالق _سبحانه_ حينما نتكلم عن الظواهر الكونية متى اقتضى سياق العبارة العلمية ذلك ولا ننسبها إلى الطبيعة.

أما الملاحظة الثانية؛ فلا أدري لماذا يغضب بعض الصحافيين وغيرهم على العلماء حينما يعظون الناس، ويذكرونهم بالحكمة من وراء ما يحدث من ظواهر أو كوارث كونية، ويذكرونهم بعقوبات الله _تعالى_ التي ينزلها بالكافرين أو العاصين! أيريد هؤلاء أن يكتم العلماء ذلك عن الناس حتى لا يعكر على العاصين منهم صفو تمتعهم بالمعاصي وغرقهم في السيئات، أو كيلا ينغص على المنحرفين والفاسدين حياتهم ويحرك فيهم ضمائرهم!

ولماذا يتعدى بعض هؤلاء على العلماء بألسنة حداد أشحة على الخير، ولا يغضبون لو أهان أعداؤهم كتاب الله _تعالى_، ولا تهتز أقلامهم لتقول: لا لإهانة مقدسات المسلمين، ولا لتدمير مساجدهم، ولا لسفك دمائهم، ويغضـبون فقط حينما يقوم بعض العلماء والدعاة بتذكير الناس بالله _تعالى_، وبما أنزله بعدوّهم من عقوبة!

ولم لا يكلف بعض هؤلاء نفسه قبل التطاول على أهل العلم أن يفتح كتاب الله _تعالى_ ليعلم ويتعلم أن الله _تعالى_ ذكر في كتابه ذلك، وذكّر المسلمين بالحكمة من وراء ما يحدث من كوارث في الأرض تصيب الناس، وبيّن _سبحانه_ في كتابه وسنّة رسوله _صلى الله عليه وسلم_ أن تلك الكوارث؛ إما أن تكون ابتلاء للمؤمنين لامتحانهم في إيمانهم وصبرهم أو لتكفير سيئاتهم أو لرفع درجاتهم، وإما أنها عقوبة للكافرين والعاصين، اقرأ معي النصوص الآتية:
قال _تعالى_: "وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ" [الرعد: 13]، وقال: "وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ" [الشورى: 30]، وقال: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ" [الأنبياء: 35].

وهذه بعض الآيات التي تحكي لنا كيف حدثت أعظم كارثة على الأرض في تاريخ البشر، ولماذا حدثت وما الحكمة من وقوعها، قال _تعالى_: "كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ" [القمر: 9 - 15]، فهذه الكارثة التي حدثت بين الله _تعالى_ لنا الحكمة منها، وذكّرنا بها ووعظنا، فقال _سبحانه_ بعدها: "جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ".
وجعل الله _تعالى_ الريح العاصفة، وهي ظاهرة كونية طبيعية، نصراً للمؤمنين وعذاباً للكافرين، وجعلها الله _تعالى_ نعمة أنعم بها على المسلمين يوم الأحزاب يذكّرهم بها ليشكروه عليها، فقال _تعالى_: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً" [الأحزاب: 9]. وقال _سبحانه_ عن الكارثة الطبيعية التي أنزلها بقوم عـاد لمّـا كفروا: "وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ [41] مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ" [الذاريات: 41- 42]. وذكر _سبحانه_ أنه أنزل كارثة طبيعية بقوم سبأ لـمّا أعرضوا عن طريق الهداية: "لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ [15] فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ" [سبأ: 15 - 16].

وقد حذّر الله _تعالى_ الناس من أن ينزل بهم كارثة كونية عقوبة لهم إن أعرضوا عن الإيمان والطاعة: "أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً [ 68] أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً" [الإسراء: 69]. فلماذا لا نذكّر الناس عند غفلتهم حتى يتعظوا ولا تقع بهم كارثة؟
ولا تفتش عن حال أهل بلد من البلاد التي وقع بها كارثة في الماضي أو الحاضر إلا وتجد معصية من المعاصي كانت منتشرة في تلك البلد، وسواء كان فيهم صالحون أو لا، فالعقوبة تعم الجميع متى أراد الله "عز وجل"، لكنهم يحاسبون يوم القيامة على نياتهم. ولا يخفى ما كان يجري قبل كارثة تسونامي مثلاً ولا يزال في كثير من دول شرق آسيا من معاص وتجارة للرذيلة وفواحش كثيرة، وقد طيرت لنا الأنباء أخباراً عن استعدادات كانت توشك أن تنتهي لبدء مهرجان للرذيلة في المدينة المنكوبة قبل يومين من إعصار كاترينا كان من المتوقع أن يشهده نحو 125 ألفاً من الزائرين.

وما المانع من أن يتذكر الإنسان الحكمة من الظواهر الكونية أو الكوارث ليتذكر قدرة الله _تعالى_ لتستقيم نفسه ويزداد إيمانه! والتأثر بذلك علامة على قوة الإيمان، قالت عائشة _رضي الله عنها_ أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ "كان إذا رأى غيماً أو ريحاً عُرف في وجهه. قالت: يا رسول الله، إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عُرف في وجهك الكراهية؟! فقال: يا عائشة، ما يُؤمنِّي أن يكون فيه عذاب! عُذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب، فقالوا: هذا عارض ممطرنا" رواه البخاري ومسلم.

ولم لا نفرح بكارثة ينزلها الله _تعالى_ بعدوّنا الذي يسفك دماء المسلمين وينهب أموالهم لنشفي غيظ قلوبنا، ولنتذكر أن عدوّنا مهما أوتي من قوة وجبروت فإنه ضعيف عاجز أمام قدرة الله _تعالى_، لكنه _سبحانه_ يختبرنا بمجاهدته، قال _سبحانه_: "أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً" [فاطر: 44]، وقال _عز وجل_: "أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ" [غافر: 21].

وكما يجعل الله _تعالى_ الظواهر الطبيعية عقوبة لمن كفر أو عصى؛ فإنه _سبحانه_ سخر الكون كله بما فيه من ظواهر طبيعية لنا نستفيد منه لنشكره _سبحانه_ بالإيمان به والطاعة، فقال _تعالى_: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [الروم: 46]. وحثنا _سبحانه_ على التفكر في الكون لما في ذلك من زيادة في الإيمان واليقين: "الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" [آل عمران: 191].
وأرشدنا _سبحانه_ كيف نحتاط لأنفسنا ونتجنب الكوارث والأضرار في الدنيا والآخرة عموماً، وذلك أولاً بالإيمان والطاعة والتقوى، فقال _سبحانه_: "وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً [8] أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً" [الطلاق: 10]. وثانياً بالأخذ بالأسباب المادية كما في قصة ذي القرنين "قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً"[الكهف: 94].

والله _تعالى_ رحيم يمهل عباده، ويرزق الكافر كما يرزق المؤمن في الدنيا؛ لأن الدنيا دار اختبار لا دار جزاء، لكنه _سبحانه_ قد يعاقب من يشاء في الدنيا قبل الآخرة، قال _عز وجل_: "لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ" [العنكبوت: 66]، وقال: "هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ [22] فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" [يونس: 22-23].

فلماذا يحاول بعض الكتاب أن يطمس الحقيقة، ويصرف الناس عن دعوة الحق، ويحاول أن يـجمد مشاعر الإيمان لدى الناس بصرفهم عن الحكمة وراء الظواهر الكونية والكوارث الطبيعية! أليست تلك الظواهر والكوارث إذن فرصة عظيمة ليراجع كل منا نفسه، وكما هي فرصة لبحث الطبيعة والكون ودراسته فهي فرصة أعظم لدعوة الناس الله _تعالى_، وتذكيرهم، ووعظهم، ودعوتهم إلى التوبة والرجوع إلى الحق، كما أنها وسيلة أصيلة وأساسية من وسائل القرآن والسنة في الوعظ والتذكير.
 


إعصار كاترينا: هل تستحق أمريكا المساعدة الإنسانية؟!
جواد الشقوري

التعاطف مع ضحايا الكوارث " الطبيعية" سمة مركوزة في النفس الإنسانية، لا تتغير بتغير العصور ولا تتبدل بتبدل الأحوال. ويكون التعاطف أشد عندما تمس الكارثة الشعوب، ويكون أشد وأشد عندما تكون هذه الشعوب فقيرة وضعيفة. فهذا، إذن، أمر طبيعي وعادي جدا.
وعندما تحل الكوارث لا يلتفت الناس إلى إيديولوجية أو هوية أو ثقافة " الضحية"؛ سواء كانت هذه الضحية دولة أم شعبا. وكأن الكارثة أو الشدة توجد ـ بمنطقها الداخلي الخاص ـ أرضية مشتركة للتعاون بين المختلفين، عكس " العافية" التي تبعد الشقة بينهم؛ فأثناء الكارثة يترك بنو البشر " العقل" جانبا ويحكمون بدله " العاطفة" الإنسانية و" الإحساس" الإنساني. وهي عناصر يستحيل فهمها في إطار العقل الديكارتي الصارم؛ إنها تستعصي على الكم والإحاطة والتفسير المادي.

وجرت العادة أيضا، بين الدول، أن تنسى الخلافات السياسية والانتماءات الإيديولوجية في حمأة الكوارث الساحقة والزلازل المدمرة والفيضانات الماحقة، وأن تعرض دول مساعداتها على دول تكون في مصاف خصومها، وأعدائها أيضا؛ محاولة الظهور بمظهر من يتعالى على الخلافات السياسية والإيديولوجية في سبيل قضية إنسانية أعمق من تلكم الخلافات؛ بل قد يصل الأمر إلى عرض " إنساني" تتقدم به دول فقيرة لمساعدة دول تنتمي لشريط الرفاه الغارقة في الثراء!

أمام هذا السلوك، الذي يبدو في ظاهره سلوكا إنسانيا بريئا ومتساميا، يطفو إلى السطح التساؤل عن الأسباب الحقيقية التي تقف خلفه. هل سببه عائد إلى ذلك الجوهر الإنساني المشترك الذي يتعالى عن الاختلافات والخلافات؟ أم هو من قبيل النفاق السياسي وسياسة النفاق؟ أم هي المصالح المشتركة البعيدة؟ أم ماذا؟ أم أن تلك الأموال والمساعدات ملك للدول الغنية تسترجعه من الدول الفقيرة أثناء الأزمات؟ أم أن هذا السلوك " الإنساني" تفسره كل هذه العوامل مجتمعة؟!

اعتقادنا الأولي أن السلوك الذي يطلق عليه عنوان: " المساعدة الإنسانية"، قد يفسره عامل من تلك العوامل أو أكثر من عامل، لكن من الصعب جدا أن يفسر بكل هذه العومل مجتمعة.
إن قيامة الشكوك تكون قائمة عندما يلجأ البعض إلى تفسير هذا السلوك في بعده الإنساني فقط؛ لأنه من المؤكد أنه قلما يكون الاحتكام إلى الجوهر الإنساني سببا راجحا لتفسير " خلق" المساعدات " الإنسانية" عندما يتعلق الأمر بالدول. فالأخلاق لا تحكم العلاقات الدولية في طبعتها الحالية.

طبعا قد يكون هذا صحيحا عندما يتعلق الأمر بالشعوب التي لم تفسد السياسة فطرتها الإنسانية السوية، لكن الدول إنما يهمها بالأساس مصالحها الاستراتيجية؛ خاصة إذا كانت هذه الدول من تلك التي تتحكم في مصير العالم ومصائر شعوب الأرض.

أنظروا مثلا، إلى الولايات المتحدة التي عرضت، بل وقدمت في فترة مضت مساعدات إنسانية لإيران، ولغيرها من الدول، رغم عدائها الصارخ لها. لكن أنظروا أيضا كم قتلت أمريكا من أطفال العراق عندما أحكمت الحصار عليهم لسنوات عديدة! وهل السلوك الإنساني يتجزأ؟!
حسنا. لما قدم إعصار كاترينا وحل " ضيفا" على الولايات المتحدة وأحدث كارثة حقيقية، هبت دول لعرض مساعداتها على أمريكا؛ ومنها دول معدمة، تعيش شعوبها فقرا مدقعا.. كبنغلادش على سبيل المثال، ومنها دول غنية " نخبها" فقيرة " رعيتها".

وهذا أمر قد يبدو ـ لأول وهلةـ أنه تعاطف إنساني محض، لكن الواقع والحقيقة غير ذلك. فلو كان كذلك لكانت شعوب الدول المانحة أولى بتلك الهبات المالية. ثم لو كانت أمريكا " تجوز" في حقها " الزكاة" الدولية لاستخرجنا أكثر من مبرر لهذه المساعدات. وهذا أمر ينسحب، أيضا، على تلك الدول العربية الغنية التي جعلت كرمها يغمر أقوى دولة في العالم، حتى أخجل لطفها الزائد وجه أمريكا الأبيض لا الأسود! بل قد يكون من تلك الدول العربية من ترمي اليمين على أمريكا أن تقبل كرمها! وهي التي تكون مع شعوبها أبخل من كلب في فمه عظمة، ولم تترك لها إلا السراب الذي هو توق الظامئين إلى الماء، وكأن شعوبها تعيش في بحابيح العيش وتتمتع بأنواع اللذائذ، وهي التي تتوق في لظوة حرمانها إلى ما تسد به رمقها( لا داعي لذكر الأرقام الخيالية التي تبرعت بها بعض الدول العربية).

قرأت في الأيام الأخيرة مقالا مركزا للكاتب الأرجنتيني Alejandro Teitelbaum (موقع:www. Redvoltaire.net، 04 سبتمبر 2005) تناول فيه خمسة أسباب تدعو، في نظره، إلى عدم مساعدة أمريكا. حيث يرى أنه في الوقت الذي تخصص فيه الولايات المتحدة كل مواردها لتمويل حربها غير الشرعية في العراق( دون موافقة الأمم المتحدة)، فإن المساعدات الإنسانية لمواطنيها، ضحايا الإعصار، ستقل أو ينبغي أن تقل.
صحيح أنه لا يجب التعامل مع الكوارث بمنطق الحسابات السياسية الضيقة، لكن أعتقد أن الأمر جد مختلف عندما يتعلق بدولة كالولايات المتحدة. وأدعو القارئ الكريم لتأمل هذه الأسباب الخمسة التي جعلت الكاتب لا يعتقد في أي جدوائية لمساعدة تقدم للدولة القوية.

الأول: يشير الكاتب في البداية إلى أن الولايات المتحدة لها من الموارد المادية والبشرية الضرورية لمواجهة الكارثة. فالولايات المتحدة، على سبيل المثال، كانت قادرة، في وقت قصير، على نقل 500.000 من الجنود، وكل المعدات اللوجستيكية المتطورة، أثناء حرب الخليج الأولى. وشركة Halliburton المرتبطة ب" شيني" نائب الرئيس، أقامت في وقت قصير منشآت وتجهيزات عملاقة للجنود في منطقتي الخليج وكوسوفو. ويصل الكاتب إلى نتيجة تقول: إذا كانت هذه الموارد ليست جاهزة حالا بكمية وكافية، فلأن جزء منها تم تخصيصه لحرب واحتلال العراق.

الثاني: يلفت الكاتب انتباهنا إلى أن الإهمال الذي طال الضحايا، فقراء وسود في غالبيتهم العظمى، ليس سببه النقص في الموارد إنما راجع إلى النقص المطلق في الإحساس الإنساني لفريق بوش، الذي لا يفكر في أي شيء سوى في الحروب العدوانية وفي الصفقات الجيدة للشركات الكبرى.

الثالث: يعتقد الكاتب أنه من أجل تمويل مساعدة الضحايا وإعادة بناء ما دمره إعصار كاترينا، يكفي هذا بجزء صغير من الأرباح الكبيرة التي حققتها الشركات الأمريكية، المرتبطة بإدارة بوش، في حرب العراق، وبفرض ضريبة استثنائية على الشركات الأمريكية. ومن تلك الشركات التي ذكرها الكاتب: عائلةWalton المالكة ل Wal- Hart، و Bill Gates ( Microsoft)، الذين يجمعون في حوزتهم 125 ألف مليون دولار.

الرابع: بصراحة واضحة يرى الكاتب أنه ليس هناك ما يدعو لمساعدة الولايات المتحدة التي تنهب بمختلف الطرق( المالية، الاقتصادية،... إلخ)، منذ عقود من السنين، باقي البشرية. إنه من غير المعقول أن تقدم دول فقيرة، ضحايا النهب الأمريكي، مساعدة لأمريكا. وإنه لمما أثار صدمة الكاتب، بشكل خاص، أن تعرض كوبا مساعدة على أمريكا، وهي ـ أي كوباـ عانت من الحصار الاقتصادي الذي ضربته عليها الولايات المتحدة منذ نصف قرن تقريبا. والعرض الكوبي يشمل، ضد كل منطق، 24 طن من الأدوية التي يجب الا تغادر كوبا بسبب الحصار الى بلد أين يوجد مقرـ تقريباـ كل الشركات الصيدلية الكبرى المتعددة الجنسيات في العالم.

الخامس: أي مساعدة تقدم للولايات المتحدة هي مساهمة غير مباشرة في احتلال العراق: إذا كانت الدول الأخرى تقدم مساعدات للولايات المتحدة فإنها لن تكون مجبرة على مغادرة العراق.
قد يتفق المرء كما قد يختلف مع مؤلف كتاب: " دور الشركات المتعددة الجنسية في العالم المعاصر" في خماسيته، لكن مما لا يجب الخلاف حوله هو أن دولة كالولايات المتحدة مدعوة لتغيير سياستها تجاه العالم، وأن تسخر مواردها في تنمية أجزاء كبيرة من أراضيها التي أثبت الإعصار الأخير مدى المأساة الحقيقية التي تعيشها.
و" حرام" أن يفهم من هذا الكلام الوقوف ضد القيادة الأمريكية للعالم وللإنسانية، إنما الاحتجاج يكون على الطريقة التي " تنظم" و" تسير" و" تدير" بها أمريكا شؤون العالم. وإن كل مساعدة لأمريكا في ما يحل بها من كوارث ومآسي قد يكون لها انعكاس مزدوج: أولا، سيجعل أمريكا تتمادى في غيها السياسي والعسكري والأمني، وسيشجعها أكثر إلى أن تخصص ميزانيتها لنهب العالم والسيطرة على النفط ومواجهة الصين وكوريا الشمالية والهند... وهذا ليس من مصلحة العالم والبشرية؛ فمسار العالم الحالي وصالح البشرية يقتضيان تراجعا أمريكياـ وليس انهياراـ وبروز عالم متعدد الأقطاب، أو ثنائي القطبية على الأقل. ثانيا، حرمان الشعوب الفقيرة من الاستفادة من تلك الأموال الطائلة والخيالية التي تقدم الآن للولايات المتحدة، رغم أنها تملك أقوى اقتصاد في العالم.

من جهة أخرى، نعتقد أنه آن الأوان كي ينتفض الشعب الأمريكي التي سحقته الإدارة الأمريكية الحالية، خاصة السود والفقراء الذين اجتاحهم إعصار كاترينا، وأن يتسلم مشعل الزعامة كي يعيد الابتسامة للشعوب المقهورة بعد عبوس.
فرغم الأصوات التي تنادي بتغيير السياسة الأمريكية إلا أن هذا الأمر لم ينسرب بعد إلى شعور الإدارة الأمريكية. ورغم الشعارات البراقة التي تنادي بها الإدارة الأمريكية من إصلاح وديمقراطية وتنمية وحقوق إنسان، فإن مصداقيتها تتراجع يوما بعد يوم، لما تبين للعالم كذب تلك الشعارات التي تخفي داخلها رغبة في الهيمنة وسحق الشعوب الضعيفة، حتى لو كان هذا الشعب من صلبها، كشعب لوزيانا... إن هذه المصداقية تهتز أكثر بسلوك الإغضاء عن إسرائيل التي استشاطت - ولا تزال- عدوانيتها وتضرت وحشيتها. وربما فات أمريكا إدراكها أن الشعوب العظيمة، كيفما كانت شاكلتها الثقافية وتوجهها العقدي واتجاهها اللسني وانتماؤها العرقي، ليست فراشات يجتذبها ضوء قنديل. مادامت شعارات أمريكا ضوء قنديل فيها سلق ومغالطة وتضليل. معذرة ربما هي أقل من ضوء قنديل!!
 


 ويلٌ لأميركة من (كاتريناتٍ) لا تُبقي ولا تَذَر
د. محمد بسام يوسف

الحمد لله الذي أذِن بإذلال أميركة وإدارتها الصهيونية المجرمة، التي باتت تتسوّل المساعدة والعون، من دولٍ لا تساوي قطرةً من بحر الولايات المتحدة الأميركية.. (.. وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) (المدثر: من الآية31).
الشكر لله الذي سخّر كل أجهزة الإعلام في الأرض، لنقل صور الذل الذي تسربلت به أميركة.. على الهواء مباشرةً.. انتقاماً لتمثيلية سقوط بغداد الهوليودية، التي نقلتها أجهزة الإجرام الأميركية الإعلامية على الهواء مباشرةً، في التاسع من نيسان عام 2003م، لإذلالنا وإذلال العرب والمسلمين..
نسجد لله اعترافاً بفضله، أن متّع أنظارنا بمشهد مجرم البيت الأبيض (بوش الصغير)، وهو يَهذي عبثاً بالصوت والصورة، لدفع اتهامات شعبه له بتخلّفه وتقصيره وعنصريته، وتخلف إدارته وعجزها التام وعنصريتها البغيضة..

نرفع أكفّنا تضرعاً إليه عز وجل، بأن يجعل من (كاترينا) أخفّ مصيبةٍ كتبها الله على أميركة، وعلى عصابتها الصهيونية الدموية الحاكمة.. (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) (لأعراف:97 و98 و99).

نُسبّح الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبنا.. أن استجاب جبّار السماوات والأرضين، لدعائنا ودعاء ملايين المقهورين في أنحاء الأرض.. فقهر أميركة وأذلّها، بتدبيره الذي لم يخطر على قلب بشر.. (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (المؤمنون:41).
نحمده سبحانه وتعالى.. أن فضح الدولة العظمى، فأظهر هشاشتها، وضعفها، وتفاهتها، وتخلّفها، وإمكانية انهيارها السريع، فجعل بعضها قاعاً صفصفاً.. ونتضرّع إليه عز وجل ونبتهل، أن يصيب ما تبقى منها، بمثل ما أصاب (نيو أورليانز) وأخواتها اللقيطات، وأن يجعل عاليها سافلها، ويُريح البشرية منها ومن جرائمها التي عمّت أرجاء الأرض، وذلك كما فعل ببلدات أقوام لوطٍ وعادٍ وثمود.. (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) (الكهف:59).

كل أميركة لا تعادل روح طفلٍ عراقيٍ مسلمٍ من أرواح مليون طفلٍ أزهقت، بتأثيرات الحصار الأميركي الظالم، الذي فُرضَ على العراق الأشم حوالي ثلاثة عشر عاماً..

كل أعضاء الإدارة الصهيونية الأميركية، لا يساوون قطرة دم طفلٍ شهيدٍ، قتلته قنابل الجيش الأميركي المعتدي، الذي يعيث فساداً في أرض الرافدين الشامخة..
كل منكوبي أميركة، لا يساوون نخلةً سامقةً عراقية، اقتلعها همج المجنـزرات الأميركية المحتلة..
كل ما وقع في (نيو أورليانز)، لا يعدل أنين مئذنة مسجدٍ فلوجيٍ دمّره مغول العصر الأميركيون..
كل ما أزهِق من أرواحٍ أميركيةٍ بإعصار (كاترينا) المبارك، لا يرتقي إلى مستوى جريمةٍ واحدةٍ من التي ارتكبتها العصابات الأميركية وأذنابها من أبناء العلقمي الخونة.. في سجن (أبو غريب).. (.. كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) (يونس: من الآية39).
كل خسائر (نيو أورليانز) وجاراتها، لا تعادل معشاراً مما ينهبه الأميركيون من ثروات العراق الأبيّ، وثروات البلاد الإسلامية..

كل أميركة بما فيها وبمن فيها، لا تساوي لحظةَ ألمٍ يعيشها فلسطيني اغتُصِبَت أرضه، على أيدي لقطاء العصر الصهاينة المدعومين أميركياً.. ولا دمعةَ حُرّةٍ ثكلى عراقيةٍ مسلمة، ولا آهةَ شيخٍ أفغانيٍ مسلمٍ عجوز..

هيهات يا أميركة، فالدَّيْن ثقيل في أعناق الشرّ الأميركي.. وإننا لا نزال في أول الحساب، فلم نحسب بعدُ جرائم غوانتانامو، ولا أفغانستان، ولا أقصانا الأسير، ولا العدوان على بلادنا العربية والإسلامية، والتسلط عليها وعلى ثرواتها وبحارها وأرضها..
وسنترك لغيرنا، حسابات فيتنام، وهيروشيما وناغازاكي، وفرضَ أنظمة الحكم الديكتاتورية الإرهابية على الشعوب.. بل سنترك لغيرنا حسابات إبادة عشرات الملايين من الهنود الحمر، أصحاب الأرض الأميركية الأصليين.. (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) (الأنعام:44).

هيهات.. هيهات يا أميركة، فرصيد الدَّينِ لم يوفِّهِ (كاترينا).. ولا بد من (كاتريناتٍ) كثيرة.. نسأل الله عز وجل ألا يؤخرها، وأن يجعلها متلاحقة، إلى أن تُبادَ جذور الشرّ، وتُقتَلَعَ قرون الشيطان، وتتهاوى غطرسة البيت الأبيض، ويسقط الصنم الأميركي، الذي ملأ الأرض جَوْراً وشراً وفساداً وطغياناً وعدواناً وإرهاباً وظلماً وكفراً وفوضى.. (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود:102).

تلك (كاترينات) الله عز وجل وجنوده.. أما (كاترينا) المقاومة العراقية أو الفلسطينية أو الأفغانية.. وأما (كاترينا) الشعوب العربية والإسلامية المضطهَدة بالتسلط الأميركي، وبالتآمر الصهيوني الصليبي.. فهذه بإذن الله لا ريب قادمة، لا نشك في ذلك أبداً، وستعصف بأميركة وعملائها ونواطيرها، إنا على يقين :
(وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) (السجدة: 28 و29).
صدق الله الجبار المنتقم ربّ العزّة العظيم
 


 10 آيات من وسط ركام إعصار كاترينا
عبدالباقي شرف الاسلام

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وآله وصحبه وسلم، أما بعد

لقد أمرنا الله عز وجل أن نسير في الأرض وننظر كيف كان عاقبة المكذبين، لأن ذلك مما يزيد الإيمان بقدرة الله وعظمته ويثبت الجماعة المؤمنة المتمسكة بوحدانية الله ويبعث فيهم اليقين بوعد الله ونصره وانتقامه لأولياءه من أعداءه.

ومن هذا الباب كان لزاماً علينا أن لا نمر على حادثة إعصار كاترينا دون اعتبار أو تأمل، وكل منا حين يفكر في هذه الآية الربانية التي تسميها الإعلام بـ "كارثة طبيعية" فإنه حتماً سيستخلص منها الدروس والعبر، فمقل ومستكثر والله يؤتي فضله لمن يشاء.

الوقفة الأولي: الله جل جلاله هو الذى بيده مقادير كل شيئ يدبره ويصرفه كيفما شاء، لا يسأل عما يفعل. ومن ذلك ما اقتضته مشيئة الله الشرعية من بغضه للكفر وأهله وما ظهر من علامات هذا البغض في أعداءه على شكل سنن كونية من المشاكل الإجتماعية والنفسية والأمراض والأوبئة والزلازل والبراكين والطوفان والريح المدمرة، وكل ذلك من جنود الله التى لا يعلمها إلا هو.

الوقفة الثانية: قد يستدرك أحدهم بأن هذه الكوارث تصيب المسلمين أيضاً، فهنا نقول أن الله يفعل ما يشاء وأنه قد يعذب بعض الجماعة المسلمة بسبب ذنوبهم (قلتم أنى هذا، قل هو من عند أنفسكم)، ولكنه من لطفه بهذه الأمة المرحومة لا يستأصلهم كلهم، وذلك لأن منهم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية التي تقوم بواجب الجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وليس بين الله وبين أحد من خلقه نسب، ولكنه يرحم وينصر المسلمين، ويبغض ويعذب الكافرين، وإذا فعلت جماعة من المسلمين فعل الكافرين، فإن نسبتهم للإسلام لا تفيدهم ما داموا متشبهين بالكافرين، ولذلك فإن على الأمة المسلمة في كل مكان ألا تغتر بنسبتهم فقط للإسلام دون العمل على طريقة السلف. وألا نأمن مكر الله، فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.

الوقفة الثالثة: إذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له. فهل نفعت أمريكا صور الأقمار الصناعية للإعصار وهي تقترب من سواحلها؟ وهل تقدم العلوم والتقنية نفعت أرقي دولة في هذا المجال من عقاب الله وبطشه؟ ذلك بأن الله قوي وشديد المحال وأن تقدم البشر لا ينفع شيئاً في دفع عقاب الله أو تحويل مساره أو التخفيف من حدته (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو، وإن يردك بخير فلا راد لفضله، يصيب به من يشاء من عباده)

الوقفة الرابعة: من عظيم بطش الله أن آثار عقابه تتمثل في جوانب كثيرة في الجماعة المعذبة، فتجد أن عقوبة واحدة تعمل الدمار في مناحي شتى من حياة تلك المجتمع. فإعصار أمريكا لم تخلف آثارها في المباني والأحياء فقط، بل أتت على جوانب شتى من النواحي الإقتصادية، والصحية، والإدارية، والخلقية، والأمنية، وغير ذلك، وصدق الله (ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين)

الوقفة الخامسة: من الحقائق المخفية عن كثيرين أن مدينة نيو أورلينز مشهورة بمهرجاناتها الخليعة التي تنظمها الفساق واللوطية بمباركة من محافظ المدينة، ومن هذه المهرجانات: "Southern Decadence " و "Mardi Gras " ولكن الإعلام الغربي لا تربط هذه الحوادث بهذه المهرجانات، ولكننا نحن المسلمون نربط بينهما لما وجدنا الربط الواضح في نصوص الشريعة وحوادث التاريخ. بل إن المنظمات النصرانية ربطت بينهما بناءً على نصوص التوراة. وصدق الله في سياق الكلام عن عقوبة قوم لوط : (مسومة عند ربك، وما هي من الظالمين ببعيد )

الوقفة السادسة: لم تسقط مدينة أو مدينتان في إعصار كاترينا، وإنما سقطت الحضارة الأمريكية بكاملها، وسقوط المثل والقيم الأمريكية مقدمة –بإذن الله- لسقوطها من الواقع، ذلك بأن الحضارة المريضة الآذنة بالإنحطاط تظهر آثار المرض وعوارضها للمتأمل قبل أن تسقط صريعاً أمام العيان. فقد أظهرت هذه العقوبة مدى ضعف هذه الدولة التي تتزعم العالم، وتزعم أنها تغيث الفقراء والمنكوبين في إفريقيا وآسيا وتزيل الفقر وتنشر العدل والصحة في العالم، وتملك المؤسسات العالمية لهذا الغرض من المنظمات التابعة للأمم المتحدة والبنك الدولي وغيرهما.

ولكن الله يذل هؤلاء القوم ويريهم ضعفهم وفقرهم، فدولة مثل بنغلاديش "تساعد" أمريكا بمليون دولار، وكوبا تريد أن تستنجد عدوها بالأطباء لا لحب وإنما لشماتة فيما يبدو، فسبحان من مكن هؤلاء الضعفاء أن يشتموا بهذا العملاق في عنفوان قوته (تعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير، إنك على كل شيء قدير)

الوقفة السابعة: العجب كل العجب من الأصدقاء المخلصين لأمريكا من المسلمين، يريدون أن يسترضوا عدو دينهم وشعوبهم، ولو استفتوا شعوبهم عن أمريكا لما سمعوا إلا كل شماتة ولعنة، ولكنهم مع ذلك يضحون بما تمليه عليه واجب الولاء والبراء العقدي وبما تمليه مبادئ الديمقراطية من سلطة حكم الغالبية، يضحون بذلك كله من أجل استرضاء حفنة من المحافظين الجدد اللذين يسمعون الويلات واللعنات اليومية من بني جنسهم، ويستطيبون بسماع عبارات الإسترضاء و الثناء من بعض حكام المسلمين. ولو كان هؤلاء يعتبرون بالسؤال الأخروي قبل أن تزول أقدامهم (وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه) لامتنعوا من تسيير الأموال من بيت المال لأغنى دولة وكافرة ومحاربة.

الوقفة الثامنة: إن شعارات المساواة في أمريكا تلقت ضربة قاسية عقب الإعصار ليرى العالم العنصرية البغيضة التي تعيشها المجتمع الأمريكي. إن السود وإن تحرروا من الرق العضوي فهم لا يزالون مكبلين في آصار الرق المعنوي في أرقي دولة تزعم أنها تمثل القيم العليا للحضارة البشرية. فلم يكن لغالبية السود مكان للجوء إلى الفنادق لأنها محجوزة للبقية المتبقية من البيض اللذين لم يغادروا المدينة. وإذا ظهر أسود ومعه متاع في وسائل الإعلام فإنه سارق، أما أخاه (أو سيده بالأصح) إذا ظهر بنفس الهيئة فإنه نبيل يسعى لمساعدة إخوانه المتضررين. إنهم لم يفرقوا بين فقير يموت جوعاً يسرق مواداً غذائية حين لم يغذيه أحد، وبين مفسد يسرق أجهزة كهربائية مثلاً. إن هذا الشعب بحاجة أن تتلقى دروس في حقوق الإنسان من الإسلام التي بنيت أسسها على الرحمة والمواساة.

الوقفة التاسعة: إن الدول التي تسعي لكسب ود أمريكا عليها أن تعتبر بكاترينا، ولو عملت عقولها لأيقنت أن دولة لا تحسن إدارة أزمتها لا يمكن أن تغيث أبعد الناس عنها في الملة والموقع. لقد حان الآوان لأولئك الحكام أن يمتنعوا عن التشبث بمزاعم أمريكا عن الحرية والعدالة وغيرها مما يتشدق به بوش في كل مناسبة. إن آخر ما برر به بوش حين لم يستطع التبرر بوجود أسلحة الدمار الشامل في العراق، أنه يريد أن يبقي لشعب العراق آبار النفط آمنة من استيلاء العناصر الإرهابية، فياليته استطاع أن يؤمن شعبه من مكر الله قبل أن يؤمن دولة بعيدة. ولو صدق بوش الكذوب لأفصح عن الأبعاد الحقيقية لحرب العراق: الأبعاد الدينية التوراتية، والأبعاد الإقتصادية البترولية، وتوفير الأمن لإسرائيل.

الوقفة العاشرة: جميل أن تأتي كاترينا في نهاية أوغسطس حتى يجد شعب أمريكا فرصة للربط بينها وبين 11 سبتمبر، ولو بعد الزمان لقلت المناسبة وضعف العزم على إيجاد العلاقة. فرق كبير بين 11 سبتمبر 29 أغسطس في التناسب العكسي بين الأضرار وموقف الحكومة. فأضرار 11 سبتمبر الإقتصادية والبشرية ضئيلة مقارنة بأضرار كاترينا، ولكن اهتمام الحكومة بـ 11 سبتمبر لا تقارن بتخاذلها إزاء ضحايا كاترينا، ويحق لكل عاقل أن يضيف هذه الظاهرة في قائمة الشكوك الكثيرة المؤيدة أن 11 سبتمبر لم تكن سوى عملية مدبرة من الحكومة غرضها إسقاط الدول مقابل أبراج نيويورك.

لقد وجد المحافظون الجدد متنفساً لأخذ ثأرهم من مدبري 11 سبتمبر فراحوا يعيثون الفساد في البلاد والعباد، فما عساهم أن يفعلوا الآن؟ إن كانوا يظنون أن الطبيعة عدوهم فاليقهقروها إن شاءوا، وإن كانوا يظنون أن رب الطبيعة لهم بالمرصاد فكيف لهم بمحاربته؟ إذن فاليرجعوا للصواب وليستمعوا لعقلائهم من المتأملين في التاريخ والمتدينين اللذين ينصحونهم ليل نهار قبل الغرق في الوحل العراقي والوقوع فريسة في أيدي المسلمين اللذين تثبت تاريخهم أنهم الأمة المنصورة وأن ما من قوم غزاهم في عقر ديارهم إلا كسروا وخذلوا.
 


 كاترينا .. الحرب الأمريكية الثالثة
أميـر سعيـد

"والله لو كنتم فوق السحاب لرفعنا الله إليكم أو لأنزلكم الله إلينا". كانت هذه عبارة خالد بن الوليد _رضي الله عنه_ التي أرسلها لأعدائه غداة فتح بلادهم.
خالد بن الوليد مثل ما يشبه الأسطورة العسكرية في زمانه، بل في كل زمان، مخطط استراتيجي بارع ومناور عسكري عبقري وقائد حربي لا يشق له غبار ولا تعرف الهزيمة له سبيلاً، بيد أنه كان دائم الارتباط بوشيجة عقدية لا تمنح أفعاله عبقرية ذاتية، بل تعود على الدوام إلى قدرة الله _سبحانه_ وإرادته وقدره الذي لا يرد.
ولو صيغت كلمات خالد الآن في بيان تحمله فئة ترفع السلاح بوجه أعدائها لربما غاضت منها النرجسية التي لا تخطئها عيوننا الآن "والله لو كنتم فوق السحاب لصعدنا إليكم أو لأنزلناكم"!!
وقد تسبق دعوة مظلوم ألف سيف شهير وألف قائد طرير، وحين تتعلق القلوب بمن "لا تأخذه سنة ولا نوم"، وحين تنحدر الدمعات ثخينة على خد عجوز مكلومة بفقد ولد أو حفيد، وحين تصرخ ألماً أسرة ذاقت مرارة الحرمان من طفل أو عائل، وحين ترتفع أيدي الضعفاء إلى السماء تجأر إلى الواحد الديان ؛ فلا تظن أنهم موكلون إلى ذواتهم الضعيفة "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون"..

وما كان أحد من المقاومين قادر على أن يرحل 300 طائرة أمريكية من العراق وأفغانستان دفعة واحدة، ولكن الله قادر وأمره نافذ، ولما اشتد الحصار حول رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ في المدينة وعلم الله ما في قلوبهم، قلبت الريح قدور الأحزاب، واقتلعت خيامهم، وألجأتهم إلى الرحيل ..
إعصار كاترينا يحكي لنا من أسراره كيف تطيش الأقدار بالاستراتيجيات، وكيف ينكشف الإنسان أمام نفسه فإذا هو كما قال المولى _عز وجل_: "وخلق الإنسان ضعيفاً"، وإذ تبسط الولايات المتحدة أيديها على منابع النفط في أركان العالم، وتبني سياستها النفطية على وجود احتياطي هائل لا يمس، ترشق شوكة كاترينا في خاصرة الولايات المتحدة وتستلبها كثيراً من عنفوانيتها وجبروتها، وتستدعيها إلى تسول الإغاثة ممن كانت تمن عليهم بأموالها، وتصطف طوابير السيارات كيلو مترات أمام محطات النفط في بلد ما زال يمسك بتلابيب الطاقة في العالم بيديه الحديدية.
كم هي ضعيفة تلك الدولة "العظمى" التي بسطت فرش إمبراطوريتها هنا وهناك، وحثها ظمؤها النفطي أن تغزو أفغانستان لتستولي على احتياطي بحر قزوين الهائل، وتحاصر ثم تغزو العراق لتضع بين يديها أكبر احتياطي نفطي في العالم، ثم تفاجئها الأقدار بأنها لم تتمكن من نيل مبتغاها في أي سبيل، فلا هي مدت أنابيب النفط من بحر قزوين لأوروبا ولا هي نجحت في بسط سيطرتها على نفط العراق (وقد توقف هذا الأسبوع النفط المنتج من كركوك تماماً وهو ما يمثل ربع إنتاج العراق النفطي)، ولا هي حتى حافظت على احتياطيها النفطي الذي بدأت في التعدي عليه، ومن مفارقات القدر أن تجور الولايات المتحدة الأمريكية على احتياطها النفطي وهي قد أصبحت الجهة المتنفذة الأولى نفطياً في العالم، ومن مفارقاته أن تتضاعف أسعار النفط العالمية ثلاث مرات بعد أن تحتل العراق ويكون في مقدورها مضاعفة إنتاج نفطه لأقصى مدى، ومن مفارقاته أن يفاخر البنتاجون بقدرته على خوض حربين في آن معاً ثم لما ينقلب إليه البصر حسيراً ويوقن بعجزه عن ذلك تستدعيه الأقدار لخوض حرب ثالثة في عقر داره مع المياه بعد أن ازدادت حدة الحرب في كل من أفغانستان والعراق!!

وقبل أقل من عام كانت قاعدة دييجو جارسيا البريطانية التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي بنيت في جزيرة بالمحيط الهندي جنوبي بحر العرب غارقة في ثورة تسونامي سومطرة، وتحدثت الأنباء عن فقدان آلاف الجنود فيها لتتصل المآسي الأمريكية بعضها في إثر بعض بعد أن آذنت أمة التوحيد بالحرب، وليفي إعصار كاترينا الذي اجتاح لويزيانا وميسيسيبي في مساحة تكافئ نصف مساحة فرنسا وتجاوز مساحة المثلث السني العراقي المقاوم للمظلومين بقسط من حقوقهم المهدرة بواسطة الدولة الكبرى الباغية، فيموت الآلاف من مواطني مرتزقة الحرب وتلامس الخسائر سقف الـ 100 مليار دولار (ربع تكلفة حرب العراق تقريباً حتى الآن) في أيام قليلة تومئ إلى طلاقة القدرة الإلهية، وتدق مسماراً آخر في نعش الإمبراطورية الأمريكية، ليس في المجال الاقتصادي فحسب، بل في مجال الأخلاق أيضاً التي كشف عنها الإعصار، كم هي مهترئة النسيج، كم هي ضعيفة البناء، سواء على الصعيد الرسمي أو الشعبي ، فالصعيد الرسمي قد شهد تباطؤاً في الحركة باتجاه الإغاثة عزاها البعض للعنصرية التي تستبد بأفكار الإدارة الأمريكية، حيث يقطن المنطقة أغلبية من السود ليست في صدارة الاهتمام الرسمي، وعزاها البعض لقلة اكتراث النظام الفيدرالي بالحفاظ على إمكانات داخلية تأمينية ضد الكوارث في مقابل طموحات إمبراطورية أثرت على خدمات الداخل، وأيضاً على ذات الصعيد أماطت لثام الحقيقة عن وجه لا يكذب في خسائر جنوده بالخارج فحسب، بل يكذب على السود في الداخل أيضاً وعلى شعبه عموماً ليصف الخسائر الإنسانية بأقل من حجمها والمادية بأكبر منها..

والصعيد الشعبي فقد كشفت وجهاً مخزياً لأمريكا لا تراه حتى في أدغال إفريقيا ومجاهلها، حين يفزع الشعب في المناطق المجاورة والناجون كذلك لا لإنقاذ جيرانهم، بل لأكل أموالهم واغتصاب نسائهم ..
هذه هي أمريكا التي نعرف، وهذا هو الحلم الأمريكي أو كابوسها لا فرق.
إنما الفرق هنا هو ما بين ما أراد بوش في مستهل ولايته الأولى أن يقوله، وتحديداً في 21/1/2001م قبل أن يعلنها على المسلمين حرباً صليبية، من أن قوة أمريكا العاصفة هي قوة الخير في مقابل قوة الشر مستشهداً بنص توراتي يقول : "بوسع ملاك أن يركب الزوبعة، وأن يوجه هذه العاصفة". والعاصفة الحقيقية هي التي وجهت إلى خاصرة الولايات المتحدة الأمريكية وقوة الشر العظمى..
 


اعصار كاترينا يفضح الولايات المتحدة الأمريكية
علي حسين باكير

تابعت جميع وسائل الإعلام مسار الاعصار كاترينا الذي ضرب ولايات الساحل الجنوبي للولايات المتحدة وتداعياته طوال الفترة السابقة, لكنّ التركيز في نقل الخبر كان في مجمله على الأرقام من حيث سرعة الإعصار قوّته حجم المياه و الأمطار التي ساقها و المسافة التي قطعها من خليج المكسيك و عدد الضحايا و الخسائر الاقتصادية ...الخ.
لكنّ قليل من المحللين ركّز على الجوانب التي رافقت هذا الإعصار و التي تتعلّق بطبيعة و حقيقة المجتمع الأمريكي للدولة الأقوى في العالم صاحبة الحضارة المزعومة و الرسالة المنشورة بالقوّة.

فالحضارة ليست مجرد أبراج شاهقة و قوّة عسكرية و تكنولوجية. الحضارة هي الأخلاق, هي التكاتف و التضامن بين أبناء المجتمع الواحد. هذا الإعصار أفاد أمريكا أنّ القوّة ليست كل شيء و هي لا تنفع في معظم الأحوال.
بدايتنا ستكون مع نقطة مهمة جدا و هي تسليط الضوء على الفشل الأمريكي في إدارة الأزمات.
فشل أمريكي ذريع في ادارة الأزمات

يأتي مصطلح إدارة الأزمات (Crises Management) في الأساس ليشير الى دور الدولة في مواجهة الكوارث العامة المفاجئة و ظروف الطوارئ مثل الزلزال, الفياضانات, الاوبئة, الحرائق , الغارات الجوية, الحروب الشاملة. ثم تم تطوير هذا المفهوم فيما بعد ليشمل ادارة السياسة الخارجية في مواجهة المواقف الدولية و لكن هذا ليس مجال بحثنا.

و ما أن ضرب الاعصار المناطق المنكوبة في الولايات المتحدة و بدأت وسائل الاعلام تنقل صور الدمار و الخراب و الفوضى الحاصلة حتى تذكّرت في هذه اللحظة ما حصل في 11 سبتمبر 2001. الدولة غائبة, المؤسسات غير موجودة, الغوغاء و الفوضى عارمة, الناس تختبئ و تهرب و البعض الآخر يسرق و ينهب و لا وجود لأي مظهر من مظاهر الدولة, و الأسوأ من ذلك انّ هذه الدولة هي قائدة العالم , القوة العظمى فيه الولايات المتّحدة الأمريكية!!
و على الرغم من انّ المسؤولين الأمريكيين كان لديهم الوقت الكافي لتقدير مفاعيل الاعصار الكارثية قبل وصوله الى الولايات الامريكية, و بالتالي التحضير له و اتّخاذ الاجراءات المناسبة, الاّ انهم لم يتحركوا الاّ بعد خمس ايام و بشكل بطيء جدا ايضا. و ما ان ضرب الاعصار الولايات الأمريكية لويزيانا والميسيسيبي وألباما, حتى بدأ التخبط في معالجة الأزمة و تقدير الخسائر. ففي حين كانت التقديرات الأولية للمسؤولين الامريكيين تشير الى وقوع خسائر تقارب الـ25 مليار دولار و سقوط ضحايا بالمئات سرعان ما انكشفت الحقيقة التي ابانت حجم الخسائر التي تتعدى المئة مليار دولار و عدد الضحايا الذي يتجاوز العشرة آلاف معظمهم من السود و الفقراء. فقد توقعت شركة (ريسك مانجمنت سوليوشنز) الأميركية المتخصصة في إدارة الكوارث أن تتجاوز قيمة الأضرار التي ألحقها الإعصار كاترينا الذي اجتاح الاثنين الماضي ولايتي (لويزيانا) و(مسيسيبي) الأميركيتين مئة مليار دولار.

على شفير الانهيار الاقتصادي
لقد جاء الاعصار كاترينا ليزيد من هشاشة الوضع الاقتصادي الأمريكي الذي يمر بمرحلة عصيبة جدّا قد تكون العامل الأوّل في انهيار الولايات المتّحدة الأمريكية اذا لم يتم تدارك الأمر. و قد كشف هذا الاعصار انّ الولايات المتّحدة غير قادرة على صرف الأموال اللازمة لاغاثة مواطنيها في الوقت المناسب و لانقاذهم من الموت المحتّم. و لا شكّ ان الخسائر المالية و الاقتصادية الناجمة عن هذا الاعصار قد تساعد على كبح جماح "الغول" الأمريكي في اماكن اخرى من العالم كالعراق و أفغانستان. فبعد يوم واحد من صدور تقرير امريكي يحدّد تكلفة الحرب الامريكية على العراق بـ 5.6 مليار دولار في الشهر الواحد يدفعا دافع الضرائب الامريكي, جاءت كارثة الاعصار لتزيد الطينة بلّة كما يقال.

كاترينا يكشف التفرقة العنصرية في المجتمع الديقراطي الامريكي

اثارت الصور المريعة التي بثتها شاشات التلفزيون عن الدمار الذي احدثه اعصار كاترينا نقاشا شائكا حول مسألة اللون في الولايات المتحدة بعد ان اتضح ان معظم الضحايا من الاميركيين السود. و هذا ان دلّ على شيء فانّه يدل على انّ التفرقة العنصرية لازالت حاضرة بقوّة في النظام الديمقراطي الأمريكي و انّ هكذا حوادث تساهم في ازالة ورقة التوت التي تسترها و تغطي الحقيقة التي تتضمن تاريخا مقيتا من التفرقة العنصرية البغيضة و انشاء الجمعيات المختصة في هذه العنصرية و منها "الكوكلاس كلاين" .
يبلغ سكان مدينة نيو اورلينز نحو 1.4 مليون شخص نسبة السود من بينهم 67.3 بالمئة يعيش 30 بالمئة منهم تحت خط الفقر. ويشكل السود في كافة انحاء البلاد 13 بالمئة من عدد السكان يعيش 12.7 بالمائة منهم في حالة فقر. و من تابع الصور التي نقلت عن الكارثة ليعتقد انّا صور للصومال او النيجر او دولة من دول العالم الثالث, و لكنها في الحقيقة الولايات المتّحدة الأمريكية!! نعم هذه هي.

لقد اثارت الحقائق المؤكدة بان الأميركيين من اصل إفريقي هم الاكثر تضررا بالكارثة المدمرة التي عصفت بعدد من ولايات خليج المكسيك، الشبهات بان السلطات تمارس التفرقة العنصرية في استجابتها لعملية إنقاذ ضحايا الإعصار.
وقال عضو الكونغرس عن ولاية لويزيانا وليام جفرسون " "لو لم يكن هؤلاء الأشخاص فقراء وسودا لما تُركوا يواجهون المأساة وحدهم في نيو أورليانز"، مؤكدا ان معظم الضحايا لم يتمكنوا من الفرار من وجه الاعصار لانهم لم يكونوا يملكون سيارات او اموال يدفعونها للفنادق.

وصرح جفرسون لتلفزيون "ام.اس.ان.بي.سي" انه "في نيو اورلينز، افقر الناس واكثرهم احتياجا هم السود ولا شك في ذلك. ولذلك فانني اشك في ان وقت الاستجابة وغير ذلك له علاقة في ان هؤلاء هم من السود".
وقال عضو الكونغرس الايجا كمنغز "ان ما يحدد من عاشوا ومن قتلوا في هذا الاعصار المدمر والفيضانات هو الفقر والسن ولون البشرة".
واضاف "لقد اجريت نقاشا بناء مع كبير مساعدي الرئيس للسياسة الداخلية. وقال ان الرئيس يتحرك باسرع ما يمكن وانهم (الادارة الاميركية) يبذلون ما في وسعهم. وانا لا اعتقد ان ذلك صحيح".

وقد لزمت معظم القنوات التلفزيونية الاميركية الصمت حيال الدور الذي لعبه اللون في سرعة الاستجابة للكارثة، الا ان العديد من الصحافيين اشاروا الى وجود جدل حول مسالة العرق في الولايات المتحدة.

وكتب ديفيد بروكس في صحيفة نيويورك تايمز "دائما ما نتجه الى التفكير في انه عندما تقع الاعاصير والفيضانات فان الناس يجتمعون لتقديم المساعدات والمواساة".
واضاف "ما يحدث في نيو اورلينز والمسيسيبي الان هو مأساة انسانية. ولكن عندما نلقي نظرة فاحصة على الناس الذين تراهم يهيمون على وجوههم وقد فقدوا كل شيء في نيو اورلينز ترى ان معظمهم من السود والفقراء". !!

الغوغاء و الفوضى دليل تفكك و انهيار منظومة القيم الاجتماعية
ان انتشار اعمل النهب و الفوضى و الغوغاء في الولايات الأمريكية ليست عملا استثنائيا بل هي في طبيعة هذا المجتمع الهجين, و لكن شانها شان جميع مشاكل الولايات المتّحدة تكون مسورة تحت رداء الديمقراطية و الأموال الطائلة و القوّة و التزييف الاعلامي و الفكري.

فالمجتمع الأمريكي مقموع بهيبة الدولة الأمريكية و ليس بادواتها كالأنظمة المتخلفة, بمعنى انّه عندما يغيب أي مظهر من مظاهر الدولة سواء أكان ذلك كهرباء او مياه او دوريات او كاميرات او مراقبة تدبّ الفوضى و تبدأ عمليات الغوغاء و السلب و النهب و الاغتصاب...الخ فيكفي ان تقطع الكهرباء مثلا مدّة ساعة في الولايات المتّحدة حتى تسمع العجب العجاب عمّا يحصل. و هذا هو الفرق بين هكذا مجتمعات و المجتمعات الشرقية و الاسلامية التي تلتزم بمراقبة ذاتية و اخلاقية و دينية في مجملها. فغياب الكهرباء لا يشكل فرقا عندها و لا ينشر الفوضى و النهب و السلب و كذلك الامر في جميع مظاهر الدولة و تواجدها و ليس ضروريا ان يكون هناك دورية في كل شارع و حي حتى يكون هناك أمان و التزام.

و عودة الى الموضوع, حذرت حاكمة ولاية لويزيانا كاثلين بلانكو مثيري أعمال الشغب واللصوص في نيوأورليانز من أن قوات الحرس الوطني لديها أوامر بإطلاق النار والقتل لإنهاء العنف الذي تفشى في المدينة عقب الإعصار.

وقد سادت الفوضى شوارع نيوأورليانز المنكوبة مما دفع المسؤولين إلى طلب نشر آلاف الجنود في المدينة الغارقة بالمياه للحفاظ على الأمن والنظام ومكافحة أعمال النهب والسلب.
وقال شهود عيان إن اللصوص سرقوا آليات عسكرية واستخدموها لتحطيم أبواب ونوافذ صيدليات ومخازن لبيع السلع المنزلية، وشوهد بعض من شاركوا في أعمال النهب وهم يخرجون في هدوء من المتاجر حاملين المسروقات.
وطالت عمليات النهب أيضا ملاجئ لإيواء العجزة، ووسط حالة الفوضى هذه خرج مواطنون مسلحون إلى الشوارع في محاولة لإقرار النظام بالمدينة، بينما جلس أصحاب المتاجر في المناطق التي لم تغمرها المياه يحرسون أموالهم بأسلحتهم الخاصة.
وقال راي ناغين "إن أعمال النهب التي عمت المدينة منذ أن ضربها الإعصار طالت المستشفيات والفنادق ولا بد لنا من أن نتحرك لوقف هذه الأعمال".
وقالت وفونيت جريس جوردان التي لديها 5 أطفال أصغرهم عمره 6 أسابيع فقط: "إنهم يجعلوننا نعيش هنا كالحيوانات, نحصل فقط على وجبتين وليس هناك أدوية, هذه هي الولايات المتحدة الأمريكية"!!.

النخوة و الكرم العربي الأصيل تجاه أمريكا!!
انهالت المساعدات الانسادية الماديّة و العينية الفنيّة و غيرها على الولاايت المتّحدة اثر هذه الكارثة و لا شيء غريب في هذا باستثناء بعض المفارقات عن تقديم ألد من اعتبرتهم امريكا خصومها و منهم فزويلا و كوبا مساعدات لها. لكن ما كان غريبا فعلا ان تقوم هذه الكارثة باثبات ازدراء الدول العربية لشعوبها و اخلاصها المتفاني بمساعدة "الصديقة أمريكا" طبعا لمن لا يزال يشكّ بعكس ذلك. و قد كان لافتا انّ الدول العربية و لاسيما الخليجية منها كانت اولى المبادرين الى نجدة "الاخوة الأمركيين" و حكومتهم طبعا من آثار الكارثة حتى قبل الحكومة الامريكية نفسها, و ان كان ذلك مفهوما الى حد معقول اذا اردنا استخدام المبرر الانساني كذريعة لكن غير المفهوم أبدا انّ هذه الدول الخليجية و التي لا تزيد مساحتها عن مساحة بعض المجمعات الرياضية في ولاية من الولايات الامريكية قامت بتقديم مساعدات بل هبات بقيمة تعادل 100 ضعف ما قدّمته مثلا دولى عظمى مثل الصين!! او 500 ضعف مل قدّمته دولة لا يوجد فيها بطالة نهائيا مثل النروج!!

لقد قدّمت دولة الكويت هبة بمبلغ نصف مليار دولار لأغنى دولة في العالم فيما قامت قطر بتقديم هبة بكلغ 100 مليون دولار دون ان نذكر الدول الخليجية الاخرى. ألم يكن من الأجدر ان تتبرع هذه الدول لشعوبها؟!! تصورا انّ دولة مثل الكويت لا يتعدى عدد سكانها الأصليين مليون و نصف كأبعد تقدير يوجد فيها بطالة و ازمات اجتماعية و درجات في المواطنة تصل الى الأربعة و مشكال مثل البدون و غيرها تقوم بالتبرع بهذه الاموال الى اغنى دولة في العالم, ماذا تقولون عن ذلك؟!! تصوروا انّ جميع المساعدات الخليجية للشعب المسلم الذي ضربه التسونامي في آتشيه لم تتعدى الـ 70 مليون دولار!! الشعب العراقي يموت جوعا و اهل الصومال يشحذون الطعام و العالم العربي و الاسلامي يعاني من بطالة شديدة هي الاعلى في العالم و من جهل و فقر و تخلف و تفكك و تسديد فوائد الديون العربية يكاد يساوي كامل الدخل و الكويت وحدها تتبرع بنصف مليار دولار دون ان نذكر غيرها , ماذا نستطيع ان نقول في ذلك؟ بل ماذا بقي لكي نقول في ذلك؟ ..
 


مقال : خفافيش الظلام

صور من إعصار كاترينا .. عرض باوربوينت
 


صور للعظة والعبرة























 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

منوعات الفوائد

  • منوعات الفوائد
  • الصفحة الرئيسية