صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الممارسةُ صِناعة

عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق


“المزاولات تعطي الملكات” ابن القيم


الأماني تبقى أوهاماً ما لم نضعها على أرض الواقع، ما لم ننقلها من حيِّز التنظير إلى حيِّزِ التطبيق، و عندما نبدأ بتطبيقها في واقعنا نكون قد أوجدنا لها حقيقة ملموسة بإحدى جوارحنا و مُدركاتنا. فإننا نعيشها حيَّة بيننا. كثيراً ما نتمنى أموراً أن تتحقَّق، و في أيدينا تحقيقها، و لكن تنتظرُ هي منا أن نبدأ في تنزيلها في أرضنا عملياً. و حينما تنزل تلك الأماني و الأهداف في ميدان العمل نبدأ ننظر إليها بنظرةٍ أُخرى مغايرة للنظرة إليها حينما كانت في الأذهان، فنبدأ بالشعور بحياتها، و الإحساس بقيمتها. نمارسُ الكثير من أعمالنا في اليوم و الليلة، و بعضها قد لا يتكرر، و الكثير منها يتكرر، و لكنها يكون روتينياً، فلا نشعر بفرقٍ بين ممارستنا له بالأمس وممارستنا له اليوم، و أيضاً في الغد. و هنا تكمن نقطة عدم تلذذنا بأعمالنا. لأنها أصبحت عادة مكرورة كل يوم و حين. ما نمارسه كثيراً، و نقوم به بصورة متكررة، يغدو لدينا متملِّكاً أنفسنا، فيكون كأنفاسنا، نعيش بها و لا نشعر بحركتها. و العادات حِسانٌ حينما تكون متميزة في كل تجدد، لكن عندما تكون هيَ هيَ في كلِّ مرة تأتي فيها فإنها لا تعني سوى ملء الفراغِ الزمني و الحياتي. قيمة الممارسة للأشياء التي هي من صميم غاياتنا و أهدافنا، و نرى أن لها أثراً في صناعة حياتنا و تأثيرنا في الوجود أن متميزة، و أن تكون في تلقائيتها انتقائية، بمعنى: أن تكون كلما أتتْ و تكررتْ تكون منتقيةً جديداً من القيمة تُضيفه في جوهر حياتنا. الممارسات الدائمة المستمرة للأعمال تكون مَلَكَةً، نقوم بها بتلقائية و عفوية، لكنها تحتاج إلى إضافة جوهرية، و لو يسيرة، لتكون متميزة، و بهذا تكون الحياة متجددة، و تكون الشمسُ في كلِّ إشراقةٍ تحملُ يوماً آخرَ، فيه الجديد، فلنكن كالشمسِ في ممارستنا اليومية.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عبدالله العُتَيِّق
  • مقالات
  • كـتـب
  • خواطر
  • أدبيات
  • كَلِمَات طـَائِرَة
  • الصناعة البشرية
  • منتقيات
  • للتواصل مع الكاتب
  • الصفحة الرئيسية