بسم الله الرحمن الرحيم

أطياف ( 1 )
معاشر الدعاة : كونوا المُحرِّك لا المُحرَّك !!


كثير منا لايزال مولعاً بالمعارك القديمة التي انتهت بأصحابها ، واهدافها ، وأسلحتها ، وزمانها ... ومع ذلك فهو يصر على دخول هذه المعركة المنتهية ، ويتسنزف طاقاته ، ويحاول أن يحقق انتصارات في الفراغ !

لقد دخلنا المعارك القديمة ، ولانزال ندخلها وننشغل بها على حساب الحاضر ومايدور فيه ، والمستقبل ومايخطط له ..

ويمكننا هنا أن نقول : أننا سوقنا لكثير من أقوال المنحرفين والمستغربين وأهل الأهواء عن حسن نية ، فعملقنا أشخاصهم دون حسابات دقيقة لهذه الخطوات وآثارها السلبية على المدى البعيد .

وتكمن الإشكالية في مثل هذا الموضوع أننا نعيش حالة من الوهم ، ورؤية للسراب الخادع !! ؛ فلكثرة مانبدي ونعيد في تلك الموضوعات ، ونكتب ونخطب .. نوحي أنفسنا أننا مازلنا في مرحلة النصر ، بينما نجد أن تلك المعارك أورثت الخصم قدرة على التحكم في مسار تفكيرنا ونشاطنا العقلي ، وأصبحنا كأحجار على رقعة الشطرنج يحركنا كيف يشاء !!

فيكفي منه أنه يلقي إلينا ببعض التشكيكات ليستثيرنا .. وليحول ويصرف جهودنا وطاقاتنا إلى المواقع الدفاعية ، بينما هو منفرد بالتخطيط لتحقيق أهدافه !!

وكلما حاولنا أن ننتبه ، ينتقل بنا من مشكلة إلى اخرى .. فنبقى دائماً في مجال ردة الفعل ، ونعجز دائما عن الفعل ، وللأسف الشديد وقع الإسلاميون في مأزق أنهم يملكون الفعل ، لكن على المقابل ردة الفعل هي التي تملكهم .

وانا هنا لاأقول : بأن الدفاعات غير مطلوبة ، والحراسات لاقيمة لها ، وإنما الذي أريد توضيحه : أن مثل هذا الأمر عند الأمم التي تبصر مهامها تماما ، وتدرك مشكلاتها حقيقة .. تقدره بقدرها ، دون إفراط وتفريط .
ومن تأمل منهج القرآن وسبر أغواره ليجد التالي :
( 1 ) لو ان القرآن استجاب لكل شكوك الكافرين وشبههم لكانت آياته جميعها تمثل ردة الفعل ، ولما تفرغ لبناء أمة ، وإنجاز حضارة .
( 2 ) أن القرآن طرح من الأدلة والحقائق مايكفى لمن يريد الاستدلال .
( 3 ) أن المشكلة ليست في الدليل ، إنما بعناد صاحب الهوى الذي لابد من تجاوزه إلى مرحلة البناء المرصوص .

ودوما تبقى الأساليب الدفاعية تشكل نوعا من الراحة النفسية ، لأنها في النهاية تعني لصاحبها : إعفاء النفس من المسؤولية ، وإيجاد الذريعة لها عن عملية البناء ، والواجب الحضاري الغائب .

فيا أهل الحمية والغيرة .. يا شباب الصحوة .. يا معاشر الدعاة :

كونوا المُحرِّك ولاتكونوا المُحرَّك .

وهلموا بنا نخرج من صحوة النقد إلى صحوة البناء .

أضغط هنا لقراءة سلسلة أطياف


أبو عبدالعزيز الظفيري

الصفحة الرئيسة