صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







تقرير عن كتاب ( السنة ) لأبي بكر أحمد بن محمد الخلال رحمه الله

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

زاهر بن محمد بن سعيد الشهري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وصحبه وبعد:
فهذا تقرير عن كتاب ( السنة ) لأبي بكر أحمد بن محمد الخلال رحمه الله، من خلال العناصر التالية:
1- التعريف بالمؤلف والعصر الذي عاش فيه.
2- موضوعات الكتاب.
3- سبب تأليف الكتاب.
4-  منهج المؤلف في كتابه.
5- الملاحظات على الكتاب.
 
أولاً: التعريف بالمؤلف والعصر الذي عاش فيه:

قبل البدء في التعريف بالمؤلف، نتعرف على البيئة التي عاش فيها الإمام الخلال رحمه الله، وذلك في الجانب السياسي والاجتماعي والعلمي والديني.
1-الحالة السياسية والاجتماعية:
 عاش المؤلف في وقت خلافة المتوكل على الله، الذي رفع المحنة عن أهل السنة بعد القول بخلق القرآن، وقد أردك المؤلف الفترة التي أعقبت موت المتوكل عام 247هـ، والتي سيطر فيها الأتراك والقادة على منافذ الحكم، فلم يعد هناك استقرار للسلطة وفقد الأمن، وارتفعت الأسعار، وقحط الناس، حتى أكل الناس الجيف وأكل بعضهم بعضاً وذلك سنة 260هـ، وكذلك في عام 308هـ، واضطرب الناس على الخليفة، وقتلوا الشرط، وأحرقوا الجسور، وعدوا على الخطيب فمنع من الخطبة وكسروا المنابر، فأمر الخليفة بقتال العامة.
 2-الحالة العلمية والدينية:
عاش المؤلف في القرن الثالث الهجري وأول القرن الرابع، مابين عام 234- 311هـ، وهذه الفترة شهدت نشاطاً علمياً في نواحي عديدة، ففي التأليف كثر الجمع للعلوم والنقد والتمييز للروايات، والحكم على الرجال، وألفت في هذه الفترة أهم كتب الحديث، وعلى رأسها كتب السنة السبعة، مسند الإمام أحمد (ت 241هـ)، وصحيح البخاري (ت 256هـ)، وصحيح مسلم (ت 261هـ) ، وسنن ابن ماجه (ت 273هـ)، وسنن أبي داود (ت 275هـ)، وسنن الترمذي (ت 279هـ)، وسنن النسائي (ت 303هـ)
وكان فيها أشهر علماء التفسير وهو ابن جرير الطبري رحمه الله ( ت 310هـ )، وتعدد في هذه الفترة التفنن في العلوم كالفقه واللغة والأدب وغيرها.
 
التعريف بالمؤلف:

1-اسمه:
هو الإمام الجليل أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد الخلال الحنبلى شيخ الحنابلة وعالمهم.
2-كنيته: أبو بكر.
3-لقبه: الخلال، والخلال نسبة إلى بيع الخل وصانعه، وهذه النِّسْبة: " الخلال " لعلها نسبة إلى بيع الخل، ويشاركه في هذه النسبة آخرون من أصحاب أحمد وغيره، لكن عند الإطلاق في اصطلاح الحنابلة لا تنصرف إلى غير أبي بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال هذا([1]).
4-مولده: ولد سنة أربع وثلاثين ومائتين (234هـ).
5-نشأته: وأما نشأته فلم تذكر المصادر شيئا عن نشأته، وموطنه بغداد.
6-طلبه العلم: كان الإمام الخلال رحمه الله مولعاً بطلب العلم محباً له عاشقاً لمجالسه ملازماً لأهله.
ولقد صرف الخلال عنايته إلى جمع مسائل الإمام أحمد بن حنبل، وسافر لأجلها، وكتبها عالية ونازلة، فرحل إلى الشام مرتين، وإلى حلب وطرسوس والجزيرة وفارس والمصيصة وأنطاكية ثم إلى مصر.
 ونستفيد من هذا جلد الإمام الخلال رحمه في تتبع علم الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، دون كلل أو ملل، مع صعوبة السفر، ومشقة الطرق، فماعسانا نقول والعلم بين أيدينا بكل سهولة ويسر، وصدق الإمام ابن الجوزي رحمه الله: إنما البكاء على خساسة الهمم.
وأخذ العلم عن عدد كبير من أصحاب الإمام أحمد، وأخذ عنهم الفقه وسائر العلوم، منهم: الإمام أبو بكر المروزى، والحسن بن عرفة، ورحب بن اسماعيل الكرمانى، وحنبل ابن اسحاق ابن عم الإمام أحمد، وعبد الله وصالح أبناء الإمام أحمد، وأبو داود، والسجستانى، وأحمد بن هشام الأنطاكى، وأبو زرعة الدمشقى ومحمد بن يحيى الكحال وغيرهم.
وأما تلاميذه الذين رووا عن الخلال فلم تذكر المصادر غير ثلاثة هم، عبد العزيز بن جعفر الفقيه، ومحمد بن المظفر الحافظ، والحسن بن يوسف الصيرفى.
7-مؤلفاته:
لقد ترك لنا الإمام الخلال رحمه الله ثروة علمية كبيرة منها:
1-   الجامع لعلوم أحمد، وهو الكتاب موضع الدراسة.
2-   كتاب العلم وتفسير الغريب والأدب.
3-   كتاب أخلاق أحمد.
4-   العلل.
5-   الحث على التجارة والصناعة.
6-   كتاب الطبقات.
7-   السنة. وغيرها من الكتب.
8- مكانته العلمية:
لقد كان الإمام الخلال ذو مكانة علمية كبيرة، فهو شيخ الحنابلة وعالمهم، ومما يدل على مكانته، أقوال علماء عصره ومن جاء بعدهم فيه.
قال أبو بكر محمد بن الحسن بن شهريار: "كلنا تبع للخلال لأنه لم يسبقه إلى جمعه وعلمه أحد".
 وقال تلميذه عبد العزيز بن جعفر عنه: "هو إمام فى مذهب أحمد بن حنبل".
 وقال ابن ناصر الدين: "هو رحّال واسع العلم شديد الاعتناء بالآثار".([2])
ومن جَيِّد كلام الخلال: "إنْ قدرت أن لا تُعْرَف فافعل".
 وعاش الخلال معلماً الخير للناس، إلى أن مات – رحمه الله – يوم الجمعة فى شهر ربيع الآخر سنة 311هـ.
 
ثانياً: اسم الكتاب وموضوعاته:

1- اسم الكتاب:
-   الاسم الموجود على الكتاب "المسند من مسائل أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل"، وذكره بهذا الاسم المؤلف في بداية الكتاب فقال: ( أول كتاب المسند )، وقد ذكره حاجى خليفة، وبروكلمان، وفؤاد سزكين بهذا الاسم، وذكره الشيخ بكر أبو زيد بـ (المسند الجامع للمسائل عن الإمام أَحمد )([3]).
 وقد ذكر بعض العلماء اسماً آخر له، وهو السُنة، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية والذهبى.
وأرى أن تسميته بالمسند من مسائل الإمام أحمد أولى؛ لأن للمؤلف كتاباً غير هذا يسمى ( بالسنة ) وقد ذكره الخلال في كتابه هذا ص 224 ( 266).
والكتاب يقع في ثلاثة مجلدات، وسبعة أجزاء، طبعت بتحقيق الدكتور عطية بن عتيق الزهراني.
2- توثيق الكتاب:
ليس هناك شك في أن كتاب السُنة هو من تصنيف الخلال وذلك لأمور:
أ- نسبة كل من ترجم للإمام الخلال الكتاب له.
ب- كثرة نقول السلف عن الكتاب ونسبتهم الكتاب له.
ج- الأسانيد المذكورة فى الكتاب تؤكد نسبة الكتاب له.
د- ما جاء على طرة المخطوط من نسبة الكتاب له.
3- موضوعات الكتاب:
لقد اشتمل الكتاب على رأى أهل السنة والجماعة فى المسائل العقدية، وخاصة فيما نقل عن الإمام أحمد رحمه الله، وهذه الموضوعات هى:
أ- الإمارة وما قيل فيها وتحريم الخروج على الأئمة وملازمة الجماعة.
ب- أحكام الخوارج وما يتعلق بهم.
ج- أحكام الخلافة وخلافة الأئمة الأربعة وذكر خلافة معاوية رضى الله عنهم.
د- ذكر فضائل الصحابة.
هـ- الرد على الروافض.
و- الرد على القدرية.
ز- الرد على المرجئة فى الإيمان.
ح- بيان مقالة الجهمية فى القرآن والرد عليهم.
 
ثالثاً: سبب تأليف الكتاب، وقيمته العلمية:

لم يبدأ المؤلف كتابه بمقدمة يوضح فيها سبب تأليفه للكتاب، وإنما بدأه  بقوله ( أول كتاب المسند مايبتدأ به من طاعة الإمام وترك الخروج عليه وغير ذلك )،لكن المؤلف أبان عن اهتمامه بعلم الإمام أحمد،؛ لأنه "لم يكن في الدنيا مثله في زمانه أتبع منه للحديث، ولا أعلم منه بمعانيه وبكل سيء"([4]).
وأما قيمة الكتاب العلمية: فهو يعد من أهم الكتب المصنفة فى عقيدة أهل السنة والجماعة لعدة أمور منها:
1-   جمعه للنصوص من الحاديث والاثار، وإسناده لها، وقد بلغ مجموع عدد الأحاديث والآثار الواردة بالكتاب 1852 حديثًا وأثرًا.
2-   اعتناؤه بأقوال الإمام أحمد بن حنبل خاصة، وغيره من السلف.
قال الذهبي: "رحل إلى فارس وإلي الشام والجزيرة، يتطلب فقه الإمام أحمد وفتاويه وأجوبته، وكتب عن الكبار والصغار حتى كتب عن تلامذته، وجمع فأوعي، ثم إنه صنف كتاب (الجامع في الفقه من كلام الإمام بأخبرنا وحدثنا) يكون عشرين مجلداً، وصنف (كتاب العلل) عن أحمد في ثلاث مجلدات، وألف كتاب (السنة وألفاظ أحمد والدليل على ذلك من الأحاديث) في ثلاث مجلدات، تدل على إمامته وسعة علمه، ولم يكن قبله للإمام مذهب مستقل، حتى تتبع هو نصوص أحمد، ودونها وبرهنها بعد الثلاث مائة، فرحمه الله تعالى"([5]).
وقال أيضاً: "وقد قال [ أي الخلال ] في كتاب أخلاق أحمد بن حنبل، لم يكن أحد علمت عني بمسائل أبي عبد الله قط ما عنيت بها أنا، وكذلك كان أبو بكر المروذي رحمه الله يقول لي: إنه لم يعن أحد بمسائل أبي عبد الله ما عنيت بها أنت، إلا رجل بمهدان يقال له (مَتُّوْيَه) واسمه محمد بن أبي
 عبد الله جمع سبعين جزءاً كباراً، ً ومولد الخلال كان في حياة الإمام أحمد، يمكن أن يكون رآه وهو صبي) انتهى.
وقال الخطيب البغدادي: "صرف عنايته إلى الجمع لعلوم أحمد بن حنبل، وطلبها، وسافر لأجلها، وكتبها عالية ونازلة، وصنفها كتباً، ولم يكن فيمن ينتحل مذهب أحمد أجمع منه لذلك".

رابعاً : منهج المؤلف في كتابه:

1- منهج المؤلف في كتابه يدور حول جمع مسائل الإمام أحمد، وهو يرويها بإسناده، وبالرواية عن تلاميذ الإمام أحمد.
2-  يبدأ بذكر أقوال الإمام أحمد في الموضوع الذي يريد أن يتناوله، ثم يذكر مايؤكد أقواله من السنة من طريق أخرى، غير طريق الإمام أحمد.
3- إذا لم يكن للإمام أحمد قول في الموضوع الذي يريد تناوله فإنه يأتي بأقوال العلماء في عصره، أو أحاديث مسندة من طريقه عن النبي صلى الله عليه وسلم، كمسألة المقام المحمود، ووفاة أبي بكر رضي الله عنه، ومرثية علي رضي الله عنه لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وغيرها.
4-  إذا لم يكن للخلال رأي فإنه يعلق على ماجاء في المسألة عن الإمام أحمد.
5- يورد المؤلف أقوالاً عديدة عن التابعين من أهل السنة كإسحاق بن راهوية، وسفيان والأوزاعي، وغيرهم، ويوردها بالأسانيد.
6-  ظهر من المؤلف تعظيمه للأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، وآثار الصحابة والتابعين وتابعيهم.
7-  حاول المؤلف الاختصار في الحكاية عن الشيوخ، وذكر الأسانيد والروايات، خوفاً من إطالة الكتاب.
8- ذكر المؤلف بعض الفرق، وبوب لها أبواباً، ورد عليهم في بعض بدعهم، ومنها فرقة الخوارج، والروافض، والقدرية، والمرجئة، والجهمية.

خامساً: الملاحظات على الكتاب:

1-  وجود بعض الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة.
2-  ترجيح المؤلف أن المقام المحمود هو جلوس النبي صلى الله عليه وسلم على العرش مع ربه.
3- عدم مراعاة الترتيب أحيانا. فمثلا بعد أن ذكر الموضوع الأول، طاعة الإمام وترك الخروج عليه، كان الموضوع الثاني، باب في العباس وولده، ثم الموضوع الثالث، باب في طاعة الإمام، وما يجب عليه للرعية.
 

-------------------------------
([1])  المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد 1/ 459.
([2])  طبقات الحنابلة 2/13، وتاريخ بغداد 5/113.
([3])  المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد 1/ 501، 2/852.
([4])  انظر السنة للخلال ص 430.
([5])  سير أعلام النبلاء 14/297-298.

 
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
زاهر الشهري
  • مقالات
  • كتب
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية