صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







هشام ومسرحية ستار أكاديمي

سلمان بن يحي المالكي
slman_955@hotmail.com

 
عباد الله :
ويتمردُ البشر على طاعةِ الله تعالى ، وينتهِكُ العصاةُ حرماتِ الله تعالى ، ويسعى أهل الفسق بمعصة الله في أرض الله تعالى ، لتأتي النتائج والثمار واضحةُ المعالمِ والعيان بوجود القحطِ وذهاب البركة وكسادِ الأسعار وقلة المعاش ، وحصولُ الظلم وقُطعُ السبيل ، وانحباسُ المطر وكثرةُ الخوف والموت ، والنقصانُ في الأنفس والأموال ، ولعنُ البهائم عصاةْ بني آدم " ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا " وإذا عمت المعاصي وفُعلت ولم تنكر فهو إيذانٌ بانتهاء المجتمع وخرق سفينته ، وإذا منع الناسُ الفاسقَ من الفسق والفجور في أرض الله نجا ونجوا جميعا ، وإذا تركوه على فعل المعصية فلم يُقم عليه حد ولم يمنعِ الفسقُ ولم يُؤخذ على أيدي الفسقةِ السفهاء ، هلك الجميع بشؤم المعصية ، قال الله " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة "
أيها المسلمون :
ويستمرُّ مسلسلُ الخروق في سفينة المجتمع بأنواع من المعاصي والمنكرات ، ومنها : هذه الأكاديميةُ الهدامةُ التي لا تزالُ تجمع الفتيانِ والفتيات على ما حرم الله " ستار أكاديمي " أكاديميةٌ يَدْرسون من خلالها أنواعُ الخنا والمجون ، وثقافةُ الاختلاط والانحلال ، وتُخرجُ العمليةُ في هيئة مسابقةٍ يتحمسُ لها الجميع ، ويُسارعون بالتصويت ، ويعمُ التنافسُ بين البلدان وقاطنيها ، ويحبِسُ الناسُ أنفاسهم .. من هو البطل ؟ ويكون التنافس المحمومُ على من ..؟ ولأجل من ..؟ وتُهدر الأموال لحضرة من ..؟ إن هذه الآكاديمةُ التي تكمن من ورائها مشاهدةُ الفِسقِ والفساق والمجون والمُجَّان والسفهة والسفهاء تجعل أمر المعصية عند المشاهدين أمرا طبيعيا فضلا عن المشاركين فيها ، فلا تتمعر وجوه ، ولا تغضب قلوبٌ لأجل الله ، ويا ليت أن هذه الأكاديميةْ كانت سريةً خفية ، بل إنها مكشوفةٌ معلنة فاضحة ، إنها مجاهرةٌ وإعلان على مرئ ومسمعٍ من الملايين من البشر ، وهذه المعصية بحد ذاتها طامة خطيرة ، لأنها إذا انتقلت المعصية من السر إلى العلن ثم إلى المجاهرة بها والإصرارِ عليها لتُنقل بعد ذلك على شاشات العالم ، لتصبح مرئيةً مسموعة عالمية ، حينها ينزل غضب الجبار ولعنة رب العالمين ، ويحِّلُ السُخْطُ بأهل الفسقِ اللعين ، والله تعالى لا يحب الكفر والفسوق والعصيان ، والله تعالى يغار ، وغيرة الله تعالى أن تنتهك حرماته ..

عباد الله
إن المستعلي بفسقه المجاهر بمعصية الله تعالى يجب وجوبا عينيا أن يُكشف ويحذَّرَ منه ، وأن لا يُتورع من الكلام فيه وليست له حرمة وأن غيبته حلال ، يقول الحسن البصري رحمه " أترغبون عن ذكر الفاجر ، أذكروه بما فيه كي يحذره الناس " ولقد نص العلماء على هتك ستر من فسق وتمرد وجاهر بمعصيته ، وأنه ليس له حرمة ، يقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى " ولهذا لم يكن للمعلِنِ بالبدعِ والفجورِ غيبةٌ [ أي ليست له حرمة حتى لا يُغتاب ] لأنه لما أعلن ذلك [ أي الفسوقَ والفجور ] استحقَّ عقوبةَ المسلمين له ، وأدنى ذلك [ أي أدنى العقوبة ] أن يُذمَّ عليه ، لينزجر ويكُفَّ الناسُ عنه وعن مخالطته ، ولو لم يُذَمَّ ويُذكر بما فيه من الفجور والمعصية أو البدعة لاغترَّ به الناس " نعم .. إذا لم يُذم ويحّذر منه اغتر به الناس ، فيصبح في نظهرهم بطلا عظيما ، يصبح في نظرِهنّ نجما كبيرا ، قال رحمه الله " وربما حمَلَ بعضَهم على أن يرتكب ما هو عليه ، وربما يزدادُ هو أيضا جرأةً وفُجورا ومعصيةً ، فإذا ذُكر بما فيه انكفَّ ، وانكفّ غيره عن ذلك ، وعن صحبته وعن مخالطته "
أيها الغيورون ..
لقد انقلبت الموازينُ في هذا الزمن وانتكست المفاهيم لدى كثير من خلق الله ، فأصبح صاحب المجون والفسق والمجاهرة يستقبل في المطارات استقبالَ الفاتحين ، من السفهاء والسفيهات ، و " المرء مع من أحب " يحشرون معه على حاله ، ويكونون على أشكالهم يوم القيامة ، قال الله " وإذا النفوس زوجت " أي حشر العصاة مع بعضهم على ألوان معاصيهم ، فالزناة معا ، وأهل الربا معا ، وأهل الغنا معا ، وأهل الدياثة والإنحلال معا ، وأهل الخمر والسكر معا ، كل معصية على حدة ..

يا عباد الله .. إن المعاصي لو ارتكبت سرا لوجب سَترُ أصحابها " لا يَسترُ عبدٌ عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة " وقال بعض العلماء : اجتهد أن تستر العصاة ، فإن ظهورَ معاصيهم عيب في أهل الإسلام ، وأولى الأمور سترُ العيوب ، بخلاف المجاهرين بالمعاصي فإنه ليس لهم ستر ، قال الإمام النووي رحمه الله " وأما السَتْرُ المندوبُ إليه فالمرادُ به السترُ على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس هو معروفا بالأذى والفساد " وقال في موطن آخر " فأما المعروفُ بذلك [ أي المعروف بالفسق والمجاهرة والمعصية ] فيُستحب أن لا يُستر عليه ، بل تُرفعُ قضيته إلى ولي الأمر ، لأن الستر على هذا يُطمِعُه في الإيذاء والفساد وهتك الحرمات ، وجسارةُ غيره على مثل فعله " ويقول الإمام أحمد رحمه الله " الناس يحتاجون إلى مداراةٍ ورفق في الأمر بالمعروف بلا غلظة [ هذا هو الأصل في الناس ..الرفق وعدم الغلظة ] إلا رجلا مبايِنا معلنا بالفسق والردى فيجب عليك نهيه وإعلامُه لأنه يقال : ليس بفاسقِ الحرمة وهذا لا حرمة له "

عباد الله ..
إن من التعاونِ على الإثم والعدوان الدفاعُ عن أهل المعاصي ، وأبلغُ من هذا كله وأسؤا ، تعمُدُ رفعِهم وإبرازِهم وإظهارِهم على أنهم أبطالٌ ونجوم ، وأقبح من هذا تكريمهم وتعزيزُهم ونصرتهم وتأيدهم وإظهارُ الإعجاب بهم .
إن الواجب في مثل هذه الأحوال : تعزير المجاهِر بما يردعُه ، والتعزير منه ما يكون بالتوبيخ بالكلام ، ومنه ما يكون بالحبس ومنه ما يكون بالنفي عن الوطن كما ذكر ذلك شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى وغيره ، قال البخاري رحمه الله تعالى [ باب نفي أهلِ المعاصي والمخنثين ] عن بن عباس رضي الله عنه قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء ، وقال : أخرجوهم من بيوتكم ، وأخرج عمر فلانا ، ونُفي ناس من المدينة ، قال بن حجر في شرحه لهذا الحديث في كتابه فتحِ الباري شرح صحيح البخاري " والمخنث مأخوذ من خنِثَ يخنَث إذا لان وتكسر ، وهو : المتشبه بالنساء في الزِيِ واللباس والخضاب والصوت والصورة والتكلمِ وسائر الحركات والسكنات ، فهذا الفعل منهي عنه لأنه تغيير لخلق الله تعالى " اهـ ، وماذا يحدث في استار أكاديمي عباد الله ..؟ أليس التشبهُ والميوعة والفسق والفجور وتمايُل بعضهم على بعض وأنواعُ الانحلال والأختلاط ..؟ أليس تجريد الغنى ورقية الزنا وما يؤدي إلى انتشار الفاحشة ..؟ أليس الاجتماع في ما خورِ فسادٍ فضائي كبير يُشَجَّعُ الناسُ عليه ويُبرزُ القدوات للأجيال من هؤلاء الفسقة والفاسقات من خلاله ..؟ ثم ماذا ..؟ يتم التنافس في معصية الله وتُتعدى حدود الله ، ويخرج عن شرع الله ، أليس هذا ما يحدث في هذه الأكاديمية الممقوتة وعبر المراحيض الفضائية ..؟
عباد الله
إنه لا يجوز مجالسة هؤلاء المجاهرين بالمعاصي ومخالطتِهم ولا التشبهِ بهم ، قال الله تعالى " ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا " قال بن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية " وكان أمره فرطا " أي أن أعماله وأفعاله سفه وتفريط وضياع ، فلا تكن مطيعا له ولا محبا لطريقته ولا تغبطه بما هو فيه " واليوم نرى ونسمع من خلال هذا البرنامج من تكون ولهانةً على فلان ، وعاشقة فلان ، والمعجبة بفلان ، ولا يهمك ، ونحن معك يا فلان ونحوٍ من هذا الكلام ، وهذه رسائل [ s m s ] والتشجيع وأنواع التصويت ، إنها الطاعة للفاسق والحبُ لطريقته وغبطتُه ، والمجالسة للشاشات والمسلسلات والسفهاء والسفيهات ، يجالسونهم ويرونهم ويسمعونهم من خلال هذه الشاشة الشفافة ، والتأثر وانتقال العدوى بهؤلاء السفهاء حاصلة ، وصدق المعصوم صلى الله عليه وسلم " ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة " إنها برامجٌ يا عباد الله أقلُ ما يُقال عنها سخيفةٌ تافهة تنطوي على أهداف خبيثة من أكل أموال الناس بالباطل وإفساد الجيل المسلم ، ومسرحيةٌ في إثر مسرحية ، ومسلسل في إثر مسلسل من هذه النُجُوميات والأكاديميات ، وتُدفع عشراتُ الملايين طوعا وغباء لبرنامجٍ مكشوفِ الأهداف ، هدمٌ أخلاقي واستغلالٌ مادي ، ليُبرز من خلاله فائزين من مجتمعات فيها بقيَّتٌ من خير ، ومعروفةٌ بأنواع من الستر والفضيلة والعفة ، ليأتي مثل هذا البرنامج القبيح وأشباهه لهدم ما تبقى منها ، وامتصاصُ أموالهم والتلاعبُ بثرواتهم عبر تقديم السفاسف وعرض التوافه ، فهل أخرجت لنا هذه الأكاديمات المزعومة عالِما نوويا أو مصلحا اجتماعيا أو مخترعا عبقريا ..؟ هل أخرجت لنا من يتقدم به المجتمع ويتقوى ..؟ هل علَّمت شيئا من أنواع الفنون المفيدة للناس ..؟ كلا .. بل إنها وربي نالت إعجاب اليهود ، فهذه الإذاعةُ العبريةُ اليهوديةُ تقول : إن استار أكاديمي يبشر بظهورِ شباب عربي يؤمن بمبدء التسامح والاعتدال ويقبل بوجود إسرائيل " خذوها من أعدائكم .. هكذا يقولون .. وامتدحت وزارة الثقافةِ اليهودية برامج سوبر ستار ، وقال الوزير جلعات شالوم " إنه برنامج جيد ، يحفزنا على إمكانيةِ العيش مع العرب " وقال جوني قون مستشار شارون في صحيفةِ واشنطن بوست تعقيبا على الضجة الإعلامية حول البرنامج " لقد أثبت برنامج سوبر ستار أشياء كثيرة وأهمها : أنا عدونا ليس المسلمين ، لكن عدونا هو الإسلام وتعاليمه " إنها كلمة عميقة دقيقة ذات مدلولات واضحة ، إنها كلمةُ محللين وخبراء " إنا عدونا ليس المسلمين ، لكن عدونا هو الإسلامُ وتعاليمه " لماذا المسلمين لم يصبحوا أعداء لليهود في نظر مستشار شارون ..؟ لأنهم قدموا لشعوبهم الأمثلة الرائعة في الفن والغناء ، والمسرحية والتمثلية والتعايشِ والسلميةِ والرضا بما يخالف الإٍسلامَ وتعاليمه ، فالإسلام في نظره هو العدو الأكبر لا المسلمين ، لأن المسلمين ليس بالضرورة أن يكونوا أعداء ما داموا قد تخلوا عن تعاليم الإسلام .
عباد الله ..
ما السبب في ثناء سادات اليهود على مثل هذه البرامج ..؟ لماذا تَنال فيدوا كليب من المقاطع المصورة هذه الاهتمامات وتُنشر هذا النشر ..؟ لماذا تُشجع هذا التشجيع ..؟ لماذا تعم القاصي والداني وتوزع في كل مكان ..؟ ما هي فكرة مثل هذه البرامج الساقطة ..؟ ما هو الشيء الجذاب فيها ..؟ ما هي الفائدةُ المنطويةُ عليها ..؟ ما الذي يُراد من ورائها ..؟
إن القضية من إنتاج مثلِ هذه البرامج : إنتاج أبطالٍ يحلون مكان الأفضال ، أبطالٌ وهميون ، فسقة فجرة ، وليكونوا زنادقةً أو منحلين .. وليكونوا مخنثين تافهين ، لا يهم .. المهم أن يُصرف الجيل المسلم عن الأبطال الحقيقيين وعن القدواتِ الأصليين ، وأن يلْهَو المسلمون بالتشجيعِ والتنافس والاستقبال والإعجاب ويحدُثُ الانحلال الذي يؤدي إلى منعِ تسربُ أفكارِ المواجهةِ للأعداء ، أو التغلبِّ عليهم حتى بالاختراعات والانتاجات المفيدة ، ليبقى المجتمع مخدرا نائما ، يعيش في الأوهام والخيالات ، ولكي تختفي سيرةُ الصديق والفاروق وأحمد بن حنبل وعمر بن عبد العزيز وصلاح الدين الأيوبي وشيخ الإسلام بن تيمية ، بل وتشوه صورتهم عبر مسلسلات لإكمال المخطط من الناحيةِ الأخرى والله المستعان .
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، واغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا ، اللهم اغفر لنا تقصيرنا في إنكار المنكرات ، واجعلنا من أهل المعروف الأبرار الأخيار يا رب العالمين ..

الخطبة الثانية
الحمد الله ، أشهد ألا إله إلا هو وحده لا شريك له ، الحي القيوم مالكُ الملك لم يشرك في ملكه أحدا ، وأشهد أن محمدا رسولُ الله البشير النذير والسراج المنير ، صلى الله عليه وعلى إخوانه أبدا .. أما بعد :
إن من الفوائد المزعومة عند هؤلاء : أن هذه الشخصيات التي برزت وفازت وحازت الألقابَ والبطولة والنجومية ، تغير العقلية المنعزلة المتعصبة التي أُخذت عن هذا المجتمع ، وهذا ما قاله المنافقون بعد فوز صاحبهم والانتصارات الرائعة الكبيرة التي أحرزها بطلهم ..؟ نعم .. قالوا : بهذا نحارب التعصب والتزمت والعقلية الضيقة ، فيا عجبا .. أيكونُ الحرص على سلامة المجتمع من الإنحراف والانحلال والفسوق والعصيان وانتهاك الأعراض والاختلاط المحرم انعزالا وتعصبا وتزمتا وعقلية ضيقة ، انظروا إلى انقلاب المفاهيم واختلال الموازين .. والعجيب أنك ترى الانفاق الضخم عبر الاتصالات لترشيح نجمهم المفضل ، وذاك الطفلُ ذي التسعِ سنين الذي خاف على النجم أن يخسر فسرق من راتبِ أبيه ما اشترى به من البطاقات التي وزعها على أصدقاءه مجانا بشرط أن يصوتوا لنجمه وبطله ، ويا ترى ما هي الفائدة من هذا الهدر المالي والضجيج الإعلامي ..؟ أليس هو الهدمُ الأخلاقي .؟ أليس اجتماع المئات من الفتيات المعجبات حول هذه الشخصية المعلِنةِ بالفسق للتنافس على مصافحته وضمه وتقبيله أمام الملأ ..؟ وهذه التي تكتب اسمه على وجهها ، والأخرى في يدها ، وثالثة على صدرها ، وهذه الفرحة بالفوز وزغاريد المتحمسات في الشوارع ، وإلا فما معنى اجتماع هؤلاء لاستقباله ، وماذا سيحدث فيما بعد لو سُكت عن هذا المنكر العظيم ؟ ومن هو هذا الذي يُخرج لأجله إلى المطار وإلى ظاهر البلد ..؟ ما هي مكانته في المجتمع ..؟ أكتب التأريخ عنه شيئا ..؟ أسطر بطولات يفتخر بها المجتمع الذي ينتمي إليه ..؟ اسمع معي يا عبد الله إلى هذا الاستقبال .. لما بلغ الأنصار مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة ، كانوا يخرجون كلَّ يوم إلى الحرة ينتظرونه ، فإذا اشتدّ حرُّ الشمس رجعوا إلى منازلهم ، فلما كان يومُ الاثنينِ ثاني عشرَ ربيعَ الأول خرجوا على عادتهم ، فلما حميت الشمس رجعوا ، فلما رآه اليهودي صرخ بأعلى صوته : هذا صاحبكم قد جاء ، فصار الأنصار إلى السلام ليتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسُمع التكبير في بني عمروٍ بن عوف ، وكبر المسلمون فرحا بقدومه ، وخرجوا للقائه فتلقوه ، وحيوه بتحيةِ النبوة ، وأحدقوا به مطيفين حوله ، قال بن عباس : ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما رأيتُ الناس فرحوا بشيء كفرحهم به حتى جعل النساءُ والصبيان والإيماء يقلن : قدم رسول الله ، قدم رسول الله ، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال أنس بن مالك رضي الله عنه : شهدته يوم دخل المدينة ، فما رأيت يوما قط كان أحسنَ ولا أضوءَ من اليوم الذي دخل المدينة علينا ، صلى الله عليه وسلم .

قومي الذين هُمُ آووا نبيهُمُ وصدقوه وأهلُ الأرضِ كفارُ
إلا خصائصُ أقوامٍ هُمُ تبعٌ في الصالحين مع الأنصار أنصار
مستبشرين بقسْمِ الله قوْلَهُمُ لما أتاهم كريمُ الأصل مختار
أهلا وسهلا ففي أمنٍ وفي سعةٍ نِعْمَ النبيُ ونِعْمَ القْسمُ والجار
فأنزلوه بدار لا يَخافُ بها من كان جارَهم دارٌ هي الدار
وقاسموه بها الأموالَ إذْ قدموا مهاجرين وقَسْمُ الجاحد النار

ويومَ كانت الأمة في عزةٍ ومنعة كانت تستقبلُ الأكبارَ من علمائها ومحدثيها وحفظةِ سنةِ نبيها صلى الله عليه وسلم ، قال محمدُ بنُ يعقوب : لما قدمَ البخاري نيسابور استقبله أربعةُ آلافِ رجل ركبانا على الخيل ، سوى من ركبَ الدوابَ الأخرى والرجَّالة ، ويقول أحمد بن منصور الشيرازي : لما قدم البخاري بلدته بخارى نُصبت له القبابُ على فرسخ من البلد ، واستقبله عامةُ أهل البلد ، واليوم يخرجون لمن ..؟ يذهبون لمن ..؟ يجتمعون لمن ..؟ يحتشدون في استقبال من ..؟ أبو الهِشّْ .. أشغل العقول والأدمغة ، وهِشْ تُقال للدابة لتنزجر وتتوقف وتنكفّْ ، وإذا كان أبو صابر ينزجر وينكف ، فإن أبا الهش لا ينزجر ولا يرعوي ولا يتوقف ، ولا يزالُ يتوعدُ ويهددُ الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، وهو يتلقى المصافحات والقبلات من المعجابات لا يستحي من الله ولا يخجل من نفسه " أولئك كالأنعام بل هم أضل " لأن الأنعام إذا كُفَّتِ انكفَّت وإذا زجرت انزجرت وإذا نوديت جاءت وإذا أُطلقت انطلقت ، وهؤلاء المتمردون لا دين ولا عقل ، سفاهة في تفاهة ، هرج ومرج وتصفيق ورقص .
عباد الله :
ولا بد أن يُحمد من كان سببا في إيقاف هذه المهزلة ، فإن المجتمع ولله الحمد فيه خير كثير ، وقد حصل من أهل الخير أن قاموا بإزالة هذا المنكر ، وكان من المسئولين مشكورا من أمر بإيقاف هذه المهزلة وإرجاع الفاسق من حيث أتى ، فأفيقوا يا شباب ولتأخذوا العبرة والعظمة من غيركم ، اللهم ثبتنا على دينك يا رب العالمين حتى نلقاك ، واجعلنا به مستمسكين ، ثبتنا عليه حتى الممات ، اللهم لا تفتنا في ديننا ، ولا تؤخذنا بما فعل السفهاء منا يا رحمنُ يا رحيم ، اللهم اجعلنا من أهل دينك وحملة لواء سنة نبيك ، اللهم فقهنا في ديننا وقنا شر أنفسنا ، اللهم إنا نسألك الأمن في البلاد ، والنجاة يوم المعاد ، يا رب العباد ، اللهم أمنا في الأوطان والدور ، وأصلح الأئمة وأولاة الأمور ، واغفر لنا يا رحيم يا غفور .. سبحان ربك رب العزة ..........

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سلمان المالكي
  • مـقـالات
  • رفقا بالقوارير
  • المرأة والوقت
  • الخطب المنبرية
  • إلى أرباب الفكر
  • وللحقيقة فقط
  • الهجرة النبوية
  • فتنة الدجال
  • الصفحة الرئيسية