صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







السيارة نعمة

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله واهب النعم ، دافع النقم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنعم ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أول معلم ، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه الذين تسنموا القمم ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . . أما بعد :
فإن نعم الله على خلقه ليس لها حد ، ولا يُستطاع لها عد ، نعم كثيرة تترى ، لا تحصى ، ولا تستقصى ، قال ربنا تبارك وتعالى : { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } [ إبراهيم34 ] .
ومن أجلِّ النعم التي بين أيدينا نعمة [ السيارة ] ، فقد قربت البعيد ، واقتصرت المسافات ، واختصرت الجهد والأوقات ، فيالها من نعمة عظيمة ، ومنة كريمة ، من الله تبارك وتعالى ، امتن بها على عباده .
وهذه النعمة لها ضوابط مرورية يجب على قائدها أن يلتزم بها ، حتى لا يتعرض للخطر ، أو يعرض غيره للضرر ، وبما أن الكثير من الناس لاسيما سفهاء الشباب لا يرعون لهذه الأنظمة رعياتها ، ولا يكترثون بها ، فقد حصلت نكبات وكوارث ، أُزهقت فيها أنفس ، وحدثت عاهات وأمراض مزمنة ، وأنفقت مئات الملايين من الريالات بسبب تلك المخالفات المرورية ، فجزى الله الدولة المباركة خير الجزاء حيث سنت نظام [ ساهر ] والذي بسببه انخفضت نسبة الحوادث المرورية بنسبة كبيرة وصلت إلى أكثر من 40% ، فكثير من الناس لا يجدي معه إلا لغة الحزم والشدة ، كما قال عثمان رضي الله عنه : " إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن " .
وإذا كان الحديث عن لغة المال والمخالفات ، فيقصر كثير من الناس عن التهور والسرعة الجنونية وقطع الإشارات وغيرها من المخالفات المميتة .
السيارة نعمة من نعم الله علينا والتي لو بقينا عمرنا كله نحاول شكرها وحمدها لما استطعنا ذلك .
الله جل وعلى خلق لنا بهائم لأغراضنا ، فقال سبحانه وتعالى : { وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ النحل8 ] .
ومما لا نعلم خلقه من قبل ، خلق السيارة والطائرة والباخرة وغيرها من وسائل النقل الحديثة ، وربما سأل سائل فقال : الله خلق الإنسان والملائكة والجن والنبات وغيرها من المخلوقات وهذا أمر نعلمه جميعاً فكيف خلق السيارة ؟
والجواب على ذلك سهل يسير ، وهو في كتاب الله تعالى حيث يقول سبحانه : { وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } [ الصافات96 ] .
من الناس من استخدم هذه النعمة في معصية الله تعالى ، فيركب فيها من لا يجوز له إركابه فيها من النساء ، ومنهم من يشرب فيها المحرمات ، ومنهم من يشغل فيها الحرام كالأغاني ومشاهدة الحرام ، ومنهم من يستخدمها لترويج وتهريب المخدرات ، ومنهم من يؤذي المسلمين ويهدد أمنهم واستقرارهم ويرعبهم بمسيرات غوغائية هوجاء إثر فوز فريق أو منتخب أو مناسبة وطنية ما أنزل الله بها من سلطان ، فيشيعون الفساد والجريمة والرعب بين الناس ، بل ربما مات مريض لم يستطع وليه أن يوصله للمستشفى بسبب سد الطرقات والشوارع ، ومنهم من يقود سيارته بسرعة فائقة يخالف فيها قوانين أولياء الأمور ممثلة في أنظمة المرور ، وهكذا دواليك من المعاصي التي تستخدم فيها هذه النعمة ، وقد قال الله تعالى : { وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } [ النساء14 ] .
الله عز وجل يقول : { وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } [ النساء5 ] .
نعم من الشباب من هو سفيه قاصر التفكير ضعيف العقل ، لا يحسب لخطورة السيارة حساباً ، فيفحط بها ويتجاوز تجاوزاً خطيراً ربما أودى بحياته أو حياة الأبرياء بسبب سفهه وطيشه وغيه ، فمثل هذا يحجر عليه ، ويمنع من قيادة السيارة لعدم مبالاته ، فهذا العضو خطر على نفسه وعلى المجتمع .
لكن بفضل الله تعالى ثم بفضل قوانين الأنظمة المرورية الحديثة كنظام ساهر سوف يُقضى على كثير من الحوادث كما هي الإحصاءات الأخيرة ، فالسيارة كما عي نعمة فربما كانت نقمة وذلك إذا أُسيء استخدامها ، فربما كانت أداة قتل وتدمير وتفجير ، والله عز وجل نهى عن ذلك كله فقال سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } [ النساء29 ] ، ولقد توعد الله من ذلك فقتل نفسه بأي شيء بأنه يعذب في النار والعياذ بالله فقال سبحانه وتعالى : { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً } [ النساء30 ] .
وقال تعالى : { وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [ البقرة195 ] .
وفي مقارنة عجيبة ، ومفارقة غريبة ، نجد أن الموتى الفلسطينيين في الحرب مع إسرائيل في الثلاث سنوات الأخيرة لا يتجاوز خمسة آلاف ، بينما القتلى عندما بسبب الحوادث المرورية يفوق ذلك العدد ، أولئك يقاتلون في سبيل الله ، وهؤلاء يموتون بسبب مخالفة ولي الأمر ، ومخالفة أنظمة المرور ، فربما مات أحدهم وهو قاتل لنفسه وللآخرين ، فتنبهوا أيها المسلمون .
السرعة أودت بحياة الأبرياء ، فخلفت الأيتام والأرامل والمرضى والعاهات المستديمة ، فهل من عاقل يعي خطورة السيارة إذا أُسيء استخدمها ، وهل يعقل الآباء خطورة ذلك الأمر ولا يسلمون السيارة إلا للعقلاء من أبنائهم ؟
آمل ذلك . . وأتمنى أن يحرص الآباء على أبنائهم وأن يحوطوهم برعاية واهتمام ومراقبة أثناء قيادتهم ، وتحذيرهم من أصدقاء السوء الذين يدعونهم إلى هلاكهم وهلاك الآخرين .
الشباب عماد الأمة فحافظوا على أنفسكم معاشر الشباب ، فالأمة بحاجتكم ، فلا تبيعوا أنفسكم للهوى والطيش والشيطان ، بل اربعوا على أنفسكم وعلى رسلكم كونوا قدوة صالحة لإخوانكم وزملائكم وأبناء مجتمعكم .


كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية