صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







السعادة والحقوق الزوجية  (6)

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم


نتابع وإياكم حقاً آخر من سلسلة السعادة والحقوق الزوجية في حلقتها السادسة ، ونكمل حق النفقة مع مزيد من البيان والتوضيح :
9- النفقة عليها :
وقلنا أن للزوجة في النفقة ثلاثة حقوق :
الحق الأول / الإطعام :
وخلاصته كما يلي :
مما سبق بيانه نخلص إلى ما يلي :
1- وجوب نفقة الزوجة على زوجها غنىً وفقراً .
2- لا تسقط النفقة عن الزوج بحال ، فهي تجب مع اليسار والإعسار .
3- مساواة الرجل بزوجته في النفقة بحسب الحال من اليسر والعسر .
4- النفقة تكون بالمعروف ، والمعروف : هو العرف والعادة التي عليها الناس حسب زمانهم ومكانهم وحالهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " الصواب المقطوع به عند جمهور العلماء ، أن نفقة الزوجة مرجعها إلى العرف ، وليست مقدرة بالشرع ، بل تختلف باختلاف أحوال البلاد والأزمنة ، وحال الزوجين " .
وقال ابن القيم رحمه الله : " وأما فرض الدراهم فلا أصل له في كتاب الله ولا سنة رسول الله ، ولا عن أحد من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم ، وإنما تجب النفقة بالمعروف " .
5- نفقة المطلقة الرجعية وكسوتها وسكناها كالزوجة ، فالمطلقة طلاقاً رجعياً لا يجوز لها ولا لأوليائها ولا لزوجها إخراجها من بيتها ، لأن في إخراجها سبباً للطلاق النهائي الذي بسببه تتشتت الأسر ، وتتقطع الأواصر ، ويضيع الأطفال ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } [ الطلاق1 ] .
6- وأما المبانة _ البائن بينوتة كبرى _ بفسخ نكاح ، فليس لها شيء من ذلك ، قال ابن قدامة رحمه الله : " بإجماع العلماء " .
قال ابن القيم رحمه الله : " المطلقة المبانة لا نفقة لها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة الموافقة لكتاب الله تعالى .
الحق الثاني / كسوة المرأة :
وهذه الكسوة دل عليها دليل العموم وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " أن تحسنوا إليهم في طعامهن وكسوتهن " .
قال العلماء : على الزوج كسوتان :
1- كسوة في الصيف .
2- وكسوة في الشتاء .
هذا في الأصل ؛ ولكن إذا وُجد في العرف ما يوجب تكرار الكسوة ويكون على وجه لا يضيق فيه على الرجل ، فإنه يعطي لها ذلك بالمعروف ؛ فإذا احتاجت إلى كسوة داخل بيتها ، وكسوة لخروجها لمناسبة أو نحو ذلك كساها كسوة واحدة في صيفها وشتائها لخروجها ، لكن استغلال المرأة لحقها في الكسوة وتحميلها لزوجها ما لا يتحمله يعتبر من الظلم .
ولذلك قال العلماء : لا يلزمه أن يكرر الكسوة لها في كل عام ؛ وإنما هو من باب الفضل لا من باب الفرض ، خاصة ما أصبح يفعله بعض النساء في العصور المتأخرة من تكرار اللبس للمناسبات على وجه لا يُشك أنه عين الإسراف الذي حرمه الله ، وعين البذخ الذي لم يأذن به الله [ أقول هذا الكلام لأمانة النقل عن العلماء ، وإلا فكل متزوج لن يقصر في حق زوجته من حيث اللباس وغيره ، لاسيما واليوم ربما يُشار إليك بأمور أنت منها براء ، ولكن إن حاولت تطبيق كلام العلماء بحذافيره رموك بما أنت بعيد عنه ] .
مهمة :
وهنا أمر مهم يجب على الزوج أخذه بعين الاعتبار ، وهي هذه الكسوة والألبسة التي استحدثها الناس اليوم ، والمقصود منها إخراج المرأة من حيائها وعفافها ، وخلع جلبابها وحجابها ، حتى أحدثوا تقليعات من الموضة لا تمت للدين بصلة ، بل تناقض اللباس الشرعي للمرأة المسلمة ، فألبسة فوق الركبة ، وألبسة ضيقة فاتنة ، وعباءات ذات زمام ، ومزخرفة ، وعباءة الفراشة ، وهي من أشد وأطم اللباس ، وعباءات الكتف بأنواعها ، فهي موضة تزيل الشرف والعفة والغيرة ، وهي مشابهة للباس الرجال ، علاوة على ضيقها ، وبيان مفاتن من تلبسها ، كذلك النقاب الذي توسعت فيه النساء اليوم ، والبناطيل ، واللبس الذي فوق الركبة ، فمثل هذه الألبسة الخليعة الماجنة ، يجب على الزوج وولي أمر النساء منعهن من شرائها ولباسها ، وتالله لسوف يُسأل عن ذلك إذا وقف للسؤال أمام الله عز وجل يوم القيامة ، حيث يقول سبحانه : { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ } [ الصافات24 ] ، فاجهد لأهل بيتك ورعيتك ، وانصح لهم ، فهذه الأسرة المكونة من زوج وزوجة وأطفال ، هي رعية الرجل والمرأة ، وكل له مسؤوليته المنوطة به ، فكن أيها الأب ، أيها الزوج ، أيها الولي خير مسؤول عن بيتك وأهلك ، وإن لم تفعل فأخشى عليك من هذا الحديث : عن مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ الْمُزَنِيَّ رضي الله عنه وهو فِى مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً ، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ ، وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ ، إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ " [ متفق عليه ] .
ولقد جاء الوعيد الشديد للنساء اللاتي يلبسن الألبسة الفاضحة التي لا تستر ، أو شفافة ، أو ضيقة ، أو ذات تبرج وزينة ، ولو كانت بين النساء ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا : قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ ، يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ ، مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا " [ أخرجه مسلم ] .
فما بالنا بمن تخرج إلى الأسواق متبرجة بزينة ، والمصيبة أن معها محرمها ، وكأن ذلك لا يعنيه ، بل ربما يتباهى بها بين الناس ، فهذا ليس لديه غيرة على زوجته وموليته والعياذ بالله ، وربما يعرض سلعته لنظر الناظرين ، وتراه بعد ذلك ربما يقول لمن ينظر إليه ، لماذا تنظر ؟
سبحان الله ، تكشف الحلوى ولا تريد أن يقع عليها من يقع ، نقيضان لا يلتقيان .
فيا أيها الأزواج قوموا بمسؤولياتكم تجاه زوجاتكم ، ويا أيها الأولياء الله الله برعاية الأمانة حق رعايتها ، فالمرأة المسلمة ، لاسيما هنا في المملكة تتعرض لحملة تغريبية كبيرة من الغرب والشرق ، فكل ملل الكفر اليوم تمالأت وتحاملت على المرأة المسلمة لإخراجها من دينها .
ولما تحظى به المرأة السعودية من مكانة عظيمة في الإسلام ، تداعت عليها الأمم من كل حدب وصوب ، وجندت لذلك كل الطاقات والإمكانات ، لإخراجها من خدرها وعفافها وحيائها وكرامتها وعزها وشموخها ، لتكون ألعوبة لهم يتسلون بها ثم يرمونها .
وتالله وبالله إن الواقع اليوم لهو خير شاهد ، وأعظم مساعد ، على تردي المرأة في الشرق والغرب لما تركت أوامر الله عز وجل ، واتبعت الأهواء والشهوات والشبهات ، فوقعت فريسة سهلة في أيدي العابثين بالأعراض .
المرأة المسلمة اليوم محاطة بسياج من المكر والخديعة ، محاطة بالمكائد والمصائد ، جميع البرامج والإعلانات والحفلات والدعوات موجهة لها ، لتعصي ربها وخالقها ، وتتشبه بالعاهرات والكافرات السافرات الفاجرات ، فحكمي العقل يا أمة الله ، وإياك يا أخية أن تقدمي على أي أمر إلا بعد مشاورة العلماء الفضلاء ، فما أفتوك به فخذيه ، وما نهوك عنه فانتهي ، فلعلماء ورثة الأنبياء .
واحذري يا أمة الله أن تنساقي أو تنجرفي وراء ما تبثه وسائل الإعلام من غثاء وزيف وكذب ودجل ، ليخرجوك أو يقتلوك ، فتكونين معول هدم للدين ، أو أداة دفن للعقيدة ، فأنت مربية الأجيال ، ومعدة الأبطال ، أنت جوهرة مصونة ، ودرة مكنونة في الإسلام ، أحاطك الإسلام بقيود الشرع المطهر خوفاً على عفافك وعرضك ، ولا تلتفتي إلى القنوات الهابطة التي تدعوك إلى الرذيلة ، وتغتال فيك الفضيلة ، فأنت الأم والبنت والأخت والعمة والخالة ، فلا تجلبي العار لبيتك وأهلك وأولادك وقبيلتك وأمتك ، تحصني بحصن الإسلام ، وتدرعي بدرع الإسلام ، فقد كفل لك كل الحقوق .
هذا هو الحق الثاني حق الكسوة .


كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية