اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/sharkawe/1.htm?print_it=1

لا يا حفيد البنا

أحمد محمد الشرقاوي
أستاذ الدراسات الإسلامية المشارك
بجامعة الأزهر - وكلية التربية عنيزة

 
ما كادت معركة إمامة النساء للرجال تنقضي بهزيمة أهل الهوى والضلال ، وخسارة دعاة التحرر والتبعية : وما كدنا نضع أسنة أقلامنا بعد أن وضعت الحرب أوزارها وزهق الباطل وأهله :

وتنقضي الحرب محمودا عواقبها *** للصادقين وحظ الكاذب الندمُ

ما كدنا نفرح بهذا النصر حتى واجَهَنا كيدٌ جديد وفتحت علينا جبهة أخرى ، بيد ( ناشط إسلامي ) يعيش في كنف الغرب ، الغرب الذي يسعى إلى تصدير فكره وثقافته وقوانينه إلينا كما يُصدِّر لنا النفايات التي تهلك الحرث والنسل وتفسد البر والبحر ، والعفن الفني والأدب الإباحي ، الغرب الذي يضنُّ علينا بحقوقنا المشروعة ويُحرّمها علينا ، خرج طارق رمضان المدرس بجامعة سويسرا والملقب عندهم بمارتين لوثر العرب خرج طارق حفيد البنا بدعوة ظنها طوق النجاة وما هي إلا فتنة من الفتن المتلاحقة التي تموج كموج البحر ، دعا طارق إلى تعطيل الحدود الشرعية وتجميدها !

وإلى طارق ومن على دربه أقول

إن الدعوة إلى تعطيل الحدود الشرعية دعوة إلى العودة لقانون الغاب دعوة إلى الفوضى والتخلف ؛ فهذه الحدود زاجرة لكل من يتعدى على حقوق الآخرين : حق النفس والمال والعرض والعقل والدين ، إنها دين الله وشرعه وهو تعالى أرحم بعباده من الأم بولدها وأعلم بما فيه صلاحنا ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) وهذه الحدود رحمة بالجناة وتطهير لهم مما اقترفوه في حق الآخرين ، نعم إن النفس البشرية وأعضاء الإنسان غالية ومحترمة لكن الأمانة أغلى :

وحين قال مثقف قديم :

يد بخمس مئين عسجدٍ * ما بالها قطعت في ربع دينارِ *

رد عليه عالم غيور:

عزُّ الأمانةِ أغلاها وأرخَصَها * ذلُّ الخيانة فانظر حكمة الباري

أما الدعوة إلى تعطيل شرع الله بحجة وجود بعض التجاوزات في التطبيق فإن جميع الأنظمة والقوانين الوضعية حافلة بالتجاوزات ومليئة بالثغرات فهل يعني هذا أن تعطل جميع القوانين ؟ بحجة ما قد يحدث من ثغرات وتجاوزات هل يعني مثلا أن يجمدوا الديموقراطية بحجة ما يحدث في الانتخابات من خداع ومساومات وتزوير لإرادة الشعوب ؟ هل يعني هذا حل مجلس الأمن لأنه يكيل بمكيالين ، ويُكرس الظلم ويدعِّم الاستبداد ؟ ويضيع حقوق المستضعفين ؟

لماذا يفهمون الحدود الشرعية خارج سياقها ومنظومتها ؟ لماذا لا يضعون في الاعتبار حال المجني عليهم ؟ لماذا لا يضعون أنفسهم مكانهم ؟ لماذا نطلب الرحمة باللصوص والقتلة ؟ أليس من العجيب أن تخرج هذه الدعوة ممن يوصف بأنه ناشط إسلامي ؟

يا طارق اسمع كلام جدك البنا في " حديث الثلاثاء " وانتقاده للقوانين الوضعية القاصرة الجائرة التي لا تزيد المجرم إلا إجراما وجرأة على ترويع الآمنين ونهب حقوقهم ؟ فهي ليست كافية لردعه ولا مُصلحةً من شأنه بدليل أن بعض اللصوص لا يكاد يخرج من السجن حتى يعود إليه بل إني والله قرأت أن لصا قبض عليه متلبسا بجريمة السرقة يوم أن خرج من سجنه ؟ فهل كان السجن كافيا ؟ أليس التدخل الجراحي لإنقاذ المريض رحمة به وإنقاذًا له ؟

وختاما : أسأل لك يا طارق الهداية والرشاد وأن تكون ذخرا لنا في تلك البلاد وأكتفي بهذا الرد الموجز والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل .
 

أحمد الشرقاوي
  • بحوث ودراسات
  • مقالات ورسائل
  • قصص مؤثرة
  • الصفحة الرئيسية