صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الإعجاب

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله على كل حال ، ونعوذ بالله من سوء المآل ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شديد المحال ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله عظيم الخصال ، وحسن الخلال ، صلوات ربي وسلامه عليه بالغدو والآصال ، وعلى آله وصحبه خير صحب وآل ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل . . وبعد :
فما أكثر المنكرات التي تعج بها أوطان المسلمين ، وما انتشارها إلا دليل على ضعف الوازع الديني ، وشدة التأثر بما تعرضه القنوات الفضائية والإنترنت من قبائح وفضائح ، يستحيي من عرضها المؤمن الغيور الحيي .
وبما أنني سأتحدث عما يخص الشباب والشابات ، فسأخصص الحديث عن موضوع متعلق بالمدارس والكليات والجامعات ألا وهو موضوع [ الإعجاب ] ، ذلكم الأمر الذي استشرى وانتشر وظهر ، وطار شرره ، وعم خطره ، وعظم ضرره ، إنه موضوع حري بالطرح ، حفي بالشرح ، لابد من طرقه في كل اجتماع لأسرة أو جماعة ، لأهميته البالغة ، فالإعجاب بين الفتيان بعضهم البعض ، والفتيات بعضهم ببعض ، بلغ مبلغاً لا يُسكت عنه ، بل لابد من قطع دابره ، ومعاقبة فاعله ، ليس بالفصل من مرحلته الدراسية ، بل بالتأنيب تارة ، والعقاب تارة أُخرى ، حتى ينقى المجتمع من هذه العادة السيئة ، فالإعجاب له خطورته المتحتمة التي لابد من حسم مادتها .
يبدأ الإعجاب بمقابلة ونظرات آسرة حميمية حبيبية ، يحب الطالب طالب مثله من نفس جنسه ، وكذلك الطالبة تحب طالبة مثلها من نفس نوعها ، يبدأ الإعجاب بمقابلة وعلاقة وطيدة بين الاثنين ، ثم تزداد العلاقة حرمة وإثماً مبيناً ، بهدايا بين الاثنين ، يحصل فيها علاقة حب وتعارف ، ويقع فيها تبادل الهدايا لاسيما بين الفتيات ، فتهدي كل واحدة للأخرى سلسال وخاتم أو غير ذلك محفور فيه اسمها ، ليكون اسمها عند الأخرى تذكاراً حتى لا تنساها ، ثم يقام حفل مصغر في الفصل باجتماع الطالبات وفيه من الأهازيج والأفراح ما الله به عليم ، وبهذا تكون واحدة كالزوج والأخرى هي الزوجة ، فيحصل بينهما من المنكرات ما لو أخذهما الله به لكان عدلاً منه سبحانه وتعالى وجزاءً لصنيعهما المحرم ، ولكن الله تعالى يمهل لهما لعلهما تتوبان وترجعان إلى الله قبل الموت والفوت .
وإنني أُنبه الآباء والأمهات ، بتفقد أحوال البنات عند خروجهن وعودتهن إلى البيوت ، لابد من تفقد الشنطة قبل الخروج وبعد العودة ، لتفقد ما فيها من أرواج ومكياج وهدايا غير مناسبة ، فمما يحصل بين العشيقتين أن تطبع إحداهما على صدر الأخرى أو على خدها قبلة من فمها الملون بروج أحمر ، وتتعامل الاثنتان كتعامل الزوجان ، يحصل بينهما سحاق وفساد وفاحشة في دورات المياه أو في الفصل في حال غياب الطالبات عنه .
فالإعجاب من أخطر ما دخل علينا في بلادنا من الفاحشة ، وكل ذلك بسبب هذه القنوات الهدامة وإدخال الإنترنت ، فالشابات يتعاملن بالعاطفة لا بالعقل في أغلب التعاملات ، فإن ترك لهن الحبل على الغارب ، وترك لهن حرية التصرف ، فسوف يأتين بطامة كبرى ، ومصيبة عظمى ، لاسيما في زمن الفتن هذا .
فيا أيها الآباء والأمهات . . اتقوا الله في بناتكم قبل أن يقع في الأسرة ما يشينها ويسوءها ، لا تتركوهم فريسة سهلة للقنوات الفضائية الباطلة المفسدة التي تدعو علناً إلى معصية الله ومعصية رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتدعوا إلى الفاحشة والرذيلة ببث مسلسلات تخدش الحياء وتقتل العفة وتغتال الغيرة ، فقنوات ال [ MBC ] قنوات لاجدال في خطورة مشاهدتها ، بل وحرمة النظر في بعض برامجها ، لما تعرضه من مشاهد محرمة ، تغير فطرة الناظر إليها ، وتجعله صاحب شهوة ونزوة ، لا يتورع عن ارتكاب الحرام ، واقتراف الفاحشة ، فاتقوا الله معاشر المسلمين والمسلمات في أولادكم ، فالله سائلكم عنهم يوم القيامة ، إذا وقفتم بيد يديه للحساب والجزاء ، وسوف يكون الحساب عسيراً ، والعقاب شديداً ، فهم أمانة بين أيديكم ، فهل حفظتم أم ضيعتم هذه الأمانة ، وهل نصحتم أو خنتم ؟
قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ{27} وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } [ الأنفال 27-28 ] .
وحذر المولى عز وجل من خطورة ترك التربية الصحيحة ، وبين أن ترك الأبناء على عوانهم يسرحون ويمرحون ويفعلون ما يحلوا لهم أن ذلك مكمن الخطورة وسبب السؤال يوم القيامة فقال سبحانه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ التغابن14 ] .
يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله, إنَّ مِن أزواجكم وأولادكم أعداء لكم يصدونكم عن سبيل الله, ويثبطونكم عن طاعته, فكونوا منهم على حذر, ولا تطيعوهم .
عَادَ عُبَيْدُ الله بنُ زياد مَعْقِلَ بْنَ يسار المُزنيَّ _ رضي الله عنه _ في مَرَضِهِ الذي مَات فيه ، فقال مَعْقِلُ : إِني مُحَدِّثُك حَدِيثا سَمِعْتُهُ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لو علمتُ أنَّ لي حَياة مَا حَدَّثْتُكَ ، إني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرعِيهِ اللهُ رَعِيَّة ، يَموتُ يَوْمَ يَمُوتُ وهو غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللهُ عليه الجَنَّةَ " [ رواه البخاري ومسلم ] ، وفي رواية : " فَلَمْ يَحُطْها بِنَصِيحَةٍ ، إِلالَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ " [ هذه رواية البخاري ، ومسلم ] .
وفي أخرى لمسلم : " مَا مِنْ أمِير يَلي أُمُورَ المُسلمينَ ، ثم لا يَجْهدُ لهم ، وَيَنْصَحُ لهم ، إلا لم يَدْخُلْ مَعَهُمُ الجَنَّةَ " .
وإني أُحذر كل ولي أمر من خطورة أمر التفريط في التربية ، فالطفل ينشأ نشأة صالحة ، في بيت صالح ، ليكون نواة طيبة في مجتمعه ، فإذا صلحت الأسرة صلح الحي والمجتمع والأمة ، وهذا ما يريده منا الدين الإسلامي الحنيف ، وهذا ما ولد كل مولود مسلم ، قال تعالى : {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }الروم30
فأقم -أيها الرسول أنت ومن اتبعك- وجهك, واستمر على الدين الذي شرعه الله لك, وهو الإسلام الذي فطر الله الناس عليه, فبقاؤكم عليه, وتمسككم به, تمسك بفطرة الله من الإيمان بالله وحده, لا تبديل لخلق الله ودينه, فهو الطريق المستقيم الموصل إلى رضا الله رب العالمين وجنته, ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن الذي أمرتك به -أيها الرسول- هو الدين الحق دون سواه.
جامع الأصول من أحاديث الرسول (أحاديث فقط) - (1 / 56)
56عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما مِن مولودٍ إلا يُولَدُ على الفِطْرةِ " ثم يقول : " اقرؤوا { فِطرةَ اللَّهِ التي فَطر الناس عَليها ، لا تَبديلَ لخلق اله ، ذلك الدِّينُ القَيِّمُ } [ الروم : الآية 30] " كذا عند مسلم.
وزاد البخاري : فأبَواهُ يُهَوِّدانِهِ ، أوْ يُنَصِّرانِهِ ، أوْ يُمجِّسانِهِ ، كما تُنْتَجُ البَهيمَةُ بهيمةً جَمْعاءَ ، هلْ تُحِسُّون فيها من جَدْعاءَ ، ثم يقولُ أبو هريرة : { فِطرةَ اللهِ الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، لا تَبْديلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ، ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ }.
وزاد مسلم أيضًا من رواية أخرى.
وفي رواية لهما قال : " ما من مولود إلا يُولَدُ على الفطرةِ ، فأبواه يُهَوِّدانِهِ ويُنَصِّرانه ، كما تُنْتجون الإبل ، فهل تَجدون فيها جَدْعاءَ ، حتَّى تكونُوا أنتم تجدعونَها " قالوا : يا رسول الله ، أفرأيت من يموت صغيرًا ؟ قال : " الله أعلَمُ بما كانوا عاملين " .
وفي أخرى لمسلم : " ما من مولودٍ إلا يُولَدُ على الفطرةِ ، فأبواه يهودانه وينصِّرانه ، ويشرِّكانه " ، فقال رجل : يا رسول الله ، أرأيت لو مات قبل ذلك ؟ قال : " الله أعلمُ بما كانوا عاملين " .
وفي أخرى : " ما من مولود يولدُ إلا وهو على المِلَّةِ ".
زاد في أخرى " على المِلة ، حتى يُبيِّن عنه لسانُه " [ هذه هي طرقُ البخاري ومسلم ] .
فيا أيها الأب المبارك . . إن كنت عصيت الله بإدخال أدوات الفساد إلى بيتك وأصريت على ذلك ، فكل عاقل على وجه الأرض يدعوك ألا تمتد يد الغدر والقتل إلى أبنائك ، فأبعد عنهم هذه القنوات والإنترنت ، حتى لا يقعوا فيما وقعت فيه من الشر والضلال والبعد عن أوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم ، نعم نناشدك الله ألا تصب جام غضب الله عليهم ، وألا تفسدهم ، وألا تبعدهم عن فطرتهم الله فطرهم الله عليها وهي الإسلام .
ولا تقل : أنهم عقلاء ويعرفون الصواب من الخطأ ؟ فأكثر الشباب والشابات اليوم سفهاء الأحلام ، لا يعرفون مصالحم ، ولا يقدرون الخطر ومكمنه ، وإلا لما رأيت ما رأيت من تشبه الرجال بالنساء ، واستحداث عادات دخيلة على ديننا الحنيف من قصات وبناطيل وألبسة أخرى عجيبة غريبة ليس لها في أرضنا وديننا مكان وأصل ، فكيف يقال أن أولئك الأبناء والبنات يعرفون مصالحهم ؟
في وقتنا هذا لا يقول بذلك عاقل لكثير من الفتيان والفتيات .
بل إن بعض الآباء السذج أو المتعمدون إضلال أبنائهم ، يقولون : أن ذلك من باب الرحمة ، وأي رحمة يتحدثون عنها بلا سياج من التوجيه والإرشاد ، فليسوا بأرحم من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمته ولا بالأطفال فكان عليه الصلاة والسلام أرحم الناس بالناس ، وكان أرحمهم على الإطلاق بالأطفال ، فقد أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ إِحْدَى بَنَاتِهِ تَدْعُوهُ وَتُخْبِرُهُ أَنَّ صَبِيًّا لَهَا - أَوِ ابْناً لَهَا - فِي الْمَوْتِ فَقَالَ لِلرَّسُولِ : " ارْجِعْ إِلَيْهَا فَأَخْبِرْهَا إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَىْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ " ، فَعَادَ الرَّسُولُ فَقَالَ إِنَّهَا قَدْ أَقْسَمَتْ لَتَأْتِيَنَّهَا . قَالَ : فَقَامَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَقَامَ مَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمْ _ أسامة بن زيد _ فَرُفِعَ إِلَيْهِ الصَّبِىُّ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا فِى شَنَّةٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ : مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّه ؟ قَالَ : " هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ " [ متفق عليه ] .
وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَبَّلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الحَسَنَ بْنَ عَليٍّ رضي الله عنهما ، وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِس ، فَقَالَ الأقْرَعُ : إن لِي عَشرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أحَداً ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فَقَالَ : " مَنْ لا يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ " [ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ] .
وعن عائشة رضي الله عنها ، قَالَتْ : قَدِمَ نَاسٌ مِنَ الأعْرَابِ عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : أتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ ؟ فَقَالَ : " نَعَمْ " قالوا : لَكِنَّا والله مَا نُقَبِّلُ! فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أَوَ أَمْلِك إنْ كَانَ اللهُ نَزَعَ مِنْ قُلُوبِكُم الرَّحْمَةَ " [ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ] .
ومع هذه الرحمة المهداة ، والنعمة المسداة ، نجده صلى الله عليه وسلم لا يترك التوجيه والإرشاد للأطفال الصغار ، إذ لا خلاف في مبدأ تصحيح خطأ الطفل إذا أخطأ، ولكن يجب أن يكون التصحيح بأسلوبٍ يبني ولا يهدِم ، ويؤدِّبُ ولا يُثرِّب ، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أُسوة حسنة ، وقدوة طيبة ، يُحتذى بها ، ويعمل بها ؛ عن عمر بن أبي سلمة قال : " كنتُ غلامًا في حَجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت يدي تطيشُ في الصحفة ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا غلام! سمِّ الله، وكُل بيمينك، وكُل مما يليك "، قال: فما زالت تلك طِعمتي بعد"؛ [ متفق عليه ] .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - أخذ تمرةً من تمر الصدقة فجعلها في فِيْه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " كِخْ كِخْ؛ أما تعرف أنَّا لا نأكل الصدقة؟! " ؛ [ رواه البخاري ومسلم ] .
وقوله: «كِخْ» بفتح الكاف أو كسرها.
وروى الطبراني عن زينب بنت أبي سلمة أنها دخلَت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يغتسِل، قالت: "فأخذ حفنةً من ماء فضربَ بها في وجهي وقال: " وراءَكِ أيْ لُكاع " .
فانظر كيف علَّمَ عمرَ بن أبي سلمة آداب الطعام، وعلَّم الحسنَ الورع، وعلَّم زينب الأدب في الاستئذان وعدم الاطِّلاع على العورات، وتأمَّل كيف كان التعليمُ بأسلوبٍ يفهمُه الصغار، بكلمةٍ واحدة، أو جُملٍ صغيرةٍ مختصرة واضحةٍ يسهُلُ حِفظُها وفهمُها، بلا إهانةٍ ولا تجريح، ولا لومٍ ولا توبيخ، ولا تقطيبٍ ولا تثريب؛ فضلاً عن ضرب الصغير أو الدعاء عليه، وهذا أمرٌ خطير؛ فقد توافقُ الدعوةُ ساعة إجابة فيندمُ الداعي حين لا ينفع الندم.
وهذا تعليم في أمور مهمة لا خطر فيها ولا ضرر ، فما بالنا بمن يترك أبناءه وبناته أمام شاشات الفضائيات ، ومقابل الشبكات _ الإنترنت _ يشاهدون كل حرام وعيب ومنهي عنه ، ينظرون لكل منكر من القول والنظر .
إنها مسؤولية عظيمة ، وأمانة جسيمة ، وعقوبة أليمة لمن فرط فيها ، فتربية الأبناء ليست بالأمر السهل ، فتركهم فريسة لما يضيع دينهم ، ويقتل حياءهم أمر لابد من النظر إليه بالحزم والجد ، وأن يُعاقب كل من فرط فيه من قبل ولي الأمر العام ، فالأعداء يخططون ليل نهار ، للإطاحة بشبابنا وشاباتنا وقد حققوا ما خططوا له ، من تهريب المخدرات وترويجها ، والاستيلاء على العقول والقلوب عبر مسلسلات وبرامج وأفلام تدعو جميعها إلى الرذيلة وقتل الفضيلة ، فاربئوا بأنفسكم عن عقوبة الله ، واتقوا الله في أولادكم ولا تلقوا بهم إلى النار ليكونوا حطباً لها .
والله المسؤول أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى ، وأن يأخذ بالنواصي للبر والتقوى ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية