صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







كيف نصنع من الجيل رجالاً ونساءً ؟

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم


نريد أن نصنع من أبنائنا رجالاً ، ومن بناتنا نساءً ، يشعرون بالمسؤولية والتكليف ، جيل يُعتمد عليه بعد الله عز وجل ، ولا يكون ذلك إلا بأمور منها :

أولاً : التكنية :

مناداة الصغير بأبي فلان أو الصغيرة بأمّ فلان ينمّي الإحساس بالمسئولية، ويُشعر الطّفل بأنّه أكبر من سنّه فيزداد نضجه، ويرتقي بشعوره عن مستوى الطفولة المعتاد، ويحسّ بمشابهته للكبار .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكنّي الصّغار؛ فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : " كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ _ قَالَ : أَحسبُهُ فَطِيمًا _ وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ : يَا أَبَا عُمَيْرٍ ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ ؟ " [ طائر صغير كان يلعب به " [ رواه البخاري ] .
وعَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ قالت : " أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ _ الخميصة ثوب من حرير _ فَقَالَ: مَنْ تَرَوْنَ أَنْ نَكْسُوَ هَذِهِ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ، قَالَ ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ. فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَلُ ( وفيه إشارة إلى صغر سنّها ) فَأَخَذَ الْخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا وَقَالَ: أَبْلِي وَأَخْلِقِي، وَكَانَ فِيهَا عَلَمٌ أَخْضَرُ أَوْ أَصْفَرُ فَقَالَ: يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَاه، وَسَنَاه بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ } [ رواه البخاري ] .
وفي رواية للبخاري أيضاً : " فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَلَمِ الْخَمِيصَةِ وَيُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَيَّ وَيَقُولُ: يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَا، وَالسَّنَا بِلِسَانِ الْحَبَشِيَّةِ الْحَسَنُ " .

ثانيا : أخذه لمجامع العامة وإجلاسه مع الكبار :

وهذا مما يلقّح فهمه ويزيد في عقله، ويحمله على محاكاة الكبار، ويرفعه عن الاستغراق في اللهو واللعب، وكذا كان الصحابة يصحبون أولادهم إلى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ومن القصص في ذلك: ما جاء عن مُعَاوِيَةَ بن قُرَّة عَنْ أَبِيهِ قَالَ :
كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ . . . الحديث " [ رواه النسائي وصححه الألباني في أحكام الجنائز ] .

ثالثا : تحديثهم عن بطولات السابقين واللاحقين والمعارك الإسلامية وانتصارات المسلمين :

لتعظم الشجاعة في نفوسهم، وهي من أهم صفات الرجولة . وكان للزبير بن العوام رضي الله عنه طفلان أشهد أحدهما بعضَ المعارك، وكان الآخر يلعب بآثار الجروح القديمة في كتف أبيه .
كما جاءت الرواية عن عروة بن الزبير : أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ: أَلا تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي إِنْ شَدَدْتُ كَذَبْتُمْ ، فَقَالُوا : لا نَفْعَلُ ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ _ أي على الروم _ حَتَّى شَقَّ صُفُوفَهُمْ فَجَاوَزَهُمْ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ ، ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلاً فَأَخَذُوا _ أي الروم بِلِجَامِهِ _ أي لجام الفرس _ فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ ، بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْر ، قَالَ عُرْوَةُ ،
كُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ ، قَالَ عُرْوَةُ : وَكَانَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ فَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ وَوَكَّلَ بِهِ رَجُلاً " [ رواه البخاري ] .
قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث : " وكأن الزبير آنس من ولده عبد الله شجاعة وفروسية فأركبه الفرس وخشي عليه أن يهجم بتلك الفرس على ما لا يطيقه ، فجعل معه رجلاً ليأمن عليه من كيد العدو إذا اشتغل هو عنه بالقتال ، وروى ابن المبارك في الجهاد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير : " أنه كان مع أبيه يوم اليرموك , فلما انهزم المشركون حمل فجعل يجهز على جرحاهم " وقوله : " يُجهز " أي يُكمل قتل من وجده مجروحاً ، وهذا مما يدل على قوة قلبه وشجاعته من صغره.

رابعاً : إعطاء الصغير قدره وقيمته في المجالس :

عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : " أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارهِ فَقَالَ: يَا غُلامُ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأشْيَاخَ؟ قَالَ : " مَا كُنْتُ لأوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ " .

خامساً : تعليمهم الرياضات الرجولية :

كالرماية والسباحة وركوب الخيل ، وليس تعليمه الميوعة والخلاعة وكثرة الجلوس في مجالس النساء ، حتى يخرج لنا جيل يستحيي من ظله ، ولا يستطيع أن يكون جملة مفيدة ، وهذا مشاهد في كثير من البرامج الخارجية في بعض القنوات ، فانظروا إلى شبابنا كيف أن أحدهم لا يستطيع أن يجيب على سؤال المذيع إجابة شافية كافية وافية ضافية ، بل كله كلام هراء لا فائدة منه البتة .
وجاء عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ : " كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ أَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمْ الْعَوْمَ " [ رواه الإمام أحمد في أول مسند عمر بن الخطاب ] .
ويجب تجنيبه أسباب الميوعة كما أسلفت ، فيمنعه وليّه من رقص كرقص النساء ، وتمايل كتمايلهن، ومشطة كمشطتهن ، ويمنعه من لبس الحرير والذّهب .
قال مالك رحمه الله : " وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْغِلْمَانُ شَيْئًا مِنْ الذَّهَبِ لأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ، فَأَنَا أَكْرَهُهُ لِلرِّجَالِ الْكَبِيرِ مِنْهُمْ وَالصَّغِيرِ " [ موطأ مالك ] .

سادساً : تعليمه القرآن والسنة :

وإلحاقه بحلقات تحفيظ القرآن الكريم ، واختيار الجليس الصالح له .

سابعاً : إشعاره بأهميته وتجنب إهانته خاصة أمام الآخرين :

ويكون بأمور مثل :
1- إلقاء السّلام عليه ، وقد جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ " [ رواه مسلم ] .
2- استشارته وأخذ رأيه .
3- توليته مسئوليات تناسب سنّه وقدراته .
4- استكتامه الأسرار .
عن أَنَسٍ قَالَ : " أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ
قَالَ : فَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَةٍ. قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ. قَالَتْ: لا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدًا " [ رواه مسلم ] .
وعن ابْن عَبَّاسٍ قال: كُنْتُ غُلامًا أَسْعَى مَعَ الْغِلْمَانِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِنَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفِي مُقْبِلاً فَقُلْتُ: مَا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلا إِلَيَّ، قَالَ : فَسَعَيْتُ حَتَّى أَخْتَبِئَ وَرَاءَ بَابِ دَار ، قَالَ : فَلَمْ أَشْعُرْ حَتَّى تَنَاوَلَنِي فَأَخَذَ بِقَفَايَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً _ ضربه بكفّه ضربة ملاطفة ومداعبة _ فَقَالَ: اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : وَكَانَ كَاتِبَهُ فَسَعَيْتُ فَأَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ فَقُلْتُ: أَجِبْ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ عَلَى حَاجَةٍ " [ رواه الإمام أحمد في مسند بني هاشم ] .
وهناك وسائل أخرى لتنمية الرجولة لدى الأطفال منها :
1- تعليمه الجرأة في مواضعها ويدخل في ذلك تدريبه على الخطابة .
2- الاهتمام بالحشمة في ملابسه وتجنيبه الميوعة في الأزياء وقصّات الشّعر والحركات والمشي، وتجنيبه لبس الحرير الذي هو من طبائع النساء .
3- إبعاده عن التّرف وحياة الدّعة والكسل والرّاحة والبطالة ،وقد قال عمر : اخشوشنوا فإنّ النِّعَم لا تدوم .
4- تجنيبه مجالس اللهو والباطل والغناء والموسيقى؛ فإنها منافية للرّجولة ومناقضة لصفة الجِدّ .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية