صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







نكران الجميل

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه . . وبعد :
نقف في هذه الخاطرة مع تفسير قوله تعالى : { هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } [ الرحمن60 ] .
نعم الإحسان الذي افتقده كثير من الناس اليوم حتى أصبح الناس في تناكر وتخاصم وتقاطع وتهاجر بسبب نكران الجميل ، وعد رد الإحسان إلى من أحسن إليه .
فهذا يستدين من إنسان ديناً مالاً أو غيره ، فإذا حان موعد السداد والقضاء تهرب من السداد ، بل ويكذب ويعلم أبناءه الكذب في صورة مزرية مقززة آثمة ، كذب وإخلاف للوعد وكلها من كبائر الذنوب ، أضف إلى ذلك تعليم الأبناء صفة ذميمة قبيحة ، وكونه قدوة سيئة لأبنائه وكل من يسمع عنه ذلك ، عن عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ، اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ " ، قَالَتْ : فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ : مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : " إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ " [ متفق عليه ] .
كم من إنسان تسدي إليه معروفاً ، أو تقدم له خدمة فما يلبث أن ينساها ، وهذا من لؤم الطباع ، ومن الخسة والدناءة ، قال المتنبي :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته --- وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
وهذه قصة تدل على ما ذكرنا من نكران الجميل :
يقال أن ملكاً أمر بتجويع كلاب لكي يضع كل وزير يخطئ معها في القفص ، فقام أحد الوزراء بإعطاء رأي خاطئ فأمر برميه للكلاب ، فقال الله الوزير : أنا خدمتك 10 سنوات وتعمل بي هكذا ، أرجو أن تمهلني 10 أيام ، فقال له الملك : لك ذلك ، فذهب الوزير إلى حارس الكلاب فقال له : أريد أن أخدم الكلاب 10 أيام فقط ، فقال له الحارس : وماذا تستفيد ؟ ، قال له الوزير : سوف أخبرك بالأمر مستقبلاً ، فقال له الحارس : لك ذلك ، فقام الوزير بالاعتناء بالكلاب وإطعامها وتغسيلها وتوفير سبل الراحة لها ، وبعد مرور 10 أيام جاء تنفيذ الحكم بالوزير وزج به في القفص مع الكلاب ، والملك ينظر إليه والناس كذلك ، فاستغرب الملك مما رآه ، الكلاب جائعة ولم تأكل الوزير ، بل طأطأت رؤوسها عند قدميه ، فسأل الملك عن ذلك ، فقال الوزير : خدمت هذه الكلاب 10 أيام فلم تنسى هذه الخدمة ، وخدمتك 10 سنوات فنسيت كل ذلك ، طأطأ الملك رأسه وأمر بالعفو عنه .
أرجو أن تكون قصة فيها من العبر ما فيها ، يحفظها كل ناكر للجميل .
ومن أعظم النكران أن ينكر العبد جميل الله ونعمته عليه ، فيستخدم النعمة في المعصية ، كمن منحه الله سيارة ويشغل فيها الأغاني أو غيرها من المعاصي ، قال تعالى : { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ } [ النحل83 ] .
ثم من أعظم نكران الجميل أن ينكر الولد جميل والديه وحسن تربيتهما له ، وتعبهما وسهرهما وقلقهما عليه ثم يقابل ذلك بالعنف والعقوق ونكران الجميل ، ألا فليعلم أولئك الأولاد بنيناً أو بناتٍ أن العقوق دين والعياذ بالله .

 

كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك



 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية