بسم الله الرحمن الرحيم

وانفلت ( الحزام ) يا أبا دهمان


( 1 )

( إن ما يعيق المصريين عن الاختراع هو كتابتهم بالفصحى …وما اوقفني هذا الموقف إلا حبي لخدمة الإنسانية ،ورغبتي في انتشار المعارف ، ومن هنا أعلن عن مسابقة للخطابة بالعامية ، ومن تكون خطبته جيدة ناجحة فله أربع جنيهات )
ولكوكس ، في محاضرة له في مصر عام 1893 م .

( فتشت طويلا عن انحطاط المسلمين فلم أجد غير سببين أولهما : الحجاب الذي عددت في مقالي الأول مضاره ، والثاني : هو كون المسلمين – ولاسيما العرب منهم – يكتبون بلغة غير التي يجكونها )
الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي .

( … إن اول واجب في هذه السبيل هو التقليل من أهمية اللغة العربية ، وصرف الناس عنها ، بإحياء اللهجات المحلية واللغات العامية في شمال أفريقيا )
لجنة العمل المغربية الفرنسية .


( 2 )

في راويات الجدات .. يحكى انه في زمن غابر ، حدثت فصول هذه القصة :
كان هناك ( غراب ) ..
قد سئم ( النمطية والتقليد ) …
فأراد البحث عن ( التجديد ) .
فإذ بعينه تقع على ( ديك ) ..
فهب خافق ( الإبداع ) لديه
وهتف : هلا قلدتُ مشيته ؟
وحاكيتُ بدعته ؟
فأخرج عن قسوة ( المألوف ) ، وأقذف ( بالجمود الغرباني ) و ( رجعية ريشنا الأسود ) عرض الحائط ..
وتفتحُ لي ( آفاق التنوير ) فآت بمالم يأت به الأوائل .
فوثب مسارعاً ، تسابقه خطاه ..
يقلد مشية ( الديك ) المبجل ..
فحاول..
ثم حاول ..
وفي الثالثة : تعثر ، وانكسر !!
فنظر إليه ( الديك ) ناشزا ( عرفه ) نظرة الاحتقار والازدراء ، وأطلق ( صيحة ) تهكم .
ومرت الأيام ..
وشفي الغراب …
وأعلن التوبة للرفاق ..
ثم هب واقفا لكي يسير .. فإذ به لايستطيع !!
لأنه باختصار …
نسي مشية بني غربان !


( 3 )

مشهد مكرر ، يكرر نفسه باختلاف الزمان والمكان ، تتغير الشخصيات والألفاظ … لكن المنطلق هو نفسه . تطرقت في مقال سابق عن مجاعة أمتنا الثقافية ، وماتولد عنها من انتكاس للفهم وقلب للحقائق .. ثم ماآلت إليه أحوال ( رواد الإبداع والحداثة ) - على حسب تعبيرهم – بعد الإفلاس الفكري والتنظيمي في المنطقة الخليجية ، وعطفاً عليه :

فإن من المقرر ، والغير مختلف فيه ؛ انه لاتوجد ثقافة من غير لغة ، مهما كانت صفة تلك اللغة .. وحين نعتبر اللغة بأنها مجرد أداة للتوصيل والاكتساب المعرفي فهي – بلا شك – العنصر الأساسي في التركيبة الثقافية .

ومحاولة ً للخروج من الفراغ الفكري الذي يعيشه أرباب العلمنة والحداثة ، اوجدوا مصطلح ( الازدواجية اللغوية ) الذي يبدو من الوهلة الأولى بانه مصطلح يدعم الثقافة ويثريها ، وهذا من الناحية التنظيرية صحيح ، ولكن من الناحية الواقعية إنما هو مصطلح هدم لابناء ، لا سيما حين يفقد التوازن في إجادة اللغة الأم ، ففي هذه الحالة تحُدث الازدواجية اللغوية صراعاً خطيراً يؤدي إلى الانسلاخ الثقافي ، كما هو الحاصل في بعض الأقطار العربية كالجزائر ولبنان .


( 4 )

إن أشهر العلماء والمفكرين والأدباء قديماً وحديثاً كانوا يكتبون ويفكرون بلغة واحدة، على الرغم من احتمالية اتقانهم للغات أخرى ..

فهل عُرف ( أفلاطون ) و ( ارسطو ) بغير اللغة اليونانية ؟
هل عرف ( ابن خلدون ) و ( ابن تيمية ) بغير اللغة العربية ؟
هل عرف ( كانط ) و ( ماكس فيبر ) بغير الألمانية ؟
هل عرف ( ديكارت ) و ( روسو ) بغير الفرنسية ؟

أما من يرفع شعار النخبة والثقافة لدينا فهم يرفعون لواء الدفاع عن الازدواجية اللغوية والثقافية ، والافتخار والفرح بكل من قام بترجمة هذا الدفاع لواقع عملي ، كمل مشاهد أو مقروء !!

وعلى فرضية صحة كلامهم ومايدعون إليه ؛ لماذا يكون الازدواج الثقافي من طرف واحد إذن ؟

وقراءة سريعة – منك أخي القارئ – للعبارات التي أوردتها في بداية المقال تعطيك التصور الواضح بأن الأحادية أتت من أي طرف .

إن الحديث بلغة قوم يفضي إلى الميل إليهم ، والتعايش معهم – إن لم تكن هناك حصانة فكرية لمن يتحدث بها – ويقوى هذا الميل عندما تكون هذه اللغة لأمة أرقى وأقوى من لغة بني جلدته ، فيكون النتاج : ذوبان الشخصية بعد أن فقدت ماكانت تحمله من أفكار ومعتقدات التي كانت تراها وفق منظور بيئتها ، وأصبحت تراها بعد ذلك بمنظور اللغة الأخرى .

ويأتي بعد هذه النتيجة : أن تقطع الأمة التي استبدلت لغتها عن تراثها وأصلها ، فتنشأ أجيال الأمة المقطوعة فاقدة الهوية ، لاتراث ولا انتماء … وفي النهاية : احتواء هذه الأجيال ، وإذلالها ، والتحكم في توجيهها .


( 5 )

بعد هذا التأصيل والتقعيد أقول :
فرح ( أدعياء النخبة الثقافية ) في المجتمع بمقعدهم خلاف الشعارات والمبادئ التي كانوا يتشدقون بها في حقبة من حقبهم المفلسة ، وذلك حين زفت إلينا الصحف السيارة والطيارة على صفحاتها الثقافية والاجتماعية … والرياضية خبر : إصدار رواية ( الحزام ) الفرنسية ، للكاتب السعودي : أحمد أبودهمان .. كأول رواية لمؤلف سعودي مكتوبة باللغة الفرنسية ، وكأول رواية تكتب أصلا .. لاترجمة بلغة أجنبية وتنشرها اعرق دار نشر في باريس دار ( جليمار ) .
فسارت ركبانهم بالخبر ، وأورد سعدهم إبله مشتملاً .. تطبيلا ، وحفاوة ، وثناءا … ومكاءاً وتصدية !!

وماذا بعد ؟
أقيمت الاحتفالات الفرانكوفونية في السفارات التابعة للاتحاد الفرانكفوني في الرياض على شرف كاتب الرواية : أحمد أبودهمان ، حيث تحدث وتكلم عن روايته .. ثم كللوا هذا الاحتفاء بأمسيات غنائية تعبر عن مدى التلازم والارتباط بين هذا وذاك ، فاشتبكت فيها معالم المرجعية الثقافية ، وحينها تبين من بكى ممن تباكى .

وماذا بعد ؟
ملئت الصفحات الثقافية في الصحف اليومية أعمدة ومقالات وتغطيات .. فحواها الثناء على الرواية ، وكاتبها ، وناشرها ، ومنشأها … والنياحة على واقعنا الثقافي العلقمي والاستبشار بخروج مهدي الثقافة المنتظر من سردابه !!

والعجب والغرابة .. أن أحدا منهم لم يقرأ الرواية ؟!
ولم العجب ؟
إنما هي أسطورة الرمز التي يعتنقها أولئك المطبلون الذين كشفوا أوراقهم ، وتهتكت أستارهم بعد احتفائهم بالحزام .. لا لذات الحزام الرواية ، إنما من اجل سد الفجوة بعد أن اتسع رقعهم على الراقع ، فحاولوا التصدير لرمز جديد لمعنى الإبداع ، يُبرّز للعامة والخاصة ، والصغير والكبير .. بعد أن استقلت رموزهم الخالية ، وأعلنت التراجع والنكوص .

وماذا بعد ؟
حسب مفهوم ( باختين ) : كل لغة أو لهجة تشكل بعدا حواريا معينا / فكل أنواع الكتابة والأدب لايمكن فصلها عن ابعادها الأديولوجية والحضارية .

ويرى كذلك :أن الرواية هي النوع الوحيد من الكتابة التي تمثل فيه اللغة نفسها ، إذ يتم في العمل الروائي إبراز الشخصيات المختلفة لتعكس أبعاد المجتمع الايديولجية ، ويقبع الكاتب خلف شخصياتها المختلفة ، ويتكلم بلسانها .

إذن ..
اختيار الكاتب للغة الفرنسية للكتابة عن بيئة عربية ليس عبثا .. لكن هل هي محاولة سافرة لتصدير الفكر الفرانكفوني للمنطقة الخليجية كبديل ثقافي بعد أن تغلغل في المغرب العربي وحوض البحر المتوسط ؟


( 6 )

(( كتابتي بالفرنسية جاءت تلبية لروح القرية ، لأن في الفرنسية من المرونة والبساطة مايغني عن العربية الفصحى . عبر اللغة الفرنسية اكتشفت بلادي واكتشفت نفسي ، إنها لغة ليست مُقيِّدة أو مُقيَّدة . استطعت أن أنمو من خلالها وان اكتشف ذاتي وأستقل روحيا واجتماعيا ))

(( أنا اول كاتب من الجزيرة العربية يكتب باللسان الفرنسي ، وانا متأكد تماما أنه سيغري الفرنسيين ، وسيغضب بعض العرب !! ))

(( قد أتاحت لي باريس أن أكون إنسانا كاملا يحمل المعنى الحقيقي للحداثة ، بينما القبيلة لاتزال تعتبرني خلية صغيرة سوداء ، لأني تزوجت امرأة فرنسية ))

التوقيع : أحمد أبو دهمان


( 7 )

رواية ( الحزام ) صدرت عن دار نشر فرنسية تعد من أشهر دور النشر ، وكم قرأنا في الصحف التمجيد للرواية لا لشيء إلا لأن دار ( جليمار ) قامت بنشرها .. ونسوا أو تناسوا أن تلك الرواية نشرت ضمن سلسلة ( الطفولة المتأخرة ) وهي سلسلة يكتب فيها كتاب من مختلف أنحاء العالم عن طفولتهم ( باللغة الفرنسية ) ، وكانت الرواية تحمل التسلسل السادس والثلاثون من تلك السلسلة التي تتبناها منظمة ( اليونسكو ) بتوصية من الفرانكفوني ( بطرس غالي ) .

كما تجدر بي الاشارة إلى أن قد صدر ضمن تلك السلسلة أيضا كتابان لكاتب عربي جزائري وهو ( رباح بلعمري ) .

ومما يثير الاستغراب – كما ذكرت في الجزء الأول – أن المطبلين والمهللين للرواية من بني جلدتنا لم يقرأوها ، بل كان حكمهم – بعد قراءة لأطروحاتهم - نتيجة لثلاثة أمور : الأول أن دار ( جليمار ) هي الناشر لها ، والثاني لطبيعة الرواية وماتتحدث عنه ، والثالث الفراغ الذي نزل بساحة ( غرابستان ) والاستقلالية التي تجلت من قبل منظريهم بعد ان قلبوا عليهم ظهر المجن ؛ فأراد الأتباع البحث عن رموز فكرية جديدة تبرز في المجتمع .

فأما الأمر الأول فأقول :
هل يكفي أن تكون الرواية صادرة عن دار نشر بعينها معيار في الحكم ؟
وهل يكفي ان ينضم كاتب إلى قبيلة ( جليمار ) لنحكم عليه بالإبداع والعظمة ؟
ومن ثم دار جليمار تخطت – في آخر إحصائية لها – نشر ( ألف ) كتاب سنويا ؛ فهل يعني ذلك ان كل تلك الكتب عظيمة ؟
ثم لو فرضنا جدلا أن جليمار لم تنشر تلك الرواية ؛ فهل هذا سيغير في طريقة حكمنا وتعاملنا معها ؟

كما أن التجاهل للسلسلة التي نشرت الرواية تحت مسماها ، يجعل في القلب حسيكة و ريب ... فيبدو أن مسمى ( الطفولة المتاخرة ) يقلل من شأنها ؟

كما أن السؤال المطروح أيضا : أين ماأفرد في الملاحق الأدبية للصحف الفرنسية الكبرى ( اللوموند ، الفيجارو ، اليبراسيون ) من طرح نقدي ( لاذع ) للرواية ، حيث تفرد الصحف اعمدة خاصة في ملاحقها الأدبية مخصصة للأعمال الأدبية الجديدة ، فأين معاشر ( المطبلين ) عنها ، ولماذا لم يفردوها ضمن أسطرهم ؟


( 8 )

أما الأمر الثاني فقد تطرقت إلى جزء منه في الجزء الأول ، بيد ان الأسهاب يفرض نفسه في هذه النقطة . ففي اختيار الكاتب للغة الفرنسية ، أوردت مفهوم ( باختين ) .. وأضيف عليه : أن إبراز اللهجات للشخصيات المختلفة في العمل الروائي تعكس أبعاد المجتمع الايديولوجية المختلفة ، ويقبع ( الكاتب ) خلف شخصياتها يتحكم بها ويتكلم بلسانها ، أي أن الشخصية في الرواية تتكلم بلسانين أو صوتين مختلفين ؛ صوت الشخصية في الرواية ( التي يعتقدها القارئ مستقلة عن الكاتب ) ، وصوت الكاتب الذي يتحكم بهذه الشخصية أصلا .

وهذا يعزز القول بعدم عبثية اختيار الكاتب للكتابة بالفرنسية .
بل الرواية تعتبر نصا حواريا بين ثقافة الرواية الأصلية وبين الثقافة الأخرى ( الفرنسية أو بشكل اعم الفراكفونية ) وهذا يتضح بجلاء من خلال قراءة مقدمة الرواية ، أو على الأقل قراءة مانقلته عن الكاتب في المحور ( 6 ) .


( 9 )

من الناحية الأدبية الصرفة ؛ الرواية ذات لغة سليمة في السرد ، لكنها ليست لغة ادبية ( سواءا النسخة الأم أو النسخة العربية ) .. بل افتقدت الكثير من عناصر التصوير الحواري لأنها باختصار تتحدث عن ثقافة شديدة الخصوصية بلغة غريبة عنها تماما .

والرواية تدخل ضمن جنس ( الأدب الإغرابي ) والأدب الاغرابي باختصار :
هو نوع من الأدب يحاول جذب القراء بعرض مواضيع تكون احيانا غريبة وغير مألوفة لهم ، واحيانا تمس الحياة الخاصة لبعض الشعوب والمعتقدات .

ومن تجول على ضفاف نهر ( السين ) سيجد باعة الكتب والصور التذكارية للنساء المغربيات في الحمامات أو ( الحريم ) بأوضاع غير مألوفة إطلاقا ، تباع كفن إغرابي .

ومعظم الغربيين لايرون في الثقافتين العربية والاسلامية إلا ( الحريم ) و ( رقص البطن ) .. لذلك لاعجب حين يورد صاحب الرواية في مقدمتها ( الحريم وأولاد العم ) .

اما مدعي النخبة الثقافية ، ممجدي الرواية .. غاب عنهم قول أستاذهم ( إدوارد سعيد ) : (( أن أرباب الثقافة يأتون ( بمخبرين ) من الثقافات النائية ( ويستدرجونهم ) بشكل صريح عن ثقافتهم ، ليصوغها الكاتب في روايات ذات طابع جذاب وغريب ... أ .هـ )) .

إن ( ابودهمان ) تأثر تأثرا واضحا بالطاهر بن جلون ، وإدريس شراييبي اللذان كانا يكتبان في معظم الأحيان عما يعتبر من الأمور الخاصة جدا في الثقافات المحافظة ، فيحاولان تعرية كل ماهو محظور وممتنع على الأجنبي .. فيكتبان عن مايمكن أن يكون للقارئ العربي أكثر شذوذا وغرابة ، بمعنى أنهما يفتحون تلك المجتمعات المغلقة المحافظة إرضاءا لحب الاستطلاع الغربي .


( 10 )

الدافع الثالث الذي من اجله طبلت الرواية يذكرني بحالة ( الإمساك الفكري ) الذ كان يعاني منه الكاتب الايرلندي ( جيمس جويس ) الذي جلس سبع سنوات متواصلة يكتب في روايته ( يوليسس ) ، فقدم في النهاية رواية تستعصي على الفهم ، وقال لأحد معجبيه : مادام أني قضيت سبع سنوات في كتابتها ، فعلى من يريد الاستمتاع بكل مغاليقها أن يقضي سبع سنوات في قراءتها !!

إن السنوات العجاف التي مر بها الفكر الحداثي ، فأضحته هزيلا معلنا للنكوص والتراجع ساهمت بشكل كبير في إبراز تلك الأعمال الروائية ؛ فسنين إغاثة الناس – برأيهم – قد تجلت و حانت مرحلة العصر ، بيد ان الأمر كما قال شكسبير ( سوف أمتدح كل رجل يمتدحني ) .

ولعل القارئ الكريم يقرأ ماكتبته في المحور ( 5 ) من الجزء الأول من المقال ، ففيه تجلٍ أوضح لحالة إمساك ( بني غربان ) الفكرية .
 


( 11 )

بعد هذا التنظير الطويل ، أدعوك لقراءة الأسطر القادمة التي هي غيض من فيض .. وأسردها دون تعليق :

(( ... يدخل البطل ( كاتب الرواية ) فناء المدرسة ويقف في الطابور لينشد ( عاش الملك ، عاش وزير المعارف ) يسقط حزامه الذي يشد سروله الكبير كرمز لانحسار انتمائه لقبيلته ، وبداية انتمائه لقبيلة اكبر هي الحكومة ))

(( اللهم لاتكشف أسرارنا و ( عوراتنا ) أو أسرار من نعول ، هذا هو دعاء اهل القرية يرددونه صباح مساء ، كناية عن أن أهل القرية أخشى مايخشون أن تكشف أسرارهم وهو ماستقوم به الرواية ))

(( كان أبي يعود في المساء منهكا من العمل ويطلب مني ومن أختي ان ندلك قدميه وساقيه وظهره وكنت اخاف أن اكتشف حقيقته ****** ، وفي يوم الجمعة وبينما كنا خارجين من المسجد ، جمع رئيس القبيلة جميع رجال القرية ليعلن أن احدهم قد أضاع ***** فقام الجميع بلمس أسفل بطونهم ، وعندما لم يعلن أحد عن ضياع شيء وانتشر الجماعة ، تبعت انا و ابي الشيخ الذي بدا لي أنه عرف لمن ****** الضائع ))

(( كنا في الحقل ، واختفى أي خلف جدار وعرفت انه فقد نصف ثوبه العتيق الذي استهلكته الأيام والذي يقسمه الحزام ، كانت تلك المرة الوحيدة التي رأيت فيها **** لأبي ، واطمأننت أخيرا وصليت جنبه كما لم أصلي من قبل ))

(( كان الوحوش يجتمعون ، فتمر عليهم ( المتحزمة ) بقطعة كبيرة من القماش ملطخة بالدم لتنفي تهمة الحمل سفاحا عنها ))

(( كانت أحداهن تتمنى أن ابقى صغيرا كل حياتها لتتمكن من لثمي على فمي ولكنني لخيبة أملها كنت قد قاربت سن الختان ))

(( ... فالرجال يتسلقون بيت الزوج بعد زفافه ليشهدوا على اللقاء الأول و صراخات الفتاة العذراء ، وعلى فحولة وشجاعة الزوج . وفي اليوم الذي يليه تزور القرية الزوج الجديد من أجل ان يكشفوا آثار المعركة على وجه الزوج ))

(( في باريس وفجر عام 2000 ... اشتريت سندويشا من لحم الخنزير ، وعندما عرضت على جاري في مقصورة القطار اقتسامه معي ، سألني إذا ماكنت مسلما ، فأجبت بنعم . وعليه شرح لي ان هذا لحم خنزير ، مستمرا في الأكل بدون ان يعرض علي تمرا تمنيت ان أتذوقه ... ))

(( في القرية كنا نعرف **** بعضنا البعض ، كنا نسبح عراة تماما شبابا وشيوخا ولم نعرف السروال قط ، أما القادمين الجدد الذين يلبسون السروال ، لم يكن لهم أي تسهيلات صحية ...))

وهناك حديث أعتذر عن إيراده حول حادثة ختان أحد شباب القرية ، لما فيه من الإسفاف وعدم احترام القارئ ، وهو موجود في ص 20 في فصل بعنوان ( يوسف ) .

ملاحظة : ماعبر عنه بـ( ***** ) هو من باب الترفع عن تلك الالفاظ السمجة .

وأكرر بأن هذا فيض من غيض ...

خذ مارأيت ، ودع شيئا سمعت به **** في طلعة البدر مايغنيك عن زحل


( 12 )

ختاما .. أرجو أني في نهاية هذا لمقال قد استطعت إماطة اللثام عن الرواية وحقيقتها وما صاحبها من احتفالات وتمجيد ، مزجيا الشكر لكل من : د. حسن الهويمل ( رئيس مكتب رابطة الأدب الإسلامي بالسعودية ) ، و د. محمد آل عبداللطيف ( وكيل كلية اللغات والترجمة في جامعة الملك سعود ) ، و الأستاذ الكاتب عبدالعزيز السويد ، على اهتمامهم بالموضوع والتصدي له من بداياته . كما إني أرحب بكل نقد بناءا ؛ فإن عدم ذلك فأهلا وسهلا بالنقد الجارح . والله المستعان ، وعليه التكلان .

أبو عبدالعزيز الظفيري

الصفحة الرئيسة