صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







إلى أين أمة الإسلام

يحيى بن موسى الزهراني

 
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق وقولك حق ووعدك حق ولقاءك حق، والجنة حق والنار حق، والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو المستعان على ما نرى ونشاهد، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وقد عظمت الخطوب وقل المساعد، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، أفضل داعيٍ وأكرم مجاهد، صلى الله عليه وعلى آله الأماجد، وصحبه أولي الفضل والمحامد، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا . . أمّا بعد :
أيها المسلمون : أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فبالتقوى تُستَجلب النعم، وتدفَع النقم، وتصلح الأعمالُ والنفوس، وتغفَر الذنوب والخطايا ، قال تعالى " { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } .
أيها المسلمون : ما أحوجَ الأمَّة في مثلِ هذه المواقف الراهنة ، إلى مراجعةِ دينها وتفقُّد علاقتِها بربّها ، ومحاسبةِ نفسِها ومعرفةِ الخللِ لإصلاحِه ، واعلموا أنّ الله كتب العزّة والرفعة والعلوَّ لعباده المؤمنين، فالمسلمون هم الأعلَون بدينهم وعقيدتهم ومبادئهم وإن هُزمُوا عسكريًّا أو وطئتهم قوّةُ الاحتلال ، فالله جل وعلا يقول : { وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } ، ولما قال أبو سفيان رضي الله عنه يومَ أحد : اعلُ هُبل ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا تجيبوه؟ " قالوا : ما نقول ؟ قال : " قولوا : الله أعلى وأجلّ " ، ثم قال أبو سفيان : لنا العُزّى ولا عُزّى لكم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا تجيبوه ؟ " قالوا : ما نقول ؟ قال : " قولوا : الله مولانا ولا مولَى لكم " فالنصر قادمٌ بإذن الله لأمّة الإسلام ، وإن تباطأ مجيئُه لحكمةٍ يريدُها الباري جلّ شأنه؛ لأنّ وعدَ الله واقعٌ لا محالةَ وكلمتَه قائمة : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمْ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُم الْغَالِبُونَ } ، وما علينا نحن ـ معاشر المسلمين ـ إلاّ أن نستكمل الأسبابَ الجالبةَ لوعد الله؛ لأنّ شعوبًا لا تعرف إلا الله لن يغلبَها من لا يعرف الله، وإنّ شعوبًا لا تعرف إلاّ الحقّ لن يغلبَها من لا يعرف إلا الباطل ، { إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } .
عباد الله : لهذه البشائر مثبطات ، وللنصر محبطات ، وللعلو مبطئات ، وأولى هذه المنعطفات ، قضية القضايا ، وأصل الدين ، ألا وهو توحيد الله عز وجل ، الذي لا تصرف جميعَ أنواعِ العبادة إلا له سبحانه ، { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } ، لكن يا عباد الله لكن ، لما رانَ على الناسِ الشركُ والوثنية ، وأطبقت على الأرض الجاهليةُ ، فإنّك تأسَف لحالِ بعضِ جهَّال المسلمين ، وقد وقَعوا في مثلِ هذه البلايا، وأشركوا برب البرايا ، فتديَّنوا بأنواعٍ من البدَع والضلالات، وتعلَّقوا بالأحجارِ والبنايات، وتوجَّهوا إلى المقبورين في طلبِ الحاجات ، ودفعِ الكربات ، حتَّى عمّت الفتنةُ كثيراً من بلاد المسلمين، وأصبح فيها قبورٌ ومقامات ، يقصدُها الآلاف، يطلبون من أصحابها ما لا يُطلب إلا مِن الله، ويسوقون إليها الهديَ، ويقدِّمون النذورَ ، ويحلفون بأهلها ، ويطلبون جلبَ النفع ودفعَ الشرور منها ، ولقد بين الله تعالى أن دعاء غيرِه شرك فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : { قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبّى وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً * قُلْ إِنّى لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً } ، وقال سبحانه : { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مّنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ * وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ } ، { إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ وَلاَ يُنَبّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } .
أيها المسلمون : ألا وإنَّ من منغصات النصر ، ذلكم المرض الذي ألم بالأمة فأوهنَها ، وداءَها الذي أنهكَها ، وسلّط عليها أعداءَها ، ألا وهو تفريطُها في دينها ، وفي عقيدتها وتوحيدها ، وإنَّ آخِر هذه الأمة لن يُصلحه إلا ما أصلَح أوَّلها، وهو ما قاله عمر الفاروق رضي الله عنه : " نحن قومٌ أعزَّنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزَّة بغيره أذلَّنا الله " ، وإذا فرَّطت الأمَّة في مصدر قوَّتها وتوجَّهت لغير خالِقها ، ضاعَت عند ذلك، بل وأصبحَت الموازينُ بشريَّة، وصارت الغلبةُ للأقوى عدَّةً وعتاداً ، كما هو واقعُ اليوم ، ألا وإن المتأمِّل في تاريخ هذه الأمَّة المجيدة ، يجدُ أنَّ ميزانَ القوَّة ومعيارَه لم يكن أبداً هو بكثرة العدَد والقوَّة، بل لم يذكرِ التاريخ أنَّ المسلمين كانوا أكثرَ عدداً وعتاداً من غيرهم في أيِّ معركةٍ انتصروا فيها إلا في حنين، ومع ذلك هُزِموا حين أعجتْهم كثرتُهم ، ليذكِّرَهم الله تعالى بالميزان الذي يجِب أن يعدِل المسلمون به كفَّتهم ، ويقيسوا به أنفسَهم ، ألا وهو الإيمان ، والتمسّك بهذا الدين، وإخلاصُ التوحيد لله سبحانه ، وبذل الحياة له، أمَّا العدَّة والعتاد فيكفي بذلُ المستَطاع ، { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُم من قوة } ، والله تعالى يكفيكُم شرهم ، ويبعد عنكم خطرهم ، { يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } .
أمة الإسلام : ألا وإن المتأمل في واقع الأمة اليوم ، يجد كمداً ، ويعتصر ألماً ، لما آل إليه المآل ، من ضعف وتناحر ، وتطاحن وتداحر ، وفرقة وتنافر ، واختلاف وتدابر ، لقد كنا بالأمس ندافع ونناضل عن تعديات الكفر على بلاد الإسلام ، واليوم وقع ما لم يكن في الحسبان ، العالم بأسره يهوله ما يشاهد من مشاهد إراقة الدماء المسلمة ، والتعديات والخصومات اللاأخلاقية ، واللانظامية بل واللامسؤولة ، عندما تراق دماء المسلمين بأيدي بعضهم بعضاً في فلسطين ، والفرقة في لبنان ، والتعسف والجبروت ، وتعدي حدود الله تعالى ، ومحاربة شعائر دينه في كثير من بلاد الإسلام ، فآه ، ثم آه ، لواقع الأمة اليوم ، قتال بين الفصائل المسلمة لأجل سلطة لجني المال ، وإهمال الشعوب ، وحرمانها من حقوقها ، بل والأدهى من ذلك وأمر ، منع المسلم من أداء شعائر دينه ، منع من الصلوات الخمس في المساجد ، تحت قمع مجرم ، وآمر آثم ، ومنع للحجاب ، وأمر بالفاحشة ، وقتل للفضيلة ، وتخدير للأمة ببث الأفلام والمسلسلات الهابطة التي تطيح بشباب وشابات الأمة في مستنقعات الرذيلة ، وأوحال الفضيحة ، حتى تنسحب الأمة من دينها شيئاً فشيئاً ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وهو المستعان ، وبه نُغاث ونُعان .
أمةَ الإسلام : إنَّ الله تعالى لا يغيِّر ما بقوم حتَّى يغيِّروا ما بأنفسهم، ولقد بقي بنو إسرائيل في التِّيه أربعين سنة، حتى اتَّصفوا بما استحقّوا به النصر ودخولَ الأرض المقدَّسة، أفما آن لهذه الأمة أن تخرجَ من تيهها، وهي الأمة المرحومة المنصورة؟! ألم يكفِها ما نزل بها من المصائبِ أن تراجعَ دينَ ربِّها؟ إنَّ الرحمةَ والنصرَ لا يكون إلا إذا حُقّقت أسبابُه، والله تعالى خالقُ الأسباب وشارعها، وعالمٌ بالحوادث ومقدِّرها، فعودوا إلى الله ربِّكم، وصحّحوا إيمانَكم، وليتفقَّد كلٌّ منَّا نفسَه وأهلَه ومَن حولَه، لنسير جميعاً كما أمرَنا الله، فإنَّ الجماعةَ لا تصلح إلا بصلاح أفرادها، ولا أقلّ من أن تكفيَ الأمةَ نفسَك، وعند تحقيق ذلك أبشِروا بنصر الله وثقوا بموعوده ، فرحماك ربنا رحماك ، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا .
عباد الله : ألا وإنَّ من خلَل العقيدة الذي بُليت به طائفةٌ من الأمّة ضعفَ الثقة بالله تعالى وضعفَ اليقين، والتوكلَ على غير الله، والخوفَ مما سواه، والتمسّح بدعاوى جاهليّة، والانتساب إلى غير رابطة الإسلام، بل وصل الأمرُ ببعض المنهزمين إلى طلبِ إعادةِ النظر في الثوابت في مسائل شتَّى ناسين قولَ الله تعالى : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } ، ألا فاتقوا الله عبادَ الله، وأنيبوا إليه واستغفروه، وصحِّحوا سيرَكم إليه، وراجعوا دينَكم، وانهَلوا من معين الوحي الصافي، فإنَّ بين أيديكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلّوا أبدا؛ كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فتفقّهوا في دين الله، والتزموا شِرعةَ الله، وسدّدوا وقاربوا ، وأبشروا وأمِّلوا ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلأرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً } ، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو أهلُ التقوى وأهل المغفرة.
الحمد لله الذي استأثرَ بالخلق والتدبير، له ملك السماوات والأرض وهو اللطيف الخبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم البعث والنشور . . أما بعد :
أيها المسلمون : إنَّ أمَّةَ الإسلام أحاطَت بها الفتنُ والبلايا، ونزلت بها الشدائدُ والكرُبات، وظهر الاختلاف بين المسلمين على ساحةِ العالم الإسلاميّ، واستُهدِفَ الإسلام من أعداء الإسلام ومن بعض المنتسبين للإسلام، وواجبُكم ـ معشر المسلمين ـ الدفاعُ عن دينكم والوقوفُ أمام الغزوِ الفكريّ المعادي للإسلام والمخطَّط له من أعداء الإسلام، والذي يستهدِف التشكيكَ في القرآن الكريم وفي سنّة النبيّ صلى الله عليه وسلم ، ويستهدفُ تعاليمَ الإسلام وتعطيلَ أحكام الله وتعطيلَ الشرع في أرض الله، ويستهدفُ إخراجَ المرأةِ المسلمة عن تعاليم دينها لتكونَ كالمرأة الكافرةِ في جميع أحوالها، ويستهدفُ هذا المخطَّطُ أن يجعلَ بأسَ المسلمين بينهم، فيذكِي أسبابَ الصراع بين المسلمين، ويُذكي أسبابَ الصراع بين الحكّام والرعية، ويريد أعداءُ الإسلام أن يجعلُوا بأسَ المسلمين بينهم وصراعهم بينهم.
أيّها الأخوة في الله : على الأمّة أن تعيَ جيِّدًا أنّ منطقَ المجرمين واحد، وأنّ السياسة الفرعونية تُذكَى بين الحين والآخر، وأنّ أهلَ الكفر والظلم مهما زعَموا أنهم أهلُ إصلاح ودعاةُ حرية ، فهم في الحقيقة أهل دمارٍ وخراب، ودعاةٌ لمصالحهم الشخصيّة ، ولذائذهم الذاتية ، كيف لا وقد وصفهم الله بقوله : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ } ، إلى أن قال سبحانه : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ } ، والواقع ـ عباد الله ـ خيرُ شاهدٍ على هذا ، فسبحان الله العظيم ، أيّ حرية يُرادُ جلبُها للعراق الجريح ، وفلسطين المغتصَبَة والصومال المتشردة ؟! أيّ سعادةٍ ستطال أهلَها بفُوَّهاتِ المدافع ، وصريخ الرشّاشات الفواجع ؟! أيّ حياةٍ هانئةٍ جاؤوا يبشّرون بها ، التي لا تقوم إلا على الأشلاء والقتلِ والدمار ، وهدمٍ لبيوت العبادةِ ؟! فيا عباد الله ، إننا نعلم جيِّدًا أنّ الطباعَ العقليّة لم تنقلب معاييرها ، بحيث نظنّ بأنّ الدمارَ إصلاح ، والقتلَ حياةٌ ، والفوضى نظام ، والظلمَ عدل .
عباد الله : إن الألباب لتتّفِق جميعًا على أنّ هذا ما هو إلا منطقٌ فرعونيّ ، يتلوه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها منذ قرونٍ في قول الله تعالى : { قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ } ، أفيُعقل إذًا : أنّ أسر جندي جريمةٌ غير مغتفَرة ، وقتل واعتقال شعبٍ كاملٍ مسألةٌ ليست إلاّ محتقرة ؟! أفيُعقل إذًا أن تقابَل إرادات الشعوب والمجتمعات الدوليّة في إدانة قتل العُزّل والاحتلال والاغتصاب ، وقتل الأطفال والشيوخ والمجاهدين ، وتدمير البنى التحتية ، وإحراق الأراضي الزراعية ، أيُعقَل أن تُقابل بحقّ النقض الفيتو ، فأين حقوقُ الإنسان المزعومة؟! وأين الحريّة التي يدعو إليها أولئك ؟! أفتكون دعاوى الحقوق والرحمة والعدل منصبَّةً على دعم وتحصين الاحتلال ومنظَّماته العالمية ، تالله وبالله، بمثل هذا تموت الحقوق وتبلغ القاع ، فكونوا على حذَر من أعداءِ الإسلام، وعليكم بالدعاء فإنّه السلاح الذي لا يُهزَم ، والسهام التي لا تخطي، { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ * وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأرْضِ بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا وَٱدْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } ، هذا ، وصلّوا رحمكم الله على خير البرية ، وأزكى البشرية ، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، صاحب الحوض والشفاعة ، فقد أمركم الله بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته المسبّحة بقدسه، وأيّه بكم أيها المؤمنون، فقال عزّ من قائل عليم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } ، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واحمِ حوزة الدين، ودمر أعداء الدين، وسائر الطغاة والمفسدين، وألف بين قلوب المسلمين، ووحد صفوفهم، وأصلح قادتهم، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد وعبادك المؤمنين، اللهم انصر المجاهدين لنصر دينك واعلاء كلمتك في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين وكشمير والشيشان، اللهم عليك باليهود الطاغين، اللهم اشدد وطأتك على اليهود، اللهم اشدد وطأتك على اليهود، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم منزّل الكتاب ومجرى السحاب وهازم الأحزاب اهزم هؤلاء اليهود الطاغين قتلة الأنبياء وقتلة الأبرياء، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم من أرادنا وأراد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه واجعل تدبيره تدميره يا رب العالمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ووفق أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا وهيئ له البطانة الصالحة ووفقه لما تحب وترضى يا سميع الدعاء، اللهم احفظ هذه البلاد عزيزة بعز الإسلام حائزة على كل خير سالمة من كل شر، وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين ، اللهم وفق جميع ولاة المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك صلى الله عليه وسلم ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، وأجعل الموت راحة لنا من كل شر، اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، واختم بالصالحات اعمالنا، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءت نقمتك وجميع سخطك، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، عباد الله : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون .


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية